|
باطل عالية ممدوح
منى زكي
الحوار المتمدن-العدد: 1073 - 2005 / 1 / 9 - 10:04
المحور:
الادب والفن
الآن وقد أعلن قسم النشر التابع للجامعة الأمريكية في القاهرة عن منح جائزة نجيب محفوظ للعام 2004 إلى الروائية العراقية عالية ممدوح، يحقّ للعراقيين أن يعتبوا على شخصية بعينها في لجنة التحكيم، هي الدكتورة فريال غزول، الأستاذة في الجامعة الأمريكية والعراقية المقيمة منذ سنوات في مصر. ولجنة التحكيم في عدادها الدكتور عبد المنعم تليمة أستاذ الأدب و النقد في جامعة القاهرة، والدكتورة هـدى وصفـي أستاذة الأدب الفرنسي ومستشارة وزير الثقافة المصري ورئيسة تحرير مجلة "فصول"، والناقد الأدبي المعروف إبراهيم فتحى، والدكتورة سامية محرز أستاذة الأدب العربى بالجامعة الأمريكية في القاهرة، ومارك لينز مدير قسم النشر في الجامعة إياها. لكنّ أياً من هؤلاء ليس معنياً بتضميد جراح العراق والتعاطف مع همومه الراهنة وتشجيع شعبه على الخروج من جحيم الاحتلال، بعد التخلّص من جحيم الدكتاتور، أكثر عافية وحرّية وديمقراطية. لعلّ العكس هو الصحيح، لأنّ معظمهم قد يريد للعراقيين البقاء زمناً أطول في العذاب، ليس بسبب كراهية مسبقة للإنسان العراقي كما نرجو، ولكن بسبب سلسلة الأوهام حول ضرورة دفع الاحتلال إلى "المأزق" ونصرة "المقاومة" العراقية، حتى إذا كان أيّ من الأساتذة الكبار المفوّهين والمفوّهات لن يفلح في تجميع سبع كلمات يتيمة على سبيل تعريف ذلك "المأزق" وتلك "المقاومة". العتب إذاً على إبنة العراق فريال غزولي، المستنيرة الليبرالية التي لا نعرف عنها أيّ تلوّث بأعطيات أو مغانم صدام ونظامه، لأنها لم تضع لجنة التحكيم في الحقيقة الأساسية: أنّ إبنة بلدها عالية ممدوح لا تستحقّ الجائزة أبداً، لأسباب أدبية أولاً، ثمّ سلوكية وأخلاقية ثانياً. صحيح أنّ قيمة الجائزة المادية تظل رمزية (1000 دولار أمريكي)، ولكنّ قيمتها المعنوية واقترانها باسم الأديب الكبير نجيب محفوظ يسبغ عليها أهمية خاصة إضافية. وصحيح أنها مُنحت لأعمال غير مستحقة في سنوات سابقة، مثل مريد البرغوثي عن "رأيت رام الله" وبنسالم حميش عن "العلامة" وأحلام مستغانمي عن "ذاكرة الجسد". ولكنها عموماً ذهبت إلى أسماء جديرة مثل لطيفة الزيات، ويوسف إدريس، وإدوار الخراط، وهدى بركات وإبراهيم عبد المجيد وخيري شلبي. ولنبدأ من الجوانب الأدبية... لا تخرج رواية "محبوبات"، التي نالت الجائزة، عن أجواء الافتعال التي عوّدتنا عليها عالية ممدوح، من حيث تركيب شخصيات نمطية باهتة ومفصّلة بشكل مسبق، وكأنها دمى معدنية أو ميكانيكية منسلخة عن أبعادها الإنسانية أو النفسية أو الإجتماعية أو التاريخية، ولا تخدم أي وظيفة أخرى سوى تزييف موضوعة الغربة، وتلفيق حياة المثقف العراقي في المنفى، وحشر تفاصيل مكرورة عن الاعتقال والتعذيب، إلى جانب التوابل المعتادة عن الجنس والسياسة والفولكلور والدين. وعالية ممدوح كانت وما تزال تكتب وعينها ليس على قارئها العراقي أو العربي، بل على إرضاء المترجم الغربي. ولهذا تُرجمت معظم رواياتها إلى عدد من اللغات الأوروبية لأنها تدغدغ رغبات القارىء الغربي وتلبّي استيهاماته عن العراق والعراقيين. كذلك أحسنت استغلال ماساة حصار العراق طيلة السنوات السابقة لكي تتباكى على الأطفال والرضّع والنساء والشيوخ، من أماكن إقاماتها الآمنة المرفهة في بيروت أو المغرب أو فرنسا أو بريطانيا أو كندا أو... أمريكا! وهذا يقودنا إلى الجانب الاخلاقي والمسلكي. فالكلّ يعلم أنّ عالية ممدوح لم تكن مناهضة لنظام صدام حسين، بل العكس هو الصحيح، وليس فقط بسبب صلات القرابة مع آل الفكيكي، بل تطوّعاً وإيماناً و... انتهازية كما يتوجب أن نقول. وعند سقوط نظام الدكتاتور ووقوع بغداد تحت الاحتلال، لم تجد عالية ممدوح كلاماً تقوله، لا في مباركة انطواء صفحة الاستبداد، ولا في إدانة الاحتلال، لأنها بكل بساطة لم تكن تريد أن تتورط في أي موقف مسبق يجرّ عليها العواقب. وبتاريخ 14 أبريل 2003 صرّحت لصحيفة "الوطن" السعودية بالتالي: "الجرح الآن أكبر بكثير من أي كلام، والكلام نفسه في هذه الفترة لا بد أن يكون حذراً ومحترساً، الصورة ضبابية"! وبالامس، في مناسبة استلامها الجائزة، واصلت عالية ممدوح نشر الضبابية ذاتها فقالت: "إنني هنا من أجل العراق الذي يختفي من أمامنا وكأن الإدارة الأمريكية حضرت لتنظف العراق من العراقيين"...! هذه في أفضل تأويل كلمات حقّ يُراد بها الباطل، ولكنها أساساً مفردات نفاق مفضوح مردود على صاحبته، التي ما تعوّدنا منها غير هذا في كلّ الأحوال. والعتب ليس عليها، بل على فريال!
سانت لويس ـ ميسوري
#منى_زكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لافتات إلى مؤسسة العويس
-
جعجعة بلا طحن
-
رفعت الأقلام وجفت الصحف
-
باقة ورود حمراء في سبعينية سعدي يوسف
-
أهذا هو ديمقراطي العراق الجديد؟
المزيد.....
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|