|
علي السوري -عراة.. عراة-
لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)
الحوار المتمدن-العدد: 3648 - 2012 / 2 / 24 - 10:23
المحور:
الادب والفن
(أنا أيضاً مسلحة و سأجاهد ضدكم.. حي على جهادي: ضد المستبد كائنا من كان، ضد ولي أمر النساء أيا كان... مسلحة ب كلمتي، و الكلمة أشد تأثيرا من سيوفكم. كلمتي التي لا تحابي صديقا أو قريبا في قول الحق.
أيضاً أنا مسلحة: سأفجر المكان بكلمات.. كلهن بنات.. و سيستيقظ شبح الرجولة بين خصيتيكم..تهذون: بنات.. بنات .. و قبلما تصنفوهن -بحسب اللباس -ينتشرن عراة.. يكسرن تلك الأصنام التي تقبع في عقول الأشباح، والكلمات البنات راهبات .. من قلة الرجال.).
هذه كلماتي التي احتلت سطر عقلي الأول، و السطر الأعلى لبيتي ( الفيسبوكي)، كنت غاضبة و أنا أكتبها فمشهد الثياب الداخلية للسيدة المصرية ( اللانجري الأزرق) كان كفيلا بالكثير من الترهات تملأ فضاء ( الانترنت).. التعليقات في أغلبها كانت مقرفة، و وضيعة.
شاهد العالم بأسره و عبر بركات ( اليوتيوب) الجيش المصري يركل المتظاهرة -التي خرجت تطالب بحرية لم تكتمل بعد- و ( يدعسها) كحشرة.. ندد الغرب بوحشية حكم العسكر، و اشترت صحفيات أمريكيات ( صدريات زرقاء)، في حين ندد الكثير من ( المدجنين) بالمرأة التي نسيت أن تلبس ثلاثة أو أربعة أثواب فوق بعضهم تحسبا لشد (غير مقصود) للباسها الخارجي، و فوق هذا كانت ثيابها الداخلية( مثيرة للفتنة).. و أصبحت ( الصدرية الزرقاء) رمزا جديدا للعيب و الحرام.
كانت " سنية " صديقتي المصرية خير من وصف الحالة.. عندما كتبت في بيتها( الفيسبوكي): (الجائعون لا يعرفون من المرأة إلا اللحم.. المكبوتون لا يرون في المرأة إلا الرموز الجنسية.. أيها العراة سنسقطكم كما سقط النظام).
نقلت ما كتبته " سنية " إلى حائطي ( الفيسبوكي) ليطل تعليق " علي السوري " عليه: -( لم يسقط النظام المصري بعد.. يتساقط.. اكتبوا يسقط يسقط حكم العسكر.).. على كل للتعري أنواع.. المهين منه تعري الضمير.. و خلعه كل صفات الإنسانية.
ثم أرسل لي رسالة على ( البريد الخاص) في الفيسبوك: -كيف أصبحت رجلك؟! - أحسن، خف ألمها.. لكن ( الجبيرة) مزعجة للغاية.
- ربما تكتبين أحسن بسبب (الحبسة) في البيت؟
- أشاهد الأخبار و تتوقف قدرتي على كتابة حرف.. - لن تحرري لي ( نوت) جديد؟!
- هههه هل هذا ما قصدته ب (تكتبين أحسن)؟
- أقول لك سأحضر ( لقمة) و آتي.. نأكل.. و نتناقش..محادثة عل ( الفيس بوك) كالعادة.
- ( لقمة) ماذا؟!
- مفاجأة.. أكون عندك بعد ساعتين.. يعني في الخامسة مساء.
- بالانتظار. **********
كانت " أليس" تتحدث ببطء.. في حديثها نكهة القهوة المنبهة، و له سوادها أيضاً.
- "عدي" ليس حبيبي فقط، هو كل أهلي.. لا أهل لدي، لا تستغربي .. أبي و أمي تطلقوا منذ كنت في الخامسة، و رحل كل إلى زواج جديد و حياة جديدة، تربيت عند عمي ( الأعزب).. و الذي كان ينتظر أن أكبر و أعمل ليرتاح.. هو فقير .. رباني صغيرة على ألحان القلة، و العوز... " عدي" كان اليد البيضاء التي امتدت لي.. وحيدة في "دمشق" ، قادمة من قرية صغيرة في جبل.. كنت كفأرة الحقل أكاد أضيع عندما انتشلني بقوة أب، و حنان أم، و إخلاص حبيب. لم أفكر في طائفته عندما أحببته، لم أكن أعلم أنك حتى تحبي رجلا في بلاد الشرق تحتاجين إلى ( نبش) القبور، و إخراج الذين تحاربوا في الأمس، ثم محاولة الإصلاح فيما بينهم.. فتزداد قضيتهم تعقيدا، و يزداد حبك استحالة.
ابتسمت " عبير" فيما امتلأت عيناها الواسعتان بالدموع.. تنهدت، و قالت: - يا " أليس" لقد جمعنا معا من ( نبشنا) قبورهما.. لكني لن أخبرك اليوم عن حبيبي، ليس فقط لكونه قد رحل، بل لأني لا أريد أن أفتح جرحي الذي خيطته- أو حاولت خياطته- البارحة. دعيني اليوم سعيدة برؤيتك، ( و على فكرة) ليس لي أحد في " دمشق " قلت لك أضعت أختي فقط لأنني أحسست أنك وحيدة مثلي.. و قد كنت - على غير العادة- محقة.
