-ربيع القاعدة- في العراق يغرق بغداد وخمس محافظات أخرى بالدماء .. ويعري العجز الأمني الحكومي!

علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3648 - 2012 / 2 / 24 - 00:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ضربت موجة تفجيرات متزامنة بعضها انتحاري بغداد وعدة مدن في محافظات أخرى منها صلاح الدين وبابل وكركوك وديالى وأسفرت عن سقوط أكثر من أربعمائة وثمانين قتيلا وجريحا بحسب إحدى الوكالات الإخبارية المحلية أغلبهم من المدنيين. وزارة الداخلية قامت بدور "عدّاد الجثث والتفجيرات" فقدرت عدد المفخخات التي فُجِّرت باثنين وعشرين، في 19 منطقة في البلاد. ففي بغداد لوحدها قالت مصادر وزارة الصحة أن عدد القتلى والجرحى بلغ 243 . موجة التفجيرات الجديدة جاءت بعد يوم واحد من تحذيرات أطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي وقال فيها إن السلطات الأمنية رصدت نشاطات جديدة لمقاتلي تنظيم القاعدة وإن هؤلاء عادوا إلى تنظيم صفوفهم في منطقة " مثلث الموت" الواقعة جنوب بغداد والتي كانت مسرحا لعمليات مسلحة مرعبة على مدار عدة سنوات وأخذت بالتلاشي قبل سنتين تقريبا. محللون تساءلوا عن السبب في وقوع هذه السلسلة من التفجيرات المنسقة والتي تدل على أن تنظيم القاعدة عاد ليمسك بزمام المبادرة ويتحرك أين ومتى يشاء رغم وجود معلومات مخابراتية مهمة كتلك التي أعلن عنها المالكي.التفجيرات وفق بعض المحللين المستقلين قتلت من قتلت و جرحت من جرحت ولكنها في الوقت نفسه عرَّت العجز الحكومي في الجانب الأمني والاستخباراتي تعرية تامة.
لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب اجتمعت على الفور، وقررت دعوة القادة الأمنيين في قيادة عمليات بغداد إلى جلسة استماع واعتبرت سلسلة التفجيرات والهجمات الأخيرة "مؤشراً خطراً ودليلاً على عدم جاهزية القوات المسلحة العراقية". عضو اللجنة حسن جهاد قال إن "العمليات الإرهابية التي حدثت اليوم مؤشر خطر وأثبتت أن جاهزية القوات المسلحة العراقية ليست بالمستوى المطلوب وإن المجموعات الإرهابية لا تزال تتحرك في مدن عراقية عدة وتستطيع أن تخترق القوات العراقية بشكل كبير".
المواطنون وذوو الضحايا صبوا جام غضبهم على الحكومة والمسؤولين الأمنيين كما جرت العادة أمام وسائل الإعلام وربط عدد من المتدخلين الغاضبين بين ما حدث وبين الخلافات السياسية التي تعصف بالكتل والزعامات السياسية .
تزامنت هذه الموجة مع حدثين مهمين الأول هو صدور مذكرة اعتقال من محكمة محافظة بابل بحق وزير الداخلية السابق جواد البولاني وعدد من أقاربه بتهمة دعم مسلحين في الأحداث الشعبانية التي شهدتها محافظة كربلاء عام 2007، فيما قالت وكالة أنباء محلية أخرى إلى أن المذكرة صدرت بحق اثنين من أقارب الوزير البولاني وليس بحقه هو. الحدث الثاني هو صدور قرار من محكمة التمييز الاتحادية وقعه 19 قاضيا رُفِضَ بموجبه طلب نائب الرئيس طارق الهاشمي نقل محاكمته من بغداد إلى كركوك فيما قالت مصادر برلمانية أن محاكمة غيابية ستجرى للهاشمي في بغداد وإنها لن تستغرق أكثر من ثلاث جلسات يصدرها بعدها الحكم على المتهمين. كانت السلطات الأمنية قد اتهمت من أسمتهم بشبكة الهاشمي بسلسلة من الهجمات المسلحة خلال الأيام والأسابيع الماضية، وكشف الوكيل الأقدم في وزارة الداخلية عدنان الأسدي عن استمرار هذه الشبكة بنشاطاتها المسلحة حتى بعد صدور مذكرة اعتقال بحق الهاشمي . الأسدي قال أيضا إن ضابطا كبيرا في الداخلية هو مهدي الفكيكي تم اعتقاله بعد ثبوت تورطه بالتعامل مع الهاشمي وإيصاله أسرارا أمنية للأخير، ولكن هذه السلطات لم تُدْلِ حتى الآن بما يفيد وجود علاقة بين " شبكة الهاشمي" وهجمات وتفجيرات اليوم، غير أن مصادر برلمانية قالت باحتمال أن يكون من ضمن استهدافات هذه الموجة إفشال انعقاد مؤتمر القمة العربي نهاية الشهر المقبل في بغداد.
رئيس البرلمان العراقي، أسامة النجيفي، قال ذلك بوضوح في بيان صدر عن مكتبه عقب التفجيرات وجاء فيه " إن "التفجيرات الإجرامية وأعمال العنف التي طالت المدنيين العراقيين، اليوم، ترمي إلى إذكاء نار الفتنة بين أبناء الشعب العراقي". النجيفي اتهم جهات خارجية لم يسمِّها بـ"الوقوف وراء تلك التفجيرات من خلال محاولتها تصدير مشاكلها الداخلية إلى العراق".وأضاف أنّ "هذه التفجيرات تهدف إلى إفشال عقد القمة العربية ببغداد والمؤتمر الوطني العام"، داعيا الأجهزة الأمنية إلى "اتخاذ إجراءات مسؤولة للحد من هذه الأعمال الإرهابية".
محللون سياسيون سجلوا أن هذه الهجمات ستترك تأثيراتها على مساعي حلحلة الأزمات السياسية التي تقوم بها الرئاسات الثلاث ولكنها مثلما رجح بعضهم ستكون تأثيرات مؤقتة ولن تصل إلى درجة تغيير الاتجاه العام للوضع السياسي المرتبك والغارق في التشنجات. أما الموقف القوي الذي أعلنته قائمة " العراقية " وطالبت فيه حكومة المالكي بالاستقالة "إذا لم تكن قادرة على حفظ الأمن" فقد عدَّه المراقبون تصعيدا في اللهجة السياسية رغم أنه لن يخرج عن كونه محاولة لإحراج الخصم السياسي إحراجا محسوبا لا أكثر. صحيح أن استقالة الحكومة كما يرى محللون سيكون مطلبا مشروعا أو أنه قد يكون إجراءً طوعيا تقدم عليه الحكومات في الدول التي تحترم نفسها وشعوبها ولكن الأمر في " العراق الجديد" لن يكون سهلا في ظل الاستقطاب الطائفي والقومي داخل النخبة السياسية المشاركة في الحكم والتي يرفض أي طرف من أطرافها التحول إلى المعارضة ويتمسك بحصته من كعكة السلطة والامتيازات. دعوة "العراقية" لاستقالة الحكومة تصطدم كما يرى معلقون بواقع اشتراك القائمة في السلطتين التشريعية والتنفيذية بحصة تقترب من الثلث وأن وزراءها عادوا قبل فترة قصيرة من حملة مقاطعة دون أن يحققوا أيا من أهدافهم المعلنة فكيف تستقيم هذه الدعوة إلى استقالة الحكومة من جهة مشاركة فيها بنسبة مهمة؟ يتساءل البعض.

#علاء_اللامي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات