أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نضال نعيسة - 2-العولمـــة الجامحــــة















المزيد.....

2-العولمـــة الجامحــــة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1076 - 2005 / 1 / 12 - 09:40
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إن المحافظة على مصالحنا ومصالح الغير يتحدد بمدى شرعية ومرونة وتجاوب وأهلية هذه المصالح ومواكبتها للمستجدات والإستحقاقات الحضارية الباهظة وقدرتها على المنافسة والبقاء. إذ ليس من المعقول مواجهة منظمة التجارة العالمية مثلا ببنى هرمة ومترهلة وبيروقراطية ودكاكين خاوية تصفر فيها الرياح, وما يتحكم بالسوق الإقتصادية اليوم هي قوانين السوق , والعرض والطلب ,والقدرة على المنافسة وليست النظريات الجامدة البلهاء .والبضاعة الجيدة تطرح البضاعة الفاسدة,وبما اننا مفلسين في كل شيء ,ولدينا عقدة نقص حضاريةCivil inferiority complex هي في الغالب التي تمنعنا حتى من الدخول والإنخراط في حفل موسيقي ولحن رائع ومسكر لبيتهوفن في سيمفونيته التاسعة مثلا,لأننا لانجيد التصفيق السيمفوني ,وأيدينا صممت لحمل السيوف والخناجروالقنابل وليس التنقل على مفتاح "الصول" وأوتار البيانو,هذا إذا استطعنا أصلا إصدار فتوى بالسماح بحضور هكذا حفلات "ماجنة". وبما أننا خرجنا من السباق الحضاري الإنساني من زمان فإننا بحاجة إل مرحلة طويلة من إعادة الـتأهيل الحضاري قد تطول كثيرا ,والعاملون في حقل إعادة التأهيل الإنساني يدركون مدى صعوبته للأفراد, فما بالك للشعوب والأمم التي تعاني من الإعاقة الشاملة الصماء. والحفاظ على الخصائص الذاتية والمصالح الخاصة هو كذبة كبرى يروج لها أعداء العولمة الذين سيخسرون الكثير,ويسحب البساط من تحت أقدامهم, وصرنا نعيش في "غيتوهات" مغلقة فكرية ,وبيئية,وعقلية,وغيبية مزمنة,وشرانق متكلسة ومتيبسة في أشجار يابسة لاتصل إليها يد "الغزالة" التي ستحولها إلى حرير ناعم يوشح الخصور والأبدان . والطفل الصغير إن ولد في أسرة جل أفرادها من الموسيقيين لن تؤذي أذنيه أنغام الموسيقى,ولكن لو سمع لحنا ناعما فجأة قد يصاب بالصدمة والصمم,فما بالك بمن خرج من الحلبة كليا ومحطما من زمان وبدون عيون أو آذان أو أية حواس؟ وسنبقى على هامش العولمة دون القدرة على التأثير فيها لأن أدوات التأثير القوية ليست بأيدينا ,ولكن حتما سنتأثر بها ويصيبنا من رذاذها الشيء الكثير .

إن العالم يسير نحو الإندماج والذوبان في كل المجالات,وهاهي دول اسلامية عريقة ,حكمتنا بنصوص مقدسة لمدة اربعمئة عام بالتمام والكمال من 1516-1916 تنحني صاغرة وتطلب الصفح والمغفرة التاريخية والحضارية للاندماج في مجتمعات أرقى تذوقت واستمرأت النوم في فراش المدنية الوثير الدافئ والفاخر ,وتخلع عنها أثواب الهذيان والدجل و"النطوطة" والرقصات الميتافيزيقية الفارغة ,على الرغم من وجود حكومة "محافظة"ومنتخبة على رأسها.ويتساءل المرء لماذا هذا السعي المحموم وراء هذا الأمر وبهذا العناد؟ ولماذا تنشئ يوميا المناطق الحرة المفتوحة ويسعى الجميع للإنضمام إلى تجمعات اقتصادية كبرى هنا وهناك؟ومن يعتقد أن الغرب والآخرين عموما هم بشر مجردين من الأخلاق ,والقيم الإنسانية,فهو واهم غفيان وشاخر كبير ونعسان وبحاجة فورا إلى "فرشة ومخدات".وما نراه أحيانا من صور سلبية في الإعلام لأنهم يوثقون ويقدمون كل شيء بشفافية وبصدق وأمان,فيما لايسمع أحد ب"البلاوي" والمصايب,وكل تجليات العهر الأخرى بفضل السياسة الكلبشاتية المطلقة والتعتيم العام في مناطق أخرى كئيبة حولت أمما بكاملها إلى شعوب خرساء وبكماء ومقعدة.