مشيتا معا في " دمشق" الوادعة، و طال الحديث... **********
- هذه صورتك؟!
- أجل صورتي.. لماذا أنت مستغرب؟!
-كنت تضعين ( الحجاب)؟!
- أجل، ألا يحق لي؟!
- طبعا يحق لك، لكنني مستغرب لأني كنت أتخيلك علمانية منذ الأزل...
- هل تعتبر العلمانية دينا! هذا خطأ شائع العلمانية ليست دينا، تستطيع أن تكون يهودي علماني، مسيحي علماني، مسلم علماني، ملحد علماني، لا ديني علماني.. هي ليست دين، هي فصل للدين عن الدولة و السياسة..أيا يكن هذا الدين. أنا كنت علمانية منذ الأزل، كنت أضع (حجاب الشعر) -بحكم العادة، و العائلة- لكني في عمري لم أضع حجابا على عقلي.. دوما عقلي قابل للتفكير، و للعمل، لحب الله، و تكسير الصنم.. ( حاسة حالي ) أتفلسف عليك.. ما علينا، كيف حالهم أصدقاء ( الفيسبوك)؟!
- رائعون.. البارحة تناقشت مع صديق جديد حول أحلامنا في " سوريا" الجديدة، يا الله ما أجمل الأحلام الوردية؟! .. قلت له أنا أؤمن بأن الثورة إذا استمرت سلمية ستنتصر، أما إذا تسلحت فستجهض و تركب من جميع أصحاب المصالح.. هو أيدني، لكنه نبهني إلى موضوع هام.. و هو أن الحل الأمني سيدفع الناس دفعا إلى حمل السلاح، و أن الحقد لاحقا سينفجر حتما في وجه الأبرياء.. لم يمض على الثورة إلا القليل.. لكني خفت..تذكرت أحبتي في سوريا و خفت.
-هل لديك الكثير من الأقارب؟!
ضحك " علي" و وصل رده:
-ليس لدي أحد قريب.. و لكنني أريد أن تكتبي لي ( نوت) لأمي...
- لم أفهم شيئا...
- لم يبق لي أحد في سوريا بعد وفاة أمي.. ماتت أختي الصغرى عندما كنت في الخامسة عشرة.. قصور قلبها مع قصور مواردنا ذهبوا بضحكة بيتنا الفقير..أخواتي البقية تزوجن، و غادرن البلاد مع أزواجهن، واحدة " هدى" في ألمانيا، لا تكلمني، لأنه بسبب لساني الطويل حرمت من دخول وطني ، و لأنني - و كما قال زوجها لأمي- أرسم فتيات عاريات فقضت بحسرتها على " علي".. اثنتان " ماجدة" و " حياة" في الكويت.. تبكيانني كل يوم، ربما يتذكرون معاناتي أكثر من " هدى" أو أن زوجيهما أطيب.. لا أعلم.
أريد منك أن تكتبي لي ( نوت) إلى أمي، أخبريها أنني أحبها، و أنني لم أقصد إلا أن أحب وطني، قولي لها: كيف أن الطفل الكبير جدا " علي" بعد استشهاد أبيه ظل (انتظر ) أمام التلفاز يوما بعد يوم..لكي (اسمع) اسمه، لكنهم كانوا يقولون أكثر من تسعة آلاف شهيد .. كانوا يتحدثون بالأرقام، و أنا كنت و مازلت أتحدث بالذكريات.. بعيني أبي، بصلاته، بجبينه العالي.. بحبه للوطن.
احكي لها كيف ذللت في وطني وراء لقمة يتمنا، كيف لم أجد مكانا أعمل فيه بالرغم من شهادتي، كيف تركتني " سناء" لأنها تريد أن تعيش، و خبريها أيضاً أن كل من عرفتهم من فتيات كن مواضيع جميلة للوحاتي، و أني سأحب واحدة تحمل طيبة عينيها، قولي لها: " علي" يرسم الحياة، و يدافع عن النبيات النساء اللواتي يصنعن الحياة.. لو كان يعلم أن رسومه ستزعجك.. ما كان رسم، لكنه يا ( ماما) لا يملك ما يخفف عنه وطأة العيش سوى الريشة.. هو غادر وطنا ضاعت فيه أسماء أبطاله، في زحمة المستفيدين و ( الحرامية)...
- أترسم " علي"؟!
و وصلت الكتابة فورا: - أجل و لكني لن أرسمك..
تسمرت أسئلتي في طرف الصالة، حيث كان " السوري" يهز الكرسي الخشبي، و خيل إلي أنه يبكي...
يتبع... من رواية " علي السوري" قيد النشر.
#لمى_محمد (هاشتاغ)
Lama_Muhammad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علي السوري -لماذا ثار السوريون؟!-
-
علي السوريّ -الحب في زمن الثورة-
-
علي السوريّ -سأصلي بالبكيني-
-
علي السوري -مقدمة-
-
الأقليّات تأكل التفاحة
-
خارج سياق -روحي-
-
خارج سياق -مسجون-
-
خارج سياق -طائفي-
-
خارج سياق -حليبي-
-
خارج سياق مندّس
-
خارج سياق منساق...
-
بلاد - الباق باق-
-
-براغش- القلم
-
معادلة دينية
-
سوريانا -زيت و زعتر-
-
سوريانا -مغالطات منطقيّة-
-
سوريانا-مطر صيفي-
-
بالماء يا وطني
-
على قيد الأمل...
-
كالفرق بين غادة عبد الرازق و نوال السعداوي
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|