|
سلمان الفارسي رمز للموالي في الاسلام ,ج2
وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 3623 - 2012 / 1 / 30 - 15:38
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
احدى اهم المحطات في تاريخ سلمان الفارسي هي قبوله لاختيار عمر بن الخطاب له لولاية المدائن , وهو تقبلها رغم انه لايملك مزاج سلطة . وفي تعليل ذلك يقول العلوي : ( هناك احتمال ان عمر قد تعمد ابعاده عن الحجاز لاضعاف جماعة علي بن ابي طالب ) . وفي اختيار سلمان يمكن لعمر ان يكون قد خضع لهاجس شخصي , وهو حكم رجل من عامة الفرس بدلا من ملكها كسرى . وقد عين عمار بن ياسر على الكوفة لكي يجرب تطبيق اية المستضعفين ثم عزله عنها بعد وقت قصير . ويقول العلوي : من جهة سلمان , فان قبوله ان يكون واليا خلافا لمزاجه يمكن تفسيره بمحاولة منه لتجربة حكم يصوغه وفقا لثوابته المبدئية وذلك افضل من بقائه صامتا في مركز الخلافة . وصف المسعودي في كتابه ( مروج الذهب ) ( باب خلافة عمر ) سلمان الفارسي وهو على المدائن فقال : ( يلبس الصوف ويركب الحمار ببرذعة بغير اكاف وياكل خبز الشعير ) . كان راتب سلمان السنوي عن ولايته خمسة الاف درهم كان يقبضه ثم يوزعه لانه التزم بالعيش من عمل اليد وذلك تطبيقا لتوجيه محمدي . وكان يعمل في سف الخوص لصنع السلال والاوعية مما كان قد تعلمه في المدينة ويبيعها فيعتاش بثمنها . وهو قليل العبادة لايزيد كثيرا على الفرائض . ولم تكن لديه مهام اخرى خارج ادارة المدينة . وبالطبع ولاساعات مخصصة للهو والتسلية . لم ينزل سلمان في ايوان كسرى , بل في مسكن عادي مع عامة اهل المدائن وفتح القصر للعموم بعد ان كان افرغ من محتوياته التي قسمها عمر على الفاتحين كغنائم حرب .وكان الناس يستعملون القصر لاغراضهم واستفاد منه رعاة الغتم فكانوا يبيتون فيه او يستريحون مع اغنامهم . وكان امامه علي بن ابي طالب لما حول عاصمته الى الكوفة قد نزل في مسكن مماثل ولم يسكن في دار الامارة . الا انه ابقى الدار مغلقة حتى اعيد فتحها بعد انتهاء خلافته ومجيء الوالي الاموي الذي اتخذها مسكنا له . وكان مقر سلمان الرسمي هو المسجد وهو ايضا مقر علي بن ابي طالب . مااشبه اليوم بالبارحة ؟انظر الفرق بين ثقافتين متعارضتين : عمر وعلي . عمر يمثل مجتمع البداوة الصحراوي الذي يسميهم القران بالاعراب ويقول عنهم ابن خلدون انهم يحدثون الخراب اينما حلوا في المدن . وبين علي و هوابن مجتمع المدينة مكة ويثرب . كيف تصرف كلاهما بقصر الحكومة ؟ واليوم نشهد في المدن العربية زحفا بدويا كالجراد ياكل الاخضر واليابس . كان سلمان ملبسه ومايركبه لايختلف عن عامة الناس . ولم يكن يخرج في موكب وانما يمشي منفردا او مصحوبا بغيره من اعوان واصدقاء بدون حرس . وقد عاشت المدائن في ظله امنة لايخاف اهلها من عدوان السلطة او عدوان بعضهم على بعض , وكان تحت امرته ثلاثون الفا من اهل الديوان جمعتهم به علاقة احترام متبادل : عدم سطوة من القائد والتزام طوعي من المقودين . وبذلك تكون هذه المدينة قد جربت طريقة حكم كالتي تحدث عنها ( لاوتسه )في كتاب ( التاو ) : حاكم يقود وهو في مؤخرتهم , ويدير شؤونهم وهو تحتهم . وتوفر حالة الانسجام التاي سادت المدائن في تلك الولاية دليل تاريخي على صدق القاعدة التي ترجع الى كونفشيوس , وتوسع فيها مفكرو الاسلام , والقائلة ان اخلاق الناس تتبع سلوك الحاكم .هذه السياسة لم تعجب عمر بن الخطاب . وكان سلمان من جهته يشعر انه يتجاوز الاصول المسموح بها في دولة عمر . وفي ( مراة الزمان ) انه قال وتحدث عن سلوكه في الولاية : ( لو نهاني عمر ما انتهيت ) . وتوسعت المصادر الشيعية فوضعت رسالة على لسان سلمان الى عمر جوابا له على رسالة يؤنبه فيها على ذلك .