أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ميسون البياتي - التصنيع الأمريكي لأسامه بن لادن وتنظيم القاعده















المزيد.....



التصنيع الأمريكي لأسامه بن لادن وتنظيم القاعده


ميسون البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 3620 - 2012 / 1 / 27 - 09:45
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لو نظرنا الى أسلوب إدارة الفعل في الحبكة الدراميه , سنجد أننا ولكي نكتب حبكة ناجحه فلا يجوز لنا أن نجعل الصراع يدور بين قوتين إحداهما كبرى .. والثانية صغيرة وضعيفه , لأن مثل هذه الحبكه ستفضي بنا فوراً الى تغلب القوة الكبرى وإنهاء الحبكه دون الحاجة الى المرور بمرحلة الصراع أصلا , ومن شروط إدارة الصراع الناجح في الحبكة الدراميه أن يتمتع الصراع بطول معقول , فليس مستحباً أن يكون الصراع قصيراً فيفقد خاصية الإمتاع بتفاصيله , أما الصراع الأطول من المطلوب فهو يفقد الفعل مصداقيته , يجعله مملاً , كما أن الطرف الذي نريد إظهاره ( حاسماً ) سيفقد قدرته على ( الإقناع بالحسم ) فيما لو طال الصراع ( دون نتيجة حاسمه ) .
السياسة الأمريكية حول العالم تبنى بنفس قوانين الفعل هذه , ولن أعود بكم الى نقطة بعيده بل سنرجع الى العام 1907 حين قام الحلف البريطاني الروسي الذي من أهم أهدافه تجنيب قارة اوربا الوقوع تحت النفوذ الأمريكي , ولهذا لم تمض غير سبع سنوات لتشتعل الحرب العالمية الأولى التي كان هدف الأمريكان منها : تدمير الحلف البريطاني الروسي الذي يعزل قارة اوربا عن تغلغل النفوذ الأمريكي فيها بكماشة ذات فكين يمتدان من شرق القارة وغربها . وأرجو العوده الى موضوعي المنشور على الموقع وتحت عنوان ( البلشفيه والحرب العالمية الأولى ) من أجل مزيد من التفاصيل .
الجوله الثانيه من الحرب العالمية الأولى إندلعت تحت تسمية ( الحرب الأهليه الروسيه ) التي شاركت فيها جيوش 14 دوله من شرق الأرض وغربها على رأسها الولايات المتحده داعمه للبلاشفه من جهة _ وعلى الجانب الآخر تقف ( بريطانيا وفرنسا , استراليا , كندا , الهند , تشيكوسلوفاكيا , فنلندا , اليونان , ايطاليا , اليابان , بولندا , رومانيا , صربيا ) داعمين لكل ماهو معادي للبلشفيه . وإستمرت الحرب ست سنوات .
الحرب العالمية الثانيه هي إستمرار للحرب العالمية الأولى بما أنتجته من دمار إقتصادي وقتل لملايين البشر .. ولكن هل يجوز أن يهدأ الصراع الدولي بنهايتها ؟ والجواب كلا ... لأن نهاية الصراع معناه نهاية الحبكه , لكن الحبكة الأمريكية حول العالم كان يفترض لها أن تدوم حتى تؤدي آخر غاياتها , ولهذا فكما أنجبت الحربُ العالمية الأولى _ الحربَ الأهلية الروسيه , فكذلك ستنجب الحربُ العالمية الثانيه _ الحربَ البارده التي بدأت منذ مؤتمر بوتسدام 1945 _ ولم تنته إلا بتقويض الإتحاد السوفييتي .
نجحت الولايات المتحدة الأمريكيه خلال الحرب البارده في إنزال الستار الحديدي بين روسيا وبريطانيا التي بدأت تفقد مستعمراتها في العالم , الواحدة تلو الأخرى عن طريق إنقلابات عسكريه قامت بها شراذم من العسكر دعمهم الأمريكان , فقلبوا أنظمة الحكم في بلدانهم وطرودا المستعمر البريطاني أو الفرنسي أو الإسباني أو البرتغالي , وأحلوا المستعمر الأمريكي محله وتحت شعار ( ثورات تحرريه ) .

لو عدنا الى فيلسوف التاريخ إبن خلدون أو نظيره الإيطالي جيامبتيستا فيكو , لوجدناهما يفلسفان التاريخ على شكل ( حقب ) يمتد طول الحقبة الى أربعين عاماً ( أكثر أو أقل ) قليلاً في كل حقبه ينشأ صراع ويمر بثلاث مراحل هي : مرحلة النشوء , مرحلة الإزدهار , ثم مرحلة الإضمحلال .
