أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طريف سردست - دور الكاهن الخنثى في البغاء المقدس، 2-5/3















المزيد.....

دور الكاهن الخنثى في البغاء المقدس، 2-5/3


طريف سردست

الحوار المتمدن-العدد: 3642 - 2012 / 2 / 18 - 15:13
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لايبدو ان الباحثون الغربيون قادرون على تفهم عمق تجذر مفهوم الاستعارة وانعكاسها في طقوس تمثيل الروحية عند ذكور الآلهة. في معظم طقوس الطوائف الروحية نتصور الاله ذكرا يمارس الجنس على إعتبار ان ممارسة الجنس هي التعبير عن الهوية الذكورية، في حين ان الاناث هن الوسيط في هذا الطقس الروحي، تماما كما كان الحال مع مريم العذراء التي اصبحت وسيط الله للحصول على غايته، فهي بذاتها لم تكن الغاية. وهكذا، في الشرق الادنى، لعبت النساء الكاهنات أدوار ثانوية على إعتبار انهن وصيفات او زوجات الرب الذكر، وسيطات.
(يجب الملاحظة انه في الفترات المبكرة كان الجنس يرمز للخصب وتعكسه وظيفة الربة عشتار في علاقتها مع ايل، وتمارس فقط في معابد عشتار، بذلك تكون النساء صورة عشتار وبديلتها كما كان الملك يمثل صورة ايل وبديله. من هذه الناحية لم تكن النساء ثانويات، وانما انتهوا ليكونوا ثانويات مع تطور منزلة الرجل صعودا ومنزلة المرأة نزولا في المجتمع البطرياركي العسكري).

بالارتباط مع وظيفة الكاهنات في الخدمة الدينية كانت ظاهرة الرجل المخنث تُصور ايضا "كزوجة الاله"، وعلى مايبدو كانوا يعتبرون رجالاً شكلياً ولكن نساءً روحيا. والمخنثين يعتبرون اقرب للإله، إذ انهم عرضة بشكل استثنائي لتملك روح النشوة من حيث انهم "روحيا" نساء. (هذا الظاهرة وتصوراتها نجدها لازالت نشيطة في المعابد الهندية الهندوسية الدينية، راجع الحاشية الاولى)

عموما، في الثقافات الابوية التقليدية المُعسكَرة السلوك والمفاهيم، إلى حد كبير، الرجال غير قادرين على مواجهة الضغوط النفسية القادمة من المجتمع لتحقيق صورة الرجل المحارب ذوي العضلات، المطلوب منهم الوصول اليها، الامر الذي يؤدي الى إضعاف صورة الكاهن المخنث وتشويه مركزها الاجتماعي بتشويه ارتباطها بالدين، على مدى مراحل تاريخية.
في كتاب Confessions of God, يشار الى ان التحول الى "كاهنات معبد" بين الذكور، شكل من اشكال اللجوء الفعال، للذكور المصابين بالعصاب الحربي او الغير قادرين على تحقيق المقاييس الاجتماعية للوصول الى صورة الذكر صاحب العضلات، المطلوبة لإملاء وظيفة الذكر القوام.

تقليديا نرى ان الاشارة الى مركز "الكاهنة الذكر" ، بأنهم زوجات روحانيات للرب واضح للغاية. غير ان حقيقة المركز الاجتماعي للمخنث ( او الكاهن المخنث) في المجتمع هو معضلة خاصة، حسب ملاحظات ويستون، (Weston La Barre notes in Ghost Dance).
ومع ذلك، نجد ان المجتمع الكلاسيكي لم يعاني ابدا من نقص في المخنثين، القابلين على قبول نظرة المجتمع والموافقين على تقديم خدماتهم ، كوسطاء-زوجات مقدسين للرب، وهي الوظيفة المخزونة عادة للنساء. وفي الطقوس يقدم الكاهنات الذكور خدماتهم للرب بنكهة مثلية (في الطقوس الروحية الوسيط المثلي يرمز له بــ " حصان" الرب، ليشير الى دور النساء السلبي كمركوبين على عكس دور الذكور الايجابي كراكبين.)

