أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلورنس غزلان - المحــامـي والخيــط ... قصة قصيرة من الواقع الحي المعاش في سورية














المزيد.....

المحــامـي والخيــط ... قصة قصيرة من الواقع الحي المعاش في سورية


فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 1076 - 2005 / 1 / 12 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


قرر صديقنا حسان البدء بممارسة الرياضة، فلم يعد راضيا عن جسمه المدور، والذي بات منظره غير محبب لديه ومصدرا لتعليقات زوجته اليومية ، واتهامه اياها ومطبخها ...أنهما السبب الوحيد فيما وصل اليه !!ناسيا تراخيه وكسله بعد عودته مرهقا من المكتب، أو من الركض بين المكتب والمحاكم ...فصديقنا حسان محامياناجحا نسبيا ...يكسب رزقه من مهنته ...وما كان منه الا أن استعار دراجة ابنه، وبدا بتنفيذ قراره ...برياضة يومية يقوم بها صباحا قبل البدء بالعمل ، كي يفقد شيئا من ترهله ومن وزنه ، بالاضافة الى كسبه بعض الشباب ..فقد بدأت الكهولة تغزو فوديه، وعلائم خريف الأيام يطرح نفسه بوضوح على أطرافه ، وحركاته ...وصارت العادة اليومية تزيده نشاطا، وتألقا وتعطيه قواما أكثر رشاقة ، وأخف حركة لمتابعة القضايا في المحكمة، وذات يوم ...أثناء جولته المعهودة، وبطريق عودته الى البيت ...ليأخذ حمامه، ويرتدي ثيابه ويلحق بقطر العمل ...اضطر لاختصار طريقه ....حيث داهمه الوقت ...فمر بالقرب من سوق الخضار ....وهناك دفعت به احدى سيارات ( الجيب) طارحة اياه فوق الرصيف، ولم يبق من دراجة ابنه سوى مفاصلها المبعثرة ...وارتطمت رأسه بطرف الرصيف لتحدث جرحا عميقا في جبهته، وبدلا من أن يهرع سائق السيارة الى نجدته، والاعتذار منه، أو على الأقل نقله الى أقرب مشفى !!! جاءه الرد مزيدا من الاهانة والتوبيخ بل والبصاق عليه ....لأنه سبب تأخر السائق في نقل أولاد ( المعلم ) الى المدرسة!!!وفاجأته الأسئلة ...ماذا يفعل بدراجته هنا ؟؟؟وفي هذا المكان بالذات ؟؟؟وعند هذا الصباح الباكر ؟؟؟لملم حسان أطرافه ولاحظ أن جرحه ينزف بشدة والدماء تغرق وجهه وتهبط نحو قميصه ملونة اياه بالقاني ...مد يده ليضغط الجرح فلم يتمكن ...سارع أحد الباعة ...وقد عرفه ليغسل جرحه ويحمله على دراجته النارية الى أقرب مشفى ...دخل المحامي حسان غرفة الاسعاف ...علهم ينقذوه ويخيطوا جرحه ....وجد الممرضه جالسة مع الطبيب وبعض العاملين يتبادلون الضحكات وشرب القهوة ...في الوقت نفسه عاد بائع الخضار لعمله ملاحقا بجزيل الشكر والامتنان من حسان ...لكن الممرضة التي اقتربت بتباطيء ملحوظ رفعت رأسها تفحص الجرح وقالت :ـ وماذا يمكنني أن أفعل ، وألقت نظرة سريعة نحو الطبيب قائلة :ـ ان الجرح عميق ويحتاج لخياطة ونحن ياسيدي لانملك خيوطا ...اذهب الى أقرب صيدلية واحضر خيطا حتى أخيط لك الجرح !!!دهش حسان ، قائلا :ــ وكيف لي أن أفعل ؟؟ ألا تشاهدين منظري وعمق الجرح ؟؟ ان كنت ماأزال متماسكا فهذا بفضل بائع الخضار وبفعل قوة ما تحكمني ...