أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - الابعاد الاول عن الوطن














المزيد.....

الابعاد الاول عن الوطن


سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 3643 - 2012 / 2 / 19 - 14:20
المحور: سيرة ذاتية
    


الابعاد الاول عن الوطن
درءا لاعتقالي تقرر تسفيري الى موسكو للدراسة وتم الحصول على قبولي في جامعة الصداقة بين الشعوب. وجهزني الرفاق بكل ما احتاج واهداني زكي خيري قلم باركر لا زلت احتفظ به وحقيبة انيقة احتفظت بها حتى اخر ابعاد عن الوطن عام 1979. واستعددت للسفر فانا احن دائما للدراسة . ولاسيما في موسكو. وفي يوم 22/اب/1961, ودعني زكي خيري والرفاق ومن بينهم الشهيد حسن عوينة . وبدأ طريق السفر من بغداد الى البصرة , مرورا بمدينة العمارة , المدينة الاحب الى قلبي , التي احتضنت طفولتي وصباي واحلى ذكرياتي . دون ان يراودني اي شعور بالقلق او الخوف من الاعتقال, وكنت اصارع النعاس حتى بلغناها فجرا, لكي ارى مدرستي الابتدائية وهي على الطريق , والجسر الخشبي الجميل الذي كنا نعبره يوميا ونتمتع بتحريك قسم منه لكي تمر السفن الشراعية والمراكب. ولم اكن اعلم بان مجلس الاعمار قد استبدله بجسر حجري ثابت. وعلى الرغم من خيبة الامل في عدم التعرف على معالم المدينة , فقد بدت في ذلك الصباح رائعة بخضرتها وبمياه دجلة وفروعه التي تحيطها. وتمتعت بالطريق الى البصرة حيث يمر معظمه بين صفين من النخيل المحملة بانواع التمور .
وبقيت في مدينة البصرة يومين لاستكمال عملية التهريب, الى ايران. دون ان يسمح لي بالخروج من البيت. واخيرا اوصلونا الى سفينة وكنا ثلاثة لتعبر بنا شط العرب الى المحمرة باعتبارنا زوار ضريح الرضى عليه السلام, في ايران. ولكن المهرب شك بارا خاجادور قائلا , هذا اثوري , انظروا الى جمجمته المسطحة من الخلف. ولا استطيع نقله . ولم يشك بي لاني كنت البس العباءة ولا بالرفيق الاخر المسيحي الذي كان محكوما بالاعدام غيابيا بسبب احداث الموصل . ولكنه رضخ للامر بعد ان ضاعف مرافقنا اجرة العبور . لم اعبأ بما يدور حولي , فقد سحرني شط العرب بعنفوانه وسعته فهو اضعاف عرض نهر دجلة . وبقيت طول الطريق مبهورة بجماله حتى انزلونا بالمحمرة وكان علينا ان نقطع الطريق الطويل بين اشجار النخيل سيرا على الاقدام. وبتنا ليلتنا في بيت احد اعضاء حزب تودا الايراني. وفي اليوم التالي ركبنا القطار الى طهران. وفي طهران نزلنا في فندق. وكان علينا ان نقطع بطاقة سفر بالطائرة الى فينا وهو امر خطر جدا فاجهزة المخابرات الايرانية على علاقة وثيقة باجهزة الامن العراقية . وكنت قد اخبرت الحزب بان امي حدثتني عندما كنت في السجن عن خالي الكبير رحمين شينا بانه لم يحتمل البقاء في اسرائيل , فهاجر الى ايران . ويعمل مديرا لفرع شركة اير فرانس للطيران في طهران. وسألتهم , هل يمكن الاستعانة به, اذا ما تمكنا من الوصول اليه!! رحبوا بالفكرة. وفي اليوم الاول من وصولنا الى طهران استأجرت سيارة وكان معي الرفيق الاخر في حين رفض أرا الخروج من الفندق خوفا من ان يتعرف عليه احد. وطلبنا من السائق ايصالنا الى شركة اير فرانس. وهناك سألت عن خالي فدلوني عليه دون اية صعوبة. كان اللقاء عجيبا غريبا . اذ لم يتوقع خالي ان يراني حتى في الاحلام بعد اكثر من اربعة عشر عاما . فقد كان اخر لقاء بيننا صيف عام 1947, حيث قضيت العطلة الصيفية عنده في البصرة . وتساءل بالم , معقول انك تغيرت الى هذا الحد!! وبعد تبادل الاحاديث عما جرى للعائلة ولي, قدمت له طلبي بمساعدتنا على الحصول على بطاقة السفر الى فينا لثلاث اشخاص على ان لا تمر الطائرة باسرائيل. وتصريح بالخروج دون المرور بمراكز الامن.. قال هذا صعب جدا ولكن ساجازف!! ولازلت اقدر له ذلك الموقف الذي كان يمكن ان يكلفه الكثير, وربما حياته.
ودعانا الى بيته وامضينا ليلة جميلة مع العائلة واخذنا بجولة رائعة في مصايف شمران حيث قصر الشاه الصيفي. وكان ابنه فؤاد الذي غادر اسرائيل ايضا يعمل في كندا , وهو اصغر مني بسبع سنوات ومع ذلك طلب مني الزواج. اعتبرتها نكتة وذكرته بالكثير من مشاهد طفولته التي تنم عن ذكاء وجرأة فضحكنا كثيرا وانا اذكر العائلة باشياء جميلة نسوها تماما . وفي اليوم التالي قدم خالي لي ثلاث بطاقات سفر الى فينا مجانا واعطاني ستمائة دولار وكمية كبيرة من التومانات . وزعت النقود بالتساوي علينا نحن الثلاثة واستأثر ارا بكل التومانات . وسافرنا بسلام الى فينا . ونزلنا احد الفنادق واتصلنا بالسفارة السوفيتية على اننا شيوعيون عراقيون في طريقنا الى موسكو, وعليهم التكفل بكل ما يلزم . كان الجواب لم نستلم علما بذلك بعد. فعدنا الى الفندق.
لاشك ان فينا مدينة جميلة حسب ما نقرأ او حسب اغنية ليالي الانس في فينا لاسمهان, ومعنا نقود فلماذا لا نتمتع!! ولكن ارا تركنا منذ اليوم الاول فلم يعد بحاجة الينا ولم يحاول مساعدتنا رغم وعده لنا. والرفيق الاخر كان عاشقا ومحبوبته بقيت في العراق ولا يريد ان يتمتع بدونها باي شئ , فجرموني من مشاهدة فينا. وبعد يومين ونحن نتناول الطعام في المطعم قال الرفيق, لقد شاهدني رجل امن عراقي, واصبحت في خطر فانا محكوم بالاعدام!!
فذهبنا الى السفارة السوفيتية واخبرتهم بما حدث, وقرروا نقلنا الى مكان منعزل.. واستمر نفينا حتى بالنمسا خمسة عشر يوما, في احد القصور التي كانت تشغلها قيادة القوات السوفيتية المرابطة بالنمسا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتقرر سحبها أنذاك . فكان القصر رغم فخامته مهجورا. كنت اتجول في حدائقه وناكل من ثمارها كما امدونا ببعض المواد الغذائية وكاننا سجناء .
واخيرا افرج عنا ووصلنا الى موسكو وكان في استقبالنا شخصان اخذ احدهم الرفيق ولم اره حتى الان ولكن سمعت انه تزوج بروسية بعد فترة وجيزة , ونسي خطيبته العراقية التي حرمني بسببها من التمتع بفينا.. واوصلني الاخر الى جامعة الصداقة في يوم 10/ايلول/1961



