أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمامي - قراءة أولية لمشروع دستور حزب النهضة: نحو جمهورية إسلامية سنية؟ (1)














المزيد.....


قراءة أولية لمشروع دستور حزب النهضة: نحو جمهورية إسلامية سنية؟ (1)


محمد عمامي

الحوار المتمدن-العدد: 3627 - 2012 / 2 / 3 - 18:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




تعتبر الثورة التونسية، إلى حدّ ما، النموذج المتقدم للثورات الجارية في المنطقة العربية. وهي تكثف ضعوفات وإعاقات تلك الثورات. فمن الواضح أن الشعوب لم تتخطّ بعدُ سلسلة الحواجز التي استنبطتها القوى الدولية والإقليمية الكافلة للرأسمال العالمي، لتجييرها وحصرها في مهمة إعادة هيكلة الأنظمة المتداعية، وإنقاذ هياكل الدول القائمة بعد تكييفها لمقتضيات المرحلة الحالية من تطوّر المنظومة الرأسمالية.
و يقوم مشروع أمريكا وحلفاؤها على الملائمة بين التيار الإخواني الإسلامي لحيويته و شعبيته من جهة، وارتباطه العضوي بمصالح الرأسمال العالمي وأعوانه في المنطقة من جهة أخرى، وبين بيروقراطية الجيش والبوليس والأحزاب الحاكمة في الأنظمة البائدة.
ومن خلال تجربتي تونس ومصر، توزّع الأدوار صلب هذا الائتلاف بكيفية يحكم فيها الإسلاميون في تعايش مع أجهزة وإداريي وأعوان النظم السابقة، وبرقابة العسكر.
ويواجه هذا المسار كوابح معقدة أوّلها تلك التي تتعلق بتخليص الحركات الإخوانية المصنّفة في خانة القوى الإسلامية المعتدلة، وليبرالية التوجه الاقتصادي، من شوائب الأجنحة الراديكالية السلفية والجهادية التي لا تزال تتشبث بنقاء المشروع الأصولي وتكفّـّر كل الحضارة الحديثة. وتكمن الصعوبة في كون تلك التيارات لصيقة بالتيارات الإخوانية نفسها وتتماهى أو تمتزج بقواعدها.
اما التحدي الثاني الذي يواجه المشروع الامريكي في المنطقة فيتمثل في تحويل البيرواقرطيات الحاكمة الى مجرد خدم لكبار الراسماليين والتضحية مقابل ذالك بامتيازاتها الفئوية ومحاولة التخفيف من وطأة الفساد والجمود الذي تضفيه هيمنتها على المعاملات الاقتصادية والسلطات الإدارية والسياسية.
ويبقى التحدي الأكبر والأخطر للمشروع الامبريالي في المنطقة هو طبعا اندفاعة الشعوب نحو مواصلة الثورة وتخلصها من الخوف والطاعة بعد أن تخلصت من سلبية وبلادة عقود من الركوع والخنوع.
ويصل الآن مشروع الاحتواء نقطة الذروة التي ستفضي إلى أحد الأمرين: تدعيم نظام الإلتفاف، وتجيير الثورات لعقود طويلة، وبالتالي فتح الطريق أمام مرحلة جديدة من هيمنة النظام الرأسمالي المعولم، أو فشل ذلك المشروع، وفتح الطريق أمام تدعيم مسار التحرّر من ربقة الرأسمالية بإرساء أنظمة اجتماعية وسياسية أكثر عدلا وتحررا، لا فقط في المنطقة بل في جميع أنحاء العالم.
ويمثل الصراع في صلب المجلس التأسيسي التونسي حول صياغة الدستور الجديد من جهة، والصراع على الأرض بين ما يسمى "الشرعية الدستورية" والشرعية الثورية من جهة أخرى قمة الصراعات المعقدة التي تميّز المسار الثوري الجاري.
ويعدّ مشروع الدستور الذي أعدته حركة النهضة شاهدا على التوجه العام الذي تحضّره قوى الردة بمستوياتها الوطنية والإقليمية والعالمية. ومن خلال قراءة أوّلية لذلك المشروع، يمكن تبيّن مدى خطورة أهداف ورهانات القوى المعادية للثورة.
من جمهورية مدنية تبرّر بالدّين الإسلامي عند الإقتضاء إلى جمهورية إسلامية تبرّر بالمدنية عند الاقتضاء، أو تلازم الديني والمدني.
لطالما أكّد الإسلاميون أنّ النظام البورقيبي المنبثق عن دستور1957 هو نظام علماني، يعادي الإسلام والمسلمين وهو ما تكذّبه كل الوقائع التاريخية. والبند الأوّل الذي وقع الاحتفاظ به تقريبا ليس سوى تأكيد على أنّ للدولة دين رسمي هو دين الأغلبية المسلمة يقصي معتنقي بقيّة المعتقدات وغير المؤمنين. وهو يحدّد الدولة لا بوصفها كيانا سياسيا فقط بل أيضا كيانا دينيا وثقافيا يمثل المسلمين دون غيرهم، ويستثني بقية المواطنيين.
وإذ يدرك الإسلاميون ما لهذا الفصل من غموض يحدّد تأويله النظام السائد احتفظوا به، مقرّين بذلك، نفس التفرقة ونفس دونية غير المسلمين من التونسسين. وبهيمنتهم على النظام السياسي يتأكد ذلك التمييز وينقشع الغبار الذي يلف تلك الصيغة المبهمة لطبيعة الدولة.
و ينضاف الى ذالك سلطة المقدس في الفصل العاشر من المشورع المقدم الذي يجعل من الشريعة "مصدرا أساسيا من مصادر التشريع". ولكون الشريعة تدخل في المجال المقدس تصبح التشريعات المتأتية منها مقدسة بدورها. ولا يمكن، بأيّ حال من الأحوال، المساس بها أو مخالفتها. وهو ما يرفع تلك التشريعات إلى مصاف التحريم أو الإلزام، ويجعل السياسيين الناطقين باسم الشريعة مصدرا متعاليا لإصدار القوانين، ويعطيهم مفاتيح الأمر والنهي.
دولة القمع المقدّس:
يتناول مشروع دستور "النهضة" قمعا لا غبار عليه في ميادين المعتقد والفكر والتعبير والصحافة. ولقد نصّ، صراحة، على تقييد الحريات بفعل تدخّل المقدس في الحياة العامة. ففي الفصل العشرين تعتبر "حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر مضمونة، مع مراعاة مقدّسات جميع الشعوب والأديان". وهنا يقع الالتفاف على حرية الفكر والتعبير والصحافة بجرّة قلم، طالما أنّ "مقدّسات جميع الشعوب والأديان" يجب أن تراعى في تلك الحرية التي تصبح جريمة بفعل تلك المقدسات متى قرّر الحاكم/المؤوِّل ذلك. فالحاكم/المؤوِّل هو من يرعى تلك المقدّسات ويقوم على تدخّلها في الشأن العام، وهو من يعيّر الأثر الفكري أو الأدبي أو الفني أو الصحفي... ويقرّ أو ينفي مطابقته للمقدّس. وهو،إذن، من يرسم، اعتباطيا، حدود الحرية في المجالات المذكورة ويتحكم في مصير الإبداع والنقد والمعلومات...
و لا يفوتنا ان نلاحظ هروب المشروع الى صيغ مبهمة من قبيل " مقدسات الشعوب والأديان" وكأن الأمر يتعلق بكتابة إعلان عالمي لتقييد الفكر والتعبير والصحافة والنشر، لا بكتابة دستور للبلاد التونسية يضمن، قبل كل شئ، حقوق المواطنين التونسيين في حرية لا فقط الفكر والتعبير والصحافة والنشر دون قيود، بل أيضا حرية المعتقد واللامعتقد.

