|
جانبٌ من المشهد السياسي في الموصل
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3631 - 2012 / 2 / 7 - 19:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كانَ المنفَذ الحدودي ( ربيعة ) ، من المعابر المُهِمة التي لعبتْ دوراً مؤثراً في أوضاع العراق الجديد ، لاسيما في السنوات من 2003 ولغاية 2008 ... إذ من خلالهِ ، دخل الكثير من الإرهابيين والإنتحاريين والسيارات المُفخخة .. وعبره ، تَمَ هروب العديد من رموز ومسؤولي النظام السابق ، مُحّمَلين بثروات العراق المنهوبة ، بل وإستمرتْ عمليات تهريب النفط ومشتقاته الى سوريا لسنواتٍ طويلة . ومَعبرُ ربيعة هذا ، دليلٌ ساطع ، على عدم جدية الإحتلال الامريكي ، في حماية العراق وامنه وشعبه وثروته ... إذ ان من أولى " واجبات " الإحتلال ، حفظ الحدود ومنع التدخلات الخارجية .. وما كان أسهل ذلك .. [[ لو ]] أرادتْ أمريكا .. لأنها لو كانتْ وضعتْ دبابتَين وبضعة جنود في كل نقطة حدودية ، لما تجرأتْ سوريا او ايران او الاردن او غيرها ، على المساس بالأمن العراقي او إقتصاده !. ففي الواقع ، ان سوريا وايران ، بالذات ، كانتا مرعوبتَين في 2003 ، من السهولة التي إستطاعتْ بها ، الولايات المتحدة الامريكية ، هزيمة الجيش العراقي وإسقاط النظام وإحتلال البلد .. وكانتا تتوقعان ان تمتد اليد الحديدية الامريكية ، في أية لحظة ، لتدميرهما ... لكن الذي حدث ، ان الإحتلال بكل خباثةٍ وسوء نِية ، ترك كافة المؤسسات والمنشآت والبنى التحتية " التي سلمتْ من الحرب " ، تركها تحت رحمة النهب والسلب والتدمير ، حتى المتحف العراقي سُرِق تحت أنظار الجنود الامريكان ، ( الوزارة الوحيدة التي قامتْ قوات الاحتلال بحماية بناياتها ، منذ 9/4/2003 ، كانتْ وزارة النفط ! ، وفي ذلك الكثير من الرمزية ) .. الإحتلال تركَ كُل أبواب العراق ، مُشّرَعة أمامَ كافة التدخلات بصورةٍ مُتعمدة .. فسارعَتْ الدول المُجاورة ، لإستغلال هذه الفُرصة المُتاحة .. ونقلتْ ساحة الصراع وتصفية الحسابات الدولية والاقليمية ، الى الأرض العراقية .. حيث بدأت سلسلة العمليات الارهابية الجهنمية منذ ذلك الوقت .. ولحد اليوم ، لم تنتهي بصورةٍ تامة . تجدر الإشارة ، الى ان من تداعيات ، تجاهل الاحتلال للمنافذ الحدودية " لاسيما بعد حَل الجيش والشرطة وقوى الأمن " ... فأن هذه المنافذ أصبحتْ تحت سيطرة ، الأحزاب الجديدة أو العشائر المحلية .. وبالنسبة الى " ربيعة " ، فأن شيوخ عشيرة شَمر ، هُم الذين تحكموا بها ، بإعتبارها من ضمن منطقة نفوذهم .. في البداية أي في السنوات الاولى بعد الاحتلال ، حيث لم تكن هنالك سجلات منتظمة ولا حسابات رسمية . وحتى بعد ذلك ، فأن الفوضى ، كانتْ سيد الموقف ، وإستمر الأمر لسنوات عديدة ، الى ان تَم فرض بعض الضوابط مؤخراً .. ولكن النقطة المهمة ، هي ان عشيرة شمر ، وعائلة الياور وتفرعاتها ، كان " وما يزال " لها نوع من النفوذ القوي ، على تلك المنطقة عموماً ، ومن ضمنها منفذ ربيعة الحدودي . " وصل النفوذ الى درجة ، ان الرسوم التي كان يدفعها سواق الشاحنات السورية والعراقية ، عند وقوفهم في الساحات المخصصة ، كانتْ تذهب ( معظمها ) لجيوب شيوخ عشيرة شمر ... فتصّوَر مئات الشاحنات يومياً وعلى مدى سنوات !!" . بعد 2003 .. رفضتْ بعض الاحزاب والكيانات السياسية الجديدة التي ظهرتْ على الساحة الموصلية ، المشاركة في العملية السياسية .. وكانتْ في مُجملها ، قريبة من مواقع البعث المُنحَل ، وما يُسمى ب " دولة العراق الاسلامية " والجماعات الارهابية .. غير ان عشيرة شمر ، إستثمرتْ إنتشارها الجغرافي الواسع وعلاقاتها التقليدية مع قادة الأحزاب الكردستانية وإحتياج الوضع الجديد ، الى نوعٍ من التوازن .. في تنصيب أحد أبناءها " غازي الياور " رئيساً للجمهورية في المرحلة الإنتقالية .. غير ان التحالفات كانتْ غير مُستقرة ولا تعتمد على أرضية صلبة ، كما يبدو .. بحيث انه في إنتخابات مجلس المحافظة ، الأخيرة ، وبعدها في الإنتخابات العامة ... تحالفَ شيوخ عشيرة شمر ، مع النُجيفيَين أثيل وأسامة ، وكيانهما " عراقيون " و " الحدباء " . حصلتْ قائمة الحدباء على (19) مقعداً من مجموع مقاعد مجلس المحافظة ال (37) .. و (11) من هذه المقاعد حصلَتْ عليها " حركة العدل والإصلاح " التي يرأسها " عبدالله حميدي الياور " ، في حين ان قائمة " عراقيون " برئاسة " أثيل النجيفي " حصلتْ على (5) مقاعد فقط .. وذلك يعني ان معظم ثُقل قائمة الحدباء ، يكمن في عشيرة شمر وشيوخها وحركة العدل والإصلاح ! . وبالرغم من ذلك ، وفي إعتقادي ، لإفتقار طبقة شيوخ شمر الرئيسيين ، الى [ شخصية ] تمتلك مواصفات تؤهله ، للقيام بِمهام " المحافظ " او حتى " رئيس مجلس المحافظة " ... فأنهم إضطروا للتنازل عن المنصبَين ! .. وإكتفوا بمنصب نائب المحافظ ، الذي لايهش ولا ينش . وحتى " غازي الياور " كان رئيس جمهورية لفترة قصيرة وبلا صلاحيات حقيقية !. وذلك يعني ، ان الناخبين الشمر ، أعطوا أصواتهم لشيوخهم ، كإنعكاس للإلتزام العشائري وجزء من الولاء القبلي ، وليسَ بسبب برنامجهم الانتخابي ! . إذ ليسَ من المعقول ، ان [ يُخّفِض ] عبدالله حميدي الياور ، مُستواه ، بحيث يضطلع بمنصب " مُحافظ " رُبما يخضع للإستجواب والمُسائلة .. وهو على ماهو عليهِ ، من وجاهة ونفوذ وتحكُم في محيطه العشائري !. إذن قائمة العدل والإصلاح بشيوخها ، وبما حصلت عليه من أصوات كثيرة في الإنتخابَين ، وعلى مقاعد في مجلس النواب ومجلس المحافظة .. ليسَ فيها " شيخٌ " يستطيع المشاركة في مناظرة سياسية او اقتصادية او اجتماعية ، ولا ان يُساهم بِجدية في تشريع القوانين ! .. وبناء على هذا الواقع المُر .. ساهمَتْ بأصواتها الكثيرة ، بتنصيب " اسامة " في اكبر منصب تشريعي في البلد ، و " أثيل " مُحافظاً لنينوى . والمُفارَقة تكمن ، في ان العامل ( الكردي ) ، يؤثر في المعادلة الموصللية شئنا أم أبَينا .. ففي حين لشيوخ شَمر علاقات قديمة مع العشائر الكردية وحتى مع القيادات السياسية الكردستانية ، لا بَل انه كان هنالك نوع من التنسيق والتفاهم الجيد في بعض الفترات ، بين شيوخ شمر ، وبين قوات البيشمركة المتواجدة قرب الطريق المؤدي الى ربيعة .. حتى ان بعض أوساط النُجيفيين وحتى 2006 ، كانوا يُرّوجون ، ان عائلة الياور عميلة للكُرد ! . في حين ان اسامة وأثيل ، بَنوا مَجدهم ، على نغمة العداء للكُرد ، وتصوير البيشمركة وكأنهم مغول أو صهاينة ! ، وتسلقوا على سُلم الدعوة الى مقاطعة الكرد وطردهم .. الى ان وصلوا الى أعلى المناصب .. فبدؤوا يصبحون [ واقعيين ] أكثر .. ورفسوا السُلم الذي صعدوا عليه ، وتوّددوا الى الكُرد ودعوا الى التصالح ، ولم يعودوا يذكروا البيشمركة والأسايش على الإطلاق ! ، وبِقُدرة الأتراك وأردوغان ، تحّولوا من صقور تُحّرِم الفيدرالية ، الى حمائم داعين الى فيدرالية للسنة ! .. يشعر شيوخ شمر ، أنهم