|
عبد الرزاق عيد و التحول الخطير
قصي حسن
الحوار المتمدن-العدد: 3638 - 2012 / 2 / 14 - 00:02
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
" سوريا ايران حزب الله" للأسف الشديد فان الدكتور عبد الرزاق عيد بالرغم من أنه حاول أن يكون لاطائفيا" من خلال ذكر كبار المفكرين و المبدعين من الاقليات الطائفية في سوريا كالياس مرقص و سعدالله ونوس الا أنه لم يكن ناجحا" في هذه المحاولة لانه لم ينطلق بالفعل من دراسة محايدة للوضع الطائفي في المنطقة و كان التوتر و الهجوم اللاواعي هي الصفة الغالبة على مقالاته التي أضعها على صفحتي احتراما" لعقولنا أولا" وللدكتور عيد ثانيا" ان سمة الصراع على مدى أكثر من ستين عاما" في العالم العربي كانت و ما تزال هي سمة التحرر الوطني من نير الاحتلال ولان تحررت كل الدول العربية من الاستعمار الاحتلالي ما عدا فلسطين الا أن الاستعمار الثقافي و الاقتصادي الذي بدأ فعليا" مع نهاية الحقبة الناصرية التي كانت تمثل بالرغم من ديكتاتورية جمال عبد الناصر الامل العربي للدخول الى العالم عن طريق انجاز ما سعت اليه حكومة محمد علي باشا في نهايات القرن الثامن عشر ولكن لكون العالم العربي عالم يؤسطر كل شيء فان هذا العالم الذي انتشى في الحقبة الناصرية انتهى مع موت الرجل عن طريق الاغتيال ليحل محله رجل كاريكاتوري اسمه السادات كان- في السينما عندما حدث انقلاب يوليو 1953 - و بالتالي انغمست الدول العربية في التبعية للعالم الغربي مجبرة و مخيرة فمنها من انغمس نتيجة الضعف العلمي و الاجتماعي و منها من انغمس للحفاظ على الحكم و ليست سوريا استثناء فالتبعية كانت واضحة و جلية في كل العالم العربي و لكن تشتد في هذه الدولة و تقل في هذه الدولة ليس بسبب نظام الحكم القائم وانما بسبب حاجة الغرب لهذه الدولة أو تلك . و الحقيقة أن الدكتور عيد أخذ في دراسته لموضوع" سوريا ايران حزب الله" يزج بالعنصر الطائفي قسريا في ثنايا الموضوع المدروس حيث أنه مما لا شك فيه أن النظام السوري أخذ يلعب على الوتر الطائفي ميدانيا" و لو أنه على المستوى النظري و الخطابات و المقالات كان يحاول أن يبدو أكثر علمانية من أكثر الاحزاب اليسارية تطرفا" في هذه المسألة . ولا شك أن أية ثورة في العالم تحاول بشتى الوسائل أن تصدر ثورتها الى العالم وتحديدا" الى الدول التي تعتبرها مماثلة لها من حيث التركيب الاجتماعي و العرقي و ايران لم تكن استثناءا" و لن تكون أية ثورة في العالم استثناءا" في يوم ما ولكن ما هي الوسائل التي استخدمها هذا الطرف أو ذاك لهذه الغاية هنا تتبدى خطورة المسألة . هنا أنا لا أدافع عن نظام الملالي في ايران و لا عن حزب الله بل أنا أحاول أن أكون موضوعيا" في مقاربتي لهذا الموصوع الحساس و الذي عليه يتحدد مستقبل الحركة الاحتجاجية السورية بخلاف الحركة الاحتجاجية في باقي الدول العربية التي تتبع لونا" مذهبيا" واحدا" تقريبا عدا مصر اتي يشكل الاقباط نسبة لا بأس بها من تركيبة المجتمع المصري . فاذا اتفقنا على الحق الديمقراطي- الذي لاجله حسب ما يدعي المدعون قامت الحركات الاحتجاجية و الثورات في العالم العربي- فان هذا الحق ليس حكرا" على طائفة بعينها أو دولة بعينها بل هذا حق لكل التجمعات الانسانية بغض النظر عن مدى قربها أو بعدها عن مركز الكون الولايات المتحدة الامريكية كما يحب البعض أن يدعي . و لان شهدنا خلال القرن الماضي و بدايات القرن الحالي أن بعض الدول و الثورات حاولت تصدير نظامها الذي تعتبره النظام الناجع لكل الكون بطرق شتى الى شتى أنحاء العالم- هكذا حدث مع الثورة البلشفية و هكذا حدث مع الالمان هتلر حيث فشل هنلر في البقاء كقوة عظمى.