أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نادية عيلبوني - استشراف مستقبل سوريا ما بعد الأسد..!














المزيد.....

استشراف مستقبل سوريا ما بعد الأسد..!


نادية عيلبوني

الحوار المتمدن-العدد: 3643 - 2012 / 2 / 19 - 09:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ربما كان من المبكر استشراف حقبة ما بعد نظام الأسد في سوريا بجلاء كامل في هذه اللحظة، وخصوصا ، أن نزيف الدم السوري لا زال مستمرا، بل ان استمراره بهذا الشكل المروع والمنفلت من أي عقال، سيكون له أبلغ الأثر على مستقبل سوريا السياسي برمته.
ما هو مؤكد أن تدمير القاعدة المادية لأهم ما تملكه المجتمعات الحديثة لبناء دولها، ليس هو الشيء الوحيد الذي يدعو إلى التشاؤم في الحالة السورية.بل لعل الأخطر يتجلى في تدمير أهم القيم المحفزة للنهوض والتقدم، التي بدونها لا يمكن الحديث عن دولة المواطنة والحريات.
النظام يقوض قيمةالتسامح :
ما من شك أن وجود فضيلة التسامح في أي مجتمع هي التي تجعل منه مجتمعا محصنا من داخله ضد العنف،ووجود هذه القيمة تكفل بحد ذاتها إيجاد فرصة للانتقال الهادىء نحو بناء دولة ديمقراطية مغايرة لسابقتها دون الوقوع في فخ ما يعيق النهوض الكلي والشامل للدولة والمجتمع على أسس جديدة وعصرية. في الحالة السورية يبدو أنه من الصعب تجاوز هذا القطوع دون إراقة المزيد من الدماء ،ودون اللجوء للعنف من قبل الأطراف التي تضررت بشكل رئيس من سياسة الفرز الطائفي التي اتبعها النظام طيلة أكثر من 40 عاما، ونحن هنا لا نتحدث عن سياسة التمييز فقط بمعناها السياسي والمجتمعي المتعارف عليه ، بل نود أن نشير بدقة أكبر إلى هذا الإضرار جاء ممهورا بختم الدم ليستهدف مكونا رئيسا من مكونات الشعب السوري دون غيره بالمذابح .ربما كان بالإمكان تجاوز مشاهد ما جرى في مدينة حماة من مذابح أودت بحياة الآلاف من أبنائها في عام 1982، بمحاكمة ومحاسبة من قام بها لو قيض للثورة السورية النجاح سلما ، ولو أن النظام استجاب للمطالب الشعبية التي طالبته بالرحيل منذ البداية، ولكن النظام لم يفعل، بل اتجه أكثر فأكثر لاستخدام الحل الأمني بشكله الأكثر دموية . بحيث فاقت نتائجه المروعة ما حصل في مدينة حماة التي تعممت لتشمل بقية المدن والمناطق السورية التي تسكنها الغالبية السنية خصوصا، في درعا حمص والرستن وريف دمشق وحماة وغيرها. الأمر الذي يشي أن النظام كان مصرا على تعميق الشروخ وإضافة المزيد من الجروح القابلة للاتساع، والكفيلة بإعاقة وتأخير الوصول إلى الهدف المنشود الذي انطلقت من أجله الثورة السورية . نحن هنا لا نتحدث عن التسامح كقيمة من القيم الاجتماعية العليا من باب الترف أو الحزلقة السياسية ، بقدر ما نتحدث عن أداة أساسية من أدوات بناء الدولة، ونتحدث عن رافعة أساسية مهمة تحمي المجتمع والدولة في آن معا.
في الواقع ليس هناك ضمانات أكيدة في أن المجتمع السوري مرشح لتضميد جراحاته الكثيرة بالسرعة المطلوبة ، ودون أن لجوء الجسد المتضرر للانتقام مستقبلا. ومما يجعلنا نميل إلى التشاؤم بهذا الصدد ، هو أن القوى التي قامت بالثورة هي قوى شعبية مهمشة ومسحوقة وتفتقر إلى النخب المسلحة برؤى سياسية متقدمة قادرة على انتشال المجتمع من الوقوع في مستنقع الحرب الأهلية التي بدأنا نشهد بعض فصولها الدموية ، في الانتقام والانتقام المتبادل الذي تشهده بعض مدن وبلدان الشمال والوسط السوري.لقد نجح النظام في إضعاف أسس الحماية الحقيقية للمجتمع ليوقع الجميع في فخ خيار عنفي قاتل.ولعل أخطر ما في الأمر والحال هذه ،هو غياب النخب السياسية المدينية القادرة على قيادة المجتمع نحو الأهداف المبتغاة، ليس فقط ،لأن النظام قام بعملية تدمير منظمة على مدى أكثر من أربعين عاما للطبقة المتوسطة المدينية التي عادة ما تظهر منها النخب السياسية.وليس فقط لأنه قام على نحو مماثل بالقضاء على كافة مظاهر الحياة السياسية في سوريا، بل أيضا لأن ممارساته الإجرامية أدت إلى هجرة تلك النخب القليلة المتبقية ، في محاولة منها لاتقاء بطش النظام والعمل من الخارج، الأمر الذي يشي بأن الثورة السورية الآن هي تحت قيادة قوى مسحوقة ومهمشة لا تحمل رؤى وبرامج محددة للمستقبل. وتفتقد في معظمها للتعبيرات السياسية والحزبية وإلى الرؤى المتعلقة بكيفية بناء الدولة ومؤسساتها.

