أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - رسالة -تونس-!














المزيد.....


رسالة -تونس-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3649 - 2012 / 2 / 25 - 15:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الولايات المتحدة (ومعها، على وجه الخصوص، بريطانيا وفرنسا وألمانيا) أرسلت، عبر "مؤتمر أصدقاء الشعب السوري"، الذي عُقِد في تونس العاصمة، وعبر بيانه الختامي و"قراراته"، إلى نظام الحكم السوري رسالة (ضِمْنية) لا يحتاج المرء إلى ذكاء حاد لإدراك وفَهْم معانيها ومراميها؛ فهي، أي الولايات المتحدة، لن تنتصر للشعب السوري، وثورته، إلاَّ بما يَمْنَع حسم الصراع لمصلحة أحد طرفيه، وبما يجعل مستقبل هذا الصراع، من ثمَّ، غير مختلفٍ كثيراً، أو نوعيةً، عن حاضره، الذي لا يَسُرُّ صديقاً، ولا يغيظ عدوَّاً.

إنَّ حَيَّ "بابا عمرو" في حمص هو الذي يشرح لنا، على خير وجه، بعضاً من أهمِّ معاني "مؤتمر أصدقاء الشعب السوري"، الذي لم يكن عقده في عاصمة "الربيع العربي" مصادفةً صرف؛ فلو لم يتعرَّض هذا الحَيُّ (وأهله) إلى ما تعرَّض له، وفي أثناء الإعداد لهذا المؤتمر على وجه الخصوص، لَمَا بَلَغ "أصحاب المؤتمر" الحقيقيون، وفي مقدَّمهم الولايات المتحدة، "غايتهم (غير المُفْصَح عنها، أو غير المُعْلَنَة)"، ألا وهي ترجيح "كفَّة الجانب الإنساني"، في "الأزمة السورية"، على "كفَّة جانبها السياسي"؛ فَمِنْ قَبْل، كانت "الغاية المُعْلَنة" هي مَنْع نظام حكم بشار من فِعْل ما فَعَل، ويَفْعَل، في حَيِّ "بابا عمرو"، من طريق جَعْلِه عُرْضةً لضغوط تكفي لبلوغ هذه "الغاية المُعْلَنة"؛ أمَّا وقد فَعَل ما فَعَل، مُبْدياً إصراراً على فِعْل الأكثر من كل هذا الذي فَعَل، وعلى تعريض أحياء ومدن سورية أخرى لِمَا تعرَّض له حَيُّ "بابا عمرو"، وتعرَّضت له حمص، فإنَّ على القوى الغربية اللابسة لبوس "الصديق للشعب السوري"، وفي مقدَّمها الولايات المتحدة، أنْ تُغيِّر محتوى "نصرتها" لهذا الشعب، وثورته؛ ولقد غَيَّرته إذ خاطبت الرئيس الأسد قائلةً: امْضِ قُدُماً في هذا النهج (نهج حَيِّ "بابا عمرو") فنحن لا نعتزم أبداً منعك من ذلك من طريق تعريض نظام حكمك لضغوط عسكرية خارجية؛ لكنَّنا ندعوك إلى فَتْح ممرَّات آمنة (مؤقَّتة) نُمرِّر عَبْرها مساعدات ومعونات إنسانية للضحايا، كالطعام والوقود والدواء؛ فاقتُلْ ونحن ندفن، اجْرَحْ ونحن نداوي، جوِّع ونحن نُطْعِم؛ لن نمنعكَ من صَلْب الثائرين عليك؛ لكن دَعْنا ننتصِر للضحايا كانتصار "الصليب الدولي الأحمر"!

أعْلَم أنَّهم لم يقولوا له "حرفياً" هذا القول؛ وأنَّهم وإنْ قالوه له "ضِمْناً" فلم يقولوه حُبَّاً له، أو لكونه صديقاً أو حليفاً لهم؛ وإنَّما لغايةٍ في نفسهم؛ وهذه "الغاية المُضْمَرة" هي "إبقاء الصراع بلا حسم"؛ فإنَّ مصلحتهم تقضي بجعل سورية نفسها نهباً لحربٍ (أو حروب) أهلية، تشبه كثيراً الحرب (أو الحروب) الأهلية التي عَرَفها لبنان.

وفي الظَّاهِر (فحسب) من مواقفهم (أيْ من مواقف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) كانوا، وما زالوا، مع نصرة الشعب السوري بما يسمح لثورته بأنْ تنتصر كما انتصرت ثورتا تونس ومصر؛ لكنَّ روسيا والصين حالتا بينهم وبين ما أرادوا (على ما زَعموا)!

إنَّهم، والحقُّ يُقال، لم يفعلوا أيَّ شيء يمكن أنْ يدل على أنَّ لهم مصلحة حقيقية في الوقوف ضدَّ هذا الموقف الروسي ـــ الصيني؛ فمصلحتهم الحقيقية تقضي بتنامي الكراهية الشعبية العربية لروسيا والصين اللتين تتحمَّلان وحدهما المسؤولية عن هذا الضَّرر الكبير الذي لحق بنفوذهما في العالم العربي؛ وإنَّ العنوان الكبير لقولهم وفعلهم الآن هو "لولا روسيا والصين.."!