ومسألة نكون أو لا نكون في مواجهة العولمة مسألة مطروحة,ولكن الأمور ليست بهذا السوء الذي يسوق له بعض الموتورين ,للحفاظ على مكاسبهم التاريخية,ولو أخذنا المجتمعات الغربية كنموذج مصغر للعولمة,حيث لا يحلو للعربان العيش و"القزدرة" إلا هناك ,حيث تعيش آلاف الإثنيات,والأديان ,والأعراق, واللغات ,وحيث يعيش المسلمون بكل حرية ويحافظون على خصائصهم الاجتماعية وعاداتهم وممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية,ولم يلغ المجتمع الجديد أيا من تلك الخصائص,بل على العكس فمنهم من زاد في تمسكه بعاداته وتقاليده وبحماية قانونية من الدستور الذي يمنع أي توجه عنصري وبعقوبات رادعة.ونتسائل أيضا لماذا كل هذه الطوابير الحالمة بالهجرة أمام السفارات "العولمية",هربا من دار الإيمان ؟ولماذا يقيم نجوم التطرف و"نقض " العولمة المنكرة في عواصمها الكبرى؟ ومن يقود معاداة العولمة هو ذاك التيار بعينه الذي "يتوجس" من أي فكر جديد,وفي الحقيقة لايوجد تيار غيره على الساحة بعد أن أقصيت كافة التيارات الأخرى وغيبت بشكل أو بآخر ومتعمد في كثير من الأحيان, وهو في تحالف مزمن ورباط كاثوليكي مع النخب الحاكمة.وإذا علمنا أن نسبة الأمية في هذه الأصقاع المظلمة هي أكثر من 70بالمئة ,فيما تتجاوز الأمية السياسية 99.99بالمئة.ويلجأ أصحاب التيار الرافض إلى تخدير الناس بالأوهام والنصوص الغيبية في شرح هذا المفهوم,ويفسرون لهم على هامش العراك إن ما يحرك الطائرات ,والغواصات في أعماق المحيط ,ومركبات الفضاء والمصاعد الكهربائية نصوص غيبية ميتافيزيقية وقوى خارقة ,وليس قوانين رياضية وفيزيائية أبدعها عباقرة على الأرض, ولم تأت في كتب من السماء. وتخصص لأولئك المخرفون المضللون صفحات كاملة وفي صحف رسمية وبرعاية ومباركة و"تسبيل" عيون ورضا من أولي الأمر المعصومين.

لذلك فإن الحراك الفكري في مسألة قبول أو رفض العولمة يكاد يكون معدوما,طالما أن الغالبية لم تتعرف بعد على المفهوم بشكله الصحيح,وقد شوه كثيرا من قبل "الشباب". ونحن دائما في حالة كمون وليس في حالة نكون أو لا نكون. وللأسف لم نملك شرف هذا الخيار في يوم ما,لأننا لم نملك أقدارنا في يوم ما. ودائما تتلقفنا الأمم الطامعة, والشعوب الناهضة, والمغامرون الحالمون بالقصور والجواري فيما لايزال مفعول وتأثيرالمخدرات الغيبية يبقي على حالة الوفاة الدماغية بانتظار رصاصة الرحمة والوفاة. وتاريخنا نصفه منقول ومرو ومتواتر وفلان قال عن فلان ,ونقل عن نقل. وهو حسب مارواه كتبة السلاطين, وما شرعنه فقهاؤهم المأجورين وماسمح به الرقباء, ونصفه الآخر مجهول أومغيب ومسكوت عنه لم يصلنا منه شيء بالكاد,وكنا دائما ,وحتى هذه اللحظة,نحاول الظهور بمظاهر وردية,وصور زاهية ,فيما الواقع غارق بالظلام والسمية والكمون السلبي,وعند الجميع.

وتبقى ثقافة التجهيل ومسح الدماغ والتنويم المغناطيسي الشامل هي السائدة.وتبقى التحليلات سطحية ولا تدخل في الصميم والأعماق, ومن يقوم بها عادة بشرغير مؤهلين علميا وأكاديميا لذلك وغالبا ماتمزج بالأساطير والسحر والأباطيل . والعولمة في النتيجة تطور حضاري حتمي,وحالة إنسانية ,ولن ندخل في أخلاقيتها وتقويمها,لأنها ليست نهائية,ولم ترتكب المجازر حتى الآن.وكان الإنسان يقضي عمره تقريبا في قريته دون أن يغادرها,فيما تراه اليوم يتناول إفطاره في عاصمة,وغذاءه في أخرى,وعشاءه في ثالثة, ويتنقل إلكترونيا في أطراف القارات ومدنها البعيدة.فكيف تكون العولمة إذن؟وفي العصور البدائية المتوحشة لم يكن البشر يجيدون الحوار إلا بالفؤوس والبلطات, ومعزولون في كهوف موحشة وداكنة السواد,وشيئا فشيئا بدؤوا بالخروج والإقتراب والتقارب والتعارف والإنضمام إلى ماوصلوا عليه الآن من اندماج وتواصل وذوبان.

إن الإنزواء والإختباء الحضاري ,بسبب عدم القدرة على التواصل والتفاعل والخوف من "الفضائح الحضارية المجلجلة, والإنكشاف والتعري البدائي والإنساني المخزي والمشين, هو أحد أهم الأسباب الرئيسية وراء ازدراء العولمة ورفضها,كما أن الفشل في عدم القدرة على المنافسة ,ورفض الآخر والخوف من سطوته وقوته هي أسباب أخرى,وانعدام فرص التفوق والسباق والنجاح, وبالتالي رفضها من قبل البعض, وهل نحن من الهشاشة ,والضعف بحيث أن أي نسمة خارجية بسيطة -إذا فتحنا النوافذ المتأكسدة- تصبح عاصفة ستأخذنا إلى الهلاك كما أهلك الله البعض بالريح الصرصرالهوجاء.

إنها العولمة الجامحة............فتَعولموا قبل أن تُعولموا.

نضال نعيسة كاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1-العولمـــة الجامحـــة
- قوانين الطــوارئ العقلية
- خذوا الكذبة من أفواه السياسيين
- اللعب علــى الحبال
- الفضيحـــة
- حـــزب المواطنــــة
- حتمـــية التعايــش
- يــوم الحســـاب
- الحمـــد لله عا السلامة
- الإبستيمولوجيا الإرتقائية
- الصحافة الســوداء
- الزلــزال
- إلى الأبـــــد
- حتمية العولمـة-عولمة لغويــة
- بابا نويـــــل
- مأوى العجـــزة
- أضغــاث أحـــلام
- البــدون
- الأمـــــوات
- -هرطقات عربنجية-


المزيد.....




- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - نضال نعيسة - 2-العولمـــة الجامحــــة