أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - العربي عقون - الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (1)















المزيد.....

الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (1)


العربي عقون

الحوار المتمدن-العدد: 3649 - 2012 / 2 / 25 - 15:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الجزائر... نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (*)

محيي الدين جندر ترجمة الدكتور العربي عقون

عندما صدرت الطبعة الأولى من كتاب: "مدخل إلى تاريخ الجزائر" سنة 1970، لم يكن التاريخ حينها محلّ جدل، وانشطار فكري، مثلما أصبح عليه الحال في سنوات الثمانينيات وعلى الخصوص في أواخر نهاية القرن العشرين.
لقد أظهرت لي الاعتبارات الأساسية التي برزت لاحقا أنّ إعادة إلقاء نظرة على الموضوع أكثر من ضرورية ليس كما تعوّدنا أن نقول أحيانا وبسهولة لنفض الغبار عن نص مضت عليه عشريتان ولكن لمعالجة مرحلة جديدة في سياق تطوّر مجتمعنا وتبعات ذلك على صعيد الدراسات التاريخية.
ما أشرنا إليه في 1969-1970 ولعلّ آخرين أفصحوا عنه أحسن منّي يظلّ انعكاسا- لما كان في وقت مضى يمثّل أمّة- للتصوّر الذي نحمله عن الأمّة ولأفكار مستقبل وليد.
إنْ كان هناك تغيّر أو تسارع في التطوّر، وإذا كنّا نشهد الآن جدلا حول مواضيع التاريخ فلأنّ ذلك يعود إلى أنّه:
1- طيلة سنوات بدايات الاستقلال - وعلينا أن نقرّ بذلك - كانت بعض مسائل الأيديولوجيات القومية قد شاخت وأن هناك استعداد لتجاوزها، وأنّ أفكارا جديدة قد نضجت حتى وهي لم تعلن عن نفسها.
2- وجوباً، ولحتمية تاريخية كان ينبغي أن تظهر على السطح قضية الهوية الأعمق للآمّة والعناصر المكتسبة على امتداد السنوات الثلاثين من عمر الاستقلال بالاحتكاك مع الحداثة ومن التجربة المعاشة.
تتوجّب إذن نظرة جديدة، فالتاريخ لا يمكن تناوله كلّه مباشرة، لأنّه يتداخل مع الوقائع، والروايات البسيطة للأحداث، إن لم يكن واضحا من البدء ما ننتظره منه باعتباره قاعدة لثقافتنا، وانسجاما لعناصر وتيارات مختلفة بالضرورة، وهي التي تكوّن مجتمعنا وعلى الخصوص في الفترة التي نعيشها وهي فترة مستقرة على خلاف ما قد نظن، ولكنها ذات تطوّر عميق، ومهمّتنا هنا هي التفكير أولا في معالجة التاريخ كموضوع حتى قبل تناوله كمادّة.
كنت قد أشرت في الطبعة الأولى من هذه الدراسة إلى نص مؤرخ فرنسي من بدايات القرن XIX وهو أوقستان تييري (Augustin Thierry) الذي وضع مبدأ في شأن ما ينبغي على كلّ جيل أن يضيفه للتاريخ الوطني من إسهامات في مدلولاته وتجلياته الفكرية بقدر ما هو معرفة بالوقائع والأحداث.
في كلّ الظروف العصيبة التي تعترض مصير الشعوب هناك الاضطرابات التي تؤثر في مختلف مناحي حياتها المادّية والأدبية، مما يشحذ الفكر ويجعله قلقا ومتسائلا فابن خلدون - الذي دوّن تاريخ أفريقيا الشمالية في كتابه العِبر ... – عايش كشاهد عيان تلك الاضطرابات الكبرى التي أعقبت اكتساح الهلاليين : إضعاف المدن ووهن الدول وزوال الإمبراطوريات، وهو وضع يعبّر عن توتّر عامّ، ملموس لدى الفلاحين في ظروف عملهم والتجار في حال السوق المشتت ولدى الحرفيين في نضوب الصنعة، ولدى الحكام وأعوانهم في مصاعب إدارة شؤون البلاد، وهو ما جعله يتأمّل هذه الجوانب ويجعلها تتصدّر تاريخه وهو تأمّل شامل عامّ نظر فيه بدقّة إلى الماضي والحاضر والمستقبل محاولا تقديم تفسير لكلّ ذلك وهو ما نجده في المقدّمة التي هي عمل يتسم بالعمق والاتساع هو بحقّ فلسفة التاريخ.
ابن خلدون هو أعظم مؤرّخينا، عالج تاريخنا فكريا في أخطر قضاياه وأحداثه الكبرى، وكانت الحاجة إلى فهم حركة التاريخ قد فرضت نفسها على كُتاب أسبق منه وأقلّ إحاطة لكن تركوا لنا تراثا جديرا بالعناية، لاسيما وأنّه عبارة عن نصوص لافتة للانتباه مع أنّها غير معروفة كثيرا (وبذلك يتمّ الإسهام في تعميق الدراسات المتعلّقة بتاريخنا وشخصيتنا الأصيلة) وفي هذا السياق نودّ الحديث عن أبي زكرياء (السدراتي الورجلاني) المؤلّف الإباضي الذي وضع كتابه: في تاريخ أئمّة تاهرت والجنوب الجزائري الإباضيين (حوالي 1070) وهو عمل استهلّّه بالإشارة إلى القيمة الاجتماعية والفكرية للتاريخ، ومما جاء فيه:
(( ...عندما نلاحظ حجم الآثار التي طمست وعدد الذكريات التي ضاعت، تتجمع في الذهن ذكريات الشيوخ والصالحين من زمن مضى، من بين شخصيات الجماعة، نتذكر فضائلهم وأعمالهم وحركاتهم ونقاوة مذهبهم وسمو مناقبهم مما لا تحيط به أقلامنا على أمل أن ما كتبناه يكون نافعا... ويمكن أن يحيي ذكريات من سيأتون ويوقظ الغافلين لأنّ في التذكير بالماضي عبرة للمؤمنين)).
هناك مثال آخر- مأخوذ به في بلاد أخرى غير بلادنا- يستجلي تلك النزعة للعودة بالتفكير في التاريخ من جديد إلى فترات الثورة، وهو ما نجده لدى أليكسيس دو طوكفيل في كتابه : " النظام القديم والثورة" الذي نشر سنة 1856 هذا الكتاب يشمل تاريخ ما قبل وما بعد الثورة ويبيِّن بدقّة وبروح نقد قلّ مثيلها أنّ التحوّلات الأكثر راديكالية يتمّ تحضيرها في البنى العميقة للمجتمع قبل أن تنفجر في شكل وقائع ثورية، هذه الدروس المستخلصة من كتاب طوكفيل يمكن أن تجد صداها عندنا لنتمكّن من فهم تاريخنا فهذا الكاتب يؤكّد لي في الفكرة التي استعرضتها في الفصل المتعلّق بالتحقيب وتبعا لتلك الفكرة فإنّ الممالك أو الإمبراطوريات البربرية من القرن X إلى القرن XIII (فاطمية، زيرية، حمادية، مرابطية، موحدية) لم تكن لتوجد لولا ذلك الإعداد البطيء لحضارة مستقرّة : فلاحية، صناعية، وتجارية على امتداد القرون العتيقة (l Antiquité) من القرن III ق.م. إلى القرن VIII م ، أي أنّ هناك بشكل أو بآخر تواصلا بين منجزات ماسينيسا وأعمال عبد المؤمن.
نحن في زمن تحولات المجتمع في الأفكار وفي النظرة إلى هذا الجزء الحميمي من كينونتها، وهو تاريخها، وعلى غرار المفكرين الذين أشرنا إليهم ينبغي علينا أن نبذل قصارى الجهد لتجاوز الرصيد المفاهيمي القديم الذي ورثناه، ولن تكون الاعتبارات المترتبة عن ذلك غاية، ولن تكون مذهبا معتمدا، لأن ذلك من شأنه أن ينتهك حرمة فترة تاريخية في تحوّل نشط في حال جعل تلك الفترة موقوفة على أفكار نهائية، فالواجب يفرض احترام الواقع وتتبعه في حركته المتموّجة، لان الحياة لا تعرف السكينة إلا في حال السرعة في الإبحار إمّا إذا علت الأمواج فلا بدّ من درء الخطر باللجوء إلى صخور البحر الكاسرة للأمواج (écueils).
لقد تحدى الشعب صراعات مريرة، خرجت منها الجزائر(1962) ثابتة واقفة على أسس متينة - رغم المواجهات بين الأجنحة- محاطة بإجماع الشرائح الشعبية العريضة، حيث كانت الصدارة لفكرة أن يجد البلد قبل كل شيء طريقه للسير إلى الأمام، فقد كانت الدولة حديثة العهد جدّا سنة 1962، وكان الانشغال الأساسي في نظر الجميع هو أيُّ اختيار يُتّخذ لضمان تنمية البلد ومن ذلك الاختيار سيأتي الباقي : تحسين الظروف المادّية والمعنوية للمواطن وإقامة البنية الأساسية وتنمية الإنتاج وكان تجنيد الأفراد والوسائل مسألة إرادة وحسن تدبّر من جهة وقروض مالية وتخطيط من جهة ثانية، وكانت الاشتراكية مذهبا يعمّ العالم تحت أشكال متنوعة ومتعدّدة ولكن مهما تعددت أشكالها فإنها تلتقي في نقطة مشتركة وهي التوسيع المنهجي للملكية العمومية أي أنّّ الاشتراكية أقيمت على مبدأ مثالي كطريق وحيدة نحو الخلاص دون تحديد أيّ المرتكزات الوطنية ينبغي أن تستند عليها.

