|
المصلحة والايدولوجيا
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3648 - 2012 / 2 / 24 - 00:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حالة موائمة بين الرأسمالية بإبعادها وطموحاتها ، مع الحركات الدينية الإسلامية ، هي الظاهرة الأكثر حراكا ووضوحا هذه الأيام ، ضمن الاصطفاف الراهن على طريق ايجاد حالة عربية ،منبثقة عن الانتفاضات الجماهيرية العربية ، فالأولى صاحبة تجربة طويلة في التحالفات الموقتة والمرحلية ، والثانية صاحبة قدرة على التلائم ضمن مناهج التأويل والتمكين والتدرج. القوى الاستعمارية دائبت على الاستعانة بقوى داخلية على طريقة حصان طروادة وصولاً الى غاياتها ، سواء اثناء الحروب الاستعمارية المباشرة ، او ضمن أساليب الاستعمار الجديد ، ضمن الخطاب ألحديثي بشعارات الأسواق الحرة والمفتوحة ، وتبادل المعرفة ، وحرية الرأي وغيرها من الشعارات الجذابة ، وقد استخدمت الشريف حسين في احتلال الوطن العربي وتقسيمه مستفيدة من موقعه ( شريف مكة ) ثم انقلبت عليه حيث اقتضت مصالحها . والحركات الإسلامية تفاهمت مع الاستعمار طالما خدم الموقف مصالحها مستخدمة فتاوى ما انزل الله بها من سلطان ( الضرورات تبيح المحظورات ) من قيام باكستان وتجربة محمد علي جناح ، حتى حرب الخليج وتحالفات ( حفر الباطن ) مروراً بتجربة ( حسن البنا ) والقائمة طويلة ، والعبرة هي استغلال الفرصة المناسبة للصعود الى الحكم باي ثمن ( حسب فقه الضرورة ) ، دون احتساب إلى إن قيام حركة شعبية ترفض الاستبداد وتطالب بالحرية وإقامة دولة ديمقراطية ، تحتاج الى إسناد وليس اقتناص ، ودون إدراك الى عدم توقر اية إمكانية لقيام دولة دينية ، ولعل إخوان مصر متنبهين لذلك حيث أعلنوا انهم لن يرشحوا اي منهم لتولي منصب رئاسة الجمهورية ، دون ان يعني ذلك إلغاء او غياب طموحهم للمنصب لاحقا ، بعد ان تحقق لهم الوصول الكثيف إلى مجلس الأمة وبصحبتهم القوى السلفية الأكثر انغلاقاً ، وقد ظهر مدى إدراكهم للمرحلة ومحاولة اصطيادها من خلال مناوراتهم وحواراتهم مع الاميركان بل ومديح ( كلينتون ) لهم ، وهو ما يؤكد ان الطرفين يقدمان المصلحة على حساب الايدلودجيا ، مع احتفاظ كل منهم لمواقفه المبطنة لما بعد انجاز مهمة ضرب القوى الثورية بعد إنهاكها من خلال مناوراتهم العديدة ، وبعد إضعافهم من خلال الحكومات والأنظمة المدحورة على مدى سنين طوال، تلك الانظمة التي انتهت مهمتها وصلاحيتها بالنسبة لقوى الامبريالية التي تعاني من ازمة تعادل أزمتها في الثلاثينيات التي أنقذتها الحروب العالمية من تلك الأزمات المتكررة لنظامها الرأسمالي الاحتكاري ، وبحكمم ان طبيعة المتغيرات العالمية سواء بالسلاح او الاتصال والانفتاح ودور ومكانة قوى السلم والحرية في تلك الدول ، فهي تلجئ الى أساليب أكثر انحطاطاً بتفجير الحياة داخلياً للشعوب العربية والمستهدفة خاصة في الشرق الأوسط الذي تجهز له خطط معدة ومدروسة ، وتخدم خروجها من أزمتها ، وفي هذا هي تحتاج الى تحالف مع غطاء أيدلوجي وفرته لها القوى الاسلاموية ، بمختلف مسمياتها ، الى درجة