أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - حرائق وغنائم














المزيد.....

حرائق وغنائم


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1073 - 2005 / 1 / 9 - 09:41
المحور: الادب والفن
    


أغلق سماعة الهاتف سريعاً واتصل بواسطة الموبايل بزميله مدير الشتول الباكورية وهو في غاية الفرح:
- ألو ! كيف حالك أبو ثائر؟
- أهلاً أبا نضال! أهلاً بأحلى مدير لاستنبات البراعم بالإكراه ..
- وأخيراً يا أبو ثائر! فقد تمت السيطرة على الحرائق تقريباً ..
- قديمة يا أبو نضال, تطعمك الحجة والناس راجعة.. منذ قليل اتصلوا بي وأخبروني.
- سيدي ليس هذا الخبر هو السبب في اتصالي بك... اسمعْ جيداً, بلغني الآن أن وزير الثروة النباتية والحراج سيكون غداً في منطقة الحرائق لتفقد الأضرار... بقى جهّز لي حالك..
- لا ؟!! والله منيح إنك خبّرتني, أشكرك أبو نضال الحبيب, أشكرك من أعماقي. هل تعلم أنني كنت سأسافر اليوم إلى العاصمة لحضور حفلة عرس ابن وزير مكافحة الهدر والفساد في فندق هيلتون إنترناشيونال؟ المهم, ما علينا! ما هي ترتيباتك بصدد زيارة السيد الوزير؟
- بالطبع سنسبق السيد الوزير إلى منطقة الحرائق ونساهم بإخماد ما تبقّى من جمرات... لذلك سأوصي السائق بشراء (بيدونين ) من الحجم الكبير / 20 / ليتراً. واحد لي والآخر لك. نملؤهما بالماء ونتوجه بهما صباحاً. ولا بأس من اصطحاب مصوّر الجريدة المحلية لالتقاط بعض الصور ونحن نقوم بعملية الإطفاء لحظة وصول السيد الوزير.
- يا سيدي معك حق, بالمناسبة, ماذا سنلبس غداً من ثياب؟
- لم أنسَ هذا الموضوع؛ أنا شخصياً سأرتدي قميصاً أبيض كمّ طويل, وبنطال رمادي فاتح.. أنت تعلم أن هذه الألوان يؤثر عليها فوراً هباب الفحم والشحّار..
- يا سيدي وأنا بدوري سأرتدي قميصاً سماوياً وبنطالاً أبيض. وطبعاً لن نرتدي ربطات العنق..
- طبعاً أبو ثائر! هذا مفروغ منه. يا أخي والله الواحد منّا صار مضطراً للعب هكذا أدوار. الله وكيلك التفتيش لاحقنا خطوة خطوة... وبيني وبينك سمعت البارحة خبراً مفاده أنه يوجد تغييرات مرتقبة في مواقع المسؤولين, وأن الطبخة تنضج حالياً على نار هادئة.
- سيدي المهم أن نبقى في مواقعنا, أنا شخصياً لا أرغب بالارتقاء أكثر في هذه المرحلة... المهمّ أبو نضال! متى الانطلاق غداً؟
- والله يا أبو ثائر أعتقد أن الوزير لن يصل قبل العاشرة صباحاً.. لذلك أقترح عليك التواجد هناك حوالي التاسعة, وننتظر إلى أن يشرّف السيد الوزير, فنقوم بإجراء اللازم أصولاً... فيرانا منفوشي الشعر نتصبب عرقاً وقد شوهت آثار الحرائق ثيابنا.. ولا شك أن منظرنا ونحن على هذه الحالة سيكون له وقعاً كبيراً في نفس الوزير... ممم, ماذا قلت؟
- ولَوْ أبو نضال! أنت خير المعلمين وسيد العارفين..

