|
حول راوية اللعب فوق جبال النوبه و إدريس علي
باسم عثمان السوداني
الحوار المتمدن-العدد: 3642 - 2012 / 2 / 18 - 17:47
المحور:
الادب والفن
كعادته في كل كتاباته و تصريحاته يبدو إدريس علي كمن يسبح عكس التيار، بالنسبه لي فالسباحه في عكس التيار وسط مجتمع راكد كالمجتمع المصري بطوله في حد ذاتها و لكن سباحة ادريس علي ليست ضد تيار الركود و الموات الثقافي و الفكري و التبعيه السياسيه بل هو يقف الي جانب هذا التيار و يزيد عليه بينما يسبح ضد تيار حقوق النوبين الثقافيه و الفكريه و الانسانيه ايضا. يعتبر إدريس علي احد اشهر الشخصيات النوبيه بالنسبه للمجتمع الثقافي المصري فهو يعتبر احد الكتاب النوبين المعدودين و بطبيعة الحال فكونه شخصيه نوبيه معروفه و مهما كان مجال ابداعه و معرفته فعندما ياتي الحديث عن القضيه النوبيه يصبح محط انظار العديدين ،وهنا تكمن المشكله فهو رحمة الله عليه معروف بتصريحاته التي تسبح ضد مطالب النوبين و حقوقهم فقبل وفاته بفتره قليله طلب في احدي تصريحاته من النوبين ان يقبلوا بخطة الحكومه بإعادتهم الي وادي كركر و رغم ان هذا ليس موضوع مقالتي هنا و لكن يكفي ان نعرف ان عملية توطين النوبين في وادي كركر ليست سوي تصفيه لقضيتنا و لحقنا في العوده الي اراضينا التاريخيه حول بحيرة ناصر و التي تسعي الحكومه المصريه جاهده من اجل بيعها لمستثمرين عرب و اجانب. نعود الان الي روايتنا "اللعب فوق جبال النوبه" صدرت عام 2002 و كما في رواياته الاخري يبدو النوبين قوم بدائين جهله يعيشون في القرون الوسطي متخلفين بينما يبدو ابناء الشمال او المصريين"الجورباتيه" كما لو كانوا بناة الحضاره و دعاة الحداثـه و تزداد الامور مراره عندما ندرك ان اغلب المثقفين المصريين اذ ارادو المعرفه عن النوبه فإن الكاتب رقم 1 تقريبا بالنسبه لاغلبهم هو إدريس علي بكل ماتحمل رواياته من تشويه للنوبه و للنوبين... تحكي الروايه عن الفتاه البيضاء"غاده" التي ينفيها والدها النوبي من القاهره الي بلدته النوبيه في الجنوب"مالتي_ف الاغلب المقصود قرية الكاتب نفسه قرشه و التي يسميها البعض كيشي مالتي" يتم نفي الفتاه جنوبا بسبب وقوعها في حب ابن الجيران و الذي رفضه والدها لانه ليس نوبيا لتقوم بتربيتها جدتها"شايه"، وهناك في مالتي تصطدم الفتاه البيضا بالوجوه السودا و الحر و الذباب و التقاليد التي ترسخت عبر الاف السنين فهي عند وصولها بالمركب ترفض جدتها ان تدعها تركب الحمار مع الولد الصغير الذ يقوم بتوصيلهم و هو بطل الروايه بداعي ان التقاليد لاتسمح للحريم بركوب الحمير و هكذا يدور الصراع علي طول الروايه بين رمز الحداثه"غاده" القادمه من الشمال و بين الجده الشايه النوبيه التي تمثل هنا كل القاليد و العادات الباليه حسب راي الكاتب، الي جانب غاده و في صفها في المعركه يقف اطفال القريه البنات التي تعلمهن غاده القراءه والكتابه عن طريق الاغاني و الرقص البلدي و الاطفال هنا هم رمزيه المستقبل المتحرر من التقاليد و العادات الباليه رمز الغد المبني علي الافكار و العادات المستورده من الشمال و ايضا يقف الي جانبها الجـد الذي "قضي نصف قرن في مدن الشمال و عمل في اماكن راقيه و يجيد عامية الشمال كأهلها" هكذا يصفه الكاتب و كأن مثلا الحداثه هي لهجة الشمالين و مخالطتهم. منذ البدايه و حتي النهايه يستمر الكاتب في اتهاماته للنوبين بالجهل و التخلف و الرجعيه من خلال الصدامات بين غاده و جدتها حتي تنتهي الروايه بعد اختفاء غاده بشكل غامض وهو هزيمة الحداثه و انتصار التخلف كما يقصد الكاتب ،نري مشهد الجـد و هو يصرخ في ابنته و حفيدته و البنات في فرح حفيدته ان يتوقفوا عن الغناء النوبي و الرقص النوبي و ان يرقصوا و يغنوا مثل غاده.....