أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تامر وجيه - لماذا أنا متفائل؟















المزيد.....

لماذا أنا متفائل؟


تامر وجيه

الحوار المتمدن-العدد: 3630 - 2012 / 2 / 6 - 21:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في نوفمبر الماضي - وأثناء موقعة محمد محمود حين أظهر الآلاف من الشباب الفقراء بسالة نادرة - كان توقعي أن المجلس العسكري لن يسقط نتيجة المواجهات الجارية آنذاك، لكن من الممكن انتزاع بعض التنازلات منه.

ما حدث فعلا، كما نعلم جميعا، هو أن المجلس لم يسقط وأن التنازلات التي قدمها كانت أقل مما توقعت. فالحكومة التي أتت محل حكومة شرف كانت أقل بكثير من توقعات الثوريين في الميادين. كذلك لم يحاسب أحد في الداخلية أو الجيش عن مذابح الشهور السابقة. هذا ناهيك عن إن المطالب الأهم المتعلقة بالقصاص من قتلة الثوار وإعادة هيكلة الإعلام والقضاء والداخلية لم يتحقق أيا منها.

الآن أنا أرى أن المجلس العسكري على وشك الرحيل، وكثير من مطالب الثورة الديمقراطية (في حدها الأدنى) على وشك التنفيذ.

لماذا؟

السبب أن حكم المجلس العسكري أصبح، فيما أعتقد، عبئا على الطبقة الحاكمة، في حين أن هناك بدائل أفضل منه لا تمس بالضرورة المصالح الاستراتيجية لتلك الطبقة.

سأشرح ما أريد قوله.

إسقاط المجلس العسكري بحركة ثورية من أسفل تحل محله أمر شديد الصعوبة ويتطلب توافر شروط كثيرة أغلبها غير متوفر الآن.

عندما فوجئ مبارك ذات يوم بأن هناك ثورة على نظام حكمه، لجأ للشرطة. فلما هزم الشعب الداخلية هزيمة منكرة يوم 28 يناير، لجأ المخلوع إلى الجيش: مؤسسة القمع الثانية، والأكثر فتكا، في الدولة.

لكن الجيش، بعد تقدير سريع للموقف، قرر أن مبارك أصبح ورقة خاسرة وأن الحفاظ على النظام القائم (بالمعنى الواسع للكلمة) يتطلب التضحية بمبارك وحاشيته المقربة.

الآن المجلس العسكري لا يواجه ثورة كالتي يواجهها مبارك. لكن حتى لو واجه مثل تلك الثورة، فإن نجاحها يتطلب إما أن ينقسم الجيش طوليا بحيث يقرر جناح من القادة "تأييد" للثورة، أو ينقسم عرضيا بحيث "يتمرد" قطاع واسع من الضباط الشباب تأييدا للثورة.

وفي كل الأحوال، فإنه لابد من شل جهاز القمع المملوك للمجلس العسكري بطريقة أو بأخرى حتى تنجح الثورة. وللأسف فإن هذا يتطلب أحيانا كثير حربا أهلية بين قسمين من الجيش النظامي.

لكن هذا الانتصار الثوري الكامل ليس الاحتمال الوحيد. من الممكن تحقيق انتصار أقل ولكنه مهم. وهو ما أظن أنه قريب من أن يتحقق الآن.

لكن المجلس العسكري لا يواجه ثورة شعبية. والجيش يبدو متماسك إلى حد كبير. وهناك قطاع واسع من الجماهير يشعر بعدم التعاطف مع ثوريي الميادين. فكيف أقول إذن أن المجلس العسكري على وشك تلقي هزيمة جزئية على يد الثوريين.

المسألة أن المجلس العسكري غير قادر على تحقيق الاستقرار الذي يحتاجه رأس المال، وأن الوضع السياسي في البلد ينتقل من كارثة إلى كارثة، بما ينذر بالدخول في حالة تفكك وصراع لا نهاية لها.

وبسبب تفجر الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بشكل متواصل لا نهاية له، فإن كل طبقات المجتمع بدأت تضج وتطلب تغييرا سريعا ما.

حتى من يكرهون الثوريين كراهية التحريم بدأوا يبحثون عن بديل سريع للكارثة المسماة بالمجلس العسكري.

أتصور أن قطاعا كبيرا من الطبقة الحاكمة (طبعا باستثناء رجال النظام السابق) يميل الآن إلى الإسراع بتسليم السلطة إلى مؤسسات مدنية. فحكم المجلس العسكري جلب الخراب الأمني والاقتصادي عليهم، وهم لا يرون أنه قادر في الأجل المنظور على تجاوز الأزمات التي ساهم في خلقها بنفسه.

أتصور كذلك أن قطاعا كبيرا من الجماهير غير المتعاطفة مع ثوريي الميادين بدأ يضج من المجلس وما يفعله. فكره هؤلاء للثوريين لا يترجم أبدا في صورة حب للمجلس العسكري. وهذا بالتحديد هو ما أكتشفه المجلس العسكري في الفترة من نوفمبر إلى فبراير. إذ ظن أن في مقدوره صناعة "عباسية" في مواجهة "التحرير"، فاكتشف أن العباسية لا يملؤها إلا أمثال سبايدر وعكاشة!