إذا قدرنا أن حقبة صراع الحربين العالميتين الأولى والثانيه إمتد من عام 1914 وحتى عام 1945 فهذا معناه أن طول حقبة الصراع كان 31 عام , ثم تم تحوير الصراع الى شكل آخر هو الحرب البارده التي بدأت من عام 1945 ... وبوصولنا الى النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي .. تكون الحقبة قد أشرفت على نهايتها , وأن الأمريكان ما داموا يريدون إحتلال دور اللاعب الأول في العالم , فعليهم إيجاد نقطة تحول لتغيير شكل الحرب البارده الى نمط جديد .
قبيل إنهيار الإتحاد السوفييتي كتب الفيلسوف الأمريكي من أصل ياباني فرنسيس فوكوياما , وهو واحد من منظري ( المحافظين الجدد ) و( مركز بحوث القرن الأمريكي ) رساله سماها ( نهاية التاريخ والإنسان الأخير ) نشرتها له دورية ( ناشنال إنتريست ) عام 1989 , وكان من ضمن الذي ذكره فيها أنه وبعد إنهيار الإتحاد السوفييتي فإن آخر المعاقل التي ستحاربها الديمقراطيه الأمريكيه : الإسلام .. ثم البوذيه .
ما أن مسحت خارطة الإتحاد السوفييتي من أطالس العالم عام 1991 كان على الولايات المتحدة الأمريكيه أن تسارع الى صناعة البعبع الإسلامي الذي يهدد أمنها القومي , والذي يليق بها كدولة عظمى أن تقاتله في مفتتح عصر عولمتها المجيد ... وهكذا صنع بعبع تنظيم القاعده .

العلاقه بين أسامه بن لادن والأمريكان ليست وليدة حياته بل تتعداها الى ما يسبق حياته بحوالي 30 عاماً . وللحديث عن ذلك فلابد من الخوض في طبيعة الصراع الأمريكي البريطاني للإستحواذ على منطقة الشرق الأوسط .
إستغرق حفر قناة السويس من عام 1859 الى عام 1869 محولاً البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر من بحيرات داخليه لا تحظى بإهتمام أحد الى أهم شريان للمواصلات يربط الشرق بالغرب ويجلب على سكان المنطقة الويلات . وكان أول الغيث قيام بريطانيا بإحتلال مصر عام 1882 .
الأمريكان الذين يراقبون كل شيء عن كثب أصبحوا يدركون الآن الأهمية القصوى التي أصبحت تملكها شبه الجزيرة العربيه ولهذا كان يجب أن يضعوا يدهم عليها , فبحثوا عمن تبقى من آل سعود فوجدوا شيخهم عبد العزيز آل سعود يعيش لاجئاً في الكويت فأمدوه بالدعم المطلوب , عندها قام في كانون الثاني 1902 باصطحاب حوالي 70 رجلاً وعاد بهم متسللاً الى الرياض .. وبواسطة آل سعود سيطروا على جميع نجد والحجاز .
بريطانيا التي كانت قد تحالفت مع الشريف ( حسين بن علي ) شريف مكه في العام 1915 بعد مراسلات ( حسين _ مكماهون ) وجدت نفسها مضطره الى نكث عهدها معه بتعيينه ملكاً على العرب بعد نهاية الحرب العالمية الأولى , وهي ترى الأمريكان قد أصبحوا على مشارف مكه من خلال آل سعود والوهابيه . وبعد أن إستتب الأمر للأمريكان في المملكه ( السعوديه ) التي أسسوها على أرض نجد والحجاز .... قدم الى المملكة آلاف من الأمريكيين مع عوائلهم للعمل في شركة النفط الأمريكية السعوديه ( أرامكو ) التي تم تأسيسها عام 1933 .
كان على الأمريكان في المرحلة المقبله طرد البريطانيين من حامية عدن , لكن التواجد البريطاني المكثف في حامية عدن دفع الأمريكان الى دعم جالية يمنية تقيم في نجد أو الحجاز من أجل تقوية هذه الجالية مادياً ومعنوياً لغرض إستخدامها ضد المصالح البريطانية عندما تسمح الظروف في وقت لاحق , واحد من أفراد هذه الجالية اليمنيه هو محمد بن لادن والد أسامه بن لادن .
