|
حضارة السلب والنهب !!
عدنان عاكف
الحوار المتمدن-العدد: 3620 - 2012 / 1 / 27 - 16:10
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
" الواجب على الناظر في كتب العلماء، اذا كان غرضه معرفة الحقائق ان يجعل نفسه خصما لكل ما ينظر فيه ويحيل فكره في متنه وفي جميع حواشيه ويخصمه من جميع جهاته وجوانبه ويتهم أيضا نفسه عند خصامه فلا يتحامل عليه ولا يتسامح فيه " ابن الهيثم – الشكوك غلى بطليموس كان الأستاذ محمد البدري قد بعث بأربعة تعليقات دسمة على مقالتي " الاسلام بين كامل النجار وجلال العظم " تضمنت عددا من الملاحظات المهمة المتعلقة بجوانب فكرية وتاريخية. وقد اعتذرت في حينها عن الرد لأسباب طارئة. سأحاول في هذه المقالة ان أعقب غلى بعض الملاحظات المثارة. وفي الوقت الذي اتقدم فيه بالشكر الى السيد البدري ، أرجو ان نقدم ملاحظاتي مساهمة في تطوير الحوار بشأن القضايا المطروحة. لنقرأ التعقيب التالي على مقالة د. كامل النجار : " الى الجبال مرة أحرى "! " لقد تعامل المسلمون في عصور الاسلام منذ خلافتهم بالاربعة اصحاب محمد ومن بعدهم الامويون والعباسيون مع باقي الحضارات بطريقة السلب والنهب التي اتبعوها في ممتلكات بني قريظة وخيبر وباقي البلاد المحيطة بجزيرتهم. فهم ينسبون اعمال اليونان التي بها ما يتفق والقرآن باعتبارها من منجزاتهم اما في العصر العباسي فلم يكن هناك عربي واحد ضمن من قدم شيئا كالفارابي وابن سيناء والخوارزمي ... الخ. لكنهم ينسبوا اعمالهم علي انها عربية أو اسلامية رغم تكفيرهم لهؤلاء العلماء. لو ادرك العرب المتأسلمين ان العالم القديم والحديث قد اقام الحضارة علي اساس الفهم والادراك والعمل والانتاج وليس بطريقة السطو لأمكنهم علي الاقل المشاركة بدلا من الوقوف موقف الجهلاء يرددون ما اصبح من فضلات الحضارة. شكرا للدكتور النجار وتحيه له وعود حميد للحوار المتمدن ". لو قارنا بين ما ورد في هذا التعقيب وبين ما تعلمناه من تاريخ تطور العلم والحضارة فلن يكون من الصعب ان نستنتج ان الكاتب الناقد ، ابن القرن الواحد والعشرين أخل بضوابط النقد العلمي الموضوعي ، التي وضعها عالم وناقد من القرن الحادي عشر ، وهي الضوابط التي وردت في الفقرة التي اقتبسناها عن ابن الهيثم في مقدمة المقال. لم يكن اختياري لهذه الفقرة اعتباطا، بل أردت الاشارة الى انه ليس من العلم ان نجزم بهذه الصيغة الاعتباطية المنفعلة ( ولماذا منفعلة لست أدري ) بأنه لم يكن في العصر العباسي " عربي واحد ضمن من قدم شيئا كالفارابي وابن سيناء والخوارزمي ...". مع ان الأسلوب الذي يتبعه البعض بفرز العلماء المسلمين الى عرب وغير عرب هو اسلوب مستهجن ولا يمكن ان ينسجم مع توجهات ومبادئ الكتاب العلمانيين. وجدير بالذكر ان هذا الاسلوب قديم وقد تم التخلي عنه في الأدب العلمي الأوربي باستثناء بعض الكتابات المتعصبة ضد العرب. وقد عبر العالم المعروف جزرج سارتون عن رفضه لهذا السلوك واعتبره موقف عنصري ومتعصب يحاول