المرأة التي أشعلت فتيل الثورة

عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 22:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

غالية بوزعكوك .. اسم قد لا يعرفه الكثيرون خارج ليبيا ، لكنها أمراة
معروفة هنا في بنغازي .. باعتبارها ممن ساهموا في إشعال فتيل الثورة في
يوم 15 فبراير 2011 عندما خرجت في مسيرة سلمية إلى مبنى مديرية امن
بنغازي، احتجاجا على اعتقال فتحي تربل، محامي اسر ضحايا مذبحة أبو سليم،
والمطالبة بإطلاق سراحه. وكان هتافها الشهير في تلك المسيرة ( ثوري ثوري
يا بنغازي جاك اليوم اللي فيه تراجي )، ورددته وراءها باقي أمهات وأرامل
شهداء مذبحة أبوسليم،( أمينة بن عمران، نورية كلفة، وغيرهن)، بمثابة
شرارة انطلاق الثورة، حيث ألهب هتافها حماس الشباب المشارك في المسيرة
فانتفضوا لنصرتها، خاصة بعد اطلاق الرصاص من داخل المديرية على المحتجين،
ومن هناك انطلقت المظاهرات إلى وسط المدينة ولم تهدا وبلغت ذروتها في يوم
17 فبراير، وما تبع ذلك من أحداث قادت إلى هروب أزلام القذافي من المدينة
وسيطرة الثوار عليها.
وغالية بوزعكوك هي واحدة من امهات شهداء مذبحة ابو سليم، التي راح ضحيتها
اكثر من 1200 شهيد، ووقعت في يوم 29 يونيو من عام 1996 ، حيث قامت
فرقة تتبع كتائب خاصة بقيادة عديل القذافي ( عبد الله السنوسي)
باقتحام زنازين سجن أبوسليم وحصدت ارواح 1200 معتقل ليبي أعزل في غضون
ساعات عدة .
أزهقت أرواحهم بدم بارد بلا رحمة أو شفقة من قبل أتباع القذافي، الذين
تجردوا من معاني الانسانية، لا لشيء سوى أنهم طالبوا بحقوق مشروعة داخل
سجن خال من كل المقومات الإنسانية.
ثم قامت أجهزة نظام حكم القذافي بدفن القتلى في مواقع مجهولة، ولم تقم
بإخطار أهالي القتلى، واتخذت إجراءات صارمة للتستر على الجريمة وإنكار
حدوثها ، ولم يعلم بها الشارع الليبي إلا عام 2004 ، وكان ذلك من خلال
أحد السجناء الذي نجا من المجزرة بأعجوبة ، ثم تمكن من الهروب إلي خارج
ليبيا وسرد تفاصيل المجزرة إلى وسائل الإعلام .. عندها اضطرت السلطات
الليبية في الأعوام الأولى من القرن الحالي، أي بعد أكثر ما يزيد عن ست
سنوات بالشروع في إخطار بعض الأسر بوفاة ذويهم في السجن.
ورغم ذلك ظلت أحداث مجزرة ابوسليم المشهورة حية متواجدة وتفرض نفسها بقوة
على الشارع الليبي ، وذلك بفضل أهالي الضحايا الذين صمدوا أمام الضغوطات
والاغراءت للتنازل عن حقوقهم قبل معرفة الحقيقة كاملة. وبدأ أهالي ضحايا
ابوسليم ومن بينهن السيدة غالية بوزعكوك التي فقدت ابنها ( فتحي مصباح
العريبي) الذي سجن وعذب وقتل في ذلك المعتقل، وكل تهمته انه كان يواظب
على صلاة الفجر في المسجد في دولة مسلمة ، ولم يكن في يوم ما إرهابيا
متعصبا أو متطرفا ولم ينظم الى الى تنظيم ولم يحمل السلاح! ، وكان من
هواياته قبل اعتقاله، كما تقول والدته .. جمع العملات المعدنية العالمية
وكان يطمح قبل اعتقاله الى إقامة معرض عالمي لكل العملات الدولية.
في عام 2008 أنشت رابطة اهالي ابو سليم ، ومنذ ذلك الوقت ، بدأ اهالي
الضحايا في الاعتصام كل سبت في ساحة محكمة بنغازي، حتى انتفاضة 17 فبراير
2011 ومنذ ذلك اليوم هم في اعتصام دائم في خيمة ساحة التحرير حتى سقط
النظام وقتل القذافي، واجلا ام عاجلا، ستظهر الحقيقة.
الحاجة غاليه محمد بوزعكوك والدة فتحي مصباح المهدي العريبي ، قالت بأنه
قد تم اعتقال ابنها في 23 / 12 / 1992م ، و أنها كانت تقوم بزيارته حتى
تاريخ 6/7/2002 ، أما والده المرحوم مصباح العريبي،فقد توقف عن الزيارة،
بعدما داهمه مرض السكري و بترت رجليه ،ورفضت السلطات علاجه بالخارج بحجة
ان ابنه ( زنديق!!) و أصيب بالعمى.ثم توفي في عام 2007 .و أنهم كانوا
يحملون لابنهم المواد و الألبسة غالية الثمن ،و كانوا يسلمونها لحراس
السجن على أمل أن تصل لابنهم ، و أن حراس السجن لم يستجيبوا لتوسلاتها و
دموعها ليسمحوا لها برؤية ولدها ، و أضافت بأن ولدها بريء و كان يتمتع
بخلق حسن، و لم يؤذي أحدا ، و أبرزت رسالة كان قد أرسلها لهم أبنهم قبل
الحادثة ، و قالت بأن ابنها منذ أخذ منها عام 1992 لم تره بعدها ، و هو
لم يحاكم و لم تثبت إدانته ، و الآن يأتوها بشهادة وفاة تعتبرها مزورة .
و تساءلت هل يصح أن يحدث هذا في حق إنسان ، و أنهت حديثها بجملتين ( حسبي
الله و نعم الوكيل ) و ( لك يوم يا ظالم ).
غالية بوزعكوك، التي رفضت قبول تعويض عن فقدان ابنها فتحى العريبي، الذي
قبض عليه وعمره 18 سنة، وكان يستعد لنيل الشهادة الثانوية، كانت دائما
تردد ما كان زوجها رحمه الله يقوله "لك يوم يا ظالم"، وها هو اليوم قد
جاء لكي يحاكم المسؤول على كل هذه الجرائم.ان ثوار 17 فبراير اخذوا
بثأري.

#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات