|
كي لا نضل الطريق - إلى الشبيبة الشيوعية
باسل سليم
الحوار المتمدن-العدد: 1072 - 2005 / 1 / 8 - 12:56
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
أثير الجدل في السنوات الاخيرة عن دور اليسار العربي ومشروعية طروحاته وقدرته على تنفيذ هذه الطروحات ، وهي اسئلة اثارتها حالة التراجع الكبير والخسائر المتعاظمة التي يمنى بها اليسار العربي خصوصا والعلمانية عموما . فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي لقيت المقولات التي يطرحها اليسار الكثير من التداعيات ، كما ان الاتقسامات وتسرب العضوية من الاحزاب كالت لها الضربات الاخيرة فاصبحت بعض الاحزاب هشة تحاول الوقوف وأخرى اصبحت مجرد دكاكين كما يصفها البعض تدار من قبل مجموعة من الذين تمرسوا بالنضال السري ولا علم لهم بالطرق الديمقراطية الحديثة لأدارة المؤسسات وهؤلاء اطلقنا عليهم تعبير " الحرس القديم" دعوة الى استبدالهم وتعويضهم بقيادات جديدة لم تتشكل وما زالت تبحث عن مشروعية التواجد . كما أن الانتصارات التي حققها الاسلاميون على الساحة العربية اصبحت جلية للجميع ، فالحركات الاسلامية التي اصبحت علنية هي التي تحرك الشارع في مجمله والتي وصمت بالارهاب اخذت الدور الذي تبناه اليسار في القرن الماضي من حيث مقارعة الامبريالية وان بوسائل تطرح الكثير من التساؤلات . إلا أن المهمات التي تستدعي تنامي قوى اليسار وفعاليتها ما زالت موجودة : فالوطن العربي ما زال يخضع للإحتلال الاجنبي المباشر ، كما أن الجماهير العربية المضطهدة ما زالت مغيبة عن الفعل السياسي من قبل أنظمة ابعد ما تكون عن الديمقراطية ، والفجوة بين الاغنياء والفقراء ما زالت تتسع وبطرق ممنهجة ، والكثير من القضايا المعاشية التي لا يمكن فصلها عن القضايا السياسية ما زالت على حالها أن لم تكن تزداد سوءا من مثل البطالة والفقر وحقوق الانسان والحريات السياسية الى آخره من قاموس طويل من الاشكلات تعجز كتب عن وصفها . وهذه الاشكاليات أكثر جذرية وخطورة في مجتمعات لم تتبن وسائل حديثة للتعبير عن الجماهير ، فغياب المؤسسات واضح والاحزاب ضعيفة كما ذكرنا ، كما أن مؤسسات المجتمع المدني أما مرتبطة بالانظمة وإما مرتهنة للمؤسسات الدولية وإما قائمة على جهود فردية غالبا ما تنتهي الى حالة من الاحباط واليأس مما سبق نرى ان القضايا المطروحة على اليسار ما زالت حاضرة كما أن الروافع ضعيفة أو شبه معدومة الا ان التوصيف لا يكتمل دون الحديث عن الحلول العملية التي تخرجنا من وحل الواقع الهزيل كما أن الحلول إن لم تحمل نقدا جذريا للمشاكل وللاحزاب المعنية بها تصبح عبارات وفكر لا معنى لها . من هنا نرى ان النقاط التالية ذات أهمية : 1. فمن ناحية أولى على اليسار الجديد أو الذي يطمح الى التجديد أن يخوض معركة ذاتية مع الطروحات النظرية القديمة التي قامت عليها كل مسلماته وأن يعيد النظر في برامجه السياسية بدون رحمة وبعين ناقدة ومتشككة ، إن قضايا من مثل قضية فلسطين والعراق قضايا حاضرة تطرح اشكاليات لا نهائية يجب التعامل معها بحذر ، فهي تستحق الدراسة والتحري ، فلا يكفي أن نرفض الاحتلال لأنه احتلال بل يجب أن نملك فهما صافيا لطبيعته وآليات نشاطه ومقولاتة المختلفة ، والطرق التي يحاول فيها الوصول الى جماهيرنا وتسميمها بمقولاته وهو أحتلال امبيريالي المعركة ضده يجب ان تكون معركة شاملة فهو لا يكتفي باحتلال الارض بل يملك جيش من الاعلام والعملاء ، القادرين على تمرير مشروعاته ومصادرة أي مشروع بديل . إن المعركة ضد