|
يحيا - مايكل نبيل - مدون الثورة ويسقط - محمد حسنين هيكل - مثقف السلطة
أحمد شهاب الدين
الحوار المتمدن-العدد: 3622 - 2012 / 1 / 29 - 02:55
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
أعرف تماما أننا لا نعيش وقت الكتابة والبحث والتحليل بقدر ما نعيش وقت الفعل ، وأؤمن أن الفعل " الثوري " أكثر إيجابية وأقرب تغييرا من الكلمات المنمقة والمعبرة أو غير المعبرة لذا سأكتفي بخطوط عريضة ، وخط واضح وفاصل بين مايكل نبيل ومحمد هيكل
أكتب في الوقت الذي جاءتنا فيه أنباء مبشرة عن الإفراج عنه ، واعتبرتها فرصة للكتابة عن هذا الشاب وهو يكاد يكون أقرب إلى " نموذج " معبر عن الجيل بقلقه وشجاعته وتمرده ، وأن هيكل أيضا هو هذا النموذج الأقرب إلى جيل بيقينه وثباته ووقعه تحت إسار السلطة .
كل شيء مختلف بين جيلين الأول يبحث عن السلطة والمنصب ويتقرب منها ويتودد إلى أصحابها ، والثاني بعيد عنها تماما ويفكر في مباديء الحرية والعدالة والكرامة .
الاختلاف في المظهر يعبر عن الجوهر
إذا بحثت في جوجل عن صورة هيكل ستجد بيدج قناة الجزيرة القطرية – التي تحوز المال والنفوذ السياسي في المنطقة – وسترى رجلا عجوز منمقا في ملبسه ، وستلاحظ هذا الإبهام في وجهك كعلامة على اليقين والثقة فيما يقول ، وإذا بحثت في جوجل عن صورة مايكل نبيل فستجد شابا في مقتبل الشباب في ضحكته مزيج من المرح والسخرية ، وستراه أحيانا من خلف القضبان كإيحاء بالسجن المتكرر الذي تعرض له ، ولن تجد سوى إصبعين إثنين مرفوعين علامة العزيمة على النصر ، وأحيانا سترى الإصبع الثالث دلالة على التمرد الذي لايعرف قوانينا ولا أعراف
قصة حياة واختلاف مواقع
ابحث في ويكيبيديا عن سيرة هيكل ونبيل ، ستجد الأول صحفي وله كتب كثيرة وحياته حافلة بالشخصيات التي قابلها وصادفها ، قام بتأليف كتب سياسية كثيرة لم تؤثر إلا على النخبة القليلة وقليلا منها حرك المياه الراكده ، فالأول كان يتكلم من موقع السلطة ، فهو العارف ببواطن الأمور وهو ولع بالتوثيق – تماما مثل مايكل – ولكن الأول ولع بتوثيق الخطابات والرسائل الرسمية، يقول لك كنت جالسا مع الرئيس الفلاني والمسؤول العلاني ليتلقى الدرر من أفواههم ، كان لصيقا بعبد الناصر بالطبع لم يناصر الحريات ولم يدافع عن المعتقلين ، ولم تكن له قضية يدافع عنها تمس حياة المواطن البسيط والمركب ، كل ذلك كان يفعله نبيل فهو مدون ، اختار الكتابة على الشبكة العنكبوتية أداة حرة مثل السماء لا حسابات ولاقيود ولا مراوغة ، لم يطبع له كتاب ، ولكن كتاباته كان لها تأثير على الشباب النشط في سبيل حقوق الإنسان وحريته ، تبنى قضية وأخذ يكتب ويدافع عنها " قضية التجنيد الإجباري " ، في الوقت الذي كان فيه هيكل يجلس مع أمراء قطر ، ويحصل على بركتهم في قناة الجزيرة ، كان نبيل يقف في الميادين يهتف بالحرية التي ينتفض لها قلبه ، ويرعش لها شعيرات جسده ، هو أيضا يوثق جميع مدوناته ولكنه ليس التوثيق لغرض التوثيق ، ولكن ليحرك المياه الراكدة ويحرض الإنسان ضد الفساد والاستبداد ، أما هيكل فلايتكلم عن وثائقه إلا بعد فوات الأوان ، ولا يفصح عما في داخله إلا بعد أن يحترق سياسيا ، فكلامه عن الضربة الجوية الشرفية لمبارك كانت ستحرك كثيرا وستحرض أكثر لو كانت قبل رحيله عن الكرسي ، كلمات هيكل يسبقها الزمن وكلمات مايكل تخلق الزمان والمكان المناسب لها .