يقول العلوي ثمت غموض يلف مصير سلمان وولايته , تخبط فيه المؤرخون فلم يصلوا الى قرار نهائي بخصوصه . تقول الرواية الشيعية ان عمر عين سلمان بعد حذيفة بن اليمان لكن الثابت ان حذيفة مات في المدائن واليا عليها . وقبره معروف حتى اليوم فيها وعليه مسجد كبير يضمه مع ضريح سلمان حسب الشائع عند العراقيين . وكات وفاة حذيفة سنة 36 هجرية بعد ايام من وصول خبر بيعة علي بن ابي طالب التي اعتبرها حذيفة خاتمة سعيدة لحياته في خطبة القاها في مسجد المدائن .اما وفاة سلمان فمختلف عليها . وبخصوص مكان الوفاة اذا قبلنا ( الكلام للعلوي ) ان تكون المدائن , فهو ان المدائن كان لها واليان في وقت واحد ووفاة حذيفة في المدائن مشهورة وتقترن ببيعة علي , بينما وفاة سلمان تاتي كخبر مبتور بدون اي متعلقات . في مصدر خارجي متاخر للازدي القلهاتي يردنا خبر عن رجوع سلمان الى موطنه في زمن عمر بن الخطاب . يلاحظ ايضا الاختلاف الشديد في سنة وفاة سلمان خلافا لغيره من الصحابة الكبار . يقول العلوي ان الاختلاف في تعيين سنة الوفاة مع انقطاع اخباره منذ خلافة عثمان وانعدام التفاصيل المتعلقة بخبر الوفاة ترجح الروايات التي تحدثت عن عودته الى اصفهان ووفاته هناك . ويضع ذلك مصير ولايته على المدائن في احتمالين , ان يكون عمر قد عزله عنها او ان يكون اعتزلها هو بعد ان اشتد ضغط عمر عليه . وفي تقدير العلوي ان سلمان قد ارتاى ترك الولاية ومغادرة المدائن في صمت وان ذلك حدث مع وجود حذيفة في المدينة بحيث يكون قد استلم الولاية من سلمان ثم جرى تثبيته فيها بقرار من عمر . وهذا هو الحل الوحيد المعقول للمصير الغامض لسلمان الفارسي .يبقى ان نقول ان هناك مجموعة اساطير نسجت حول سلمان . ويشكك هادي العلوي في مؤلفاته في صحة القبر المنسوب الى سلمان وفيما يؤكد العلوي عودة سلمان الى اصفهان يؤكد ماسينيون ان سلمان مات ودفن في المدائن ولكل منهما ادلته المصادر نفس مصادر الجزء الاول
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكنائس المسيحية - الصهيونية
-
يهوه ليس هو اله يسوع
-
سلمان الفارسي رمز للموالي في الاسلام , ج1
-
جمورية النبي
-
ضاع العراقيون بين برشلونة وريال مدريد
-
الجنس في مجتمع يثرب
-
جنة الملحدين
-
اليوم أعلنت عليكم الحب
-
البحث عن يهوه واشياء اخرى
-
اكذوبة الدين الواحد
-
لصوص الله .. الجزء الرابع والاخير
-
لصوص الله .. ج3
-
لصوص الله..ج2
-
تاثير الاعلام البصري
-
لصوص الله ......... ج1
-
من هم اليهود ؟
-
لازلت على قيد الحب والعراق
-
لماذا العداء بين الشيوعيين وبولس؟
-
الالوهية والملوكية من الميثولوجيا الى المسيحية
-
الكشف عن المتفجرات واشياء اخرى
المزيد.....
-
ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
-
تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
-
نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
-
شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي
...
-
مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
-
صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
-
اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من
...
-
السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال
...
-
دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو)
...
-
واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|