النيل من العرب. وأعجب ما في الأمر ان من يقوم بعملية الفرز " القومي " لا يهمه في الأمر سوى فرز العرب عن غيرهم، وتراهم ينسبون من هو من غير العرب الى القومية الفارسية، مع ان الكثير منهم ينتسبون الى قوميات آخرى، مثل ابن سينا ، البيروني، الخوارزمي، الفارابي... منذ البداية يصدمنا الكاتب بـ " حقيقة علمية تاريخية " يرفضها العلم والتاريخ، ألا وهو الجزم بان المسلمين تعاملوا مع الحضارات الأخرى عن طريق السلب والنهب. التاريخ ومنطق تطور العلم والحضارة يؤكدان على انه بوسعنا ان نستحوذ عن طريق السلب والنهب على كل شيء باستثناء الفكر والحضارة. ها نحن ندفع كل عام مئات المليارت من الدولارات لاستيراد ( وليس سلب ونهب ) الفكر والعلم والحضارة فما هي النتيجة؟ ناطحات سحاب، مولات، آخر صرعات المودة، مهرجانات سينمائية دولية لا حصة لنا فيها، ولكن لا أثر للحضارة والعلم. الحضارات لا تنمو وتتطور في بيئة قائمة على عقلية السلب والنهب، بل تتطلب ظروف موضوعية، تسمح لها بالتفاعل والتلاقح مع الثقافات والحضارات الأخرى. ماذا يمكن ان تفعل بأعظم الحضارات اذا كانت عقيدتك وتقاليدك وبيئتك واقتصادك غير مؤهلة لاستقبال مثل هذه الحضارة والتفاعل معها؟ يقول نصر حامد أبو زيد : " الأساس في التأثير الفكري بين ثقافتين أو حضارتين، ان الأفكار الواردة على الثقافة والحضارة من الصعب ان تمارس تأثيرها الفعال والمثمر في هذه الحضارة ما لم تكن الظروف الموضوعية – الاجتماعية والسياسية – مهيأة لتلقي هذه البذور واحتضانها...". ويقول البدري : " فهم ( يقصد المسلمين ) ينسبون اعمال اليونان التي بها ما يتفق والقرآن باعتبارها من منجزاتهم...". لم يسبق ان قرأت شيئا من هذا القبيل. ومع ذلك أين المشكلة في هذا؟ متى تقبلت الكنيسة ما لا يتفق مع تعاليم التوراة والانجيل؟ ما قرأته هو عكس ما يقوله البدري. والذي قرأته كان في المجلد الأول من كتاب " العلم في التاريخ " للعالم البريطاني والفليسوف الماركسي برنال جورج ان الكنيسة ومنذ البداية حرمت التعامل مع المؤلفات اليونانية في حين فتح المسلمون أبوابهم أمام جميع المؤلفات باستثناء تلك التي تنكر وجود الله بشكل مباشر. لا أجد فرقا بين من ينكر تأثير الحضارة اليونانية أو أي حضارة أخرى على الحضارة العربية الاسلامية وبين من يحيل كل ما هو قيم وعلمي وحضاري الى التأثير الأجنبي. ثم هل يدلني السيد البدري عن شعب أو أمة ما لم تنسب انجازات شعوب أخرى اليها. بوسعي ان أذكر الآن العشرات من " الاكتشافات العلمية القيمة " الغربية في مجال علوم الأرض التي سبق وان اكتشفت خلال العصر الإسلامي الوسيط. دعونا نحتكم الى العقل والمنطق. هل حقا ان ما ذكره السيد الكاتب يعتبر من السمات المميزة للمسلمين وحضارتهم؟ هل حقا ان المؤرخين قد أثبتوا ان المسلمين والعرب تميزوا بالاستحواذ على المنجزات الحضارية لغيرهم من الأقوام والشعوب؟ أم ان هذا مجرد نزوة " فكرية " يحاول السيد البدري ان يلهي بها القراء؟ التاريخ، حسب معلوماتي المتواضعة، يقول غير ما يدعيه السيد البدري. لنقرأ ما تركه لنا الكندي عن هذا الموضوع : " لا نستح من الحق واقتناء الحق من أين أتى، وان أتى من الأجناس القاصية عنا، والأمم المباينة لنا ". الكندي يلقب بفيلسوف العرب الأول. وما يهمنا من هذه التسمية هو كونه منرواد الثقافة العربية. قبل أكثر من ألف عام صرخ بفمه المليان بانه لا يستحي من استيراد العلم من أي بلد كان، في حين ان الكثير من حكوماتنا " الديمقراطية العلمانية "، وبتوجيه واشراف حكومات الغرب الديمقراطية، في القرن العشرين كانت تحكم بالاعدام على حملة " الأفكار المستوردة "! ان لم تخني الذاكرة كان ثاني وزير للثقافة في العراق الديمقراطي الجديد قد هاجم بعنف الثقافة المستوردة. متى أصبح بوسع علماء أوربا ان يتحدثوا بصراحة عن حرية استيراد الثقافة؟ كان الكندي من الأوائل الذين أكدوا على نسبية الحقيقة، وعلى الطابع العالمي التراكمي للمعرفة : " لم ينل الحق ـ بما يستأهل الحق ـ أحد من الناس بجهد طلبه، ولا أحاط به جميعهم، بل كل واحد منهم إما لم ينل منه شيئا، واما نال شيئا يسيرا. بالاضافة الى ما يستأهل الحق، فاذا جمع يسير ما نال كل واحد من النائلين لحق منهم، اجتمع من ذلك شيء له قدر جليل ". هل يمكن لرجل مثل هذا ان ينسب لنفسه حضارة رجل آخر ؟ لنقرأ هذه الفقرة التي قد تكفي لوحدها لتصحيح الصورة المشوهة التي رسمها السيد البدري عن العلماء المسلمين وموقفهم من الحضارات التي سبقتهم. يقول الرازي : " كدح السابقون فبنينا على ما حققوه وارتفعنا على اكتافهم وكدحنا وسيبني الآتون على ما حققناه وسيرتفعون على أكتافنا". هذا هو منطق تطور الفكر والحضارة. زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون... أليس هذا ما كرره اسحاق نيوتن بعد بضعة قرون حين قال: " إن كنت رأيت البعيد فلأني قد وقفت على أكتاف عمالقة". نواصل قراءة التعليق : " اما في العصر العباسي فلم يكن هناك عربي واحد ضمن من قدم شيئا كالفارابي وابن سيناء والخوارزمي ... الخ. لكنهم ينسبوا اعمالهم علي انها عربية أو اسلامية رغم تكفيرهم لهؤلاء العلماء ". لنتذكر ان هذا التعليق ورد على مقالة د. النجار " الى الجبال مرة أخرى " . وفي هذه المقالة كرس النجار الجزء الأخير منها لاستعراض أكثر من عشرة علماء مسلمين، وركز على ابراز هويتهم القومية غير العربية ( الفارسية ) . ما الذي أضافه البدري في هذه الفقرة الى ما قاله النجار؟ لو حاول البدري ان يتعامل مع التاريخ بمنظاره هو وليس بمنظار النجار لعثر على الكثير من العلماء العرب الذين رفعهم المستشرقون الغربيون الى مطاف عباقرة العلم في العالم. التعقيب الثاني : " فإذا كان العلم العربي – على الأرجح – أكثر العلوم تقدما في العالم منذ القرن الثامن وحتى نهاية القرن الرابع عشر، .... فاننا لا يجوز الاستحلام علي هذا القول لان العالم في هذه الفترة كان غارقا في الجهل، ولم يتجاوز هذا الوضع الا بقدر ما فارق علماء اوروبا النصوص الدينية بدءا من فرانسيس بيكون وجاليليو انتهاءا بكل الملحدين الحاليين رضي الله عنهم في كل العلوم وإلا إنه موقف سياسي في باطنه له ظاهر ديني قائم علي عداوة اصحاب العلم والمعرفة بعد وصفهم بالصليبيين والكفار والملحدين فلماذا يغض الاسلاميون الحاليين البصر عن ما يمسي بالنهضة العربية الاسلامية ويشيحون عنهم ولا يفخرون بهم؟ السبب في هذا ان كل هؤلاء تم وضعهم في خانة الكفار من علماء الاسلام انفسهم الذين قادوا القطيع الاسلامي دينيا. فعودة الاعتبار ايمانيا للعلماء سيفقد الغزالي وابن تيمية وغيرهم المصداقية مما يضعف القيادة الاسلامية المشيخية للشعوب المسلمة وهو أمر لا يقدر عليه الاستبداد والفاشية العربية الاسلامية "!!! انتهى تغليق السيد البدري. قبل البدء في تحليل ما ورد ، أتمنى لو ان أحدا يساعدني بالجواب على سؤالي الساذج : هل انتج العرب والمسلمون في العصر الوسيط حضارة أو ثقافة ما ؟ في التعليق الأول كان السيد البدري قد حصر دور العرب والمسلمين في نهب وسلب ما انتجته الحضارات المحيطة بهم، وفي نسب ما انجزه اليونانيون لأنفسهم. وها هو في هذا التعليق يؤكد ما ذهب اليه . مع ذلك يتساءل الكاتب عن الأسباب التي تدعو الاسلاميين الحاليين الى غض النظر " عن ما يمسي بالنهضة العربية الاسلامية ...؟ " هذا يعني ان هناك انجاز حضاري ثقافي ما قد تم ( بغض النظر عن اسمه ) يصر الاسلاميون ولسبب ما تجاهله... تُرى ألا يعني هذا ان هناك حضارة يتم تجاهلها من قبل البعض؟ واذا تم اقرار ذلك ألا يحق لنا ان نسأل عن الأسباب التي تدفع بالبعض الى انكار أكثر من خمسة قرون من تاريخ الحضارة الانسانية؟ النجار أطلق عليها " الفورة العلمية " في عصر المنصور والمأمون. وأحدهم قال انها نتجت بغفلة من الخلفاء، وآخر أشار الى ان بعض العلم نشأ في عصر كان فيه الخلفاء مشغولين بمعاشرة النساء وشرب الخمرة. أيعقل هذا ؟؟ لو عدنا الى الجملة الأولى التي يبدأ بها التعقيب " فإذا كان العلم العربي أكثر العلوم تقدما في العالم منذ القرن الثامن وحتى نهاية القرن الرابع عشر...." فهي منقولة عن مقالتي " لماذا أخفق العرب في انجاز الخطوة الأخيرة نحو العلم الحديث ". ولو عدنا الى تلك المقالة سنجد ان الذي كان يتحدث عن تقدم العلم العربي هو العالم الأمريكي توبي وليس العبد الفقير الذي نقل عنه الكلام. وجدير بالذكر ان صيغة التأكيد على ان العلم العربي كان متفوقا آنذاك تكررت أكثر من مرة. لذلك فان الحديث عن " الاستحلام " غير وارد هنا، مع العلم ان الاشادة بحالة العلم العربي وردت في سياق تأكيد المؤلف الأمريكي على أهمية سؤاله عن الأسباب التي أدت الى تراجع العلم العربي قبل انجازه الخطوة الأخيرة. وما يثير الانتباه أيضا هو ان السيد البدري يتحدث بأسلوب هادئ رصين عندما يتناول – ولو بشكل عابر –حضارات وثقافات الشعوب الأخرى، القديمة منها والحديثة، لكنه ينقلب بمقدار 180 درجة عندما ينتقل للحديث عن العرب والمسلمين، عندها تبدأ نبرة الاستخفاف والاستهجان وعبارات الاتهام. ويبذل كل ما في وسعه للتقليل من مساهمات العلماء العرب والمسلمين ودورهم في مسيرة الحضارة الانسانية. فهو على سبيل المثال يجد بان القول بان العلم العربي كان في الصدارة شيء لا معنى له ما دام العالم كان غارقا في الجهل. ولكن عالم من أمريكا ومتخصص معروف في تاريخ العلم وجد ان من الضرورة ان يؤكد على تلك الحقيقة، مع العلم ان الحديث لم يكن عن عالم ما أو عن كشف علمي ما، بل عن المجتمع بشكل عام بظروفه السياسية والفكرية والحضارية. لنعيد قراءة ما كتبه البروفيسور الأمريكي توبي : " منذ القرن الثامن حتى نهاية القرن الرابع عشر، كان العلم العربي أكثر العلوم تقدما في العالم، وقد تجاوز بكثير ما كان في الغرب وفي الصين، في كل ميدان للبحث، في الطب والفلك والكيمياء والرياضيات والبصريات. لقد كان العلماء العرب ( عرب وايرانيون، مسلمون ومسيحيون ويهود، وغيرهم ممن كان يستخدم اللغة العربية ) في واجهة التقدم العلمي، وكانت الحقائق والنظريات والأبحاث العلمية في مؤلفاتهم أكثر تقدما في أي مكان في العالم، بما في ذلك الصين ". يبدو لي ان مثل هذه الصورة البهية الوردية الزاهية التي يقدمها هذا العالم الغربي لواقع العلم العربي ينبغي ان تكون مصدرا مهما ليتوقف عنده أي ناقد موضوعي لدراسة الحضارة العربية والاسلامية. لكننا نجد موقفا مغايرا كليا عند السيد البدري. وهل علينا ان نوجه أصابع الاتهام الى الجيولوجي الفرنسي الشهير اولنبرج، لأنه كان يستحلم وهو يقيم في كتابه عن تاريخ العلم الجيولوجي الحضارة العربية الاسلامية : " كانت الحضارة اليونانية – الرومانية في الغرب قد فقدت الكثير من وهجها وأخذت تنطفأ لتغرق في الفوضى، واستمر هذا الوضع حتى القرن الحادي عشر . على الضد تماما من ذلك شهد الشرق في القرنين السابع والثامن، وبشكل لم يكن بالحسبان، وبصورة مفاجأة وغير متوقعة ازدهار حضارة جديدة لامعة، كان الإسلام واللغة العربية هما المادة " السمنتية " الأساسية لهذه الحضارة . وقد قدر لهذه المعجزة العربية ان تنقذ الإرث العلمي اليوناني، فقيمته وقدرته عاليا ". أليس من حقنا ان نتساءل عن السبب الذي دفع بالسيد البدري ان يغض النظر، وهو يكتب عن الاستحلام، عن ما ذكره عالم الطبيعة الألماني غومبولت في مطلع القرن التاسع عشر بشأن حضارة العرب: " لم يقتصر دور العرب على اعادة البشرية الى منابع الحكمة اليونانية فحسب ( قاموا بترجمة أهم مؤلفات المفكرين من اليونان والرومان الى العربية ) بل أثروا انجازات من سبقهم من العلماء القدامى. وقد استفاد العرب أيضا من المنجزات العلمية للصينيين والهنود، فطور المعارف في مجال المعادن والهندسة ووضعوا اسس علم الجبر ، وتوصلوا الى استنتاجات مهمة في الجغرافيا والجيوديسيا، وعلم الفلك والكيمياء. وقد تم تقييم هذه المنجزات العلمية عاليا من قبل المؤرخين الروس والأوزبيك ومن طاجاكستان."... يتساءل السيد البدري " ...