أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - أحذية فان خوخ أو جثث تمشي على رؤوسها














المزيد.....

أحذية فان خوخ أو جثث تمشي على رؤوسها


نزيه كوثراني

الحوار المتمدن-العدد: 3647 - 2012 / 2 / 23 - 19:38
المحور: الادب والفن
    


فوجئت عندما طلب مني احد المواقع أن أرفق مقالي بصورة لي . عندها نظرت بشكل عفوي وتلقائي إلى قدمي وفكرت أن اخذ لهما صورة لكن تراجعت عن الفكرة وذلك إبعادا لأي تأويل سيئ قد يفسر صورتي بأنها مسخرة وقلة حياء وأثناء ذلك قفزت إلى ذهني أحذية فان خوخ التي ربما لم تكن سوى صورة حقيقية لي وللآخرين مثلي ...
كيف لجثة صعلوك مثلي ألا تستغرب من وضع رأس في صورة لي لا أعرفه ولا دخل لي بصاحبه الوقور الورع أو المنحل الزنديق أو هما معا في جبة واحدة وهي ليست غريبة عن جثث شرق المتوسط كيف ما كانت ملتها أو دينها . صورة هاربة في مستنقع الأحداث التافهة وكأنني كنت أطارد السراب .كما لو كنت منذورا لحالة طوارئ قصوى كلما أدركت صورتي إلا وفرت مني في نوع من وهم تملك الرغبة المنكسرة في دوائر الماضي الملولب بالنقص والسلب وأنا عار من جسدي ومطالبه الجنونية المكتملة الحضور عبر بناءات متدرجة و تنسيقات جمعية متعددة الاختلاف إلى حد التخمة . وكيف لي بصورة لرأس لا أملكه وأنا مجرد قدمان مشدودتان إلى وحل الطين كدابة آثرت السلامة خوفا من رأس الأب..الفقيه والقس ..الأستاذ والمسؤول ..والرئيس .
أنت يا صديقي تنصب الفخاخ في وجهي وتطلب مني أن أصرح بمحض إرادتي أنني من دعاة الشرك وتعدد الرؤوس وما يترتب عن ذلك من النبذ والوصم بالزندقة والكفر وقطع الجثة المسكونة برجس فتنة مزاحمة رأسنا المبجل الواحد الأحد الذي تنازل بتواضع ناذر وكبير ونصب نفسه داخل صورة مفعمة بفرح السيادة والعظمة. يطل من شرفة الأعلى حيث هو في الساحات وفي البنايات العالية وعلى أعمدة الكهرباء وداخل الإدارات وفي قاعات المؤتمرات والفنادق والحانات وفي الفصول الدراسية... تتمدد رقبة أقدامنا بصعوبة وهي ترفع أهداب عيونها لعل الرؤية تتسع لمحاجر عيون في رؤوس أقدامنا .. نتملى طلعته البهيجة وهو يبتسم ليدخل الفرح إلى قلوبنا ..ما أجمل هذا الرأس ..ما هذا السخاء الرئاسي وكيف لي بنكران الجميل والجحود بنعمه حتى أحلم بصورة أو بالأحرى برأس لي في صورة.
جرت العادة أن تؤخذ لي صور في مسار العمر المغتصب والمسروق مني أمام عيون أقدام جثتي وهي تنظر ولا ترى وأنا لا أملك إلا الجري اللاهث وفق ما يقرره السراق من إيقاع لعذابي اليومي ..وبسبب هذا الاغتصاب لأجمل ما في الإنسان= العمر ..انتفضت ضد نفسي وضد لغة مقرفة عاهرة إلى ابعد الحدود يسكنها القحب والغنج والغثيان والبذاءة المقززة للنفس والأحاسيس . صرت أكره معاني كلمات بعينها كالنظام والهندام والصبر و لقمة العيش و المستقبل المحدود في العمل وتكوين وكر الدعارة الزوجية ...
وفي سياق البحث عن رأس جثتي المفقود والمحتل قرونا وقرونا استنفرت جميع قدراتي وحواسي وأنا على استعداد للحرب بكل أساليب المكر ولو وحدي لاسترد ذاتي و أطرد المستوطن لصورتي لأنعم بالحركة في داخلي دون أن يزجرني رقيب داخلي تقيأته بعد اجتياف طويل سكن بين القلب ونبضه بكاميراته التي تعد أنفاسي وتحصي خطواتي وتستفزني عند كل منعطف من حياتي بتجديد ملء استمارة معلوماتي الشخصية كسحب اعتراف بطريقة التعذيب المرن فيما يشبه حرية الاختيار لنعمة ديمقراطية الاستبداد القهري المستحدث ..هل كان ضروريا علي ألا أكتفي بمعرفتي و أدفع من لحمي الحي لأفك لغز أحذية فان خوخ الذي كان يرسم رؤوس أقدام بشرية منزوعة عن جثث غيبها رأس الرئيس...
ألم يكن هيدجر صادقا عندما عرف الفلاحة من أقدامها / وجهها حيث تكثف الحضور القوي لنسيان الكينونة



#نزيه_كوثراني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمشق تصر على العصيان حتى الرحيل
- واخيرا ..دمشق بسعة الحلم
- الذاكرة مرة اخرى
- هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي ج3
- جدل الانفصال والاتصال
- حرفة عاشق
- هوامش على ..ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي
- طفولة في.. ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي
- تونس لم تعد في تونس...
- ابن رشد ومشكلة النسبية
- الموت يحتضر...الجزء الاول
- عندما يضحك الوطن...
- تونس تمهل..ولاتهمل
- الاحذية
- الحفاة والكنغر
- يوميات عاشق =1) الامل الشاق
- لعبة الاواني
- اسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني 2
- اغتيال
- اسئلة التمدن في السؤال الفلسطيني


المزيد.....




- جمعة اللامي يرحل بعد مسيرة حافلة بالأدب ومشاكسة الحياة
- رجل نوبل المسكون بهوس -الآلة العالِمة-: هل نحن مستعدون لذكاء ...
- لماذا لا يُحتفل بعيد الفصح إلا يوم الأحد؟
- -ألكسو-تكرم رموز الثقافة العربية لسنة 2025على هامش معرض الرب ...
- مترجمة ميلوني تعتذر عن -موقف محرج- داخل البيت الأبيض
- مازال الفيلم في نجاح مستمر .. إيرادات صادمة لفيلم سامح حسين ...
- نورا.. فنانة توثق المحن وتلهم الأمل والصمود للفلسطينيين
- فيليبي فرانسيسكو.. برازيلي سحرته اللغة العربية فأصبح أستاذا ...
- بمَ تسمي الدول نفسها؟ قصص وحكايات وراء أسماء البلدان بلغاتها ...
- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزيه كوثراني - أحذية فان خوخ أو جثث تمشي على رؤوسها