يصرخ في البنات ان يفكوا ضفائرهن المتسخه "اريد مشاهدتك بلا ضفائر....مثل غاده" هكذا يقول الجد لحفيدته ليلة فرحها و بعد ذلك يقتحم غرفة الحريم و يصرخ في حفيدته"هيا ياعائشه....تحزمي و ارقصي مثل غاده" و يتحزم بنفسه و يرقص و يغني بلدي كمان و هكذا يصبح الرقص و الغناء النوبي الذي ياتي له السياح و الباحثون و محبي الموسيقي و الفنون الشعبيه من اقصي العالم الي اقصاه فن قديم وبالي حسب الكاتب و تصبح الحداثه هي في الرقص البلدي الشعبي و الغناء عن الحشيش و غيره فغاده و من بعدها الجد يغنون اغنية عن الحشيش:اعملوا معروف....سبيوا الحشيش...دا ملك الملوك....ياحكام بلدنا. لااستيطع ان اعلق علي المستوي الادبي للروايه فانا لست ناقدا و لا اديبا حتي ولكن يمكن القول ان الراويه ليست قويه ادبيا فعدا اسلوب السرد الذي برع الكاتب في استخدامه تمتلئ الروايه بعشرات السقطات في التسلسل الزمني فالحكايه احيانا تدور بعد تهجير الخزان كما يخبرنا الكاتب في الصفحات الاولي من راويته عن الحياه في الجبال وسط الذئاب هربا من مياه الخزان و فجاه يحكي عن حكومة محمد نجيب و احيانا عن عبد الناصرو النكسه و عندما يحكي لنا عن قصة غاده فهو يخبرنا ان الجار الذي احبته غاده و بعد تعرضه للتعذيب و التنكيل به من معارف والدها الذي يعملون في جهاز امني يهاجر الي السعوديه و ينضم الي الجماعات الاسلاميه و يمارس اعمال ارهابيه و لايستطيع الكاتب ان يدرك ان الهجره للخليج او حتي الفكر العنيف للجماعات الاسلاميه لم يبدا الا في اواخر السبعينات....تبدو مجموعه من المشاهد الجنسيه كما لو تم اقحهامها لاغراض محدده في الاحداث فمشهد غاده و هي تضع راس الولد بطل القصه علي حجرها ثم تلعب براسه بين قدميها من اجل ارضاء شهوتها ثم محاولتها تعليمه الجنس و التقبيل يبدو غير منطقي و كأن الغرض منه تمكين الجده من غاده في السرد فقط...و ايضا منظر غاده و الولد الصغير وهم يهربون في الجبال من الذئاب و يخلعون ملابسهم و يشعلونها ثم يدخلون قريه نوبيه اخري عراه تماما لاداعي له علي الاطلاق سوي حالة مراهقه متأخره. تبدو حالة إدريس علي مركبه في راوياته و تصريحاته فهو بيدو كما لو كان مصابا بعقدة الشمال كارها لبني جلدته و اهله من النوبين يحتقرهم و يرفض ثقافتهم_تلك الثقافه التي قاومت و صمدت و تطورت عبر الاف السنين و واجهت كل محاولات طمسها و ستبقي صامده ضد العولمه الثقافيه و محاولات التعريب و التذويب......
#باسم_عثمان_السوداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النوبه....عام من الثوره
-
حضرة الناظر...المعتقل خليل قاسم
-
الديمقراطيه بين مطرقة الجهل و سندان الفقر
-
الماركسيه...المنهج و النتائج
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|