|
الروائي المغربي السعيد الخيز... في ضيافة المقهى؟؟!
فاطمة الزهراء المرابط
الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 14:40
المحور:
مقابلات و حوارات
- الحلقة 96 - من تارودانت، المدينة التي عشقتها قبل أن أراها، مبدع سجن نفسه داخل الرواية فنسج لنا "سجين الهوامش" التي تشرفت يوما بالغوص بين أحداثها واكتشفت هناك عاشقا جميلا للحرية والكلمة الدافئة، من أجل التعرف أكثر على المبدع المغربي السعيد الخيز كان الحوار التالي...
بعيدا عن الإبداع، من هو السعيد الخيز؟ مرحبا بك أختي فاطمة الزهراء، في مدينة أشجار الزيتون والأسوار الترابية الحمراء، مدينة الأبواب الخمسة، مدينة الأدب والأدباء، وجوابا على سؤالك، لا أتصور نفسي بعيدا عن الإبداع وإن حاولت فسأكون مجرد مسخ من الإنسان كتب عنه كافكا ذات يوم إسمه السعيد الخيز من مواليد 1980 بمدينة تارودانت، أمي أمي أمي ربة بيت وأبي إمام مسجد الشيء الذي أتاح لي الفرصة للنهل من ثقافة دينية إسلامية من بطون كتب التفسير والحديث، شأن عائلات سوس المنحدرة من جبال الأطلس الكبير تفتخر بعدد حملة القرآن في بيتها. نشأت وسط عائلتي الكبيرة المكونة من 11 أخا وأختا كنت أوسطهم. عصبي ومزاجي لا يثبت على حال ولا يهدأ له بال. أحمل في ذهني الحكايات الأمازيغية والمعلقات العربية والموشحات الأندلسية والحكم الصحراوية وجمل بروست الطويلة. شغوف بالرواية العربية والفرنسية. نجيب محفوظ وكلاسيكيات الرواية، غادة السمان القوة والغزارة في الكتابة، عبد الرحمان منيف وقصصه النفطية، الطاهر وطار وشيوخه، أحلام مستغانمي الرومانسية. عبد الله العروي وأوراقه الذهنية. حنا مينة والإحتفاء بالضعف الإنساني، هرمان هيس، اندريه جيد ، كامي، سارتر..... كيف ومتى جئت إلى عالم الكتابة؟ جئت إلى عالم الكتابة، لا أعرف من أين ولكني دخلت من باب الرواية وباب الصحافة الجهوية. هذه الأخيرة واضحة الدوافع والأهداف. رفع الظلم عن المقهور، فضح الكثير من الممارسات المشينة، مساعدة الناس على إسماع أصواتهم وإيصالها إلى الرأي العام الجهوي والوطني. المهم هدفها التغيير. أما الرواية فكانت بابا مظلما يؤدي إلى دهليز مظلم ربما في آخره نور. وإن كانت أيضا رواقا مفتوحا على حديقة أندلسية نتغني فيها بالشعروالنقد والرقص والفرح. لا دوافع لها ولا أهداف غير خلق الجمال من الجمال من القبح من الفرح من التعاسة من الحروف من ملامس الحاسوب من القلم ومن كل شيء. فالكتابة ترافقني كظلي، وإن غاب القلم والحاسوب أخط على حائط الذاكرة ورمل الشاطئ وصخور الجبل ومياه الأنهار. كيف تقيم وضعية الرواية في المغرب؟ وضعية الرواية كوضعية الثقافة عموما مهمشة، لا يرافقها النقد البناء المنهجي بقدر ما ترافقها القراءات اللحظية المجاملة أحيانا والهدامة أحايين. الرواية لن تكون بخير في ظل احتكار للنشر والتوزيع من طرف شركات عملاقة تستنزف جيوب الكتاب والروائيين وفي ظل مؤسسات ثقافية مهترئة متشبتة بتقاليد الزبونية وصناعة الأسماء وتلميع الصور من أجل منصب جامعي أو أكاديمي أو حتى في سبيل كرسي حزبي أو وظيفة عمومية. ولن تكون بخير في ظل نسب أمية يندى لها الجبين وضعف القراءة حتى بين غير الأميين. لن أقول أن الرواية أو الثقافة بخير في مغربنا الحبيب مادام الكاتب يعاني الأمرين من أجل إخراج كتابه إلى الوجود إنه