في نفس الفتره التي تأسست فيها شركة أرامكو , كان محمد بن لادن يعمل حمّالاً أعانه الأمريكان بشكل ما ليتمكن من تأسيس شركة بناء تمكنت خلال فترة قصيرة لا تتعدى السنتين من أن تتوسع لتشغيل مئات العمال في مختلف مدن المملكه العربية السعوديه , وفي مده تقل عن عشر سنوات كان محمد بن لادن قد أصبح من أصحاب الملايين .
الطفره الكبرى في حياته والتي ستعززه مالياً وإجتماعياً هي إرساء العطاء عليه لبناء قصر الملك سعود عام 1948 , لكنه رغم الثروة الطائلة التي جناها من هذا المشروع , ورغم توطد علاقته بالعائلة الحاكمه ( الملك والأمراء ) إلا أنه بقي محافظاً على طبعه البسيط وجديته في العمل الذي كان يواضب عليه كل يوم عند الثامنة صباحاً ودون تأخير , ولهذا إتسع عمله بمساعدة ( أصدقائه ) ليشمل بناء عقارات مهمه في مكه والمدينه والقدس مما أكسبه وعائلته إحترام سكان نجد والحجاز .. حكومة وشعباً .
مثل جميع المسلمين الأثرياء بدأ محمد بن لادن منذ الأربعينات بالزواج كل عدة أعوام من زوجة جديده , وكان يحتفظ بثلاث زوجات تاركاً المرتبة الرابعة شاغره لأي مقبلة لتشغلها كزوجة جديده , أما النساء اللواتي كان ينفصل عنهن فقد كان يمنحهن إقامة في أحد دوره الكثيرة المنتشرة في مدن نجد أو الحجاز .. من دون أن يكون لهؤلاء الزوجات الحق في إصطحاب ذريتهن معهن .. لأن الذرية أولاد أو بنات كان الأب يشترط بقاءهم معه في نفس البيت وتحت رعاية زوجته الأولى التي لم يفرط بها والتي ربت له 54 طفلاً أنجبهم من 11 زوجه .
تسلسل أسامه بن لادن بين إخوته وأخواته كان الرقم 17 أما والدته ( حميده ) فقد كانت سيده سوريه تعرف عليها والده أثناء مباحثات عمل مع أسرتها في دمشق , وقد أعجبته فقرر الزواج منها , كان عمرها 22 عام وذات شخصية مستقله لم تتمكن من التعايش مع الحجاب وطبيعة المجتمع المغلقه في نجد والحجاز , وكانت تبدو متحررة وسط بقية الزوجات مما أفسد علاقتها بزوجها في وقت قصير رغم ان أسامه كان قد ولد في 10 آذار 1957.
حالما هجر محمد بن لادن زوجته حميده .. قامت بقية الزوجات بعزلها عن مجتمعهن , وأصبحن يطلقن عليها تسمية ( العبده ) وهذا جعلهم بالتبعيه يطلقون على إبنها اسامه تسمية ( إبن العبده ) وهذا إنعكس على شخصية الولد حيث نشأ خجولاً متحفظاً .
من الأمور التي أثرت في بناء شخصية أسامه تلك الرحله السنويه التي كان والده يأخذ العائلة إليها مرتين في العام الى قلب الصحراء حيث رغب الأب أن يحيي روح البداوة في عائلته وأبنائه . كان الجو داخل الصحراء ساخناً بقسوه أثناء النهار , وبارداً بقسوه أثناء الليل , تتردد فيه عواصف الرمل والتراب , أما حاجة العائله الى الماء فقد كانت تسد بإستخدام مياه الآبار . وكان الأبناء يكرهون هذه الرحلات ولا يقومون بها إلا لأن والدهم يريد ذلك .
أسامه على النقيض من اخوته , أحب حياة الصحراء وعشق ركوب الخيل والجمال وركض خلف كثبان الرمل , وطبيعته هذه قربته الى والده . في واحده من هذه الرحلات وكان عمر أسامه حوالي تسع سنوات , كان رفيق العائلة في هذه الرحله هو الأمير فهد الذي سيصبح ملكاً فيما بعد , وكان الأمير بصحبة عدد من أبنائه الذين أصبحوا أصدقاء لأسامه . ركبوا الجمال معاً وإصطادوا السحالي والحيّات وبقية حيوانات الصحراء , وكان أسامة مسروراً أنه يلتقي بأطفال بعمره لا يعرفون شيئاً عن الحياة القاسية التي يعيشها في بيته ك ( إبن عبده ) , وقد دامت علاقته مع ( عبد العزيز بن فهد ) الذي صاد معه ذات يوم سحليه كبيره ( ضبه ) طولها 4 اقدام مما تسبب في رعب بقية الأطفال في المخيم .. رغم أن ذلك نال إستحسان الأمير فهد وصديقه محمد بن لادن .
مثل بقية أشقائه تم تعليم أسامه في البيت ثم في الكتاتيب التي تم تخصيص جناح خاص في البيت لتأسيسها , وتم تقسيم الأشقاء حسب أعمارهم وقابلياتهم الى صفوف يقوم بالتدريس فيها أساتذه جيدون كان الأب يدفع رواتبهم , وكان الأب يحب جمع أولاده حوله ليحدثهم في أمور الإسلام التي كان قد درسها في صباه . أما اللغة الإنكليزيه فقد كان يعلمها للأولاد معلم يدعى ( برايان فايفيلد شيللر ) . وكان أسامه يفضل درس التربية الإسلاميه وهو السبّاق في قراءة القرآن .
نكسة وهزيمة حزيران 1967 جعلت الكثير من العرب المتعاملين مع الولايات المتحدة الأمريكيه .. ناقمين عليها ... ولهذا ففي العام 1968 كان محمد بن لادن عائداً بطائرة هليكوبتر من إحدى رحلات العمل حيث سقطت مروحيته في الصحراء ومات على الفور , وكان ذلك صدمة كبيرة لعائلته , حيث أعيدت جثته الى البيت وتم تكفينها ودفنها في اليوم التالي مباشرة , وشارك عشرة آلاف من أهل جده في حملها الى مثواها الأخير .. وفي نعي محمد بن لادن بكى الملك فيصل وهو يقول : اليوم فقدت ذراعي الأيمن .
عمر أسامه ذلك الوقت لم يكن غير عشر سنوات , وكان خائفاً بعمق من خسارة والده خصوصاً بعدما كان قد أصبح مقرباً منه ويشتكي البعد عن والدته مثلما يشتكي تباعد علاقته مع أشقائه .
مباشرة بعد دفن الأب .. إلتقى الملك فيصل بعائلة بن لادن وأخبر الصغار أنهم سيكونون تحت رعايته الملكيه , وأن أملاك والدهم ستتم رعايتها من قبل الديوان الملكي , وأن الصغار سيتسلمون نصيبهم فيها حين يصلون الى عمر 21 سنه , غير أنه وبغياب الوالد فليس هناك داعي لأن تعيش الضرائر وأولادهن مجتمعات في بيت واحد , ولهذا فالأرامل إستقللن كل واحدة منهن ببيتها الخاص مع أولادها , كما أن المطلقات منهن إستردت كل واحدة منهن أولادها وعاشت في مكان مختلف .
بوفاة الأب لم ينقطع الأمل أو الدعم الأمريكي عن العائله , ولهذا فإن سالم بن لادن الإبن الأكبر للعائله حل محل والده في إدارة شركات ومصالح ( العائله ) التي تحولت وبوقت قصير الى واحده من كبريات الشركات المالية العالميه التي ترتبط بإتفاقيات مالية وتجاريه مع الشركة المالية التي تملكها عائله الرئيس الأمريكي بوش , وبالإضافة الى مشاريع الإعمار فقد توسعت الشركه لتشمل البحث والتنقيب عن النفط إضافة الى مشاريع الإتصالات .
حين إنفصل أسامه عن عائلة والده , تم إرساله ليعيش مع والدته التي كان لا يكاد يعرفها في تبوك , في الوقت الذي يعاني من فقدان والده , ولهذا كان يفضل العزلة في غرفته أو أن يتجول بشكل حر في تبوك , ورغم إنقضاء شهرين إلا انه نادراً ما كان يتحدث مع أمه ولهذا كتب الى عمه عبد الله الذي كان قد أصبح رئيس العائلة بعد وفاة محمد بن لادن , طالباً منه إعادته الى جده فوافقه عمه على ذلك .
السنوات التاليه لم تكن طيبه في حياة أسامه بعد أن تفرق شمل العائله , ويشعر بالوحدة في قصر فارغ , يحصل أحياناً أن يرافق عائلته الى سفرات في بعض الدول العربيه , كان يحب التجول , غير أن علاقته مع إخوته وأخواته بقيت فاتره لأنهم كانوا يرونه حساساً جداً ويحول إنطباعات طفولته الى هجوم شخصي عليهم .
بالعوده الى الرياض , إستأنف أسامه علاقته القديمه مع الأمير عبد العزيز بن فهد الذي كان يعيش في قصر اليمامه الملكي , وكانت العلاقه بينهما لا تنقطع من خلال الهاتف أو الرسائل , لكن العلاقة رغم هذا كانت متقطعه لأن موت محمد بن لادن أضعف العلاقه بين آل سعود _ وآل لادن , ولهذا فحين سمع أسامه أن صديقه عبد العزيز في جده وبصحبة والده , أتصل هاتفياً بالقصر عدة مرات دون أن يتمكن من محادثته , وحين ذهب بنفسه لزيارتهم في القصر تسلم رداً مختصراً للغايه بأنهم عادوا الى الرياض .. ولهذا لم يتصل أسامه مطلقاً بعد ذلك بصديقه الأمير عبد العزيز .
كلنا كنا نقرأ المجلات اللبنانيه مثل ( الموعد ) و ( الشبكه ) و ( الصياد ) ونعرف بالتفصيل الممل ما كان يفعله أمراء السعوديه وأثريائها في لبنان , وفضائحهم بالتحديد في شارع الحمرا في أيام موضة الميني جيب والشورت , أسامه بن لادن لم يختلف عن ذلك فقد بدأ بالتردد على بيروت منذ كان عمره 16 عام في 1973 حيث صدمه في البدايه شكل النساء أشباه العاريات , لكنه سرعان ما إعتاد على حياة النوادي الليليه وصحبة البنات وشرب الكحول , لكن تردي أوضاع لبنان الأمنيه وبداية الحرب اللبنانيه منذ عام 1975 جعله ينقطع عن زيارة بيروت , وعوضاً عن ذلك قامت عائلته التي وصلتها أخبار فضائحه في بيروت بإجباره على الزواج على أمل أن يستقر وتنتهي نزواته , فتزوج وهو ابن 17 سنه من فتاة سوريه قريبة لوالدته تدعى ( نجوى غانم ) عمرها 14 سنه .
بعد عراك مع أخيه الأكبر سالم الذي كان يأمل أن يدرس أسامه الهندسة المدنيه ليتولى في المستقبل الإشراف على مشاريع العائله , قام أسامه بالإنتساب الى كلية الإدارة والإقتصاد , وفي نفس هذا العام رزق بإبنه الأول الذي أسماه ( عبد الله ) .
عام 1979 كانت الحرب البارده قد بلغت حقبتها 34 سنه وآن الأوان الى تغيير شكل الصراع البارد الى صراع آخر يناسب المرحلة الأمريكية المقبله , ولهذا فبوصولنا الى نوفمبر 1979 , دفع الأمريكان جهيمان العتيبي الى إحتلال الحرم المكي فثارت ثائرة جميع المسلمين في العالم أرجو العوده الى موضوعي المنشور على الموقع تحت عنوان ( دماء على ستار الكعبه ) لقراءة المزيد عن ذلك الإحتلال .
في العام 1979 من حياة أسامه لم يكن متديناً على الإطلاق , بل كانت تهمه العلاقات العابره وشرب الخمر والسيارات السريعه , لكنه ولا تعرف ما السبب !! لكن المؤكد أنه كان مدفوعاً الى ذلك وليس عن رغبة شخصية منه .. أخذ محاضرات في الدراسات الإسلاميه كان يحاضر فيها الدكتور عبد الله عزام .. وعبد الله عزام متطرف فلسطيني من سكان مصر مولود عام 1941 ومنذ يفاعته كان منتمياً الى حركة الإخوان المسلمين التي أسسها الأمريكان في القاهره عام 1929 لمناهضة الوجود البريطاني في مصر , حصل على شهادته في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق , وهو عضو في منظمة التحرير الفلسطينيه , انتقل للعيش في الأردن للمشاركة في حركة المقاومة الفلسطينيه , غادر الأردن عام 1970 وانتقل للعيش في مصر وحصل منها على الدكتوراه في الشريعه من جامعة الأزهر , وفيها تعرف على أفكار سيد قطب حول ( الجهاد المعاصر ) بتوحيد المسلمين كافه للوقوف بوجه أعداء الإسلام .
