أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - كالك فلوور














المزيد.....

كالك فلوور


رحاب ضاهر

الحوار المتمدن-العدد: 1077 - 2005 / 1 / 13 - 11:09
المحور: الادب والفن
    


للعطر في حياتي ذاكرة, وفي ذاكرة عطري امرأة تفوح منها رائحة التكوين الأول للرجولة في صدري, والبدء في عالم الأنوثة المتعدد العطور.
"كالك فلوور", هذه الرائحة مسكونة في داخلي منذ الصغر.
كان عطرها اجمل صدفة التقطها قلبي, عطر الذاكرة التي أزهرت في أيام المراهقة. قلت لها أن عطرها رائع, ابتسمت في إهمال وقالت انه عطر والدتها وتحب أن تستخدمه أحيانا.
تعلقت بالعطر لأنه جزء من بلوغي الأول, وقررت أن اخطب العطر ولكن انكسرت الزجاجة وانسكب العطر ليملأ المكان برائحة كثيفة كادت تخنقني. عندما شاهدت زجاجة العطر الأصلية عرفت أنى مسكون بها, بعطر الأم, الأم العطر التي كانت في ما مضى صديقة أختي الكبرى.
كنت في الثالثة عشرة من عمري, وكانت في العشرينات, وكان عطرها الدائم "كالك فلوور", وعندما تأتى لزيارتنا ينتشر أريجها في البيت, ويبقى عالقا على الجدران. كانت مميزة, ليست جميلة, لكنها رائعة, عيناها صغيرتان جدا تشبهان نجمتين تبرقان من بعيد. شعرها أشقر طويل وأظافرها أيضاً طويلة جداً, مطلية بطلاء غريب لا يمكن تحديد هويته. صوتها ياسر من الكلمة الأولى.
كنت فتى مراهقاً, وكان عطرها شرساً يفترس جسدي فاجلس أمامها مبهورا بها وبأحاديثها المدهشة. كنت أدوخ وافقد صوابي عندما تودعني بصوتها المخملي الملمس الصاخب الحضور.
لا أنام الليل, اسمعها تغني اسمي, اتبع صوتها وعطرها. كانت امرأة الحلم. أراها تجلس على غيمة بيضاء عارية تضع على رأسها إكليلا من " كالك فلوور" شعرها يتطاير فيملأ جسدي برذاذ الذهب, تناديني لأقترب. احلم بها نائمة بجواري وتلفني بحرير الذهب الذي يتساقط من شعرها. أسافر إلى عينيها النجمتين, اربت على بشرتها الناصعة البياض, أطير على بساط عطرها.
اختفى الحلم فجأة, وانقطعت أخبارها ولم نعد نعرف عنها شيئا ًو لكن عطرها بقي عالقاً في جدران مخيلتي, والآن بعد هذه السنين الطويلة ترتسم أمامي كزهرة "كالك فلوور". عندما شاهدتها لم أتمالك نفسي, رجعت فتى مراهقاً, احتضنتها وقبلتها في حرارة, وأشبعت كل الحنين المختبئ داخلي. قبلت يديها, جبينها, شعرها, أمسكت بأصابعها وغرقت في أمواج عطرها.
كان عطرها وشماً في جسدي, والرائحة التي شدتني إلى ابنتها رائحة الماضي رائحتها هي, لم تكن تشبه أمها العطر, فشعرها اسود, وعيناها واسعتان وأظافرها قصيرة وغير مطلية, لكن عطرهما متطابق.
لا تزال مميزة المرأة الحلم وكأنها خلقت لتزداد رونقاً وعطراً مع الأيام. شعرها اصبح مقصوصاً لكن أظافرها لا تزال طويلة ومطلية بالطلاء نفسه الذي اشعر انه خلق خصيصاً لها. في تلك الليلة كنت مشتتاً أحس بان عاصفة هبت عليّ فتطايرت أجزائي مني, وعندما حاولت أن أعيدها إلى مكانها لم افلح, يدي ليست مكانها, رأسي مكان قدمي, جمعت أعضائي في كيس ومشيت محاولاً جمع حواسي وترتيب أطرافي المبعثرة.
المرأة الحلم أول لمسة أنثوية هبت عليّ وحركت أحاسيس الذكورة داخلي, واختزن جسدي عطرها. هاهي الآن تظهر في وضوح على شاشة القلب, ستكون حماتي. تمت خطوبتي على الابنة, لكن مشاعري استقرت في قارورة الأم, اهتم بالمرأة الحلم, احضر لها وروداً, اتصل بها لأسمع صوتها, ازور خطيبتي لأراها.
لم اعد قادراً على كتم مشاعري داخل القارورة. ذهبت إليها احتضنتها وقبلتها قبلة تحمل لوعة الجسد المراهق المشبع بعطرها.
اعترفت لها بحبي مذ كنت فتى وطلبت منها أن تسامحني هي وابنتها. تقبلت اعترافاتي بكل رحابة عطر.
المفاجأة أنها اعترفت لي قبل أن اخرج من زجاجة عطرها إلى الأبد بأنها كانت تبادلني الشعور عندما كنت مراهقاً.
وسألتها عن طلائها فقالت أنها تمزج بضعة ألوان كي تحصل على ذلك اللون الغريب الأطوار!



#رحاب_ضاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتنة المرايا 5
- ليس وقتها
- فتنة المرايا 4
- فتنة المرايا
- فتنة المرايا - 2
- فتنة المرايا-1
- سندريلا
- معرض بيروت للكتاب
- ايميلات عشق
- ايميلات عشق لرجل غائبا حتى في حضوره
- المتجردة
- حوار فضائي مع الشاعر سلطان الحداثة
- قارئة الفنجان
- عميلة!!
- سود شراشفنا
- new look
- خطان متوازيان
- أسئلة كثيرة يطرحها خالد غازي في نساء نوبل.. في دراسة عنهن
- مريم نور والنصب البديل
- خالتي ام مرهج


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب ضاهر - كالك فلوور