أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - الموت في بني كرزاز














المزيد.....

الموت في بني كرزاز


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 3640 - 2012 / 2 / 16 - 04:02
المحور: الادب والفن
    


ها أنا أجلس قرب إحدى "الشطبات" حيث رياح مميتة تصفعني؛تصفعني بقوة،وتركلني،ناهيك عن شمس لافحة لا تتأخر في إرسال عواصفها نحوي؛أجلس هنا،وعيوني تتحرك في كل الإتجاهات؛إنها تراقب بهائما التي لا يهدأ لها بال،وتراقب أغناما التي ما فتئت تسقط الواحدة تلو الأخرى،إننا في بني كرزاز؛إننا في الجفاف،والقحالة،والتنمية المعطوبة؛السماء خالية من السحب باستثناء بعض الغمام الأبيض المتفرق هنا وهناك؛الأهالي ينتظرون،ينتظرون أمطارا،ينتطرون مخلصا؛لا ينتظرون شيئا من الدولة،فهاته الأخيرة كلمة صعبة لمن ينطقها؛إنها تثير الرعب،والخوف؛بل كل ما ينتظرونه هو:الأمطار؛رمز الحياة،والخصوبة؛لكنهم ينسون أنهم بثقافتهم الإنتظارية هذه؛ينتظرون الموت،والدمار،والهلاك؛كيف لا!؟ في بني كرزاز؛في إقليم بنسليمان؛في المغرب المنسي؛لا شيء غير الموت؛الموت إستحوذت على الزمان؛إستحوذت على الحياة،وهيمنت على المكان،وسخرته لخدمتها؛من بعيد..؛من قريب؛من أعلى؛من تحت تظهر لك الموت تصفع الحياة،ولا تضيع فرصة الرفس عليها،وعلى إنسانيتها،وحيويتها،فمن داخل المرعى يمكنك أن ترى النباتات ذابلة،والوجوه شاحبة،وباستطاعتك أن تحس أيضا بالرياح قارسة،ويمكنك أن ترى "الدوم" واجما؛فقد رونقه،ويخضوريته،ولم يعد حافلا بالحياة؛لم يعد مفعما بالدينامية؛الدينامية التي كانت،ولم توجد؛لقد مات الحلزون،وماتت الحشرة الصرصارة "الجدامة"،ولم لا تكون قد انقرضت! وتفككت خيوط العناكب؛الموت في كل مكان،وفي كل زمان؛يمكنك أن تحرك عيونك،فترى الحياة إنتصرت للكلاب؛تبدو مبتسمة-ضاحكة؛إستولت على الحمير؛المتهالكة،والجائعة،والتعيسة،والقابعة في كهوف وأدغال التعذيب؛التعذيب الذي تعانيه من جراء السيد-العبد المحلي؛الذي يستفيد منها،وحينما يصل الخريف،والجفاف يرميها في قذارة الضياع؛ياللإنتهازية! وياللبراغماتية المريضة؛إن صنوف القهر التي يتعرض لها هذا النوع من البشر جراء عنف الطبيعة،وعنف السيد؛الذي هو الدولة،ومن يهيمن عليها؛تجد هذا القهر يفرض وجوده في علاقة هذا النوع من البشر بالحيوانات،ولاسيما الحمير،ونفس الشيء تعيشه الكلاب،ويكفي أن نذكر لازمات من قبيل:"خوش سير"،"خرج لخلا"؛لكن نلاحظ الآن؛أن الظرف إبتسم لها،وهاهي تستولي بمفردها على غنيمة في النعاج،والحمير،بالأمس رأيت الأهالي يجرون إحدى حميرهم الميتة،وها أنا الآن أسلمهم نعجتنا "الخنونية" التي لم تجد ما تأكل سوى نقيع التراب،والخروف الصغير؛هكذا إذن صالت،وجالت(الكلاب)وإنتصرت،وإنتصرت معها الديدان،فمن موت محقق؛إلى حياة وخلاص التي لم يجدها البشر،سواء بالجفاف،أو بغيره،فمن داخل المرعى يمكنك أن ترى الراعيات من هول البرد"يكحبن"،و"يكححن"،ونفس الشيء بالنسبة لأطفالهن لا يعرفون اللعب؛عليهم أن يطاردوا الأغنام ،وأن يكونوا ظلها،وتحذر النسوة أطفالها من اللعب،فهذا الأخير لا يوجد في قاموس المحليين،فهنا لا تعاين إلا التعاسة،والمرض،والشيخوخة،واليأس،والعدم،والإنتظار،وبإمكانك أن ترى من النسوة من تحمل رضيعا،وهي ترعى الماشية؛التي ما فتئت تتحرك هنا،وهناك؛السكون هو ما يخيم على المرعى؛تتبعه بين الفينة،والأخرى حشرجات الراعيات،و"تزنزين" الحشرات؛العديد من الأبقار،والبقية تنتظر،ولاشيء يبعث على الحياة؛تلتصق الجلود بالعظام،وبين الفينة،والأخرى "تزوك" واحدة منها من هول الجوع،والمرض،والبرد..................
في بني كرزاز اليأس.................
في بني كرزاز توقفت الحياة............................
15/02/2012



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدرستي السادية
- من الطريق وإلى الطريق(ملاحظات)
- شمس الثورة
- رغما عن أنفكم إنني موجود
- ملاحظات من الواقع السليماني
- طقس صلاة العيد الأضحى وجدلية الحضور والغياب بين المعنى واللا ...
- تأملات كرزازية
- البرتوش(عمل وصفي)
- ذاكرتي والطفولة - طفولتي والذاكرة
- جولات نقدية...من الشارع السليماني!
- يوميات طفل قروي كرزازي (1)
- إكتشاف الحب-جبران خليل جبران-تعريب:عبد الله عنتار ‏‏
- دعوة للنضال من أجل الحرية والإنسانية
- أبو العلاء المعري-إحترام الحياة-تعريب :عبد الله عنتار
- النظرة الأطفالية في المجتمع الكرزازي:(تعبير عن الوجود و مواق ...
- مامعنى الإنفعال؟- فريدريك نيتشه- تعريب:عبد الله عنتار
- عظمة الإنسان - بليز باسكال-تعريب:عبد الله عنتار
- النظرة الأطفالية في المجتمع الكرزازي:(تعبير عن الوجود و مواق ...
- دوارنا بين الماضي والحاضر٬ رصد لموارده الطبيعية والبشر ...
- أرضي-حياتي


المزيد.....




- كيف تشوّه أفلام هوليود صورة المسلمين؟
- بعد منعه من دور العرض وعرضه في السينما .. ما هي أخر إيرادات ...
- سيكو سيكو يتصدر أعلى إيرادات أفلام العيد المصرية لهذا العام ...
- عليا أحمد تحوّل لوحاتها إلى تجربة آسرة في معرض منفرد في لندن ...
- -وصية مريم- اختصار الوجع السوري عبر الخشبة.. تراجيديا السوري ...
- لماذا لا يعرف أطفال الجيل الجديد أفلام الكرتون؟
- متحف البوسنة يقدم منصة -حصار سراييفو- للجزيرة بلقان
- تحدّى المؤسسة الدينيّة وانتقد -خروج الثورة من المساجد-.. ماذ ...
- تضامنا مع غزة.. مدينة صور تحيي أسبوع السينما الفلسطينية
- اكتساح -البديل من أجل ألمانيا- موسيقى راب عنصرية ومرجعيات ال ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - الموت في بني كرزاز