الامبريالية هي معركة عالمية يخوضها اليسار على كافة أطيافه من أحزاب وجمعيات ومؤسسات الا انها لا تعدل قشة في معيار ما تخوضه المكنة الامبريالية ، فمليارات الدولارات يتم انفاقها سنويا على الاجهزة الاعلامية وحدها الموجهة ضد مصالحنا وشعبنا، ان الوعي بالعدو هو شرط البدء لليسار ، فيسار لا يميز من هو العدو او لا يميز تحالفاته ومن يقف معه وضده في المعركة هو يسار يخوض حرباعبثية ضد شبح لا وجود له ، إن معرفة العدو تعني بالضرورة معرفة مصالحه وهي خطوة لا تكتمل إلا بمعرفة كيفية ضرب هذه المصالح واضعافها على الأقل. 2 . من الناحية الثانية لا بد لليسار أن يطور الاشكال التنظيمية التي يعمل من خلالها ، فأحزاب لا تملك شكلا ديمقراطيا لا يمكن أن تطرح بديلا ديمقراطيا ، أحزاب تدار من قبل أشخاص لا تستطيع أن تحرك الجماهير وعليها أن تعترف أن الامر لا يعدو أن يكون منابر لطرح الرأي الحصري للقيادة وتمنية النفس أننا ما زلنا نناضل ، على الاحزاب أن تبني نفسها بالشكل الديمقراطي ، ان تعلم افرادها على النقاش الحر والنقد وتعرية كافة الاشكالات بروح رفاقية لأن المهم هو العمل لا الاشخاص ، إن هذه المهمة قد تكون من اصعب المهمات التي تواجه الاحزاب ، فالوعي الفردي ما زال طاغيا لدينا والتربية التقليدية ما زالت تمارس حتى في الاحزاب التقدمية والتربية البطريركية الابوية ما زالت تتمثل في قياداتنا التي لا تحتمل النقد وفي كوادرنا التي تخاف الخروج على سلطة الاب ، إن تجاوز هذه العراقيل يحتاج الى تربية حزبية تثقيفية صارمة متطورة واطلاع على التجارب الاخرى التي تجاوزت الاشكال التنظيمية الستالينية وإرث العهد السري ، كما أن النتائج عظيمة ، فحزب تعلم افراده على النقد والديمقراطية لا يمكن الا ان يكون حزبا يكشف كل الممارسات اللاديمقرايطة التي تمارسها علينا انظمتنا وبالتالي فهو الاقدر على طرح بديل فاعل وجذري . 3 . أما من الناحية الثالثة فيجب علينا النظر الى الاساليب النضالية التي نمارسها للوصول الى الناس والتي تؤدي إلى فعل تغيير حقيقي في قناعاتها وممارساتها ، فالكثير من الاساليب التقليدية لم تعد فاعلة ، لنضرب مثلا : إن الوصول الى الجماهير الشبابية لم يعد مقنعا بالوسائل التقليدية من المحاضرات الطويلة المملة ، كما أن مخاطبتهم في البداية بوساءل معقدة لن يؤدي إلا الى زيادة قناعتهم بعدم جدوى العمل الحزبي ، إن جيل الشباب اميل الى الوسائل الاحدث من مثل النقاش والانترنيت والرحلات والتمثيل والأفلام الوثائقية وغيرها ، على الحزب الذي يطمح الى الاستمرار ان يصل الى الغالبية العظمى من المجتمع وهم الشباب ، على هكذا حزب أن يمكن الشباب من اتخاذ قراره بنفسه وايصال التجارب اليه بالطرق الفاعلة المقبولة . أن مخاطبة الشباب لا تعني نهاية المطاف فيجب على اليسار الوصول الى العمال والفلاحين وأن يدافع عن حقوق هذه الجماهير وعليه ان يربط نضالاته السياسية بها لأنها المتضرر الاول من الاحتلال وهي المتضرر الاول من التغييرات الاقتصادية ومشروعات الخصخصة وفرض الضرائب ، كما أن الخسارة الكبيرة التي منيت بها الحركة اليسارية هم المثقفون ، فاصبحت أحزابنا خالية من المثقفين الذين يمكن الاعتماد عليهم في مهمات التثقيف الحزبي وفي ادارة إعلام الأحزاب وجرائدها وهي فئة مبدعة لا غنى عنها لابداع اساليب مختلفة للعمل ان المشاركة الفاعلة للحزب في الفعاليات الشعبية من مثل النقابات والروابط والجمعيات هي الفرصة الحقيقية لتلمس حياة الناس والتواصل معهم والا اصبح الحزب مؤسسة ثقافية تكتفي باصدار البيانات والتعليق على ما يجري، ان الوسائل المشروعة للتواصل مع الناس كثيرة من المظاهرة الى توزيع البيانات الا ان ابتكار وتبني وساءل حديثة امر لا بد منه والتعلم من تجارب الاحزاب الاخرى حتى الاسلامية منها أمر ضروري وعدا ذلك فإن الحزب ينعزل ويموت بموت اعضاءه . 