لمجاهد حقيقي. وإني هنا لأتحدث من موقعي كإعلامي ثقافي صاحب مجلة وطنية متخصصة في النقد والأدب والتي هي أوراق ثقافية وراصد يومي تقريبا لأدب الشباب والإبداعات الراهنة وعين فيسبوكية تتجسس على الإبداع المغربي والمكتوب العربي. من جهة أخرى يبدو أن القيمين على المهرجانات الثقافية القليلة يخصصون الحيز الأوفر للقصص والشعر في تهميش ملحوظ للرواية. لأسباب تقنية ربما مرتبطة بصعوبة القراءة النقدية وصعوبة الاحتفال إذ أن السرد الروائي يختلف عن الإلقاء الشعري والقصصي. الرواية لا تحتمل النميمة الثقافوية للملتقيات الفولكلورية الموسمية التي أصبحت تقليدا ثقيلا ينبني على العلاقات الشخصية. إما القراءة الأكاديمية والتذوق الجاد أو التألق في الهوامش. ما هي طبيعة المقاهي في تارودانت؟ وهل هناك مقاه ثقافية؟ هناك عدة أنواع من المقاهي في مدينة تارودانت، نوع من المقاهي الفخمة داخل الفنادق المصنفة، محجوز مسبقا لطبقة المال والنفاق. ومقاهي وسط المدينة للأكل والشرب والحملقة. مقاهي الضواحي للسياحة والوافدين الأجانب. وهناك مقاه جديدة هي المقاهي المظلمة التي تسمح بسرقة القبل بين العشاق وتمرير الحشيش بين الشباب. أما عن المقاهي الثقافية فيمكنني القول بوجود طاولات قليلة في بعض المقاهي يجلس إليها أساتذة وكتاب وصحافيون يتبادلون أخبار الثقافة وأحوال السياسة يحيط بهم مخبرون في وضعية سينمائية يحملون جريدة الأمس غالبا. قبل أن أصبح حشرة فيسبوك كنت أتلهف للجلوس في مقهى ندى في انتظار قدوم الكاتب الكبير أستاذي وصديقي رشيد الحاحي ومدير نشر جريدة ملفات التي عملت فيها، ترافقنا دوما أسئلة الكتابة والفن وهموم المثقف، هناك حضرت ميلاد كتبه "الفن والجسد والصورة"، "النار والأثر" و" الأمازيغية والسلطة" المنشور ضمن دفاتر وجهة نظر، وميلاد روايتي " سجين الهوامش"، جلسات تكبر أحيانا لتضم طاولتين بحضور الشاعر خالد بناني، القاص محمد كروم، محمد وسادن، محمد الحاجي، شكيب أريج، مع نظرات النادل المتهكمة لجوقة من المتكلمين نسوا طلب فناجين القهوة لانشغالهم بتبادل الجمل بل وغيروا ديكور المقهى وضيقوا الممرات. وتصغر غالبا لنبقى معا أسوق له أسئلتي الغبية عن الفلسفة الفرنسية أو أكيل له الإتهامات المجانية عن التعصب والصحافة ومعاداة الجماعات الإسلامية. وكانت أجوبته تنتهي غالبا بكلمتين: الصدق والإصرار. لكي تستمر في الكتابة الزم الصدق والإصرار. والتزمت الصدق والإصرار. ما هي الأسباب التي ساهمت في تراجع دور المقهى في المشهد الثقافي؟ لقد تراجع دور المكتبات التي هي في صميم الصورة الثقافية فكيف بالمقاهي التي لم تخلق في المغرب من أجل الثقافة بل من أجل النميمة . الثقافة في بلدنا بضاعة خاسرة لا رجل أعمال مطلع قد يغامر بفتح مقهى ثقافي وهو يعلم بؤس مرتاديه وانسداد شهيتهم سواء للاستماع أو الإلقاء. هل للمقهى حضور في حياتك الإبداعية والاجتماعية؟ فضلت التزام البيت بدل إنفاق الساعات في الجلوس إلى طاولة خصوصا أني من نوع الرجال الحاذقين الذين يطلبون جو البيت في المقهى وجو المقهى في البيت. فشلت في مصاحبة المقاهي، والكتابة فيها لا تستهويني. أنا من محبي الجلسات العائلية حول صينية شاي كبيرة على الطريقة الأمازيغية ، وصحن من حبات اللوز والجوز وكعب غزال المحشو على النمط الفاسي والفقاص. أما أصدقائي فيعرفون أنهم سيجدونني في البيت الكبير المفتوح في وجه الجميع. ماذا تمثل لك: الرواية، الصداقة، الحرية؟ الرواية: أبحث عن شكل جديد في الكتابة الروائية، هذا هو المدخل الكبير الذي اخترته في الكتابة، وهو التحدي الذي رفعته، أرفض الأشكال الجاهزة للرواية وأبحث عن شكل خاص. لا يحفل بالشخصية البطل الذي يقاوم الصعاب وفي الأخير عاش الأمير والأميرة حياة سعيدة ولا يحفل بالزمان والمكان التقليديين. أريد رواية تبدأ عند الصفحة الأولى ولكنها لا تبدأ حقا ذلك أنها بدأت قبل ذلك بمئات الصفحات . منذ ولادتي في نصوص أخرى روائية على الخصوص ، وأيضا قصصية، فلسفية ، فكرية وغيرها. أريد رواية تنتهي عند الصفحة الأخيرة ولكنها لا تنتهي تماما ذلك أني لا أرغب في إنهائها ، فالكتابة ستستمر بعد الصفحة الأخيرة لأن تبدأ رواية يعني أنك تنهيها وتقتلها على الورق هي التي كانت حرة طليقة خارج الورق. ما يربطني بالبداية والنهاية بالزمان والمكان هو الحنين فقط. وقبل أن ننهي الرواية نتحاور حولها لنبحث عن الحقيقة، حقيقة أننا تركنا فراغات كثيرة داخلها، ونعترف بفشلنا الضروري أمام الكتابة، الفراغات التي سيملؤها النقاد على الخصوص بنظرياتهم الثقيلة ونقدهم وربما سخريتهم ونميمتهم. ولكني أراهن على قارئ آخر مختلف لديه مساحة من الحرية هو أيضا ليلتقط الكلمات من الهوامش وينظر إلى الرواية لا كحكاية تودوروفية بل كصور كفلاشات كتشظيات كانفعالات كتوترات كجروح لم تلتئم كشروخ في القلب والعقل والذاكرة والوطن. الصداقة : أوراق خريف صفراء ... الحرية : دين يسدد بالرقاب والدم... كيف تتصور مقهى ثقافيا نموذجيا؟ أتصوره مقهى من تصميم فاطمة الزهراء المرابط هي التي جمعت ما يكفي من حوارات حول المقهى واستضافت كل كتاب الوطن وتعرف طلبات كل واحد منهم من غيرها ليصمم لنا نموذج مقهى ثقافي في أصيلا الفن والتشكيل والإبداع والكتابة؟ أتصوره مقهى أنت مالكته وسيدته. شكرا لك .
#فاطمة_الزهراء_المرابط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القصر الكبير.. يحتفي بالمبدع المغربي مصطفى يعلى
-
-الهجرة وتأثيراتها في الحراك السياسي العربي- ..ملتقى تواصلي
...
-
الناظور ... تحتفي بالقصة القصيرة جدا
-
الدار البيضاء تحتفي بالقاص المغربي محمد صوف
-
المهرجان العربي الأول للقصة القصيرة جدا بمدينة الناظور
-
إصدار قصصي جديد... - وصمة زعفران- للقاص المغربي زهير الخراز
-
مكناس تحتفي بالمبدع المغربي عبد الرحيم مؤدن
-
المرأة المغربية والتهميش السياسي
-
ملتقى محمد الجازولي الأول للقصة القصيرة
-
لقاء الشروق العربي الثامن للقصة القصيرة بمكناس
-
القاص الأردني سمير الشريف... في ضيافة المقهى؟؟!
-
الكاتب المغربي عبد المطلب عبد الهادي... في ضيافة المقهى؟؟!
-
الشاعر المغربي إبراهيم عبد الله بورشاشن... في ضيافة المقهى؟؟
...
-
إصدار مغربي جديد...ندف الروح للقاص المغربي إسماعيل البويحياو
...
-
أصيلة تحتفي بالقاص المغربي عبد السلام بلقايد
-
القاص المغربي أبو الخير الناصري... في ضيافة المقهى؟؟!
-
ملتقى أصيلة الثاني للقصة القصيرة
-
القاص المغربي أحمد بوزفور... في ضيافة المقهى؟؟!
-
القاص والروائي المغربي شكيب عبد الحميد...في ضيافة المقهى؟؟!
-
المبدعة المغربية بين مؤسسة الزواج وذكورة المجتمع
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|