يجب التنبيه، انه في ذلك العصر لم يكن المجتمع يمارس تمييز سلبي بين الخدمات التي يقدمها ممارسي البغاء المدني، لغرض العيش، وبين مقدمي خدمات البغاء المقدس في لاتباع الله في بيوت الله. وفي حين ان العاهرة العادية تستطيع ان تقدم خدماتها الجنسية على باب المعبد، يبدو ان خدمات الكاهن المثلي كانت مقتصرة على داخل المعبد، الذي اعطاهم الحماية والحق الشرعي.

الله يعترف بإخطائه ويتحمل تبعاتها 3/5
في الثقافة الافريقية، مثلا شعب Yoruba, ,وهو من اكبر شعوب افريقيا ويعيشون في نيجيريا نرى ان الفرد المصاب بمظهر غريب او عاهة عقلية او فيزيائية او بطريقة من الطرق معوق جنسيا يطلق عليه تعبير Eni Orisa (وتعني شخص وهب نفسه للرب او اختاره الرب او كرس نفسه للرب). بذلك يكون القاديشيون الذي اشار اليهم (1 Kings 14:24;15:12;22:46;2 kings 23:7) يكونون ايضا بمعنى Eni Orisa معوقين نفسيا-جنسيا. هؤلاء الرجال تكرسوا لخدمة معبد الاله وقدموا خدماتهم المثلية عن حب وإخلاص لاتباع الرب المخلصين تنفيذا لمشيئة الله نفسه.

نجد في ثقافة Yoruba, مفاهيم وهب الذات والتكرس للخدمة المقدسة تشكل حجر الزواية في التفكير الديني. وحسب الاسطورة الدينية لشعب يوروبا فإن الإله في شخصية Obatala قام بخلق البشر جميعا بطريقة تمثيلهم بالطين. وتخبرنا المرويات انه اثناء عملية الصنع احتاج لبعض الراحة ليستغلها في إعادة التفكير والاستفادة من تجربته لصنع الانسان في أحسن تصوير. ولكن الإله Esu (إله المكر) عرض عليه نبيذ النخيل الحلو ولكنه مُخمر. الرب اوباتالا ظن ان الشراب الكحولي مجرد عصير طازج فشرب الكثير منه وسكَر. وعندما عاد الى العمل كانت يداه وبصره غير مستقرة فخلق الاخطاء الخلقية عند بعض العينات البشرية، لتظهر لنا انواع من التشوهات الفيزيائية والنفسية والعقلية. ومن ضمنهم بالطبع المثليين الجنسيين، الذي، في الثقافات الكلاسيكية، يعتبرونهم نسخة ناقصة عن الرجل.

عندما انتهى تأثير الخمر على اوباتلا رأى النماذج المشوهة التي صنعتها يداه، وشعر بالحزن والندم وتعهد ان ينتهي عن تناول الخمور والمسكرات. (لذلك نجد اليوم ان اتباع الإله الخالق اوباتالا لايشربون الخمور). كما تعهد اوباتالا بحماية جميع ضحايا اخطائه الخلقية، معترفا بذنبه بشجاعة. بذلك يطلق على جميع الافراد المصابين بأي نوع من انواع اخطاء الخالق بتعبير akanda eniyan وتعني " المباركين" ويعتبرون خواص الله او المكرسين للاله، الذي يحرم الاساءة اليهم او عزلهم او التمييز ضدهم، ومن هنا الطيف المقدس الذي يحوم حولهم. وبيوت الله الافريقي ومعابده تكون ملاجئ لهم. لذلك نجد انهم يلتجئون الى المعبد ليحصلوا على حماية مضمونة من كل انواع الايذاء والملاحقة والتمييز، بسبب إعاقتهم، عندما يحتاجون لذلك.

على ضوء الطريقة الدينية للتفكير عند شعب يوروبة ، ان المعوقين والمشوهين والمختلفين خلقيا يقوى مركزهم الاجتماعي بالحصانة الدينية، ليكونوا " مباركين من الرب"، تصبح العلاقة بين المركز الاجتماعي وشخصية المثليين الجنسيين المحمية في المعبد مثل عاهرات المعبد قديش ( الاقداس)، واضحة للغاية.
ان المصاب بالاختلاف، الجنسي والنفسي، عن الانماط السائدة في المجتمع، تعرضه للتمييز على إعتبار انهم معوقين بالثقافة الاجتماعية ولذلك سيكون من الصعب عليهم الاتكال على الذات في المجتمع المدني. لذلك يلجئون الى طلب الحماية من رب المعبد ليمارسوا هناك نمط حياتهم الطبيعي تحت حماية الاله المسؤول عن اصل المشكلة.

