|
مشاهد فى «مؤامرة على وطن ثائر»
هانى جرجس عياد
الحوار المتمدن-العدد: 3627 - 2012 / 2 / 3 - 00:24
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
المشهد الأول 31 يناير 2011: ضمن محاولاته للالتفاف على الثورة وإجهاضها، حسنى مبارك يقرر تعديل المواد المعيبة فى الدستور، والثوار يرفضون ويصرون على رحيله وإسقاط النظام. 19 فبراير 2011: جنرالات مبارك يستهلون مسيرة الثورة المضادة، بقرار «تعديل المواد المعيبة فى الدستور» ويشكلون لهذا الغرض «لجنة المستشار». وكذلك كان تعاون «مجلس المشير» مع «لجنة المستشار» إعلانا مبكرا لتحالف «تلاميذ مبارك» مع «تلاميذ البنا» ضد الثورة والشعب والوطن. المشهد الثانى 30 يناير 2011: الرئيس مبارك يزور غرفة عمليات القوات المسلحة، ويظهر فى التلفزيون محاطا بمشيره ونائبه، وبعد 48 ساعة فقط تقع جريمة «موقعة الجمل». 19 ديسمبر 2012: وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية تبث تصريحات منسوبة إلى «مصدر سيادى» يحذر فيها من مخطط لإحراق مصر فى ذكرى الثورة، لكن 25 يناير مرت بسلام ومصر كلها فى الشوارع، الأمر الذى يبدو أنه أجبر «المصدر السيادى» على تأجيل تنفيذ جريمته فى ذكرى الثورة، ويبدو أن الموعد قد حل عشية ذكرى موقعة الجمل. لست أعرف حتى الآن ماذا كان هدف مبارك من زيارته لغرفة العلميات، ولا ماهية الصور أو الأفلام التى بدا أنه ونائبه ومشيره يشاهدونها على شاشة عرض أمامهم، ولا ما هى العلاقة بين هذا الذى كانوا يشاهدونه والصور التى سجلتها كاميرات ماسبيرو، والتى صورتها طائرات القوات المسلحة التى لم تتوقف عن الطيران فوق ميدان التحرير. ثم.......... هل كانت مصادفة أن تقع موقعة الجمل بعد 48 ساعة من هذه الزيارة؟ المشهد الثالث 2 فبراير 2011: قوات الجيش تفسح الطريق أمام قوات الجمل، وتغض البصر عن قناصة يعتلون المبانى المحيطة بميدان التحرير. 1 فبراير 2012: قوات الجيش والشرطة تفسح الطريق للبلطجية وحاملى السيوف والسنج وغيرها من الأسلحة البيضاء لدخول استاد بورسعيد، ثم تغض البصر عن مذبحة دامية تجرى فى الاستاد عقب انتهاء البرلمان. الأغبياء وحدهم هم الذين يرتكبون ذات الحماقة مرتين، ثم ينتظرون نتائج مغايرة فى المرة الثانية، ومثلما كانت «موقعة الجمل» هى القشة التى قصمت ظهر مبارك، ستكون «مجزرة بورسعيد» القشة التى سوف تقصم ظهر تلميذه المشير طنطاوى، وهو الذى كان ينتظر نتيجة مختلفة فى المرة الثانية. المشهد الرابع 23 يوليو 2011: ظهور «الطرف الثالث» فى مذبحة العباسية، ثم تكرر ظهوره فى أحداث مسرح البالون، وماسبيرو، ومحمد محمود ومجلس الوزراء. العساكر يشكلون لجنة للتحقيق فى كل جريمة، ث لا أحد يعرف ما آلت إليه أعمال هذه اللجان الوهمية. العساكر الذين تربوا فى مدرسة مبارك للفساد والاستبداد، والذين يحكمون البلاد الآن، إما أنهم عاجزون عن الإمساك «بالطرف الثالث»، أو أنهم متواطئون معه، وإن كان الراجح عندى أنهم متواطئون، فالبلطجية ينتشرون فى الشوارع والميادين، والعسكر يلقون القبض على مايكل نبيل وعلاء عبد الفتاح، ويستدعون ريم ماجد ونوارة نجم للتحقيق. لكن أيا كان الأمر، ففى الحالتين هم مجرمون فى حق الوطن، ومكانهم فى قفص الاتهام إلى جانب زعيمهم، وليس على كراسى الحكم. المشهد الخامس الثوار المصابون يرقدون فى المستشفيات والكلابشات فى أيديهم، بينما لصوص وقتلة بدرجة حسنى مبارك وحبيب العادلى وجمال علاء مبارك يذهبون إلى المحكمة وكأنهم فى طريقهم إلى النادى، حسب وصف صحيفة «الأندبندنت» البريطانية. وطالما أثبت المشير وجنرالاته أنهم أوفياء لأصدقائهم، فقد اختاروا بأنفسهم مكانهم. المشهد السادس مارس 2011: ضباط جيش مبارك يرتكبون جريمة سافلة فى حق اطهر وأنقى