|
عالم -نجيب محفوظ- فى أضخم ببليوجرافيا!
السيد نجم
الحوار المتمدن-العدد: 3642 - 2012 / 2 / 18 - 21:04
المحور:
الادب والفن
حظي "نجيب محفوظ" ككاتب له خصوصيته بعدد هائل من الدراسات النقدية، والبحوث الأكاديمية، والمقالات، والاهتمام الإعلامي، جعلته يتربع على قمة الهرم الأدبي فى مصر، والعالم العربي، بل وخارج العالم العربي. حيث احتفى به كثير من المستشرقين فى الشرق والغرب بدراسات وبحوث إضافية لعلمهم بأهمية إبداعه. وعندما قرر الناقد "شوقي بدر" فى إصدار ببليوجرافيا حول كل ما يخص الأديب الكبير، تفرغ لسنوات بحثا عن مناقبه، سواء إبداعاته، أو تلك الدراسات والمقالات والرسائل العلمية الجامعية التي تناولته.. وفى كل الجوانب: "الرواية- القصة القصيرة- فى السينما- المقال". كانت أمام الباحث "بدر" مشكلة خفية، ألا وهى أنه تم نشر عدد غير قليل من "الببلوجرافيا" عن "محفوظ" من قبل.. وكان عليه أن يتطلع عليها، وينقح ما زاد أو غير الصحيح فيها، ثم إضافة الجديد الموثق، وهو ما أنتج أضخم "ببليوجرافيا" موثقة عن الكاتب الكبير حتى الآن (تقع فى 1140 صفحة) فى جزئيين.. وهو ما جعل "المجلس الأعلى للثقافة، يتحمل أعباء إصدارها.
*الضبط الببليوجرافي وضح أن منهج "بدر" فى الضبط الببليوجرافي، بدأ بمجال الرواية، ثم القصة القصيرة، ثم السينما، ثم المقالة. وقد استخدام العديد من التقسيمات الببليوجرافية:
(الببليوجرافيا التحليلية) عند رصد إبداعاته فى مجال الرواية، والقصة القصيرة، بحيث شملت كل الكتابات التي تضمنت الرؤى، والأفكار الخاصة، والتي طالت عناصر اللغة، والبناء الفني، والمكان، والزمان، والاتجاهات الروائية الحديثة، والتيارات الإحداثية، والشخصيات الرئيسية والثانوية، ودلالات الواقع، ومضامين رواياته، والتيارات التي تندرج تحتها هذه المضامين.
ونسق (الببليوجرافيا النقدية) حيث تم تقييم إبداعات "محفوظ" فى مجالي الرواية والقصة القصيرة على وجه الخصوص، من خلال المقالات والدراسات التي أعدت عنها سواء فى فصول من الكتب، أو على صفحات الدوريات المتخصصة، والجامعة.
ثم مراعاة أسس (الببليوجرافيا النسقية أو المنهجية) خاصة عند إعداد الحوارات. فقد تم تقسيمها، إلى ما تمت قبل حصوله على جائزة نوبل.. والتي تمت بعدها. وقد وضح أن طبيعة الحوار فيهما، تبرز الوجه الحقيقي لأدبه والأدب العربي الحديث بأكمله، من خلال الأسئلة والإجابات التي تمت عليها. كذلك تم إفراد فصل للكتب النقدية التي صدرت عنه، بداية بكتاب " اللامنتمى " لغالى شكري" 1964م.. ثم ل"محمود أمين العالم" 1970م، و"لأحمد محمد عطية" 1971، ثم "الجهود الروائية من سليم البستاني إلى نجيب محفوظ " 1972، و"الله فى رحلة نجيب محفوظ الروائية" لجورج طرابيشي وغيرهم.
كما روعي فى هذه الببليوجرافيا ألا تكون صماء، تحوى جردا لإبداعاته فحسب، بل تكون صورة صادقة لعالمه الملحمي، فتضمنت: نماذج من مقاطع من رواياته أو بعض القصص القصيرة التي تعبر عن المجموعة المرصودة. وهو أمر يختلف عما سبق.