في صبيحة اليوم التالي كانا في منطقة الحرائق رابضين. وبينما هما في حيرةٍ من أمرهما يتساءلان عن سبب تأخر مصوّر الجريدة, وإذ بسيارة أحد المهربين تقترب من المكان وتطلق زمّوراً أشبه بزمّور سيارة الشرطة وذلك للتمويه! فما كان منهما إلا وأن شمّرا عن منكبيهما وهرعا إلى البيدونين وبدآ بإفراغهما كيفما اتفق متوغلين في الغابة المحترقة وهما يتراكضان ويتصايحان بأعلى ما يملكان من قوة صوت: ( من هون أستاذ, دير بالك على حالك, النار ما بترحم... شوف شوف ألسنة النيران, لا تقترب أكثر من ذلك دخيل عينك, حرام عليك يا رجل لديك زوجة وأولاد... ولكْ يا ريت كل المدراء مثلك... يا عيني عليك يا بطل! يا أخي ياهيك المسؤولين, يا بلا ...) وهكذا.
وبدأت أغصان الأشجار المتفحمة تفعل فعلها على ثيابهما ووجهيهما و... باختصار أصبح كل منهما وكأنه قادمٌ من منجم لاستخراج الفحم.
لدى عبور سيارة المهرّب واختفاء زمّورها نهائياً, لبثا هنيهة منتظرين وصول السيد الوزير, إلاّ أنه لم يصل!
تطلّعا إلى بعضهما وقد أدركا أنهما أخطآ الظن!
ابتسم الأول, فضحك الثاني ..
قهقه الأول, فانقلب الثاني على قفاه من شدة الضحك..
قال الأول مواسياً ومدارياً خذلانه وخيبته:
- سِيدي! ربّك حميد, مستودع الأدوية الزراعية أتت عليه النيران بالكامل, ولم يبق منه إلا الرماد! (خلّي التفتيش بقى يمسك علينا ممسك واحد بس!)
أجاب الثاني:
- يكتّر خير الله, مستودعات الأسمدة والبذور أصبحت في خبر كان..
حمل الأول البيدون الفارغ وضرب به الثاني على رأسه مازحاً, فأصدر صوتاً أشبه بدويّ الطبل.
أعجبته الفكرة للثاني فقلّده بنفس الحركة...
بدآ يتبادلان الضرب وسط ضجيج ضحكاتهما.
ركضا خلف بعضهما كطفلين شقيين وهما في غاية السعادة.
تعب الأول فجلس.
بدأ الثاني يدق على البيدون بإيقاعٍ راقص, بينما الآخر طفق يدندن:
حرائق قومٍ عند قومٍ غنائم...


ضيا اسكندر – اللاذقية



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة رأس السنة
- !...سيناريو
- شكراً سيادة الرئيس
- تحرّي وانتقام
- - ... وإلاّ ! -
- مداخلة
- أمسية ...
- الموافقة الأمنية
- تحت التصرّف
- إعلانات
- شرشحة مدير عام
- دعوة للجنون
- !سبحان مغيّر الأحوال
- وصايا ...
- صدّق أو لا تصدّق
- حدث في جزر الواه الواه ...
- دردشة بين مسؤولَين
- معارض مع وقف التنفيذ
- بصراحة مع وزير التحالف الوطني
- مقال


المزيد.....




- بعد منعه من دور العرض في السينما .. ما هي حقيقة نزول فيلم اس ...
- هل تخاف السلطة من المسرح؟ كينيا على وقع احتجاجات طلابية
- تتويج أحمد حلمي بجائزة الإنجاز في مهرجان هوليود للفيلم العرب ...
- فيلم -إسكندر- لم يعوض غياب سلمان خان السينمائي
- خسر ابنه مجد مرتين.. مشهد تمثيلي يكشف -ألم- فنان سوري
- -مقبولين، ضيوف تومليلين- فيلم وثائقي يحتفي بذاكرة التعايش في ...
- السينما العربية تحجز مكانا بارزا في مهرجان كان السينمائي الـ ...
- أسبوع السينما الفلسطينية.. الذاكرة في حرب الإبادة
- سينما: فرانتز فانون...الطبيب الذي عالج جراح الجزائر وناضل من ...
- -وئام وسلام-.. تحفة فنية فريدة في مطار البحرين الدولي (صور) ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضيا اسكندر - حرائق وغنائم