_____________________________________
(*) النص مقتطف من : -DJENDER (Mahieddine), Introduction à l histoire de l Algérie, ENAG éditions, Alger 2006, pp. 7-31.؛ وقد اعتمدنا في هذه الترجمة الطبعة الثانية الصادرة عن المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية (رغاية، الجزائر) سنة 2006.



#العربي_عقون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجامعة ... هذا وصف للداء فهل من دواء ؟
- الملك ماسينيسا والحضارة النوميدية
- تصحيح بشأن الاسم الإثني (Ethnonyme) للشعوب الأمازيغية
- منطقة القبائل الشرقية (الجزائر) في عصور ما قبل التاريخ
- جوانب من تاريخ العرب قبل الإسلام : نظرة موجزة على ممالك الحي ...
- النحت الروماني : نظرة موجزة
- نظرة موجزة في خصائص فن النحت في بلاد الرافدين
- البحرية القرطاجية : بين التفوُّق التجاري والتقني من جهة والض ...
- الأمازيغ عبر التاريخ : نظرة موجزة في الأصول والهوية
- الملاحة والتجارة بين الشرق والغرب في القديم : أهمّية البحر ا ...


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - العربي عقون - الجزائر ، نظرة جديدة للتاريخ الوطني أكثر من ضرورية (1)