أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل بشير الصاري - الأمة التي تكره نفسها














المزيد.....


الأمة التي تكره نفسها


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 3648 - 2012 / 2 / 24 - 00:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما الحجج التي احتج بها أهل مكة وغيرهم من العرب حين رفضوا الإسلام ؟
لقد ذكروا الحجج الآتية :
1 ـ إن ما جاء به محمد مخالف لدين آبائنا .
2 ـ إن الدين الجديد يسفَّه آلهتنا ، ويسخر منها .
3 ـ إن الدين الجديد ضد عاداتنا وتقاليدنا ، وما ورثناه عن جدودنا .
الآن .. عندما يأتي مفكر أو كاتب أو شيخ مجتهد برأي جديد ، قاصدا به إصلاح حال هذه الأمة المفتونة إلى حد الهوس بموروثها ، كيف وبماذا يرد عليه أغلب الناس عندنا ؟ .
الجواب : هو أننا نكرر نفس الحجج التي ساقها أهل مكة وعرب القرن السابع الميلادي ، فكلما حاول مصلح إقناع عامة الناس بأمر يراه مفيدا لهم قابلوه بالاستخفاف والرفض .
ففي المجال الاجتماعي ، كلما طالب مفكر بعدم جدوى التمسك بسلوك اجتماعي سيء ، نهض له الحمقى والغوغاء قائلين : نحن أمة نتمسك بتراثنا ، ولا نفرط فيه ، وأذكر في هذا المقام أن كاتبا انتقد حرص عموم اليمنيين على ارتداء الأزياء الشعبية ، وعدم إقبالهم على ارتداء الملابس العصرية ، كما انتقد خروجهم للشارع وهم يتمنطقون الخناجر، ويمضغون القات ، ثم يتفلونه على الأرض ، وهي مناظر لا شك مقرفة ومجافية لطبيعة التمدن والذوق العام ، لكن ذاك الكاتب قوبل بهجوم لاذع ، ورد عليه أحدهم : لماذا تريد أن تمسخ شخصيتنا وتحولنا إلى خواجات ؟ .
وقد طالب منذ زمن بعض المفكرين السعوديين بالسماح للمرأة بقيادة السيارة ، فقوبل طلبهم من قبل العوام ورجال الدين بالرفض ، بحجة أن هذا الأمر مخالف للعرف الاجتماعي ويهيئ للمرأة سبل الفساد والانحراف .
وفي المجال السياسي ، كلما طُرح رأي وجيه أو انتُقد وضع سياسي معين واجهه المهرجون بتهم العمالة والتآمر والخيانة ، وهو ما حدث حين أيَّد بعض الكتَّاب والشيوخ الاستعانة بالغرب في موقفين : تحرير الكويت ، وحماية المدنيين في ليبيا من جنون القذافي .
وفي المجال الديني ، كلما أعلن أحد المفكرين رأيا في الدين كُفَّر على الفور، ونُعت بأقبح النعوت والأوصاف ، وتاريخ العرب القديم والحديث حافل بأمثلة كثيرة ، ولكن يكفي أن نذكِّر بما حدث للدكتور طه حسين والشيخ علي عبد الرازق والدكتور صادق العظم والدكتور نصر أبو زيد والدكتور سيد القمني.
بل كلما اجتهد شيخ في قراءة نص ديني قراءة معاصرة ، أوتقدم بفتوى مخالفة لفتاوى القدماء صرخ في وجهه الجهلة وعبدة النصوص قائلين : يا شيخ هذا مخالف لديننا ، والأمثلة لا حصر لها في هذا المجال ، لعل أبرزها وأكثرها تأثيرا الفتوى التي أباحت فوائد البنوك وسفر المرأة دون محرم .
وهكذا تضيع جهود المصلحين منا ، وتذهب أدراج الرياح دون أن نستفيد منها ، وهكذا نحن ـ في الغالب ـ نستنسخ دون وعي منا أخطاء من سبقونا .
نحن لا نفكر ولا نسأل هل ما أتى به هذا المفكر أو ذاك الشيخ مفيد لنا ؟
إن الغالبية الساحقة منا إذا ما استمعت إلى رأي جديد تسأل سؤالا واحدا لا غير : هل الرأي الجديد لا يخالف أصلا من أصول ديننا أو موروثاتنا ؟ .
إن من أكثر الأشياء التي يحار في فهمها الإنسان الواعي أن يجد غيره يتساءل ببلاهة منقطعة النظير : لماذا نغير ما ألفناه واعتدنا عليه من الموروث الاجتماعي والسياسي والديني ؟ ولا يخطر في باله أن يسأل : هل لا زالت بعض تلك الموروثات صالحة لنا في هذا العصر ؟ ، أو أن يسأل نفسه : هل بقي شعب من شعوب العالم على نفس مورثاته ؟ .
إننا بهذا المنطق المتعجرف نكره أنفسنا، ولا نرجو لها صلاحا ، فلماذا إذاً نثور غضبا عندما يصفنا الآخرون بأننا أمة متخلفة ، تحارب كل جديد دون وعي أو تمييز .
إلامَ تظل سائدة فينا عقلية الأعرابي الكاره للمدنية والحضارة والتطور ، والمفتون بخيمته وسيفه وفرسه والمتوسد لبعر الآرام ؟
ما هذه الأمة التي تكره نفسها وتستعصي على الإصلاح .؟
ما هذه الأمة التي يرتفع فيها صوت الغوغاء والرعاع والجهلة على العلماء والمفكرين والمبدعين ورجال الإصلاح ؟ .
أي أمة هذه التي أكثر من ثلاثة أرباع المنتسبين إليها ينتفضون هلعا ورعبا من ذكر الحرية والديمقراطية والعلمانية ، وتعدها أعمالا شيطانية ؟ .



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطر الإدمان على تعاطي المخدِّرات الأدبية والفنية
- اللغة العربية كما تُدرَّس في الجامعات الليبية
- اللغة العربية كما درسْتُها في الجامعة
- عيدٌ .. ولكنْ لا أقولُ سعيدُ
- أما آن لهؤلاء الأيتام أن يعتذروا ؟
- أمنيات عربي أهبل
- لبنان .. دولة أم منتجع سياحي ؟
- أدونيس .. الشاعر الجائع
- نساء الصعيد وهوانم Garden city
- لو كان الإسلام رجلا لقتلته
- وصية ابن الراوندي
- انتظروا الزحف المليوني نحو القدس
- إشكالية وصول الكلام إلى المتلقي
- عذراً .. لا تعجبني هذه الأسماء
- فاكهة صغار الملحدين
- مراتب المؤمنين بالله
- نبي المسلمين بين محبيه وشاتميه
- بين يدي إبليس
- القذافي .. ضحية التهريج الإعلامي
- ترانيم قداس عام جديد


المزيد.....




- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عادل بشير الصاري - الأمة التي تكره نفسها