|
حبال الكذب
إكرام يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3637 - 2012 / 2 / 13 - 09:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لماذا لايصدق البعض أن حبال الكذب "دايبة" فعلا؟ يواصل إعلام نظام يقاوم السقوط بشراسة، والقوى المتحالفة معه ـ في وسائل الإعلام الرسمية أو اللجان الإليكترونية في مواقع الإنترنت ـ مسيرته الفاشلة . ويبدو أن هناك عقولا لم تدرك بعد، انتهاء حقبة كان الإعلام فيها حكرا على قناتي تليفزيون وثلاث صحف مسماة بالقومية، ومنابر المساجد؛ تتحرك جميعها بإشارة من المسئولين عن أمن النظام. ففي كل مرة تدعو فيها قوى الثورة المدنية الجماهير لاحتجاج، سواء على المماطلة في تسليم السلطة إلى المدنيين، أو على الانتهاكات المتواصلة لكرامة شعب دفع أغلى الأثمان وهو يهتف للكرامة الإنسانية، أو مطالبة بمعاقبة قتلة الأبناء وقناصي أعينهم وهاتكي ستر البنات؛ يطلق الإعلام الرسمي ـ والمتحالفون معه ـ تحذيرات من مخططات لحرق البلاد، نمت إلى علم المسئولين عن الثورة المضادة. وتتصدر صحيفة "الحرية والعدالة" مانشيتات تهدد من مقنعين بأقنعة "بانديتا" ـ هكذا أسمته الجريدة بثقة! ـ لتدمير مصر. ولا بأس ـ بالطبع ـ من الإشارة إلى تورط جهات أجنبية وعملاء محليين يتلقون تمويلا، أو استخدام مصطلح غريب لوصف الثوار. وهي أيضا وسيلة بالية ومبتذلة لتشويه المعارضين، تمارس منذ عشرات السنين: فعندما كانت معظم الاحتجاجات تنصب على التفاوت الطبقي وفساد الحكام الذي يدفع ثمنه الفقراء، عمد الإعلام الرسمي إلى وصف المدافعين عن حقوق الفقراء بالشيوعية! اعتمادا على أن المواطنين يتلقون معلوماتهم من نوافذ الإعلام الحكومي و منابر المساجد، التي فسرت الشيوعية بالإلحاد والانحراف الخلقي، وسط جماهير لا يجهد أغلبها نفسه في البحث عن صحة المعلومة. وعندما وجه المعارضون احتجاجاتهم إلى الاستبداد السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان، وطالبوا بحق التعبير السياسي الحر، تحولت التهمة إلى "الليبرالية" و "العلمانية". ومرة أخرى، يتم الترويج بين البسطاء إلى أن التعبيرين يعنيان الانحلال، والكفر! والآن، ظهر تعبير "الأناركية" يرددونه كالببغاوات بلافهم، اتهاما لمعارضي الحكم العسكري والمتحالفين معه. ويعتمد بعضهم على ترجمة خاطئة للكلمة "الفوضوية"، وبطبيعة الحال ينفر المستمع غير المثقف، فلا أحد فينا يريد العيش في "فوضى"! ويجد التحالف ـ بين المجلس العسكري، المماطل في تسليم السلطة، إلا بشروط تضمن له استمرار اليد العليا في البلاد؛ والقوى ذات الخطاب السياسي الديني، بعدما ظنت أن الأمر دان لها وحان وقت القفز على السلطة ـ فرصته في تعبير أجنبي جديد لا تفهمه الأغلبية، للتنفير من قوى الثورة. غير أن هذا التحالف وإعلامه، يتجاهل ظهور متغيرات جديدة، أولها: أن الطرف الفاعل في المجتمع الآن قوى شباب أطلق ثورة مستمرة منذ عام، لن تتوقف قبل تحقيق أهدافها. وثانيها: أن هذا الشباب فقد رفاقًا، حمل جثامينهم ودفنهم وهو يتعهد برد حقوقهم، ومازال بين صفوفه أخوة فقدوا أعينهم أو أصيبوا بإعاقات على أيد لم تنل عقابًا، أقسم أن يوقعه بها، ومازال حتى الآن وفيا للقسم. وثالثها: لم يعد هذا الشباب يلتفت للإعلام الرسمي ولا إعلام المتحالفين معه، وأمامه العديد من النوافذ الواسعة للاطلاع على الحقيقة. ورابعا: يبتكر الشباب يوميا وسائلهم الخاصة للإعلام، وتنوير العقول، وإيقاظ وعي المغيبين بفعل إعلام التحالف المضاد للثورة، وتؤكد المؤشرات أنهم يحققون نجاحا تدريجيا. فبعد فشل محاولة اختزال الجولة الأولى من الثورة في جماعة 6 ابريل وتشويه أفراد من الجماعة املا في تشويه الثورة؛ يسعى إعلام