أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس مصطفى لغتيري














المزيد.....

شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس مصطفى لغتيري


مصطفى لغتيري

الحوار المتمدن-العدد: 3646 - 2012 / 2 / 22 - 09:27
المحور: الادب والفن
    



الكتابة حرفة نتقنها بالإصرار و المثابرة ، و لا يتأتى هذا الإتقان سلسا منقادا إلا للغاوين المكتوين بلوعة الحرف ، أولئك الذين أبدا لا يكتفون باندلاق الكلمات عفو الخاطر ، بل يسعون جاهدين إلى نحت العبارة تلو العبارة بإزميل الخلق الإبداعي الأثير ، فتخرج النصوص من بين أيديهم كقطعة فنية ، تمتع البصر ، و تبهج النفس ، و تثير الذهن و الوجدان.
مناسبة هذه الديباجة التقديمية اطلاعي على الديوان الجديد للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس "طيف نبي " الصادر حديثا عن دار الغاوون ، و الذي اشعرني بأن الشاعرة حققت طفرة نوعية في مسارها الشعري ، شكلا و مضمونا ، خاصة و أنني اطلعت سالفا على ديوانيها السابقين و كانت لي وقفة تأملية مع كل منهما على حدة.
و إن كنت في هذه القراءة المتواضعة للديوان سأتوقف عند ثيمة من ثيمات القصائد التي استوقفتني كثيرا ، فلابد من الإشارة قبل ذلك إلى أن هذا التحول الشعري لدى فاطمة الزهراء بنيس قد طال الشكل كذلك ، فاعتمادها على الشذرة الشعرية أتاح لها التحكم أكثر في فن القول الجميل ، إذ يلمس المتلقي ذلك الانشغال الكبير و الموفق ببناء النص ، بحيث جاءت المقاطع الشعرية دالة بذاتها و في علاقتها بباقي المقاطع ، و قد تستحق مستقبلا وقفة متأنية تتلمس تكنيك الكتابة لدى الشاعرة.
أما على مستوى المضامين ، غاية هذا المقال، فقد أعلنت الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس بجلاء عما لامسته باستحياء في ديوانيها السابقين ، و أقصد تحديدا الملمح الصوفي في الكتابة الشعرية ، و لعل هذا الانطباع يفرض نفسه على القارئ انطلاقا من عنوان الديوان " طيف نبي" ، فهذا العنوان غني بالدلالات العميقة الضاربة بجذورها في تربة المتخيل الصوفي ، فمن يا ترى يكون طيف نبي غير أولئك الشيوخ المتولهين بالعشق في أسمى معانيه ، إنهم دراويش العشق و سادة المعاني الكامنة في الصدور ، و التي تتخذ العشق و الحلول سبيلا إلى المعرفة و الذوبان في الذات الإلهية ، حتى يصبح العاشق و المعشوق ذاتا واحدة لا تنفصل عراها ،و لا تتباعد مكوناتها و أطرافها إلا لتنسحق في بعضها البعض ، و قد صدق الحلاج حينما قال " ما في الجبة إلا هو".
هذا الحضور الصوفي يبدو طاغيا على قصائد الديوان ، يتخللها ببهاء ، مما يعني أن الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس عمدت إلى ذلك عمدا ، لا يخفى و لا يستكين ، تقول الشاعرة في الصفحة 7
أي انتشاء
نذرتني
يا جنوح الروح
ها هي الروح و ليس الجسد نبراس للقول الشعري و بوصلته ، التي لاتخطئ طريق من اتخذها دليله ، ليهيم في ملكوت الشعر ، و يتفيأ تحت ظلال المعاني المتولدة من عمق العبارة ، و يحلق عاليا في سماء العشق الصوفي ، تقول الشاعرة في الصفحة 10
فقط
من بلاغة التحليق
أسكر
أي سكر هذا ، إن لم يكن انتشاء بالعبارة الشعرية الرقيقة ، و الرصينة ، الوالغة في عمقها الدلالي ، لتشكل بها الشاعرة أثرا فنيا بديعا؟ ، ، تقول الشاعرة في الصفحة 11
بثمالة جائعة
أنحت بقاياي
لوحة
تشطح معانيها.
و لا تني الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس تذكرنا بعمق شعرها الصوفي ، من خلال استثمارها لمعجم دلالي يتمثل هذا البعد و ينسحق فيه ، محيلة بذلك على أسلافها المتصوفة كالحلاج المصلوب ، فتقول في الصفحة 12
مصلوبة في جناني
بلا خطو أسير
خاشعة
حيال رؤياي.
و إذا كان الصوفية قد راهنوا على المعرفة الوجدانية ، فإن الحدس كان أهم طرقهم لاكتناه هذه المعرفة ، فبالحدس تبطل باقي السبل ، لأن هذه الأخيرة ، أقصد المعرفة الصوفية، نور رباني يجود به المعشوق لمن يستحقه من عشاقه المخلصين ، تقول الشاعرة في الصفحة 29
ليس الحدس
طيش الشغاف
و اجتذاب الحواس
نحو اللامرئي.
و إذا كان الحلاج قد أعلنها صرخة صادحة ، فاتنة و قوية ، لا تخطئ شغاف القلب ، حين قال "ليس في الجبة إلا هو" ، فإن شاعرتنا تعلن بما تمتلكه من حساسية شعرية مفرطة و شفافة، قائلة في الصفحة 39
ها أنا
غير أناي
أي سواي
صرته؟
و مما يثير القارئ لدى شيوخ التصوف انسحاقهم في الرموز ، إذ يصبح كل شيء لديهم دالا على العشق المتسامي ، و لم تسلم من ذلك حتى حروف الأبجدية ، و سيرا على ديدنهم ، تخوض الشاعرة فاطمة الزهراء بنيس نفس التجربة ، فتقول في الصفحة 45
داخت حناياي
بذكر الألف
والباء
أبدعت اجتراري.
هل يكفي هذا ؟ أبدا ، فشاعرتنا مصرة على عشقها للحرف النوراني حد الغواية ، تقول في الصفحة 52
أرتل غوايتي
آية ..آية
أم تروني في كل حرف أهيم.
هذا التماهي مع أجواء الصوفية لا يبلغ أعلى مراقيه إلا بإعلان الشاعرة اندماجها حد الانسحاق في هذا العالم السادر في فتنته ، تقول في الصفحة 63
إني أندثر بخفق
سرمدي
تنحته أنخاب العمى
في ملكوت الوجد.
ربما يكفي ما تقدم في هذا المقال لإعطاء صورة تقريبية عن الأجواء التي يسبح في خضمها ديوان "طيف نبي "للشاعرة فاطمة الزهراء بنيس ، هذه الشاعرة التي استطاعت أن تتفوق على نفسها شكلا و مضمونا ، لتكرس نفسها كشاعرة تتجاوز أفقها المغربي لتكتسح باستحقاق آفاقا أوسع و أرحب



