أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج كتن - هل يقود إصلاح الأمم المتحدة نحو حكومة فيدرالية عالمية؟















المزيد.....

هل يقود إصلاح الأمم المتحدة نحو حكومة فيدرالية عالمية؟


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 1070 - 2005 / 1 / 6 - 10:42
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لا يمكن تقييم منظمة الأمم المتحدة التي تضم حالياً 191 دولة، من زاوية واحدة كما يفعل البعض، لفشلها في إيجاد حل للمسألة الفلسطينية، بإغماض العين عن منجزاتها الضخمة على المستوى العالمي، فقد أثبتت خلال ما يزيد عن نصف قرن أنها مؤسسة عملت في جميع المجالات لصالح الجنس البشري، إذ لعبت الدور الأكبر في إنهاء الاستعمار في 60 دولة، وساهمت في الحفاظ على السلام في عالم متخم بالأسلحة وبالأزمات المعقدة، وراقبت وكالتها للطاقة المنشآت النووية في90 دولة لمنع الانتشار النووي، كما عملت لإيقاف الكثير من المنازعات الإقليمية والحروب الأهلية..
كما ساهمت في نشر وتعزيز الديمقراطية بالاشتراك في تنظيم انتخابات نزيهة في عدد كبير من البلدان، ولعبت الدور الأساس في وضع العشرات من الاتفاقات الدولية لتثبيت حقوق الإنسان في جميع المجالات، وتوجيه الضغط الدولي ضد الحكومات الاستبدادية لزيادة تقيدها بحقوق الإنسان، كما شرعت اتفاقات لحقوق الطفل والمرأة وللقضاء على التمييز العنصري ومناهضة التعذيب والإبادة الجماعية، ولحقوق المنتمين لأقليات قومية أو دينية..
وحققت إنجازات هامة في التنمية الاقتصادية في كافة أرجاء العالم، بالمنح والقروض وتصميم المشاريع وتنفيذها، وبرامج التغذية العالمية، والعمل لمكافحة الفقر والأمراض والمخدرات والأمية، وتنظيم الأسرة ومساعدة اللاجئين والإغاثة في حالات الكوارث الإنسانية... كما اضطلعت بدور كبير في تطوير القوانين الدولية في مجالات الأمن والتنمية وصيانة البيئة وتنظيم التجارة الدولية والملاحة البحرية والجوية، ومكافحة الإرهاب، وإنشاء محكمة دولية لمعاقبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية....
لا يمكن لأي نص أن يحيط بأعمال المنظمة ومنجزاتها التي تصل إلى كل ركن من أرجاء المعمورة، وإلى كل إنسان من سكان العالم، كما لا يمكن اختصارها فيما يدعيه بعض السياسيين العرب، الذين فقدوا الاتصال بالعصر وتكلسوا حول أيديولوجياتهم، من أنها منظمة هيمنت عليها أميركا وحولتها للعمل لمصلحتها، كواجهة "للعودة لاستعمار الدول".
إلا أن المنظمة رغم كل منجزاتها بحاجة لإصلاح وتطوير لتواكب العصر الجديد، ولمواجهة تحديات قائمة ومستمرة، كالحروب بين الدول والحروب الأهلية وانتهاكات حقوق الإنسان، والفقر والأمراض المعدية وتدهور البيئة الكونية، والمخاطر الجديدة ومنها بشكل خاص الإرهاب والجريمة المنظمة على مستوى العالم، التي بات حصول منظماتها على أسلحة دمار شامل أمراً وارداً، مما يستوجب عملاً وقائياً قبل وقوع الكارثة. لذلك جاء تشكيل الأمين العام "للفريق رفيع المستوى" لبحث التحديات والتهديدات، وإدخال التحسينات على عملها لتمكينها من التصرف قبل نشوب المخاطر.