ان أصبح الحضور العسكري للقوى الاستعمارية غاية ومطلباً ابتداء من خادم الحرمين الى إمارة قطر وغزة والقرضاوي والقائمة طويلة . لقد فجر شباب الأمة العربية ، وليس الأمة الإسلامية ، بركانا ثوريا ليس غايته إسقاط الأنظمة العملية والمستبدة فقط ، بل لإسقاط التحالف مع أميركا ومنظومتها العدوانية ، واقامة أنظمة ديمقراطية ،وكان هذا واضحاً من الشعارات والخطب وكان واضحاً من استنكاف الاسلامين عن الالتحاق الى ان تحققوا من أمرين ، هو ان أميركا لن تهاجمهم بل تحتاجهم لان الثورة تستهدفها ، والثاني لان هذه الجماهير الفقيرة والمقموعة والمثالية ، تنظر الى الدين ( كزفرة للمظلومين ) ناهيك عن ان كافة الانظمة ظلت لسنوات طوال توظف الدين عبر برامج إذاعية متلفزة ودعوية وتقيم المساجد الفخمة وتعظم وترهب من يناقش الدين حسب فقه ( من تمنطق تزدق ) ، مع هذه الجماهير التي لن تخرج عن الشعار الديني ، وهم الاسلاموين المنظمون إخوانا او سلفين يستفيدون من هذا المناخ لخدمة أهدافهم في إقامة الدولة الدينية على طريق الخلافة !! ، ولذلك فان فرصة نجاحهم في استغلال الثورة وحرف طريقها امر ميسر له . وهكذا تلاقت المصالح وغابت العقيدة ، بغض النظر عن ما يضمره كل طرف للاخر وبالتأكيد لن يكون لصالح الاسلامين في النهاية ، الا ان استخدام العقيدة لخدمة المصلحة آنيا او دائما هو افتراء على الأديان ، وانتهازية ، ونفاق ، ( ان الله لا يحب ان تقولوا ما لا تفعلون ) . واضح ان وضع الثروة تحت تصرف الاسلامين، اسهم في قدراتهم التي لم تكن متوفرة لسواهم ، وهذا الثروة هي التي انطلقت ثورة الشباب العربي داعيا للحفاظ عليها ووقف نهبها داخلياً وخارجياً ، ليكون ممكنا بها بناء أوطان توفر الخدمات الضرورية للشعوب العربية التي تستفحل فيها الامية ، وتتراجع فيها مستويات جامعاتها العلمية ومستوى التعليم والثقافة والصحة ، وستكون هذه الثروة ، وهي مطمع القوى الرأسمالية التي يستقوي فيها الاسلاموين بالرعاية الخليجية ، هي المستهدف لاستمرار بقاء الشعوب العربية متخلفة غير قادرة على استكمال مهام استقلالها الوطني ، او تحقيق وحدتها وعلى الاقل الاقتصادية ، ودعم فرص اوفر لإقامة دولة فلسطينية ، وحرية الأقليات فيها من كرد ودروز واماغزير ، والمساواة للمسيحين والشعية ، لينطلق الجميع نحو متسقبل سعيد وأوطان حرة .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مطلوب ثورة في الثورة
-
مهام الثورة المضادة
-
سوريا والطريق الصعب
-
العاصفة تقترب
-
استكشاف المفاوضات
-
اتفاق مصالحة ام مصلحة
-
نعم اسرائيل ايضا تتغير
-
سوريا يا ذات المجد
-
الحوار المتمدن متراس للديمقراطية
-
حول الوحدة الفلسطينية
-
عن الحاضر والمستقبل للراسمالية
-
الاسطورة الدينية والواقع التاريخي
-
الثورة العربية لماذا لا تنتصر !.؟
-
عن الثورات العربية والتحديات
-
لماذا يفوز الاسلاميون ؟!
-
حوادث لها مؤشرات
-
اجابات مختصرة لاسئلة معمقة
-
لا للفتنه نعم للوحدة الوطنية
-
مواقف شيوعية قلقة
-
خطبة اوباما
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|