|
إشارة لفهم علاقة الإسلاميين بالتراث وبالفئات الرثة
بوبكر الفلالي
الحوار المتمدن-العدد: 3641 - 2012 / 2 / 17 - 21:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أو في سر شعبية الإسلاميين إلى كوثر محلاني
كثير ما شغلني هذا السؤال: هل استوعب وهضم الإسلاميون بمختلف اتجاهاتهم وطوائفهم التراث العربي الإسلامي ، بمختلف عناصره ومفرداته ومن ثم أصبح جزءا من بنيتهم الفكرية وقاعدة لمجموع تحليلاتهم وتدخلاتهم وبالتالي برامجهم وممارستهم، وأساس لمناقشاتهم مع خصومهم أم أن الأمر على خلاف ذلك تماما؟ " قصد بالتراث مجموع الاجتهادات الفقهية والتفسيرية والفلسفية والعقائدية وحتى الصوفية" وعرفوا أساساتها الاجتماعية والمادية وعناصرها الوجدانية أيضا المزاجية علاوة على معرفتهم بالنص بمعناه المطلق) القران/ السنة( الذي يصر البعض منهم على القول انه المرجع الوحيد ولا داعي آو ليست هناك حاجة الاستدعاء غيره ) التراث الفقهي والتفسيري، ومنجز الحداثة ( للفهم وأيضا للسلوك لماذا هذا السؤال؟ أهمية هذا السؤال تكمن حقيقة أو تنبع من مخاوف وهواجس افرزها التناقض الحاد الموجود اليوم بين رؤية الإسلاميون للمجتمع والتاريخ والحرية والإنسان ووظيفة الدين العقيدة في المجتمع وبين رؤى غيرهم خاصة التيارات الديمقراطية والوطنية، مبرر السؤال والمخاوف عندي تتمثل في انه لو أن الإسلاميين كانوا قد هضموا التراث بمعنييه أو ببعديه المطلق والمتغير لما كان هناك مبررا أو داعي كبير، لهذا التناقض والتباعد الموجود بين رؤيتهم الفكرية والاجتماعية ورؤى غيرهم إذ يكن في هذا من المستوى للإسلاميين أن يفطنوا إلى أن أفكار وتصورات غيرهم كامنة بالضرورة في بنيتهم الفكرية ) نقصد بنية الإسلاميين الفكرية( أو قل هي جزء وعنصر من عناصر بنائهم النفسي والذهني فلا مبرر هناك لتناقص أو اختلاف بمعنى أن رؤى الديمقراطيين إن كانت غائبة عن تراثنا الفقهي أو الأصولي باعتبارهما منحنيين محدودين نظريا فهي بالضرورة موجودة في تراثنا الفلسفي وأيضا الصوفي ناهيك عن وجودها بمعنى ما في النص الذي لا يعزب عنه شئ مهما قل. دعاني لطرح هذه الأسئلة هاجس أخر أوسع مما ذكرت هو ما سر العلاقة الصميمة التي باتت تجمع بين الإسلاميين والفئات أو القطاعات الاجتماعية محدودة الدخل أو الرثة بلغة اجتماعية وعلمية معاصرة، وهنا أجدني في حاجة إلى التذكير أن صعود الإسلاميين المريع عبر رياح التعبير العربي الأخير وقبل ذلك يضعف من قيمة التفسيرات الاجتماعية الكثيرة التي لم تجعل تركيزها كبيرا على قراءة المتن الفقهي والتفسيري والأصولي الذي يعتبر عنصرا هاما أو قل حاسما في تكوين ذهنية الإسلاميين ، وفي تأسيس بنيتهم المعرفية والشعورية ليس بمعنى أنهم قد تمثلوا ذلك التراث واعملوا النقد حياله ولكن بمعنى انمحائهم فيه وغرقهم في إشكالاته ومشاغله. إن هذا الذي قدمناه يجعل فهم العلاقة بين الإسلاميين والفئات الرثة أو المستضعفين ممكنا إن لم نقل واضحا وميسورا ذلك إن المزاج العام لهذه الفئات وبنائها الوجداني والمعرفي لم يتشكلا بعيدا عن التراث هذه واحدة إضافة إلى أن هذا التراث نفسه في مستوى ما هو وليد تفاعل هذه الفئات مع واقعها المادي التاريخي هو إذا ضمير هذه الفئات وأساس أو قاعدة تفكيرها وممارستها ومعلوم إن الإسلاميين هم من أكثر الجلبة حول التراث واندمج فيه أحيانا بوعي وكثيرا بدونه، واعتبره الحل أو المشروع الكفيل بإنقاذ المجتمع المعاصر من وهدته ومن مشكلاته، فلا مناص إذن من نشوء علاقة بينهم والفئات المشار إليها لكن السؤال هو كيف سمحت التوجهات المعنية بالتغير والإصلاح والحداثة والتطوير بصيرورة هذه العلاقة وهي المعينة أساسا بالارتباط بهذه الفئات الشعبية هذه إشارة للأسف عميقة ترسم حدود أو مأزق تصورات الإصلاح والحداثة على السواء . أن المشرب الواحد الذي تشترك فيه التيارات الإسلامية والفئات الرثة يفسر العلاقة التي تجمع الطرفين كما يفسر جاذبية خطاب الإسلاميين لدى تلك الفئات ، ويفسر أيضا ضعف وخفوت ومحدودية أو أزمة التيار الوطني الحداثي وفكرته، ولكنه لا يفسر بشكل كاف تصاعد خطاب الإسلاميين وصيرورة في الآونة الأخيرة الخطاب المطلق ممارسا اضطهاد وعنفا خطيرا ضد غيره من الخطابات، ربما كان تفسير ذلك أو تعبيره ماثل في نخبوية خطاب الإصلاح، وارتباطاته بفكر غير متجدر، علاوة على ذلك التحالف الذي نشأ بين الإسلاميين و الأنظمة الاستبدادية المسنودة بتخوفات الغرب ليس من الإسلاميين ولكن من كل خطاب يروم الإصلاح الحقيقي. لما كشفنا عن العلاقة الموجودة بين خطاب الإسلاميين والبنية الفكرية الشعورية للفئات الرثة لم نذهب إلى أن الوجود الاجتماعي للإسلاميين هو مبرر لقاءهم مع الفئات الرثة والشعبية وهو الفهم الذي كرسته كثير من الأدبيات ) سمير أمين( ولكن اللقاء مبرر بالاشتراك المفاهيمي الفكري المحض ومبرر أيضا بالعناصر الوجدانية والنفسية ذات الأصل المشترك. أخيرا إن كل حل للمعضلة التي أبرزنا بعض ملامحها لا يكون سوى بنقد الجذر الفكري المفاهيمي الديني المشترك الذي يجمع الإسلاميين إلى الفئات الرثة المستضعفون في الأرض.
بوبكر الفلالي باحث
#بوبكر_الفلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبو حيان التوحيدي سيرة فيلسوف2
-
أبو حيان التوحيدي سيرة (محنة) فيلسوف
-
ملاحظات حول مشكلة الحرية في الإسلام
-
إلي الجميلة الجريئة إيناس الدغيد
...
-
العلم في مواجهة الفلسفة التقليدية (ادغار موران ضد ديكارت)
-
التوحيدي والإغتراب
-
الإبداع في برنامج الجريئة
-
*الدغيدي* ...والاسلام السياسي
-
الحكم الذاتي، الانفصال، الحركة الطلابية الصحراوية...التكوين
...
المزيد.....
-
وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها
...
-
وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل
...
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
-
حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر
...
-
ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين
...
-
قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|