كان من أهم التوصيات ال107 الواردة في تقرير "الفريق"، تأييد المسؤولية الدولية الجماعية عن الأمن الجماعي للعالم، من خلال إجراءات يمكن أن يتخذها مجلس الأمن عند حدوث، أو الخشية من حدوث، انتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان، أو عمليات قتل واسعة النطاق، في دول ذات سيادة عاجزة عن ردعها أو غير راغبة في ذلك أو مشاركة فيها. في هذه الحالة رأى "التقرير" مسؤولية المنظمة للتدخل لحماية المدنيين، فقد حظي الحفاظ على حياة المدنيين في أي مكان بالعالم في السنوات الأخيرة باهتمام عالمي متزايد، حتى أن سيادة الدول لم تعد مبدأ مطلقاً معيقاً، لا يعني ذلك تفرغ المنظمة لشن الحروب، بل استنفاذ كافة الوسائل السلمية قبل استعمال القوة.
يشير عنوان التقرير: "عالم أكثر أمناً: مسؤولية مشتركة"، إلى الترابط العالمي وتوحد التهديدات الأمنية التي تواجه العالم، مما يستدعي الأهمية القصوى للأمن الجماعي كهدف راهن للبشرية، الذي يُمارس من خلال المنظمة كبديل للتحالفات العسكرية الإقليمية المحدودة، بالاعتماد على نظام أمني أممي شامل، يعطي صلاحيات اللجوء لإجراءات أو لضربات استباقية تتخطى الحدود القومية للدول، شرط العودة لمجلس الأمن للحصول على موافقته.
كما أكد "التقرير" على أن مواجهة التهديدات الأمنية العالمية تبدأ من تنمية البلدان المتخلفة في كافة المجالات للقضاء على الفقر والجوع والأمية والأمراض، إذ يتزايد الأمل بتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية على المستوى العالمي كهدف للقرن الحالي. لم يعد هذا الهدف جزءاً من برامج أيديولوجية مثالية أو مشاريع أخلاقية خيالية، بل أصبح هدفاً أساسياً لا بد من تحقيقه لصالح عالم أكثر أمناً، يهم جميع الدول وعلى رأسها الدول الصناعية الكبرى، فالعدالة الاجتماعية التي فشلت أنظمة اشتراكية في تحقيقها يمكن أن تصبح من مهمات عالم ازداد ترابطاً وتشابكاً، وتعززت المصالح المشتركة لجميع دوله غنيها وفقيرها، فالتنمية في كافة المجالات توفر حياة الملايين وتقدم لهم مستويات معيشة أفضل، مما يمكن جميع الدول من المساهمة في تحقيق الأمن الجماعي العالمي.
ومن المسائل الهامة في تقرير "الفريق"، اقتراحات حول تركيبة مجلس الأمن الذي يشكل السلطة التنفيذية العليا للمنظمة بزيادة عدد مقاعده إلى 24، من مقاعد إضافية لدول دائمة العضوية، وأخرى لدول غير دائمة العضوية قابلة للتجديد، فالمزيد من الدول في المجلس يساهم في تعويض الخلل في توازنه بعد انهيار نظام القطبين، مع تعزيز الطابع الديمقراطي للمجلس وجعله خاضعاً أكثر للمحاسبة..
أما بالنسبة لحق النقض الذي يطالب بعض السياسيين العرب بإلغائه على خلفية استعماله المتكرر من قبل أميركا ضد أية قرارات موجهة لإسرائيل، فهو أمر غير واقعي، فمن المتعذر تساوي دول كبرى مثل أميركا والاتحاد الروسي والصين والهند تملك صوتاً واحداً مع دول مثل جزر القمر لا يتجاوز عدد سكانها بضع مئات من الآلاف. ما نراه واقعياً وممكناً عدم زيادة الدول الحاصلة على حق النقض، بالإضافة لتحديد المجالات التي يحق للدول المتمتعة به استعماله ضمنها. كما يمكن إخضاع مجلس الأمن لمسائلة الجمعية العامة عندما لا يعتمد التمثيل على عدد الدول بل على عدد سكانها وقوتها الاقتصادية ومدى مساهمتها في موازنات وبعثات المنظمة وغير ذلك من المعايير، إذ من الطبيعي أن يكون لهذه الدول دوراً اكبر في صنع قراراتها.
