قصي حسن
الحوار المتمدن-العدد: 3643 - 2012 / 2 / 19 - 10:07
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
رمتني بدائها و انسلت
نظرة نقدية لقراءة الدكتور عبد الرزاق عيد لخطاب الديكتاتور الاسد
يطل علينا الدكتور عيد في مقاله هذا بأنه لا يمكن قراءة خطاب الديكتاتور قراءة سياسية و يزمع هو أن يقرأ علينا هذا الخطاب قراءة نفسية قائلا":
لا يمكن قراءة خطاب الشاب الوريث قراءة سياسية، لأنه أظهر عبر سلسلة من ردود أفعاله السياسية على أنه (قاصر)، منذ مدد لاميل لحود رغما عن إرادة اللبنانيين، ومن ثم وضع نفسه في موقع الشبهة الجنائية باغتيال الرئيس الحريري، مما سرّع لخروج جيشه مهرولا من لبنان ومما سيسّرعه للخروج من سوريا قريبا، وعلى هذا لا بد من قراءته قراءة عيادية نفسية !!!
الشيزوفرينيا –كما هو معروف – هو مرض نفسي يسمى بالعربية بالفصام ، وجوهر هذا المرض "هو انعدام الإحساس بالواقع والانفصال عنه "، وتلوين هذا الواقع بألوان الرغبات الذاتية التي تحل (الهناك محل الهنا)، أي تحل رغبات (الأنا) الرخوة والهشة محل الواقع الصلب في معطياته ومقوماته ، حيث كان الشاب الوريث القاصر بأشد لحظت (انفصاميته ) عندما وجد في تطلعات شعبه السوري إلى الحرية ،وجوعه للكرامة والعدالة مؤامرة كبرى ،وعليه فإن شهداء الشعب السوري ليسوا سوى أداة للتآمر استحقوا عليه القتل ...وأولى طلائع هذه المؤامرة الكبرى والرهيبة هم أطفال درعا (15 طفلا الذين هم دون ال15) الذين نفذوا المؤامرة الإسرائيلية الأمريكية للنيل من صمود سوريا ومنعتها ومقاومتها وفق هذيانات الشيزوفريني القاصر!!!
لقد دأب المثقفون العرب على كتابة مثل هذا الهراء معتقدين أنهم هم الوحيدين القادرين على قراءة الخطابات السياسية على حقيقتها و لم يكن الدكتور عيد الا واحدا" من هؤلاء الذين أتخمونا بالمقالات الغير صالحة حتى لمرضى الزهايمر في أفريقيا أثناء المجاعات ومن هذه المقالات هذا الذي دبجه في( لحظة اعتداء على عقل المواطن السوري العادي) ظنا" منه أن لا أحد يسمع و لا أحدا" يقرأ....ولكن لسوء حظه أننا بتنا نقرأ و نسمع و ننتقد و نفهم جيدا" فلم تعد تمر علينا اللعبة التي لعبها في زمن ما أحدا" ما على بعض ادعياء الثقافة فاكتشف أن هؤلاء لم يقرأوا الكتاب الذي يستمدون منه كل سلوكياتهم السياسية .
و أنا أقدر أن الدكتور كتب هذا الهراء في لحظة غضب شديد لما جاء في خطاب الديكتاتور ,ولكن لا ينبغي أن نحيد عن الصواب في نقد خطاب سياسي حتى لو كان هذا الخطاب لديكتاتور .
كان من الممكن للدكتور أن يكتب خاطرة أو مسرحية ففي الخاطرة أو المسرحية يجوز للكاتب أن يتخيل و" يخلط عباس بدباس" و لن يلومه أحد و لكن أن يدبج نقدا" سياسيا" لخطاب سياسي هام بهذه الطريقة فهنا الطامة الكبرى .
1-أولا يا دكتور, الديكتاتور لا يصاب بمرض الشيزوفرينيا بل يصاب بمرض آخر أسماه العلماء جنون العظمة –سأشرحه لك بعد قليل –
• 2- أعراض الشيزوفرينيا ليست هي كما دبجت من مخيلتك بل هي كما يقول العلما و أطباء النفس : الهلوسة Hallucinations
وتحدث عندما تسمع أو تشم ، أو تشعر أو ترى شيئاً ولكن في الحقيقة لا يوجد شيء حقيقي على أرض الواقع .
o وأكثر أنواع الهلوسة شيوعا هو سماع الأصواتauditory hallucinations وهذه الأصوات تكون بالنسبة للشخص المصاب بالفصام مثل الحقيقية تماما وهى بالنسبة له تأتى من محيطه الخارجي وهذه الأصوات قد تخاطبه وتتحدث إليه وقد تكون حوار يتحدث عنه أو هو المقصود به وهذه الأصوات قد تكون مسلية أو مزعجة وقد تحمل كلمات أو ألفاظ نابية وقد يستجيب الشخص المصاب بالفصام إلى هذه الأصوات بتنفيذ ما تطلبه منه رغم إدراكه ما في ذلك من خطأ أو إيذاء لنفسه وقد لا يستجيب ولكنه يشعر حين ذلك بالكآبة , وقد فسر العلماء والمتخصصين هذه الأصوات على أن مصدرها هو نشاط لنفس المنطقة بالمخ- والتي تفسر الأصوات القادمة من المحيط الخارجي في الشخص الطبيعي- ولكن في حالة الإصابة بالفصام تكون الإشارات الواردة لهذه المنطقة من داخل مخ الشخص المصاب وليس من المحيط الخارجي وقد اعتمدوا في تفسيرهم على رصد نشاط المخ للأشخاص المصابين .
o ويوجد أنواع أخري للهلوسة منها الهلوسة البصرية visual hallucinations والتي تعنى رؤية أشياء بالعين دون وجودها , والهلاوس التي تتعلق باللمس tactile hallucinations والتي تعنى شعور الشخص بأن أحدا أو شيئا يلمسه دون وجود ذلك على أرض الواقع, وقد تكون الهلاوس متعلقة بحاسة الشم وذلك عند شم أشياء دون وجود مصدر حقيقي تنبعث منه الروائح التي يشمها المصاب بالفصام olfactory hallucinations
وبذلك أنت توهمنا بأن الديكتاتور ليس سوى مسكين مصاب بمرض ينبغي أن نعالجه منه وليس أن نقتله أو نحاكمه أو نسقطه فهذا المريض يحتاج الى الشفقة و الرعاية و غالبا" ما يكون العلاج بابقائه في منصبه و علاجه على هذا الاساس .وإلا فان منظمات حقوق الانسان التي تحترمها أنت , سوف تتهمنا بارتكاب الجرائم ضد الانسانية حيث أننا حولنا مريضا قاصرا" لا يفهم ما يقول الى الاعدام و بالتالي سوف يسعون الى محاكمتنا أمام المحكمة الجنائية الدولية و انت يا سيدي لا تريد هذا لذلك نرجو منك التراجع عن اتهام الديكتاتور بمرض الشيزوفرينبا حتى لا يصبح الشعب السوري كله متهم ان حاكم الرئيس و أعدمه.
أما جنون العظمة يا دكتور فهذا هو : مصطلح تأريخي مشتق من الكلمة الإغريقية(ميغالومانيا) وتعني وسواس العظمة، لوصف حالة من وهم الإعتقاد حيث يبالغ الإنسان بوصف نفسه بما يخالف الواقع فيدعي إمتلاك قابليات استثنائية وقدرات جبارة أو مواهب مميزة أو أموال طائلة أو علاقات مهمة ليس لها وجود حقيقي. أستخدم هذا المصطلح من قبل أهل الإختصاص في وصف حالات مرضية يكون جنون العظمة عارضا فيها كما هو الحال في بعض الأمراض العقلية.
حالة مرضية ذهانية (مرض عقلي) تتميز بالهذيان الواضح والمستمر أي يميزها مجموعة ثابتة منتظمة من الهذيان كما يسيطر على المريض مجموعة من المعتقدات الثابتة.يتركز هذيان مريض البارنويا على مشاعر العظمة ومشاعر الاضطهاد ويعيش افكارا متسلطة تسبب له الهذيان ولكنها لا ترتبط بالهلوسات.يبدو كلام المريض منطقيا فالبارانويا عبارة عن اعتقاد جازم بفكرة خاطئة فهي حالة نفسيّة مرضيّة يملك المصاب بها جهازاً عقائدياً معقّداً وتفصيلياً يتمركز حول أوهام واقعية لها، هذه الأوهام تقنعه بأنه مضّطهد من قبل الآخرين وبأنّ السبب الرئيسي لاضطهاده من قبلهم هو كونه شخص عظيم ومهمّ للغاية!
و بالتالي فان الديكتاتور ليس مريضا و ليس مصاب لا بالشيزوفرينيا ولا حتى بجنون العظمة بل أكثر من ذلك فان تصرفاته نابعة من عقل سليم قادر على التمييز الجيد بين ما يضره و ما ينفعه و هو عندما عاقب الاطفال لم يعاقبهم لانه مريض بالفصام بل كان بكامل قواه العقلية والصحية و النفسية و لكنه كان يريد أن يربي الاخرين بهم فهو يعرف جيدا" أن هؤلاء أطفال, و يعرف جيدا" أن لهم أهل, و يعرف جيدا" أن هناك تطورت خطيرة حصلت للشعوب العربية أدت الى انزياح كابوس الخوف من نفوسهم و أن هذه التغييرات و التطورات لن تقف عند حدود مصر وتونس ولن يكون السوريين بعيدين عها , ولانه واع لما يفعله فاننا سوف نقتص منه و نحاكمه و قد نتوصل الى حكم بالاعدام له و ليس لانه قاصر أو مريضا" بالشيزوفرينيا.
أخيرا":من هو المصاب بالشيزوفرينيا يا دكتور؟
#قصي_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