النظام والمتحالفون معه إلى اختزال الجولة الحالية من الثورة في "الاشتراكيين الثوريين" بعد اتهامهم بالأناركية. وهو شرف لا يمكن أن يدعيه من ينتسبون إلى هذا التيار؛ فمع احترامنا لهم كفصيل وطني، إلا أنهم لا يجرؤون على ادعاء قدرتهم على حشد ملايين خرجت في الذكرى الأولى لقيام الثورة، وما تلاها من فعاليات حتى الآن؛ حققت نجاحا وأظهرت تحضرا ورقيا في التنظيم، وتأكد الجميع من كذب الإعلام الرسمي وحلفائه، فلم تشهد تخريبا وحرقا كما تمنى أعداء الثورة والوطن. وكمثال على ذلك، تناقلت صحف النظام وحلفائه، ولجانهم الإليكترونية على الإنترنت، شريط فيديو لناشط من الاشتراكيين الثوريين يدعى سامح نجيب، واجتزأت من كلامه ما زعمت أنه يدعو لإسقاط الدولة، على الرغم من أن الرجل أوضح أنه يدعو إلى إسقاط دولة الظلم وأركان نظام قامت الثورة لإسقاطه. وقبل أيام، اعتدت مجموعة بلطجية على الناشط واحتجزته في الإسكندرية، وقال بيان صادر عن الجيش أن القوات البحرية "نجحت في إنقاذ حياة سامح نجيب من الموت، بعد ترديده هتافات وتوزيعه منشورات معادية للمجلس".. هكذا! اشتراكي ثوري وأناركي ومخرب وعميل، كل ما لديه ترديد هتافات وتوزيع منشورات؟ أو ما تسميه الدول المحترمة تعبيرا عن الرأي؟ من دون لوازم التخريب من أسلحة وقنابل أو حتى طوب؟ ولم يذكر البيان حتى، أن المنشورات كانت تحرض على الحرق والتخريب! ثم تأتي الدعوة للإضراب والعصيان المدني، كوسيلة سلمية للاحتجاج يعترف بها العالم كله، فيلجأ النظام لأسلوب كنا نعتقد أنه سينتهي بعد الثورة، ويدفع رجال الدين الإسلامي والمسيحي، لتحريم ما يفعله المعارضون. ولعل أطرف ما قيل في هذا الصدد، قول شيخ أن "العصيان المدني حرام، ويكفي اسمه عصيان، والمعصية احنا ننفر منها".. هكذا! العصيان يعني المعصية! هو بالضبط نفس منطق مذيعة تليفزيون القذافي عندما انتقدت خبر "تبنى مجلس الأمن قرار حظر الطيران" ليبيا، بدعوى أن "التبني" حرام في الإسلام! وينبري إعلام النظام وحلفائه محاولا التغطيةعلى مشروعية الإضراب السلمي، باتهام الداعين له بأنهم يريدون القضاء على البلاد وتخريبها، ناسين وجود نوافذ إعلامية أخرى تنقل أخبار إضرابات في بلدان، لا تطعن في دين من يمارسون إضرابا سلميا، كان المصريون أول من مارسوه وعلموه للعالم قبل ظهور مواثيق حقوق الإنسان بأكثر من ثلاثة آلاف عام! فمن إسرائيل التي تعيش إضرابا عاما شاملا ؛ ذكرت التقارير الرسمية أنه يكلف الدولة 500 مليون شيكل يوميا؛ إلى إضراب عام في اليونان، احتجاجا على إجراءات تقشف "تعتزمها" الحكومة بسبب أزمة الديون الحادة التي تهدد بانهيار اقتصاد الدولة،و شمل الغاء رحلات السفن والعبارات البحرية وحركة الملاحة الجوية، فضلا عن اغلاق الدوائر الحكومية والمواقع السياحية وعمل المستشفيات بأدنى مستوى من طاقتها الاعتيادية. وبطبيعة الحال، لا تسعد جميع الحكومات بالإضرابات، إلا أنها تضطر لاحترامها باعتبارها حقا مشروعا للتعبير. إعلامنا ـ وحده ـ يحرض على من يمارسون حقهم في الاحتجاج، ويخرجهم من الملة!
#إكرام_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرق تسد
-
لا تزايدوا عليهم
-
الرهان الرابح
-
لعله صباح ديمقراطي
-
عاجل.. إلى وزير التربية والتعليم
-
كنيسة قصر الدوبارة
-
رجَّع راسك فوق
-
الكاذبون!
-
عبقرية صناعة الأعداء
-
خالد.. بشارة الفجر
-
ذكاء هنا.. وأخطاء هناك
-
جدع يا باشا!
-
إلا شباب الثورة!
-
مشاركة القوى اليسارية في الربيع العربي
-
أي علاء!.. وأي أم علاء!
-
ضابط ابن ناس
-
للصبر حدود
-
احذروا غضب الشعوب
-
متى ترتوون من دمائنا؟
-
غضب آخر سوف يجيء!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|