ليَسْتَمِر الصراع بلا حسم؛ فهذا هو الطريق، على ما تُخْبِرهم مصلحتهم الحقيقية، إلى مزيدٍ من العداء الشعبي (السوري، والعربي على وجه العموم) لـ "حزب الله" اللبناني، ولإيران؛ وربَّما يَصْلُح طريقاً، أيضاً، إلى خَفْض منسوب العداء العربي (وحتى العداء الشعبي العربي) للعدوِّ القومي الأوَّل والأكبر للعرب، وهو إسرائيل؛ فهل من المنطق في شيء أنْ تظل إسرائيل عدوُّاً "قومياً" للعرب إذا ما سُيِّر صراع الشعوب العربية ضدَّ عدوِّها الداخلي، وهو أنظمة الحكم الدكتاتورية، وفي مقدَّمها نظام حكم بشار، في مسارٍ يفضي السَّيْر فيه إلى القضاء على البقية الباقية من مقوِّمات الانتماء القومي العربي الذي لا مكان فيه لكل عصبية يمكن أنْ تُفْسِد وتُضْعِف هذا الانتماء؟!

إنَّ أخطاء وخطايا "حزب الله" وإيران يجب أنْ تَنْزِل برداً وسلاماً على "الربيع العربي" الذي يستمدُّ أهميته التاريخية الكبرى من كونه ثورةً شعبيةً عربية ديمقراطيةً وقوميةً في آن؛ فالربيع لن يظل ربيعاً إذا ما جُعِلَ "النفي المتبادل" جوهر وقوام العلاقة بين الحقَّين الديمقراطي والقومي.

ليَعْلَم الشعب السوري أنَّ "الخصمين"، أيْ نظام حكم بشار والولايات المتحدة، لهما المصلحة نفسها؛ فكلا "الطرفين ـــ الخصمين" له مصلحة في أنْ يُسَيَّر الصراع (بين الشعب ونظام الحكم) في ذاك المسار، أيْ في مسار "اللَّبْنَنَة"، أو ما يفوقها سوءاً.

شعب سورية، وبقوميتيه العربية والكردية، يجب أنْ يتَّحِد في صراعه الديمقراطي ضدَّ نظام الحكم الدكتاتوري، وأنْ ينأى بثورته عن كل ما يمكن أنْ يُسَيِّرها في مسار "اللَّبْنَنَة"، وأنْ يستمر فيها مُطلِّقاً ثَلاثاً وَهْم انتصار الغرب لها؛ فالغرب (وفي مقدَّمه الولايات المتحدة) لن ينتصر لأيِّ حراك شعبي عربي إلاَّ عن اضطِّرار، ولتسيير هذا الحراك (ما استطاع إلى ذلك سبيلا) بما تشتهي سفينته التي إنْ أمعنَّا النَّظر في حمولتها (من المصالح والغايات) لرأيْنا تعارُضاً جوهرياً بينها وبين سفينة "الربيع العربي"، بحمولتها الديمقراطية والقومية.

أقول هذا وأنا أعْلَم أنَّ بعض أنظمة الحكم العربية الدكتاتورية لا تعرف، ولا تُتْقِن، من أساليب الصراع الذي تخوضه ضدَّ شعوبها الثائرة عليها إلاَّ ما يُشدِّد لديها المَيْل إلى أنْ تكون كالمستجير من الرمضاء بالنار؛ فحذار من تَرْك هذا المَيْل يقود "الربيع العربي"!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤالٌ تثيره نظرية -الثقب الأسود-!
- شيءٌ من الجدل!
- لماذا غابت -فلسطين- عن إعلام -الربيع العربي-؟
- -الفاسِد- فولف!
- -النسبي- و-المُطْلَق- في -النسبية-
- -التمويل الأجنبي- مَصْدَر إفساد ل -الربيع العربي-!
- خصوصية الصراع في سورية!
- منعطف مصر التاريخي!
- -المادية- في التفكير!
- -الأكوان الأخرى- و-إشعاع هوكينج-!
- في إشكالية -الأبعد- و-الأقدم- في الكون!
- -الصراع الدولي- الكامن في -الربيع العربي-!
- الإيجابية الكامنة في -الفيتو المزدوج-!
- في -التَّزامُن- Simultaneity
- في -الاقتصاد السياسي- ل -الربيع العربي-
- أهي -ديمقراطية- أم -دينقراطية-؟!
- ما معنى -انحناء الزمن-؟
- ما يَسْتَحقُّ الاهتمام في -المبادرة العربية-!
- دُوَلٌ لنفي الحقوق!
- -25 يناير-.. ثورة بدأت ولم تنتهِ!


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - رسالة -تونس-!