*الرواية كان البدء بالإبداع الروائي، حيث شكلت كل رواية وحدة مستقلة بذاتها من خلال: (العنوان وجهة الإصدار ومكان وسنة النشر، وما إذا كان سبق نشرها مسلسلة فى إحدى الدوريات).. ثم اقتطاع جزء مهم من النص يعتبر نقطة فارقة لإبراز هويته والمضمون والتوجه الذي يعبر عنه.. ثم رصد الكتب والدراسات التي صدرت عن هذا النص.. وهذا النسق يعد مفيدا لكل الباحثين والمهتمين بأدب "محفوظ"، كما يهم القارئ. وقد تم مراعاة التسلسل التاريخي فى هذا الضبط الببليوجرافي. فقد أصدر أولى رواياته "عبث الأقدار" 1939م، ثم "رادوبيس" 1943م، و"كفاح طيبة" 1944م، والغريب أن هذه الروايات الثلاث التي تمثل المرحلة التاريخية، والتي قد استمدت من التاريخ الفرعوني.. وهو أمر يحتاج إلى وقفة تأملية.. حيث كتب أيضا من التاريخ الفرعوني، كل من "السحار" و"على أحمد باكثير" و"عادل كامل" وغيرهم؟
بدأت المرحلة الاجتماعية عند "محفوظ" بصدور "خان الخليلي"1945م، و"القاهرة الجديدة" 1946م، ثم "زقاق المدق" 1947م، و"السراب" 1948م، وتوقف بعد ذلك حوالي ثماني سنوات، إلى أن صدر الجزء الأول من الثلاثية "بين القصرين" 1956م، ثم"السكرية" و"قصر الشوق" معا 1957م.. وتتابعت الرحلة حتى بلغ عدد الروايات أربعة وثلاثين رواية، بخلاف كتاب "أمام العرش" الذي يعتبره البعض عملا كرؤية فى محاكمة حكام مصر.. بالإضافة إلى "أصداء السيرة الذاتية" الذي يمثل عملا شبه سيرة. والمتتبع لأسلوب الصياغة الببليوجرافية للإبداع الروائي، يستطيع أن يتلمس أسباب الجدل الذي ثار حول الكثير من إبداعاته. كما يستطيع أن يلم بمراحل التطور الذي طرأ على هذا العالم، وأن يتلمس هذا الجهد الكبير الذي بذله الكاتب طوال عمره، والجهد الموازى له للدراسات والبحوث المكتوبة عنه.. والتي مثلت بانوراما ضخمة لعالمه الإبداعي. فقد أثارت رواية " أولاد حارتنا " وحدها العديد من القضايا، والجدل حتى أنها قد عرضت حياته للخطر.
*القصة القصيرة أما الضبط الببليوجرافي لمجال القصة القصيرة، فقد تم رصد خطوطه بطريقة تحليلية، بحيث ضم ثبت عام بكل ما نشر، من أول قصة "فترة من الشباب" بمجلة "السياسة" فى 3-7- 1932م (كان عمره يناهز العشرين) تلتها مجموعة من القصص نشرت فى "المجلة الجديدة" لصاحبها "سلامة موسى" الأب الأدبي الروحي له. أما المجموعات القصصية التي صدرت، فقد تم مراعاة نفس الأسس التي تمت فى رصد الإبداع الروائي، بحيث مثلت كل مجموعة وحدة ببليوجرافية مستقلة، وتم التعامل معها فنيا من خلال: رصد الفهرس الخاص بالمجموعة، ثم انتقاء قصة من المجموعة لتحدد هويتها وتوجهها، ثم تحديد ما كتب عن هذه المجموعة نقديا فى فصول من الكتب، ثم فى الدوريات.
ثم اقتطاع جزء من دراسة نقدية تخص المجموعة للتنويه عنها نقديا. هذا بالإضافة إلى رصد الكتب التي صدرت عن قصصه القصيرة، وعرضها عرضا فنيا يجسد المظاهر الفنية والبنائية والدلالية حول القصة القصيرة. وقد لوحظ أن عدد الكتب التي صدرت عن القصة القصيرة، قليل جدا بالقياس فى مجال الرواية. وقد بلغ عدد المجموعات القصصية التي صدرت، ثمانية عشر مجموعة تضمنت كل منها عددا من القصص تراوح ما بين الثلاث قصص والثلاثين قصة قصيرة. بدأ صدور هذه المجموعات 1948م بمجموعة "همس الجنون" عن دار الكتاب العربي بالقاهرة.
*السينما بالنسبة للضبط الببليوجرافي لمحور السينما، فقد تم رصد فيلموجرافيا خاصة، موضحا فيه جميع السيناريوهات التي قام بإعدادها، حسب تاريخ عرض الأفلام. بداية من سيناريو فيلم "المنتقم" إخراج "صلاح أبو سيف" 1947م، وانتهاء بسيناريو فيلم "أصدقاء الشيطان" المأخوذ عن رواية الحرافيش، إخراج "أحمد ياسين"، وعرض فى العام الذي فاز فيه "محفوظ" بجائزة نوبل للآداب.