(يتبع)



#محمد_عمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل: دار لقمان على حالهاً(2)
- مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل: دار لقمان على حالهاً (1)
- ديموقراطية الحكماء وديموقراطية الدهماء
- الإسلاميون وحالة الكمون الجديدة
- تونس في مفترق الطرق
- المطالب الاجتماعية الملحة والمهام الثورية
- ليسقط جلاد الشعب لنستكمل مهام ثورتنا!
- اعتصام المصير: استقالة النقابيين لا يجب أن تستمر
- رسالة مفتوحة لأعضاء المؤتمر الوطني لحماية الثورة
- بعض الملاحظات السريعة على بيان جبهة 14 جانفي
- ليس هذا ما يحدث في اتحاد الشغل !
- المعارضة البرجوازية الليبرالية والديمقراطية


المزيد.....




- لا تقللوا من شأنهم أبدا.. ماذا نعلم عن جنود كوريا الشمالية ف ...
- أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك مجددًا.. ما القصة؟
- روسيا تعتقل شخصا بقضية اغتيال جنرالها المسؤول عن الحماية الإ ...
- تحديد مواقعها وعدد الضحايا.. مدير المنظمة السورية للطوارئ يك ...
- -العقيد- و100 يوم من الإبادة الجماعية!
- محامي بدرية طلبة يعلق على مزاعم تورطها في قتل زوجها
- زيلينسكي: ليس لدينا لا القوة ولا القدرة على استرجاع دونباس و ...
- في اليوم العالمي للغة العربية.. ما علاقة لغة الضاد بالذكاء ا ...
- النرويجي غير بيدرسون.. المبعوث الأممي إلى سوريا
- الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يتخلف عن المثول أمام القضاء


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمامي - قراءة أولية لمشروع دستور حزب النهضة: نحو جمهورية إسلامية سنية؟ (1)