فلماذا يغض الاسلاميون الحاليين البصر عن ما يسمى بالنهضة العربية الاسلامية ويشيحون عنهم ولا يفخرون بهم؟ "... لن أبالغ لو قلت ان هذا السؤال والاجابة عليه هو الموضوع الجوهري الذي ينبغي ان نتوقف عنده جميعا ! لقد أجاب البدري على سؤاله، وأنا أتفق مع كل ما ذكره ( باستثناء ما ورد عن الفاشية الاسلامية لكونه مصطلح جديد غامض ليس لي معرفة مسبقة معه ). ولكن الموضوع ما يزال بحاجة الى معالجة أشمل. اضافة الى كونه يحفز القارئ على طرح أسئلة جديدة، مثل : تُرى ماذا سيكون موقف السيد البدري من الاسلامي المعاصر لو تحدث عن " ما يسمى بالحضارة العربية الاسلامية "؟ هل سيستقبل بالترحاب ؟ ألا يتهم بانه اسلامي متطرف؟ وهل ستكون درجة تقييمه أكثر من 28 % ؟؟؟ قدم البدري تبريرا منطقيا ومقبولا لإحجام الاسلاميين المعاصرين عن الحديث عن الحضارة العربية الاسلامية وسعيهم الدائم للابتعاد عن الخوض في الحديث عن رواد تلك الحضارة. لكنه في نفس الوقت وضع نفسه والأخوة الذين يتبعون منهجه – وفي مقدمتهم د. كامل النجار – في مأزق أتمنى ان يجد المَخرج منه بأقرب فرصة: لماذا يسعى البدري، ومعه جيش جرار مِن مَن يدعون " العلمانية " الى ترويج وجهة نظر الاسلاميين ، ليس في غض النظر عن الحضارة العربية ، بل وفي نكران مثل هذه الحضارة.؟؟؟؟؟؟ أليس مثل هذا الموقف يمنح الشرعية للقوى السلفية عندما تدعي بانها الممثل الشرعي للإسلام ماضيا وحاضرا؟ ألا يعتقد ان العمل على احياء التراث العلمي والحضاري التقدمي للعرب والمسلمين سيشكل رافدا قويا للقوى الديمقراطية واليسارية والعلمانية في نضالها ضد التخلف والفقر ومن أجل العدالة الاجتماعية؟ هنا نتذكر مقولة طيب الذكر، د. صادق العظم التي تتحدث عن رغبة الكثيرين في الغرب في تقبل الاسلام بالصيغة التي يقدمها الاسلام السلفي المتخلف. والحق يبدو، بانه ليس الغرب فقط، يرغب رؤية الاسلام بعيون السلفيين بل هناك آخرون يسعون الى تقديم النموذج السلفي، مع انهم من دعاة التقدم والعلمانية!!!
#عدنان_عاكف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسلام بين النجارين
-
الإسلام بين كامل النجار وصادق العظم
-
لماذا أخفق العرب في انجاز - الوثبة الأخيرة - نحو العلم الحدي
...
-
أفتخر بكوني شيوعي
-
البحث عن الإسلام الآخر
-
شيء من كتاب - تاريخ العلم العام -
-
قوموا انظروا كيف تزول الجبال -2
-
حرية الفكر بين البيروني ودافينشي
-
قوموا انظروا كيف تزول الجبال
-
المسيحية وعمر الأرض
-
الجيش والسياسة قبل ثورة تموز 1958
-
هل كان العراقيون القدامى هواة عنف ودم ؟؟
-
العالم كما أراه
-
العلاقات الاجتماعية السياسية في بابل - 2 -
-
العلاقات الاجتماعية السياسية في بابل - 1-
-
حوار لم يتم بين مختار ورضا الظاهر
-
من أجل حوار متمدن
-
قراءة في كتاب -موضوعات نقدية في الماركسية والثقافة- الحلقة -
...
-
حول الموقف من كروية الأرض
-
شامل عبد العزيز – وفن السطو ببراءة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|