تحويل الجمعية العامة لهيئة تشريعية تواجه السلطة التنفيذية لمجلس الأمن، يمكن أن يتم برأينا بإنشاء نظام المجلسين المعتمد في الدول الفيدرالية، التي يقوم أحدها على تمثيل بناء على عدد سكان الولاية الفيدرالية، والآخر على تمثيل جميع الولايات بمقاعد متساوية. أن المزيد من الفعالية التنفيذية للمنظمة ضروري لتطبق على جميع الدول شرعتها وقراراتها، التي يجب أن ترفق بعقوبات ضد الدول التي تتجاوزها في التعامل مع مواطنيها ومع الدول الأخرى.
إن ما يروج عن تراجع دور المنظمة أمام هيمنة الدولة العظمى الوحيدة عليها ليس دقيقاً، فأميركا لا تستطيع تمرير ما تريده من خلال مجلس الأمن، وخير دليل على ذلك عدم موافقته على الحرب ضد العراق، ثم إصداره قرارات تتضمن تحديداً دقيقاً لدور القوات متعددة الجنسيات ومدة بقاءها. فعندما يتعذر منع هيمنة الدولة العظمى فعلى الأقل يمكن الحد منها، والاستمرار في الضغوط عليها لاحترام الديمقراطية في العلاقات الدولية، فالمنظمة ستفقد فعاليتها دون مشاركة الدول الكبرى فيها وخاصة أميركا، التي يمكن وقف اندفاعها للهيمنة على العالم واحتواء دورها داخل مؤسسات المنظمة الدولية.
إن الداعين للعودة لنظام متعدد الأقطاب لموازنة دور القطب الواحد، يحلمون باتجاه راجع للوراء، يذكر بمجلس أمن محدود التأثير في ظل التوازن القديم بين القطبين، وهو أمر يتعاكس مع التطورات الموضوعية التي تقود لعالم أكثر توحداً وترابطاً. بينما الحلم بحكومة عالمية، سلطتها التنفيذية مجلس أمن معدل للحد من هيمنة أي طرف عليه وقوات متعددة الجنسيات دائمة الحضور، وسلطتها التشريعية جمعية عامة من مجلسين لتمثيل أفضل لشعوب العالم، وسلطتها القضائية محاكم دولية مستقلة ذات قرارات نافذة، هو الحلم الأكثر اقتراباً وتوافقاً مع المتغيرات العالمية، والذي يقود لعالم أكثر أمناً وتحقيقاً للعدالة والمساواة في الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكافة أفراد الجنس البشري.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحصاد الهزيل للإصلاح في -منتدى المستقبل-
- حلول جذرية لوقف التمييز ضد القبط
- انتهاء صلاحية الشعارات السياسية العربية للقرن العشرين
- لجان إحياء المجتمع المدني..هيئة أهلية أم حزب
- هل تدب الحياة في أوصال الديمقراطية الفلسطينية ؟
- المعارضة السورية بين الديمقراطية العلمانية والمحافظة
- الامازيغية والكردية صنوان
- محمد سيد رصاص وصب الماء الكردي في طاحونة المعارضة السورية
- الأزمات والمشكلات العالقة في المنطقة العربية
- ملاحظات حول بيان ليبرالي سوري
- اليد الممدودة بين الكرد والعرب
- العلاقات العربية –الكردية في ظل العولمة
- العملية السياسية العراقية ونخب عربية
- انسداد الأفق السياسي الفلسطيني _ يا كرسي ما يهزك ريح
- الخارج يطرق أبوابنا
- المثقف والحوار الكردي –العربي
- بين الإرهاب والحكم المطلق والسلفية والإصلاح السعودية إلى أين ...
- طلال سلمان والعروبة المقاومة
- جمع الأصفار العربية
- اشكالية الممارسة الديمقراطية في حركة القوميين العرب


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج كتن - هل يقود إصلاح الأمم المتحدة نحو حكومة فيدرالية عالمية؟