طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3629 - 2012 / 2 / 5 - 09:08
المحور:
الادب والفن
شدّنى وجهها بشدة . على ضوء الرصيف الشاحب ، رأيتُ عينيها . أكره التلصص وأحب تأمل الوجوه . اكتشفتُ أنها ترسل نظراتها إلى وجهى . تساوينا فى اختلاس النظر .
جاء أكثر من أتوبيس ولم تركب . وعندما جاء الأتوبيس الذى أنتظره، هممتُ أنْ أركب ثـــم تراجعتُ . فكّرت ُ : لو أنها ركبت الأتوبيس القادم ، فماذا أفعل ؟ هل أصعد وراءها أم أبقـــــــــى مكانى ؟ تصارع الاختياران داخلى ، ولم ينتصر أحدهما على الآخر .
أخرجتْ كوفية من حقيبة يدها وأحكمتها حول أذنيها . لسعنى برد طوبة ففعلتُ مثلها . لـــــم يكن بالمحطة سوانا . تبادلنا النظرات المغلّفة بالعفوية . تمنيتُ لو أعرف عمر هذا الوجه علـــى الجسد النحيل . أشعر أنه سبعينى ثم يرتد بى الظن إلى الأربعين . كان فى عينيها شىء ما أربك تخميناتى .
مشتْ بخطوات قصيرة . ظننتُ أنها ستنصرف وقد ابتعدت عدة أمتار . فكّرتُ : هل أمشـى وراءها ؟ وقبل أنْ أحسم موقفى ، استدارت ومشتْ فى إتجاهى حيث أقف . نظرتْ إلىّ ثم مشـت مبتعدة عنى . ظلّتْ تقطع عدة أمتار ذهابًا وعودة . فى كل مرة تنظر فى وجهى ، فأنظر إلـــــى وجهها . ألحظ ارتجافة الخدين . أشعر بها تهم بالكلام ولاتفعل . مشت بعيدًا عنى . ظننتُ أنها ستعود كما فعلت فى المرات السابقة . كنتُ أتابعها من ظهرها . ظلّتْ تبتعد وتبتعد . فكّرت أنْ أمشى وراءها ولم أفعل . وعندما اختفتْ تمامًا فى الظلام ، بزغ معنى الغموض فى عينيهـــــا : رأيتُ عينين تقاومان انطفاء البريق .
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