بالطبع المجتمع المدني لم يعد يعترف بالمثلية الجنسية ولكن الحماية التي يظلها الله عليهم في بيته، (والتي تعود جذورها الى الفترة البعيدة عندما كان المجتمع في مرحلة الانتقال من تقاليده السمحة الى تقاليد اكثر تشدد)، لازالت تملك احتراما في نفوس السكان. في حين نجد ان اتباع يهوة اصبحوا يخاطبون السكان محرضين على التخلي عن هذه الحماية التاريخية والمنحدرة عن معابد الربة العتيقة، الثقافة القديمة لليهود، لتحرير ثقافة الرب الذكر من آثار الماضي وتهيئة المجتمع للتحديات العسكرية.

في بعض المجتمعات، حيث غلبة الثقافة العسكرية في بنية المجتمع ( كما لدى البدو او الشيشان)، يتوسع معنى كلمة المخنث لتشمل كل رجل غير قادر على تحقيق جميع الادوار التي يتصورها المجتمع للرجل، وعلى الاخص كمقاتل (مهاجم ومدافع). مثل هذا الفرد قد يحاصر اجتماعيا ويضطر الى الاختفاء بين جدران المؤسسة الدينية والعمل كرجل دين مخنث ومقدس.
ايضا المصابين بالعصاب من الحرب يلجئون الى العمل ككاهن ليصبح وسيط روحي. (في عقيدة يوروبة يطلق عليهم Elegun)
في عقيدة يروبة كان إله الحرب Sango يطلق على كهنته المخنثين والنساء على السواء اسم واحد هو Iyawo Orisa. (تعني الزوجات والخادمات في الله). غير انه يوجد نوع من العار في ان يكون المخنث خارج الصف العام لجيش الرجال، ولكن عندما يصبح تحت حماية رب المعبد تتوقف المعاكسات والتشهير والاذلال والتسلط، ويعفى من الخدمة العسكرية.
(قارن الرمز العبري "لمجلس رحمة يهوة" المتموضع على سطح تابوت العهد، حيث اجنحة الملائكة ممتدة وتحيط بطريق تدلل على الحماية، وهو يتطابق مع الرؤية الحديثة حسب ماتطرحه كتاب الاناشيد الدينية المسيحية، راجع الحاشية الثانية) (وايضا، فإن رمز الاجنحة الممتدة بصورة الحماية والرحمة تعود بالاصل الى الربة ايسيس المصرية، كما ان تابوت العهد طقس من طقوس الديانة المصرية القديمة)




#طريف_سردست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البغاء المقدس في اليهودية، 1/5
- لماذا لاتنشأ انواع واجناس جديدة اليوم!
- البسيكوباتي والقيم الاخلاقية
- العلاقة بين الذكاء والمجتمعات المتخلفة
- الاصل التاريخي للختان ومبررات اليوم
- من الله الى الكمبيوتر
- الربات التي انتصر عليهن الله
- الموديل الهلوغرامي: التخاطر ومعرفة الماضي والمستقبل
- الموديل الهلوجرامي: الوعي وتزامن الاحداث
- الموديل الهلوجرامي: الوعي واللاوعي
- الموديل الهلوجرامي للكون - الدماغ الهلوجرامي
- الموديل الهلوجرامي للكون - فيزياء الوهم
- حقيقة الكوارث العشرة وخروج شعب اسرائيل
- هل اسس القرآن لدونية ووضاعة الانثى في العقل الاسلامي؟
- هل يؤثر اللعان الالهي المقدس على سلوك واخلاق المسلمين؟
- التكليف بالعقل، فهل يخاطب الله العقل المعرفي؟
- شهادة ان لا إله الا الله، هل هي شهادة زور؟
- من اجل اجتثاث الاحزاب الطائفية
- حواء من الرببوية في الوثنية الى الاستلاب في الاديان 3
- حواء من الرببوية في الوثنية الى الاستلاب في الاديان الابراهي ...


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طريف سردست - دور الكاهن الخنثى في البغاء المقدس، 2-5/3