- و أمريكا و الغرب لاحقا" ليس فقط يحاول تصدير ثورته الينا بالطرق السلمية بل انه يصدر نظامه الذي قد لا يتناسب مع الظروف القائمة في العالم العربي و الشرق أوسطي العام بالقوة العسكرية هذا ما حدث في العراق و ما حدث في ليبيا و ما يريدون له أن يحدث في سوريا و بقية الدول العربية أنا لا أعترض هنا على الديمقراطية كنظام حكم قد يكون مناسبا" للدول العربية و لكن الاعتراض على الازدواجية الفكرية و الثقافية للمثقف العربي الذي يفرح و يهلل للمفاهيم القادمة من الغرب و كأنها الدواء اللازم الذي يشكل الترياق لكل الامراض الاجتماعية القابعة بين ظهرانينا منذ مئات السنين بينما لا يحاول ابداع أي نظام حكم آخر قد يكون مختلفا" عن الديمقراطية وغيرها من الانظمة القائمة في الغرب فمن هنا من هذه الناحية أعتبر أن المثقف العربي الليبرالي الذي يتبنى وجهة نظر الغرب عن الديمقراطية إنما هو يتبنى وجهة نظر الغرب في كل المسائل فكما أن الغرب يتعامل مع العالم العربي بعينيين مختلفتين أو بمنظار مزدوج فان المثقف ينظر الى كل شيء نظرة مزدوجة فما يحق للغرب لا يحق لغيره من الدول فليس من حق ايران و لا كوريا الشمالية و لا روسيا و لا الصين بأن يعتبروا نظامهم للحكم هو النظام الامثل للعالم. فقط الدول الغربية هي التي يحق لها أن تعتبر أن نظامها للحكم هو النظام الناجع لكل الازمان و الامكنة كما القرآن المنزل . في الحقيقة هذه هي النظرة الديكتاتورية نفسها التي يتبناها النظام في سوريا و في أي دولة ديكتاتورية في العالم و لا سيما الصين و كوريا الشمالية و كوبا و غيرها من الدول فلا فرق بين وجهتي النظر من ناحية المبدأ سوى أن الغرب يملك المال و الشركات متعددة الجنسيات والمافيات التي تفرض سيطرتها على كل انظمة الحكم في العالم من أمريكا الى فرنسا و بريطانيا بينما الديكتاتور لا يملك سوى شعبه الذي يستطيع أن يساوم عليه لكي يحتفظ بالسلطة التي تدر عليه المال الشخصي وليس مالا" للدولة و الخدمات العامة . ولكوننا نريد أن نكون ديمقراطيين مع الاخوان المسلمون و نعتبر أنه لهم الحق في أن يسعوا للسلطة في دول العالم العربي عن طريق الديمقراطية و الانتخابات العامة لماذا لا نعطي دورا" أيضا" لحزب مثل حزب الله الذي قدم خدمات جليلة للشعوب العربية و سوريا تحديدا" من خلال تصديه للعدوان الصهيوني وهو كما الاخوان يدعي انه مع الحرية و الديمقراطية و غيرها من المفاهيم التي تثلج قلب الدكتور عيد و كل الذين يسعون لفرض النموذج الغربي للحكم في العالم العربي و لكن الدكتور عيد يسعى بشتى الوسائل و الاساليب التي أظن أنها ليست محايدة الى أن حزب الله هو ليس سوى حزب طائفي يسعى الى جعل العالم العربي كله شيعيا" بالتعاون مع ايران و سوريا ناسيا" أو متناسيا" أن التحالف السوري الايراني و حزب الله ليس سوى تحالف تكيكي ناجم عن طبيعة الجغرافيا و انظمة الحكم المحيطة بالمقاومة اللبنانية . في الحقيقة يجانب الدكتور عيد الحقيقة في عدد من النقاط: فاذا كان العرب يعتبرون ان ايران هي الخطر الحقيقي عليهم و ليس الصهيونية و امريكا فهذا ليس ناجما عن أن : (جهود ملالي إيران الذين راحوا (يقومنون المذهب)، ليجعلوا من إيران خطرا ينافس خطر الإسرائيليين الممتد لأكثر من ستين سنة بعد أن فرضوا وجودهم على العرب كأمر واقع)بل ناتجا" عن قصور في القراءة العربية لحقيقة الخطر الايراني و هذا القصور ليس ناجما" عن مصلحة وطنية أو عن غباء سياسي اجتماعي ثقافي بل ناجم عن حقيقة تبعية الدول العربية و لا سيما النفطية منها للغرب الذي يعتبر هذه الدول ليست سوى شركات متعددة الجنسيات تابعة له و تأتمر بأوامره و هي ليست سوى محميات غربية , مقابل الايراني الذي يسعى لان يكون ندا" قويا" للغرب حتى لو كان عن طريق شراء القوة النووية بالمال كما يريد أن يوهمنا الدكتور عيد ناسيا" أو متناسيا" القاعدة الذهبية للتطور القائلة (أنه لا يمكن للتطور أن