#مصطفى_لغتيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل الأول من رواية -ابن السماء- لمصطفى لغتيري.
- حماقات السلمون أو حينما يعانق الشعر ابتهاجه
- بلاغة الصورة الشعرية في عتبات العناوين عند الشاعرة رشيدة بوز ...
- وحي ذاكرة الليل إصدار جدد للأديبة العراقية رحاب حسين الصائغ. ...
- متعة أدب الرحلة في -من القلعة إلى جنوة- للكاتب المغربي شكيب ...
- إصدار جديد للشاعرة رشيدة بوزفور ..تقديم مصطفى لغتيري
- القصيدة العربية بين البعد الشفوي و الكتابي
- شهادة مصطفى لغتيري ضمن ملف الرواية المغربية في مجلة سيسرا ال ...
- المبدعون المغاربة والنقد... أية علاقة؟
- مرور عشر سنوات على صدور مجموعتي القصصية الأولى -هواجس امرأة-
- حب و برتقال ..مقاطع من رواية جديدة كتبتها ولم يحن أوان نشرها ...
- الدكتورة سعاد مسكين تحفر عميقا في متخيل القصة المغربية القصي ...
- **هواجس و تساؤلات حول الكتابة القصصية في المغرب
- المحاكاة الساخرة في القصة القصيرة جدا عند أحمد جاسم الحسين
- لغتيري يوقع رواياته في معرض الكتاب بالدارالبيضاء
- مغرب جديد يصنعه شباب 20 فبراير
- لماذا يجب النزول إلى الشارع يوم 20 مارس للتظاهر؟
- أيام معتمة- للكاتبة المغربية البتول محجوب أو عندما تشع الكتا ...
- لماذا سأنزل غدا إلى الشارع من أجل التظاهر؟
- رواية -الحافيات- للأديبة دينا سليم أو عندما تتخذ المرأة من ج ...


المزيد.....




- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لغتيري - شطحات صوفية في -طيف نبي- للشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس مصطفى لغتيري