إذن فالمجلس العسكري أصبح عبئا على الجميع، والفضل طبعا يعود إلى الطليعة الثورية في الميادين التي جعلت الحياة لا تطاق بالنسبة له، وذلك بغض النظر عن عدم قدرتها على بلورة بديل وكسب الجماهير إليه.

وضع كهذا الذي أشرحه يدعو الطبقة الحاكمة إلى البحث عن بديل مناسب وغير مكلف يحل محل المجلس العسكري لكن يحافظ على نفس المصالح الأساسية.

وأظن أن عقلاء كثيرين في أوساط الطبقة الحاكمة بدأوا يدركون أنه لتحقيق هذا الانتقال الآمن للسلطة لابد من إجراء بعض الإصلاحات غير الجذرية التي طالما رفض المجلس إجراءها: بعض الإصلاح في الداخلية، بعض الإصلاح في الإعلام.. الخ.

وفي اعتقادي أن أمثل اختيار لعقلاء الطبقة الحاكمة هو التعجيل بانتخابات الرئيس وإزاحة المجلس العسكري عن الحكم بشكل "مشرّف"، مع احتفاظه بنفس المميزات التي حظي بها في ظل مبارك، ومع لعبه أدوار سياسية أكبر لكن من خلف الستار وبدون أي نصوص مكتوبة بهذا الخصوص.

لكن الأزمة بالنسبة أن المجلس العسكري، برغم ضعفه بعد أن أصبح غير مرغوب فيه حتى من الطبقة الحاكمة نفسها، يرفض أي صيغة للخروج لا تضمن له تماما عدم التعرض لأي مسائلة بعد فقدانه صولجان الحكم.

طبعا المجلس العسكري يعرف مصلحته جيدا. فهو يعلم أنه خارج كرسي الحكم لا أحد يضمن شيئا.

والحقيقة أن الدماء الكثيرة التي تسيل، والتخبط الرهيب الحادث، هم، في رأيي، مظاهر لحالة الرعب والجنون والدموية التي تزداد لدى المجلس كلما اقتربت ساعة الرحيل.

أما بالنسبة للثوريين، فإن خروج المجلس بالصيغة الأقل ثورية التي أصفها لابد أن يُقرأ على أنه انعكاس لموازين القوى وعيوب الحركة الثورية المصرية.

لكن رأيي أن التقييم الدقيق لهذا المسار المحتمل سيجعلنا نضعه في خانة "الانتصار الجزئي".

فصحيح أن المجلس لم يتم إسقاطه بحركة ثورية من أسفل حلت محله. وصحيح أن المجلس لم يخرج مخلوعا كمبارك. لكن صحيح كذلك أنه خرج بعد أن فرضت الحركة الثورية عليه وضعا جعله عبئا على الطبقة التي يمثلها. وصحيح أيضا أنه خرج مكسورا ومكروها وغير مأسوف عليه.

الأهم من هذا كله أن خروج المجلس بهذه الطريقة، إن تم، لابد أن يقرأه الثوريون على أنه ليس نهاية المطاف، بل مجرد خطوة على طريق الانتصار الأكبر للثورة المصرية.

إن خرج المجلس بالطريقة التي أتوقعها، فإن ظروفا جديدة ستنشأ جوهرها أن مؤسسات مدنية منتخبة، معبرة في نهاية المطاف للأسف عن مصالح الطبقات الحاكمة، ستحاول أن تحافظ على المصالح القائمة وتعرقل، بوسائل أقل وحشية غالبا، عملية التغيير الجذري التي تطلبها الطبقات الكادحة والقوى الثورية.

هذه الظروف الجديدة، على خلفية الانتصار الجزئي على المجلس العسكري، ستكون في رأيي، في نفس الوقت، أفضل وأسوأ بالنسبة للثوريين: أفضل لأن مساحة الحريات فيها أكبر، وأسوأ لأن عدونا هذه المرة ذو شعبية و"بيلعب سياسة".

لكن في كل الأحوال لا أعتقد أننا سنختلف حين أقول "الثورة مستمرة".. هي مستمرة بفضل عنفوان الحركة الشعبية المتواصل.. بفضل أزمة الرأسمالية العالمية.. بفضل أزمة الإمبريالية إقليميا وعالميا.. وبفضل الفصل الجديد من الثورة والأمل الذي افتتحته الثورات العربية العظيمة.



#تامر_وجيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حي على الإضراب!
- هل أنت مع 23 يناير أم مع 25 يناير؟
- بعد زخم الأعوام السابقة.. ماذا تحتاج الحركة العمالية لكسب مع ...
- اتحاد اليسار من 4 أغسطس إلى 4 نوفمبر
- العنصرية ضد اللاجئين السودانيين: خطر يتهددنا قبل أن يتهددهم


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تامر وجيه - لماذا أنا متفائل؟