|
الحرب الخفية على الجبهة المصرية
ثابت العمور
الحوار المتمدن-العدد: 3650 - 2012 / 2 / 26 - 18:00
المحور:
القضية الفلسطينية
تنشغل مصر هذه الايام بمجموعة قضايا داخلية هي غاية في الأهمية، وهو انشغال ربما أدى لحالة من الانطواء على الداخل أكثر من صوب الخارج ، رغم أن هناك حالات ومحاولات لوصل الداخل بالخارج، ولكنها الثورة ومصر لا زالت في المخاض ولم يتبلور الميلاد بعد، وانتخابات البرلمان بشقيه مجلس الشعب والشورى خطوة على الطريق،يتوقع أن تستكمل خلال الفترة المقبلة، وللحديث من مصر مداخل خاصة وعامة وهي بالقطع هامة لا في التعرض للشأن المصري ومدلولاته الخارجية ولكن في انعكاسات ذلك على الحالة الاقليمية والدولية، ومؤخرا بات الفعل المصري حاضرا ومؤثرا في حيثيات واحداثيات ذلك كله الاقليمي والدولي، ولكن ينبغي التوقف عند سلوك بعينه وقراءة بعينها ولا نبالغ ان قلنا استهداف بعينه، وهو استنباط وجس نبض بات الكيان الصهيوني يستحضره على الجبهة المصرية، وهو سلوك تحول من الرصد والاستنباط والقراءة إلى التدخل وهذا أمر له مدلالات هامة، نرصدها في عدة مؤشرات هي: كتب الاسبوع الماضي الصحفي الصهيوني "يورام ميتال" مقال في دورية نظرة عليا بعنوان "برلمان الثورة وتثبيت النظام السلطوي في مصر"، وكان ذلك عشية الذكرى السنوية الأولى لثورة يناير، ويرصد المقال ويترصد حيثيات وتفصيلات المشهد في البرلمان المصري ويحاول استنباط ما هو ممكن وما هو متوقع، ويؤشر المقال وما جاء فيه على حرص صهيوني دقيق لكل احداثيات المشهد،فهو يرصد انتخابات رئيس البرلمان وتأدية الاعضاء للقسم والخارطة الحزبية للبرلمان والعلاقات الداخلية والتحالفات الممكنة وحدودها بين الاخوان والسلفيين، ويقول "ميتال" بأن البرلمان لا يضم تمثيلا هاما لمجموعات الشباب الذي اشعلوا الثورة وهو في ذلك يبني تحليلا مسكوتا عنه في المقال بأن هناك شيئا ناقص قد يترتب عليه كثير من الاستنتاجات والتوقعات/ مستحضرا برقية حركة 6 ابريل التي وجهت لبرلمان الثورة. ما توقفت عنده،هو ما اختتم به المقال السالف الذكر فهو يقول برلمان الثورة يشكل حلقة حرجة في المساعي لتأطير نظام سلطوي جديد في مصر ما بعد مبارك. في الاشهر القادمة ستنضم اليها حلقات حرجة اخرى، وعلى رأسها اقامة دستور جديد، انتخاب رئيس الجمهورية، نقل عموم صلاحيات السلطة الى قيادة مدنية منتخبة، حل المجلس الاعلى للقوات المسلحة وعودة الجيش الى ثكناته. وسيؤدي استكمال هذه الخطوة الى نشوء نظام سلطوي وسياسي جديد تتقرر خصائصه في ظل صراع الجبابرة بين القوى المشار اليها اعلاه وبالتالي فمن السابق لاوانه تقدير صورته. ومثل الاوضاع الثورية التي نشأت في الماضي يمكن التقدير بان النظام "الجديد" سيتميز بصراعات قوة تتواصل على مدى الزمن. مصر توجد في ذروة تجربة ثورية، وتاريخها الطويل يدل على أن التغييرات الدراماتيكية المتبلورة فيها ستؤثر على سياقات الشرق الاوسط بأسره". لا يرى كتاب الكيان الصهيوني إلا ما يتمنوه، وبالتالي القراءة الصهيونية السالفة للبرلمان المصري لا تعكس الحقائق، ولكنها لا تعني حربا أو استهدافا للجبهة المصرية. وبالتالي كان على الكيان الصهيوني أن يتحرك أكثر عمقا وأكثر استثارة، فكانت الحلقة الأخرى، ما نشرته "صحيفة يديعوت" أحرنوت بعد اسبوع على المقال السالف، وقد نشرت تفاصيل المذبحة الصهيونية التي ارتكبها سلاح المظليين الصهاينة بحق الجيش المصري عام 1955 داخل أحد مخيماتهم بغزة، على يد السفاح "أهارون ديفيد" الذي توفى الاسبوع الماضي، نشرت الصحيفة خرائط تنفيذ المهمة التي سميت "بعملية السهم الأسود"،وأوضحت بأن الجريمة تمت بمعرفة وواسطة قائد كتيبة الانتقام "آرئيل شارون".