كما تم رصد الكتب التي صدرت عن سينما "محفوظ"، وهى عشرة كتب. بداية من "نجيب محفوظ على الشاشة" لهشام النحاس عام 1975م، وانتهاء بالطبعة الثانية من كتاب "إعادة اكتشاف فيلم مصري مختلف" د. مدكور ثابت، وهو من الكتب المهمة التي تحوى عددا من الدراسات لنخبة من النقاد حول فيلم "حكاية الأصل والصورة" عن قصة لمحفوظ بالاسم نفسه، هذا الفيلم الذي يعتبر أول فيلم تجريبي فى السينما المصرية. وقد تم إعداد عرض لكل كتاب صدر عن سينما "محفوظ" أسوة بما تم مع كتب الرواية والقصة القصيرة، كما تم رصد عدد كبير من الدراسات.
*المقالة المقالات التي كتبها "محفوظ" سواء فى مرحلة البواكير الأولى أو عند تعيينه فى جريدة الأهرام أثر خروجه على المعاش عام 1971م، وتمثل مرحلة مهمة تعبر عن فكر وآراء محفوظ" تجاه الواقع الإنساني المصري والعربي والعالمي، من خلال قضايا الديمقراطية والدين والسياسة والثقافة والتعليم، التي تناولها فى الأهرام وغيرها. وقد أصدرت الدار المصرية اللبنانية مجموعة من الكتب تتناول هذه المقالات منذ عام 1934م، وهى: "حول الدين والديمقراطية"، "حول الشباب والحرية"، "حول الثقافة والتعليم"، " حول التدين والتطرف"، "حول العدل والعدالة"، "حول التحرر والتقدم"، "حول العلم والعمل "، " حول العرب والعروبة". وتمثل المقالة فى إبداعاته تعبيرا عن رؤيته الفكرية.
*النقد يمثل النقد فى عالم "محفوظ" المحور الموازى لعالمه الإبداعي، من خلال ما كتب عن إبداعه، وقد فاق الجانب النقدي من ناحية الكم ما أبدعه، حيث فاقت الكتب التي صدرت عنه، بما يكفى لتأسيس مكتبة كبيرة قائمة. وقد مثل هذا الجانب فى هذا الضبط الببليوجرافي محورا أساسيا، حيث تم رصد هذا الزخم الهائل، وحظي على مساحة كبيرة من الضبط الببليوجرافي. فقد تم فى هذا المجال حصر الكتب التي صدرت كدراسات ومساهمات نقدية، وحوارات معه 121 كتابا. إلى جانب رصد ما كتب نقديا وبحثيا عن إبداعه فى فصول من الكتب وفى الدوريات المختلفة، مقالات وملفات وأعداد خاصة من الدوريات، حيث تم رصد عدد كبير جدا موضحا: اسم الناقد واسم الدورية ومكان تواجدها وتاريخ النشر وغير ذلك من البيانات الأساسية.
*الدراسات الأكاديمية حظي عالم "محفوظ" الابداعى على كثير من الأطروحات الأكاديمية، فى رسائل الماجستير، والدكتوراه وقد بلغ عددها أكثر من أربعين أطروحة، وهو عدد لم يصل إليه مبدع فى تاريخ الدراسات الأكاديمية. ولعل فاتحة هذه الدراسات الأكاديمية كانت تحت عنوان الواقعية الفرنسية والرواية العربية فى مصر ( 1945 – 1960م) دراسة مقارنة تطبيقا على ثلاثية محفوظ، للباحثة سيزا قاسم، وإشراف د. سهير القلماوى، ونوقشت لنيل درجة الدكتوراه فى كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1976م. كما أن هناك عدد من الدراسات الأكاديمية أعدت عنه فى جامعات (أكسفورد وكاليفورنيا ومتشجان ولندن وأوكلاهاما وأريزونا وغيرها).
*الرحيل وفى النهاية تم رصد المداخلات والمقالات والملفات والأعداد الخاصة التي صدرت عن نجيب محفوظ بعد رحيله مباشرة، تحت عنوان الرحيل. وهو ما نشر فى (الأهرام، ونصف الدنيا، وأخبار الأدب، وصباح الخير، وروز اليوسف، والقاهرة، ووجهات نظر، وأدب ونقد، والثقافة الجديدة، والهلال، والمحيط الثقافي، ملفات وأعداد تذكارية.. كذلك الدستور الأردنية، ومجلة التبيين فى الجزائر، وأخبار الخليج وجريدة الزمان فى لندن.. وغيرها.
وهكذا أضاف الناقد "شوقي بدر" سفرا جديدا موثقا عن "نجيب محفوظ"، حرص فيه على تجاوز ما جاء قبله من كتابات تبدو متضاربة أحيانا، وليؤكد أن قامة عملاقا أدبيا مثل "نجيب محفوظ" قابلة لكل جديد. وقد حرصت مكتبة الاسكندرية على نشر "الببليوجرافيا" بموقع "ذاكرة مصر" التابع لها. ****************
#السيد_نجم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|