#سعاد_خيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاختفاء في زمن الحرية
- الحياة الجديدة حياة الحرية
- الفصل الرابع ثورة 14/تموز/1958 ابهج احداث حياتي
- حواري الداخلي
- من افضع جرائم النظام الملكي المجازر ضد السجناء السياسيين
- انهيت عقوبة الابعاد الى سجن البصرة بثلاث شهور
- تعاون الحكم الملكي مع امريكا لمد اسرائيل بيهود العراق وحرمان ...
- تنظيم حياتنا السجنية
- الفصل الثالث عشر سنوات السجن في سجن بغداد المركزي
- الفصل الثالث عشرسنوات في سجن النساء المركزي في بغداد
- 4- الاعتقال والحكم المؤبد
- مساهمتي في وثبة كانون / 1948
- الفصل الثاني الانعطاف الحاسم
- 2- بوادر الوعي الوطني
- الفصل الاول من رحلة حياة البدايات
- البشرية تغذ السير نحو تحررها رغم المصاعب والتضحيات
- رحلة حياة امرأة عراقية عبر اخطر مراحل تطور شعبها والبشرية
- تجتاز البشرية مرحلة المطالبة بالحرية الى مرحلة صنعها
- البشرية تغذ السير نحو تحررها رغم المصاعب والتصحيات
- يحق للفلسطينين التمتع باول منجوات عصر التحرر لانهم اغنوا تار ...


المزيد.....




- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
- فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
- لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط ...
- عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم ...
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ ...
- اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا ...
- العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال ...
- سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص ...
- شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك ...
- خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - سعاد خيري - الابعاد الاول عن الوطن