خُدِعوا ، فلقد دفعهم النجيفيين دفعاً ، خلال السنوات الماضية ، الى تخريب علاقتهم مع الكُرد ... وفي النهاية يجتمع اسامة بإنتظام مع أكبر القادة الكرد ، ويخطط لتفاهمٍ طويل الأمد معهم .. وأثيل النجيفي ، لايَمُر اسبوعين ، دون ان يسافر الى دهوك او اربيل والسليمانية ! ... بل ان هنالك دعايات مُغرضة ، تقول ، انه رُبما سينفرط عقد قائمة الحدباء ، وسوف يتخلى أثيل النجيفي ، عن تحالفه مع حركة العدل والإصلاح برئاسة الياور ، ويستبدلها ، بالتحالف مع الكرد أي " نينوى المتآخية " !!. في إعتقادي ، ان الاحزاب الكردستانية المتنفذة التي قامتْ بملأ الفراغ السياسي الحاصل في الموصل ، بعد 9/4/2003 ، لم تكن بالمستوى المطلوب ، وإقترفتْ الكثير من الأخطاء ، التي دفعتْ ثمنها لاحقاً " وما زالتْ تدفع " ، وإفتقدتْ الى سياسة مُوّحدة واضحة المعالم ، ولم تأخذ بنظر الإعتبار المصالح العامة العليا ، سواء عراقياً أو حتى كردستانياً . قائمة " عراقيون " ، فشلتْ في رأيي بتحويل شعاراتها الى واقع ولو جزئياً ، وأسفرَتْ تدريجياً ، عن وجهها الحقيقي ، المُراوِغ والإنتهازي والمتساوق مع توجهات تركيا وحكومة أردوغان .. وقائمة " الحدباء " ، بثقلها العشائري ، لم تستطع لحد اليوم ، التخلص من قوقعة المصالح القبلية الضيقة ، ولا الخروج الى رحابة المصلحة الوطنية والإنتماء الوطني . ينبغي الإشارة ، الى إنحسار شعبية " الحزب الاسلامي العراقي " في الموصل .. إذ كان من المُنتظر ان يلعب الحزب دوراً بارزاً على الساحة السياسية هناك .. ولكنه نتيجة مواقفه المتخبطة خلال السنوات الماضية ، ومُزايداته اللامنطقية في بعض المواقف ، وإصطدامه مع غالبية الأحزاب الاخرى هنا وهناك .. فأنه فقد الكثير من قاعدته في المدينة .. ومع انه يمتلك اليوم ثلاثة مقاعد في مجلس المحافظة الحالي ، ألآ ان هنالك شكوكاً حول تمكنه من الحفاظ على هذه النسبة في اي إنتخابات قادمة !. الوضع السياسي في الموصل ، يعكس بدرجةٍ كبيرة .. الحالة السياسية المُزرِية في عموم العراق .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اُستاذ
-
الإمارات الكُردية المُتحدة !
-
التسويق
-
الحِذاء الضّيِق
-
البرلمانيون والشُقق الفاخرة
-
المُعاملة بالمِثل
-
ضرورة الهَدم ..وضرورة البناء
-
لا .. لقتلِ النساء بدوافع الشرَف
-
مّرة واحدة كُل شهرَين !
-
الحَيوان الذي يوقِظنا
-
العراق .. والحرب القادمة
-
-سمير جعجع - في أقليم كردستان
-
ممنوعٌ الدخول
-
تهاني .. وتبريكات
-
إطلالة على اللوحة الكُردية
-
إنطباعات 4
-
إنطباعات 3
-
إنطباعات 2
-
إنطباعات 1
-
الرأي السديد
المزيد.....
-
مفاوض إسرائيلي سابق عن خطة ترامب بشأن غزة: هل سنرى أكياس جثث
...
-
كيث كيلوغ يقيم فرص أوكرانيا في الحصول على سلاح نووي
-
حوادث الطائرات ترفع مستويات القلق وتزيد من مخاوف السفر جواً
...
-
دراسة: غير المتزوجين أكثر عرضة للاكتئاب
-
ترامب: إسرائيل ستسلم قطاع غزة إلى الولايات المتحدة عند انتها
...
-
خبراء المتفجرات من وزارة الطوارئ الروسية يدمرون الذخائر الأو
...
-
مدفعية مجموعة القوات -دنيبر- تدمر مواقع العدو في خيرسون
-
توقيع مذكرة تفاهم في مجلس الدوما الروسي مع البرلمان العربي
-
إيطاليا.. سالفيني وحزبه يرحبان بخطة ترامب بشأن غزة -إذا كانت
...
-
وزيرة بريطانية: سنعارض أي جهود لنقل الفلسطينيين من قطاع غزة
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|