إياد أبازيد
الحوار المتمدن-العدد: 3651 - 2012 / 2 / 27 - 18:06
المحور:
الادب والفن
على الجنة رايحين..
جلستُ ذات يوم خلف الكمبيوتر أتأمل صورة الطفل الشهيد حمزة الخطيب، فنظر ولدي ذو الخمس سنوات الى الصورة وسألني من هذا !
فأجبته: هو الشهيد حمزة الخطيب.
فقال لي: وأين هو؟ فأجبته في الجنـــة إن شاء الله .
فقال لي: و ما هي الجنة؟
فحدثته عن الجنة.
فقال لي: أريد أن أذهب إلى الجنة..
لم أدر ما أقول له، لكنني مسحت على رأسه، وقلت له في نفسي والابتسامة على وجهي:
(إنشاء الله نروح سوى ).
فلم يكن من ابني إلا أن لبس حذاءه وناداني وقال: هيا يا أبـــي إلى الجنـــة.
لم أشأ يومها إلا أن ألبــي رغبته فخرجنا في المظاهرة وهتفنا سوية.
و أثناء عودتنا إلى البيت، قال لي: لماذا لم نذهب إلى الجنة!
نظرتُ إليه، ولم أجبه، ثم كـــرر السؤال عدة مرات، وأخذ يشدني، ويقول لي: هيا أريد الذهاب إلى الجنة.
فما كان مني إلا ان أقول له في المرة القادمة إن شاء الله، ( قلــت له هذا فقــط لأسكته ويقبل الذهاب الى البيت).
وفي يوم الجمعة مرت المظاهرة من أمام منزلنا و بنفس الشعار، فهرع ابني ولبس ثيابه، وقال: هل تريد أن تذهب معي إلى الجنة! فضحكت يومها، ثم لبست ثيابي، وخرجنانهتف: (عالجنة رايحيين.. شهداء بالملايين)
وأنا أحمله على كتفي.. فما ارتفع يومها فوق صوتنا إلا صوت الرصاص الغادر الذي أصاب جسد طفلي.. بكى طفلي كثيراً من شدة الألم و الخوف، ثم لملم دموعه وصــراخهمن شدة الألم، وقال لي: يا أبي متى نذهب إلى الجنة؟
فبكيت كثيراً، وبكى معي الأطباء الذين حاولوا إسعافه، وبكى جميع الموجودين في مكان المشفى الميداني... حاول المسعفون أن ينقذوا حياته، لكن دون جدوى.
وقبل أن يغيب عن وعيه قال لي و هو يبكي: (بابا بس روّق خدني عالجنة).
أومأتُ له بعيوني الدامعة بنعم، ولم أستطع الكلام، ثم غط في غيبــوبته مع كل محاولات الأطبــاء لإنقاذ حياته، وبعد لحظات نظر إلي الطبيب وقال: (صدق اللهَ فصدقه اللهُ)
فقلت: حسبي الله ونعم الوكيل.. ومنذ ذلك اليوم لم أترك مظاهرة إلا وشاركت فيها،
وإلى هذا اليوم لم أذهب إلى الجنـــة.
قصة رواها والد طفل شهيد
د . إياد أبازيد
#إياد_أبازيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