لم يكن بالإمكان أفضل مما كان، يقول البعض.!وهذا صحيح .فالشعب السوري بقيامه بالثورة على نظام الاستبداد برغم تكلفتها الباهظة،لا يجب بكل الأحوال لومه ،ولا كان من المنطقي نصحه بالتريث، لأن التريث في الحقيقة هو غير ذو جدوى ، لأن النظام ليس مستعدا بسبب تركيبيته الفاشية أن يفسح في المجال لبروز قوى سياسية قادرة على مقارعته بالوسائل السياسية. بيد أنه من المهم التذكير، أن الخلاص من النظام هو في الحقيقة خطوة مهمة ،فالنظام لا يزال يمثل الحائط الحديدي الذي يقف عائقا في الوصول الى منطقة الخراب لتنظيفها من الركام الهائل الذي خلفته أكثر من أربعة عقود من حقبة الاستبداد. ولكن هذا ليس كل شيء،بل علينا أن نتذكر ،أن العراق وبرغم مرور تسع سنوات على اسقاط نظامه الفاشي لم يستطع حتى اللحظة أن يتخلص من جروح الماضي الطائفية والعنصرية التي زرعها الديكتاتور في جسد المجتمع العراقي .وهذا المجتمع لا يزال حتى هذه اللحظة ،غير قادر على تجاوز جروح الحقبة الماضية، وهو لا يزال يئن من وجود حكومات استغلت تلك الجروح لتمارس بدورها اللعبة الطائفية ذاتها، ولكن معكوسة.
كل ما نأمله هو أن يستفيد الشعب السوري من تجارب الشعوب الأخرى ، وأن يتجاوز وبأقل الخسائر الممكنة مرحلة الخراب التي خلقها حكم البعث.
ولكن السؤال الممض يبقى ليطل برأسه متحديا: إلى أي مدى نستطيع أن نأمل بقدرة الشعب السوري في مرحلة ما بعد إسقاط النظام على تضميد جراحاته الكثيرة والنظر بأمل باتجاه المستقبل، ودون الوقوع في الفخاخ الكثيرة التي زرعها النظام لإعاقة ولادة الدولة السورية العصرية القادرة على توحيد كل أطياف لون قزح لمجتمعها؟ هذا بالتأكيد ما ستجيب عليها مرحلة ما بعد سقوط النظام.



#نادية_عيلبوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتجاوز السياسي والمفكر حقوق المجتمع المدني السيد القمن ...
- آخر الدواء، الحماية الدولية.!
- هل سوريا غير تونس ومصر؟
- الدستور المصري وصيغة الدولة المدنية
- رياح التغيير تهدد وجود السلطة الفلسطينية
- جزيرة قطر والبحث عن الدور
- ظاهرة تميم البرغوثي، إعادة إنتاج للشعر الشعبوي
- ما هي انجازات المثقف الفلسطيني؟أسئلة في صلب الثقافة الفلسطين ...
- أكثر من ثلاث سنوات على حكم حركة حماس، ما هو الحصاد؟
- إلى متى سيظل الأقباط عبيدا لسلطة الكنيسة؟
- لماذا يكرهوننا؟
- عفوديا يوسف، بضاعتنا وقد رد إلينا!!!
- ما هي الاستراتيجية الفلسطينية البديلة لرفض المفاوضات؟
- الاحتفال بفيينا بترجمة أول عمل ابداعي للأطفال بالألمانية للش ...
- آفات الثقافة الفلسطينية
- هل كان رأي أدونيس في درويش منصفا؟
- بوح إمام القاتلين -قاين- قصة قصيرة
- القدس والمقدس والغرائز الوحشية
- الأمير الأخضر ، دروس وعبر
- القذافي، بين سوء تربية الأولاد وبين إعلان الجهاد


المزيد.....




- ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا ...
- السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا ...
- -صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ ...
- بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا ...
- مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع ...
- إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا ...
- مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا ...
- من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
- غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ ...
- طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نادية عيلبوني - استشراف مستقبل سوريا ما بعد الأسد..!