4. القضية الاخيرة التي ارى من الضروري العمل عليها هي قضية التحالفات فلا بد من بناء تحالفات عريضة للعمل والابتعاد عن الروح الانقسامية والفردية ، إن العمل الجماعي والتنسيق مع مختلف القوى أمر ضروري لا بد منه وهو يتطلب البحث عن التقاطعات وتجذيرها والابتعاد عن الخلافات وادارتها بشكل فاعل يثري العمل ولا يقود الى مزيد من التشرذم ، إن تجربة مثل تجربة لجنة تنسيق احزاب المعارضة الاردنية ضرورية وحتمية للبقاء فالاحزاب كافة تخوض حربا لاثبات مشروعيتها وللحفاظ على بقاءها في ظل كل التهجمات اللانهاءية الرخيصة التي تخوضها الحكومات ضد العمل الحزبي وهذا الامر لهو خير مثال على درجة التأثير التي يمكن ان تحظى به هذه الاحزاب مع كل المشاكل التي تعانيها لو توفرت لها أجواء ديمقراطية حقيقية . إلا أن ذلك لا ينفي الحاجة الى اساليب تحالفية اوسع في ظل اطر ديمقراطية متطورة ، إن كل خطوة في طريق التعاون في هذه المرحلة ضرورية فالقضايا المصيرية التي تواجهنا لا يختلف عليها اثنين وان كنا نختلف على طبيعتها وادارتها ، إن العمل مع الاحزاب الأخرى على مهمات من مثل مقاطعة البضائع الاميركية ومحاربة التطبيع هو أقل القليل الذي يجب علينا فعله وهي وسائل فاعلة على المدى الطويل ، كما أن محاربة النزعات الاستهلاكية لدى الجماهير ،ومواجهة التضليل الاعلامي وروح الهزيمة والابتعاد عن العمل، هي المنجزات الحقيقية التي تؤدي الى التغيير الذي نريد إن الارث العظيم الذي يملكه اليسار من نضالات لا يشكل بحد ذاته ضمانة للاستمرار ، كما أن الاحزاب بحد ذاتها ليست هي المهمة فهي الاطر التي نقوم من خلالها بالعمل وهي تفقد اية مشروعية اذا توقفت عن العمل واذا فقدت رؤاها التقدمية، كما ان العمل على التطوير واعادة النظر في مقولاتنا لا يعني التخلي عن الثوبت الا انه يعني توسيع الافق وقراءة الواقع بعين ناقدة والا اصبحنا اصحاب مقولات جاهزة وسلفيين اكثر من السلفيين انفسهم .
#باسل_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشبة في جدار
-
أعور بين العميان
-
فسحة للضوء: الحوار المتمدن نموجا
-
كم ظلمنا العدس
-
القابض على الجمر
-
بل الوقوف على ارض الواقع يا رفيق هادي
-
حديث الليالي الطويل
-
نشر الجريدة الحزبية أم سقوط وطن: أزمة الحزب الشيوعي العراقي
-
الفلوجة واسلحة الدمار الشامل
المزيد.....
-
الدفاع التركية: تحييد 14 عنصرا من -حزب العمال الكردستاني- شم
...
-
-حل العمال الكردستاني مقابل حرية أوجلان-.. محادثات سلام مرتق
...
-
عفو «رئاسي» عن 54 «من متظاهري حق العودة» بسيناء
-
تجديد حبس المهندس المعارض «يحيى حسين» 45 يومًا
-
«نريد حقوق المسيحيين» تظاهرات في سوريا بعد إحراق «شجرة كريسم
...
-
متضامنون مع المناضل محمد عادل
-
«الصيادون الممنوعون» في انتظار قرار مجلس الوزراء.. بشأن مخرج
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// في خدمة الرجعية يفصل التضامن م
...
-
جريدة النهج الديمقراطي العدد 585
-
أحكام ظالمة ضد مناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني والجبهة تند
...
المزيد.....
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
المزيد.....
|