يحصل ما لم تكن الظروف الموضوعية و الذاتية ناضجة لحصول مثل هذا التطور ) (في حين أن ايران لا تتمتع بأي من مميزات التحدي الإسرائيلي، إذ هي لا تملك سوى تمايزها المذهبي عن العرب الذين غالبيتهم يحسبون على مذهب السنة، ) و هو يعيد الفرق بين العرب و ايران الى الفوارق الطائفية فقط حيث هؤلاء سنة متخلفون و هؤلاء شيعة متخلفون مغفلا" التطور العلمي الخطير لايران في شتى المجالات الصناعية وحتى وصل التطور بهن الى الصناعات الفضائية و ليس صحيحا" أن مجرد شراء الطاقة النووية سوف يجعل من السعودية دولة نووية فمن المعروف أن دول الخليج العربي هي من اكثر دول العالم شراء" للتكنلوجيا الغربية من كمبيوترات و و غيرها من أحدث منجزات العلم الحديث و لكن هذا لم يجعل هذه الدول رائدة في مجال صناعة الكمبيوترات و المعلوماتية و لا حتى في صيانة هذه الاجهزة التي تشتريها فما تزال عندما تخرب الاجهزة يستبدلونها بأجهزة جديدة و لا يسعون اصلا" الى اصلاحها لانهم لا يملكون الكفاءآت البشرية التي تستطيع القيام بهذه الاعمال و حتى العمالة المستوردة من الخارج هي عمالة ليست ماهرة- في الحقيقة- بل بحاجة الى تدريب و تعليم و إعادة تأهيل من جديد لكي تتمكن من تغيير قطع الغيار أي اعادة تركيب فقط لا غير .فحتى تصبح في هذا العالم الرأسمالي الاحتكاري دولة ذات صناعات ومحلية في أي مجال من المجالات لست بحاجة الى قرارات شراء التكنلوجيا بل بحاجة الى ارادة سياسية أولا" بأن تكون كذلك لان الغرب لن يسمح لك بذلك من تلقاء نفسه و من هنا نرى مدى عداء الغرب للنظم التي تغرد خارج السرب بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم فيها فليس صحيحا" أن السعودية منفتحة على الغرب أكثر من الصين أو كوريا الشمالية وعدم عداء الغرب للنمور الاسيوية ناجم عن كون هذه الدول هي ليست سوى سوق عمل رخيصة الاجر فلقد انتقلت معظم المصانع الغربية الى هذه الدول بسبب رخص اليد العاملة الماهرة هناك و لكن رأسالمال ما زال ينمو و يدور في الدول الغربية و امريكا من هنا و من هذا المنطلق أنا هنا لا أريد أن أقحم الدكتور عيد فيما ليس هو فيه بل فقط أقدم وجهة نظري القائلة ان الدكتور عيد تحول من مفكر و كاتب شيوعي سابق الى مفكر و كاتب طائفي لاحق أراد هو ذلك أم لم يرد. مدعيا" أنا أن الاسلوب الذي يكتب فيه الدكتور لم يتعدى أسلوب السلطة القمعية الديكتاتورية فاسلوب الكتابة ينم عن شخصية الكاتب و طبيعتهواسلوب حياته.
#قصي_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلول الازمة السورية ووضع بشار الاسد
-
سوريا و الخيانة
-
البقاء ليس للأقوى
-
سوريا و زمن المعجزات
-
الازمة في سوريا
-
من يحاسب من
-
ماذا نحكم على الشرير
-
واهم من يظن أن سوريا سوف تصبح ديمقراطية
-
ماذا تحتاج الشعوب العربية
-
الديمقراطية بين الخيال و الواقع
-
تطور الطبقة العاملة نموذجا-الإمارات العربية المتحدة
-
اليمقراطية
-
أزمة النظام في سورية
المزيد.....
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
-
مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل
...
-
القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت
...
-
الخارجية: روسيا لن تضع عراقيل أمام حذف -طالبان- من قائمة الت
...
-
التشيك.. زيلينسكي ناقش مع وزير الخارجية استمرار توريد الذخائ
...
-
الجيش الإسرائيلي يحقق بـ-مزاعم- مقتل رهينة لدى حماس، ومئات ا
...
-
مقتل 15 شخصاً على الأقل وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي طال و
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تسقط صاروخين و27 طائرة مسيرة أوكراني
...
-
سقوط صاروخ -ستورم شادو- في ميناء برديانسك في زابوروجيه
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|