طريقة الكتابة الفصحى والعامية
يكتب محمد حسنين هيكل بلغة منضبطة فصيحة بليغة دقيقة ، وأما مايكل نبيل فلغته منفلتة لا تفصح إلا عن عفويته ولا تبلغ إلا صرخاته ، ولاتدق عن أي فهم ، يكسر قلمه الحاجز بين قواعد اللغة وبراح العامية ، رغم سمو المعاني التي يدعو إليها ، تجده يتحدث عن قضايا لا عن ذاته ، أما هيكل فتجده حاشرا ذاته وقصة حياته حشرا في كل تاريخ يسجله ويوثقه .
هيكل مؤمن بفكرته بالقومية العربية التي دعا إليها عبد الناصر ، ويحلم باستعادتها ثانية ، ويكتب للرؤساء والزعماء الذين يمكن أن يلعبوا دورا مشابها ، ومايكل يشك في كل شيء الإيمان والوطن والقومية إلا الإنسان وحريته ، يؤمن في الإيمان نفسه ، وينظر إلى الإنسان وكرامته وحريته فتتقازم قامة الزعماء ، وتختفي كل الإيديولوجيات ، إلا الإنسان هو الزعيم والإيديولوجيا والوطن والدين ، هو ابن لهذا الجيل الذي لم يجد قدوة ولا لغة ولا فكر ولا دين كل شيء تحول إلى قشور وقشور وقشور ، فهذا الرئيس يدعو إلى الممانعة والكبرياء العربي في الوقت الذي يذبح شعبه كما فعلها عبد الناصر في معارضيه ، وذلك يعتبر نفسه خادم الحرمين الشريفين وباسم محمد الذي بعث من أراضيهم يسجنون ويقتلون كل إنسان يزعزع استقرار الأسرة المالكة ، وهؤلاء الأقربين في بلادنا يبشرونا بالشريعة الإسلامية السمحاء التي أنارت العالم وأكسبته تمدنا وحضارة ، ثم يزورون في الانتخابات ويشوهون منافسيهم في دينهم وأخلاقهم ، ويضعون خطوطا حمراء على العسكر الذين فعلوا أكثر مما فعله أبو لهب في السلف الصالح الذي يقتدون به ، كذب وزور ورياء .
لكل هذا أهتف وكل أبناء الثورة المصرية التي لم تنادي بالليبرالية أو الإسلامية أو الإشتراكية ، الثورة التي لم تفضل أبيض على أسود ولا مسلم على مسيحي ، الثورة التي قادها نوبيون وقاهريون وفلاحون وصعايدة ، شباب وعواجيز ، مسلمون ومسيحيون وملحدون ، ثورة نادت بالمباديء العامة : الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية ، في الوقت الذي كان فيه هيكل على قناة الجزيرة القطرية يفكر ويحلل ويشير بإبهامه أننا نخاف من الصندوق الأسود !
#أحمد_شهاب_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لم يتبق بعد ثورة يناير إلا دينان: دين الثورة ودين الاستبداد
-
الحلم إيمان -رواية قصيرة-
المزيد.....
-
مراوح قارب تسحق ذراع شاب أثناء غطسه في البحر.. والسائق معتذر
...
-
ترامب يعلن مواصلته عقد تجمعات بأماكن مفتوحة بعد محاولة اغتيا
...
-
ألمانيا.. ازدياد شعبية الحزب المعارض لإمدادات الأسلحة إلى ال
...
-
-سرايا القدس- تعلن السيطرة على طائرة استطلاع إسرائيلية في خا
...
-
فرنسا لا تستبعد ضلوع طرف أجنبي في أعمال تخريب شبكة القطارات
...
-
أستراليا تحظر استخراج اليورانيوم من أحد أكبر المناجم في العا
...
-
صحيفة أمريكية: نتنياهو بين نارين بعد طلب واضح من قادة الديمق
...
-
إسرائيل تقدم للإدارة الأمريكية مقترحا معدلا لصفقة التبادل وو
...
-
نعيم قاسم: أعيش أفضل حياة لن أتخلى عنها وحسن نصر الله أسعد إ
...
-
سلسلة انفجارات تدوي في مدينة دنيبر الأوكرانية
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|