وتريدين مني الذهاب بنفسي الى الصيدلية ؟؟!! أليس من الممكن أن أسقط في الطريق وأفقد وعيي؟؟ وهل يعقل أن يكون مشفى بهذا الحجم ، ولا توجد فيه خيوط لاسعاف جريح ؟!!ماذا تفعلون أمام الحوادث الأكبر اذن ؟؟ نظر الطبيب اليه نظرة فاحصة قائلا:ــ سأحاول البحث لك في باقي الأقسام عن خيط ان دفعت الثمن !!! جاء هذا صريح العبارة واضحها!!!مد حسان يده الى جيب بنطال الرياضة وقال في نفسه :ـ ( للصدفة وللحظ أني أحمل من باب الاحتياط ..محفظتي ) ..ماذا يكلفني خيطكم ؟؟نظر الطبيب بوجه المريض ، ومن ثم انتقل بعينيه نحو الممرضة ...فقد جاء دورها الآن !!!وماكان منها الا أن قالت :ــ ألف وخمسمائة ليرة سورية لاغير !!!!دفع حسان المبلغ والغيض والألم يأكلانه ...وهذا ثمن طعام الأسرة لأسبوع ...وبلحظة حضر الخيط !!!ودون بحث يذكر ، وقام الطبيب والممرضة بالمعالجة المطلوبة ...مع وصفة طبية ..ا.نسحب حسان عائدا الى بيته ...بواسطة تكسي ...مفكرا ببداية يومه لاعنا حظه العاثر مخاطبا نفسه :ــ هل يمكنني فضحهم ؟؟ هل يمكنني نقل هذا للمسؤولين ؟؟؟وأي مسؤولين ؟؟ كان الجواب لديه ببسمة رسمها فوق شفتيه بحسرة فائقة ، وهوالانسان المسالم العادي ، والذي لاينتمي لحزب السلطة !!! والغير ( مدعوم سلطويا !!! وعرف تماما كيف تسير الأمور في بلده وأمور المحاكم واجراءآت الدعاوي ...ومقدار مايدفع من رشاوي لتسيير شؤون مكتبه !!! فضحك من تفكيره البائس ...لكن أكثر ما أزعجه هو موقفه المحرج أمام ابنه ، فقد ذهبت دراجته الى غير رجعة ...وعليه أن يختصر من مصروف البيت ويقتر لعدة شهور كي يتمكن من شراء دراجة جديدة لابنه بديلة للمحطمة ...وقال مخاطبا نفسه ثانية لاعنا ترهل الجسم وقراره الرياضي ....فلتأت الشيخوخة ، وليأت الترهل ، وليتدور الجسم ماشاء له من التدور والانتفاخ ...وليأت الجحيم !!! فهو أرحم مما نحن فيه !!! ( القصة واقعية ، وحدثت في احدى المحافظات من بلدي سوريا )



#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجـربة امـرأة_ الجولة الثانية مع أباطرة حوران _
- رأيـتــهمـا معــا - قصة قصيرة تتعلق بأوضاع المرأة العربية
- تجربــة امــرأة _ الجولة الأولى
- ونعــود دائمــا لــوحــدنــا
- قصة قصيرة :في المحطة
- يضربها نهارا ويدعوها لسريره ليلا!! من فلفل الحياة في سوريا!
- أيهـــا الـــرب
- في حقوق المرأة ــ المرأة في سورية ..نصف مواطن ..نصف انسان .. ...
- في حقوق المرأة ــ مواطنة كاملة الحقوق في فرنسا ، وقاصر في سو ...
- هل بـعـد من حيــاة ؟
- زيــارة أمـــي
- موضوع الملف - الصحافة الألكترونية ودورها، الحوار المتمدن نمو ...
- من باب الشـام لحدود الأقصى
- ماذا أقول لجـدتـي؟
- همــزة الــوصـل
- الجــراد يـأكل حكايـتـنـا
- عربي في المنفى
- غربــان الــوطــن
- عـفـوك بغــداد
- غربتي والوطن


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فلورنس غزلان - المحــامـي والخيــط ... قصة قصيرة من الواقع الحي المعاش في سورية