نساء مصر، فيما اصطلح على تسميته «كشف العذرية»، وليس بينهم رجل واحد لديه من الشجاعة ما يكفى للاعتراف بجريمته، التى يعف البلطجية عن ارتكابها. ديسمبر 2011: عساكر المشير يعرون «ست البنات» ويسحلونها فى الشارع، ثم يطل علينا لواء من تلاميذ مبارك ليطلب منا ألا نحكم على الحدث بل على الظروف والملابسات. وأنا شخصيا لا أعرف ما هى الظروف والملابسات التى تجعل هذا اللواء البليد يقبل بتعرية ابنته وسحلها فى الشارع. امرأة مصرية واحدة، خالية الوفاض إلا من عزيمتها وإصرارها لديها من الشجاعة ما يكفى لمواجهة العسكر بفسادهم واستبدادهم وتأمرهم على الثورة، بينما الجنرالات بكل ما يحملونه على أكتافهم من رتب عسكرية وعلى صدورهم من نياشين كانوا ينحون على قدمى مستبد غبى وفاسد أحمق بدرجة مبارك.... هل يكفى هذا سببا لكل حقد العسكر على المرأة المصرية العظيمة وجرائمهم السافلة بحقها؟ المشهد السابع ديسمبر 2011: الثوار يرفضون تكليف الجنزورى بتشكل الوزارة الجديدة، لكن الجنزورى يصم أذانه ويقبل تكليف مشير مبارك، ثم يتباهى أنه يتمتع بصلاحيات الرئيس. فبراير 2012: كمال الجنزورى رئيس الوزراء، فى جلسة طارئة لمجلس الشعب، يعقب على مذبحة بور سعيد بأنه لم «يخلع ملابسه من منذ أمس»، وكأن هذه هى كل مؤهلات رئيس وزارة إنقاذ وطنى يتمتع بصلاحيات رئيس الجمهورية. لو كان الدكتور كمال الجنزورى استمع لمطلب الثورة ورفض تشكيل الوزارة، لكان قد بقى مرتاحا فى بيته «بالبيجاما» ووفر على نفسه ارتداء البدله من أصله. المشهد الثامن 30 مارس 2011: العساكر ينقلبون على استفتاء تعديل الدستور، ويصدرون إعلانا دستوريا على مقاس تلاميذ مدرسة البنا-بديع. 31 يناير 2012: مجلس الشعب بأغلبيته الإسلامية ينعقد فى جلسة طارئة لمناقشة مجزرة بورسعيد، وينفض بتوجيه اتهام بالتقصير إلى وزير الداخلية، بناء على اقتراح د. عصام العريان الإخوانجى حتى النخاع، فيما بدا أنها محاولة لتقديم رأس الوزير فداء لرأس المشير. وخدعوك فقالوا «إنه برلمان الثورة». ليمنح الإخوان «خروجا أمنا» للعساكر، وليتكئ الإخوان على حماية دبابات مبارك التى يقودها الآن سيادة المشير، لكن الشعب له كلمة أخرى... وأخيرة. كان أمام المشير وعساكره فرصة ذهبية لكتابة أسماؤهم بحروف من نور فى التاريخ، وكان أمام تلاميذ مدرسة «بديع-البنا» فرصة لم تتوفر من قبل ولن تتكرر من بعد، لتصحيح مسارهم وسيرتهم، لكن الطرفين اختارا بمحض إرادتهم سلوك طريق الصفقات المسمومة والمشمومة (بالسين والشين)، فليتحمل الطرفان نتيجة اختياراتهما. مشهد الختام يكتبه الثوار وحدهم، لا مكان فيه لأصحاب الصفقات ولا لأصدقاء وتلاميذ مبارك.
#هانى_جرجس_عياد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العسكر ليسوا فاشلين ولا مرتبكين.. إنهم متآمرون
-
بيان العسكر رقم 90: «غباء مبارك» سيد الموقف
-
إسقاط السلطة لا يكفى.. الشعب يريد إسقاط النظام
-
مكانة القوى اليسارية في ثورات الربيع العربي
-
رسالة مفتوحة إلى من يهمه الأمر: ليس من اللائق....
-
يناير يعود فى نوفمبر
-
المؤتمر الصحفى الذى تأخر عن موعده
-
هوامش على دفتر وطن جريح
-
قفص مبارك مازال به متسع لآخرين
-
دماؤنا ووثائقهم
-
تخاريف ما بعد الصيام
-
هدية إسرائيل لجنرالات مصر
-
كلاكيت عاشر مرة: سيناريو الالتفاف على الثورة
-
حتى لا تأخذنا النشوة مرة ثانية: المحاكمة ليست نهاية المطاف
-
على هامش الحشود الإسلامية: مجرد تساؤلات مشروعة
-
الجنرالات يتألقون
-
رسالة مفتوحة إلى الإسلاميين: تعالوا إلى كلمة سواء
-
رسالة مفتوحة إلى المشير طنطاوى
-
هوامش على دفتر وطن ثائر
-
الثورة غير قابلة للسرقة والشعب لن يعود إلى الوراء
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|