وأن الجميع قتل فيها بمن فيهم الجرحى. حتما وقطعا لا تحتاج مصر للتذكير بجرائم الكيان الصهيوني الممتدة والمتواصلة ولكن ما الهدف من اثارة هذه القضية الآن، ولماذا استهدف البرلمان المصري في مقال "ميتال" ويليه في الاسبوع التالي استهداف للجيش المصري؟، لماذا يرصد الكيان الصهيوني تلك المؤسستين؟، وهل يحاول الوقيعة والعبث بالمشهد المصري؟، لماذا يروج الكيان عبر اعلامه بأن صراعا يدور في البرلمان وأنه يؤسس لحكم سلطوي آخر جديد؟، ولماذا التعرض لشهداء الجيش المصري الآن وقد مضى على العملية ما يزيد عن نصف قرن وأكثر؟، إنها حرب صهيونية على الجبهة المصرية، وهي حرب ناعمة تستهدف أحد أهم محددات العبور المصري نحو الحرية والديمقراطية واستكمال الثورة الشعبية البرلمان والجيش المصري . كثيرة مؤشرات الاستنزاف الصهيوني لمصر ما بعد الثورة، وأحد دلالات اثارة المذبحة في هذا التوقيت الآن ليست لأن منفذها والقائم عليها قد توفى، ولكن المقصد والهدف قراءة موقف ورد البرلمان المصري وتعاطي الجيش مع اثارة هذه الرواية، ودلالات استحضارها صهيونيا الوقيعة وزعزعة المكانة والنيل من الجيش المصري وصورته أمام الرأي العام، بتوظيف بعض الاحداث هنا وهناك، مصر مستهدفة صهيونيا والحرب تجاوزت الابواب وتتم الآن في الباحة الخلفية، بالحديث عن المعونة الامريكية تارة وعن بدائل صهيونية لقناة السويس تارة أخرى، والكيان يوظف كل الامكانيات من أجل ذلك، ليست بالضرورة أن تكون حربا مباشرة لكنها حرب اشعال واشغال واستنزاف وقطيعة ووقيعة. اختتم بوقائع بالغة الاهمية والخطورة تناولتها وتعرضت لها الصحافة المصرية، وهي حالة انتقال من الرصد والاستنزاف للاستهداف المباشر والعلني، قبل شهر سربت الصحافة الصهيونية بأن الكيان يصرف ما يزيد عن 77 مليون دولار كأبحاث على المجتمع المصري ومر الخبر مرور الكرام ولم يتوقف عنده أحد، حتى فجر الدكتور أسامة سليم مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشف أمام لجنة الصحة بمجلس الشعب، بأن حربا بيولوجية صهيونية تتم ضد مصر، ومؤشراتها اكتشاف لقاحات وتطعيمات صهيونية مهربة لمصر تعمل على اصابة الدواجن المصرية بفيروسات خطيرة، وأنه تبين وجود 75% من المزارع التي تم فحصها باصابتها بفيروسات ونفوق جماعي ادى لانخفاض معدل البيض 40%. ولا تعقيب إلا القول بأن والعالمين بالمشهد المصري يعلمون دلالات ذلك وتأثيراته لا في الاقتصاد ولا في الثروة الحيوانية ولكن في حياة البشر، وما قد تسببه هذه الفيروسات، وبالتالي نحن أمام استهداف صهيوني حقيقي واقع بالفعل ولم يعد مجرد استنزاف فقط، وهو أمر يعني أن الكيان الصهيوني قد شرع في قتل المصريين واستهداف مقدراتهم، بعدما فشل في الوقيعة بينهم والنيل من البرلمان والجيش والثورة.وهو يعني أيضا بأن قلقا وخوفا بات يتغلغل في الكيان الصهيوني من مصر وثورتها وجيشها وبرلمانها، ولن تمر هذه الحالات وتلك المؤشرات مرور الكرام، ولا يمكن لمصر الثورة أن تقبل بتمرير هذه المخططات، وأحد قراءات هذا السلوك الصهيوني بشبه من شارف على الغرق قيبدأ بتلويح والتغبيط شرقا وغربا دون اهتداء، والكيان بات محاصرا،واستهداف مصر لن يؤدي لفك الحصار بقدر ما سيسفر عن احكام الحصار، والحرب الحاصلة في الباحة الخلفية لن تستمر طويلا لأنها لم تعد خفية، وقد بدأت ملامح الرد المصري تتبلور بوضوح وقوة ومن البرلمان انطلقت.
#ثابت_العمور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من نكد الأيام.. الثورة مؤامرة خارجية والاستبداد قدر الشعوب
-
ما بعد الصفقة قراءة في محددات العلاقة ما بين السلطة والكيان.
...
-
عشر سنوات على انتفاضة الأقصى
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|