|
العولمة وآثارها السلبية على الطبقة العاملة والحريات النقابية
عبد الحميد ملكاني
الحوار المتمدن-العدد: 1075 - 2005 / 1 / 11 - 09:47
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
نتيجة المتغيرات الاقليمية والدولية والتحولات الاقتصادية ظهر نظام عالمي جديد أطلق عليه ما سمي بالعولمة، والمقصود به كمصطلح دخول العالم عصر اللاحدود أي عصر العالمية بمضامينها وأبعادها التجارية والصناعية والمالية والاقتصادية والثقافية والسياسية… والتي لا تأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول النامية إلا بقدر ما تسهم في خدمة هذه المصالح وتعزز احتياجاتها ومؤسساتها التجارية والمالية بالرغم من أنها تعاني خللاً اقتصادياً وغير مؤهلة للمنافسة الدولية ، وفي ظل العولمة نتجت تحديات يمكن إيجازها بثورة المعلوماتية وثورة الاتصالات والانخراط في الأسواق الدولية وزيادة حرية انتقال رأس المال والتطورات العلمية والتكنولوجية والثورة التقنية وظهور برامج التثبيت والتكييف الهيكلي بما يسمى بالإصلاح الاقتصادي ورفع شعار تطبيق الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وظهور المشروعات والمخططات الاقليمية الجديدة واتساع البطالة وازدياد مديونية البلدان النامية. مما أدى إلى التأكيد على تحرير التجارة وزيادة التصدير وتطور عمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من موقف دفاعي إلى موقف هجومي بعد تفكك المعسكر الاشتراكي وازدياد مديونية البلدان النامية واعتماد رأس المال والتوجه الاقتصادي محوراً للنمو وزيادة فعالية الشركات المتعددة الجنسية وهيمنتها والتركيز على برامج الاصلاح الاقتصادي والتكييف الهيكلي والتحول من القطاع العام إلى القطاع الخاص بما يسمى بالخصخصة أو التخصيص والسعي إلى سلخ الدور الاقتصادي عن الدولة والإبقاء على وظيفتها السياسية التقليدية . كما أنه نتج عن العولمة آثار اجتماعية سلبية يأتي على رأسها التضحية بالعدالة الاجتماعية وتغليب مقتضيات النمو الاقتصادي على حساب المكتسبات الاجتماعية للفئات الشعبية الأكثر انتشاراً والأشد فقراً وحرماناً بتقليص الخدمات الاجتماعية وإهمال رعاية القوى العاملة والتساهل في مسائل تدهور البيئة وإغفال مفاهيم التنمية المستدامة … والضغط على قطاع العمل والعمال وعلى الحركة النقابية والحرية النقابية والمفاوضة الجماعية وعلى التعليم والتدريب ومستويات العمل والتشغيل والإنتاج والإنتاجية والهجرة والتنقل والحماية الاجتماعية . كما تجلت على أهم التزام للطبقة العاملة والحركة النقابية ألا وهو موضوع الحقوق والحريات النقابية كمقدمة للانقضاض على المزايا والمكتسبات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى للعمال ، الأمر الذي يتطلب تعزيز دور النقابات لتكون قادرة على المساهمة بحماية مكتسباتها وتطويرها نحو الأفضل من خلال الضغط على الحكومات وأصحاب الأعمال لاحترام الحقوق والحريات النقابية والالتزام بالمواثيق واتفاقيات العمل العربية والدولية والتشريعات الوطنية والتي يأتي على رأسها الاتفاقية الصادرة عن منظمة العمل الدولية رقم / 87 / لعام 1948 والاتفاقية رقم / 8 / لعام 1977 الصادرة عن منظمة العمل العربية. ومن خلال الحوار الديمقراطي مع كافة القوى الاجتماعية والسياسية في المجتمع للوصول إلى مزيد من الحقوق والخدمات وهو أمر ضروري لمواجهة شرور المتغيرات والعولمة التي تستهدف المجتمعات في الدول النامية ومن خلال وضع خطة عمل للدفاع عن حقوق العمال وتطوير الخدمات الاجتماعية ورفع مستواها الاقتصادي. مما تقدم يتبين لنا عِظَم الواجبات الملقاة على عاتق التنظيمات النقابية التي تعتبر طليعة الطبقة العاملة والتي تقف في وجه كل محاولة للإنقاص من حقوقها أو الانقضاض على حريتها ولاسيما الحقوق والحريات النقابية، الأمر الذي يتطلب من النقابات العمالية أن تواصل نضالها وتطوّر أداءها وتعمل على توفير المقومات الأساسية لأداء مهماتها بما يساعد على تعزيز دورها في مواجهة التحديات الجديدة المتمثلة بهجمة النظام العالمي الجديد، بأهدافه وأدواته ووسائله، على حقوق الطبقة العاملة وميزاتها وضغط الحكومات والتدخل في شؤونها والمس باستقلالية قرارها. كما يتطلب من النقابات العمالية لمواجهة المتغيرات مباشرة مسؤوليات إضافية وأن تطوّر دورها ونشاطاتها وفعالياتها وأن تبذل مزيداً من الجهود لتعميق وتشجيع وتعزيز علاقات العمل فيما يتعلق بالأجور وبشروط وبظروف العمل ومعايير العمل والأداء، وأن تتعاون مع منظمات أصحاب العمل وأن تشارك الحكومة في الحوار الاجتماعي والمفاوضات الجماعية لاستيعاب التطورات الاقتصادية والآثار الاجتماعية التي طرأت على الاقتصاد العالمي والاقتصاد العربي. وأخيراً أجد نفسي مضطراً للتأكيد على مقولة تخص الأمة العربية بحكم انتسابي وتحيزي لها وهو أمر لا أملكه فأقول " إن هذا الزمن الصعب وهذا النظام العالمي السائد يفرض نفسه على الأمة كلها ولا يرحم أحداً لذلك لا بديل لهذه الأمة عن تضامنها وكل طريق سواها هي طريق مسدودة ومهانة وإلا فإن المواطن العربي من حقه أن يعبر عن غضبه وسخطه يصبه هنا وهناك، وفي بعض الأحيان في غير موضعه، أو أنه يصاب بالخيبة والإحباط والانكسار ".
#عبد_الحميد_ملكاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور العمل اللائق في التنمية ودعم المرأة
-
العرب على مفترق طرق خطير
-
التعددية الاقتصادية وسيلة هامة لتحقيق التنمية في الدول النام
...
-
مفهوم الديمقراطية من منظور حزب النهضة الوطني الديمقراطي السو
...
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|