في منتصف السبعينات كان عبد الله عزام يعمل في الجامعة الأردنيه في عمّان , طرد منها بسبب أفكاره المتطرفه فإنتقل للعمل في المملكة العربية السعوديه التي إلتقى فيها ببن لادن حيث قام بتدريسه أفكاره المتطرفه . أسامه بن لادن كولد شاب بعمر 22 سنه , يتيم محروم من الحنان الأسري منذ طفولته المبكره , إندفع خلف ميكانزم تعويضي عن كل ذلك الحرمان .. بإندفاعه خلف تصورات قياديه تجلب له محبة كل الناس وتعوضه عن الحرمان القاسي الذي هو فيه .
إحتدمت مشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم عند احتلال الكعبه الذي قام به جهيمان العتيبي لمصلحة الأمريكان ,, ومن أجل تربية مليشيات المسلمين ورعايتها حتى تصل الى ( العالميه ) كي يليق بها أن تكون عدوة الأمريكان الأولى في العالم , على الأمريكان إيجاد ساحه لتكون حاضنة لهذه التربيه , ولذلك فبعد عشرين يوماً من نهاية إحتلال الكعبه دفع الإتحاد السوفييتي ( الكافر ) الى إحتلال أفغانستان وتم فتح باب التطوع من كل دول العالم الإسلامي ل ( الجهاد ) ضد السوفييت , ودفعت للمقاتلين الأموال بسخاء , من أجل أن يكون العطاء السخي وسيلة لتجميع أكبر عدد منهم .
مباشرة بعد إحتلال إفغانستان .. غادر أسامه بن لادن الى مدينة بيشاور التي أصبحت قلب المقاومة الأفغانية ضد السوفييت , فلاحظ أن المليشيات المقاتله والتي يطلق عليها تسمية ( مجاهدين ) كانت متفرقه والتنسيق بينها قليل أو معدوم لكنه أعجب بشخصية أحد قادة التنظيمات ويدعى ( عبد الرسول سيّاف ) فعاد أسامه الى المملكه السعوديه وجمع لعبد الرسول سيّاف ثروة كبيرة على شكل تبرعات من أجل عمله الدعائي والحربي ضد الإتحاد السوفييتي , وبقي بن لادن يقوم بمثل هذه الرحلات الداعمه مالياً داخل المملكه حتى عام 1980 .
الولايات المتحدة الأمريكيه كانت قد أناطت محاربة السوفييت في افغانستان بمخابرات عدة دول : المخابرات السعوديه من أجل إمداد القتال بالمال والمتطوعين , المخابرات المصريه والجزائريه من أجل إمداد القتال بالمتطوعين والدعم المعلوماتي , المخابرات الباكستانيه والإيرانيه من أجل إيواء المقاتلين واللاجئين وتوفير الملجأ والتدريب العسكري لهم , والمخابرات الإسرائيليه لغرض التدريب والإشراف ودعم المعلومات .
لهذا فمن المؤكد أن الكثير من المال الذي كان يأخذه أسامة الى أفغانستان على أنه من أموال التبرعات هو في حقيقة الأمر أموال حكومية مدفوعة للمقاتلين عن طريق غير رسمي .
في شباط 1980 قام بن لادن بتعريف عبد الرسول سيّاف على أستاذه عبد الله عزّام الذي لم يكن قد رآه منذ أيام الدراسه . شعار عزام الذي نال إستحسان عبد الرسول سيّاف وجماعته ( الجهاد هو الطريق الوحيد .. لا مباحثات , ولا مؤتمرات , ولا وفود ) .
في ذلك الوقت وكان عمر بن لادن 23 سنه , رأى في عبد الله عزام شخصية القائد الأب الذي حرم منه منذ موت والده في حادث المروحيه قبل 14 سنه , أما عبد الله عزام الذي أخفق في إيجاد صفة لنفسه في صفحة القتال الأفغاني السوفييتي فقد رأى في بن لادن شريكاً شاباً مليئاً بالحماس , وهكذا قام اٌثنان بتأسيس ما يسمى ب ( مكتب الخدمات ) وهو مؤسسه تقدم الدعم الى جميع المسلمين من عرب وغيرهم الراغبين للقدوم الى أفغانستان لقتال السوفييت .
عمل أسامه نائباً لعبد الله عزام مستخدماً خبرته الدراسيه ( إداره وإقتصاد ) في تأسيس مكتب ملحق بمكتب الخدمات سماه ( مركز الإستقبال ) يقوم بتدريب المتطوعين العرب للقتال في افغانستان , ولهذا أصبح يطالب بالمعدات العسكريه والمدربين المختصين في حرب العصابات ونصب الكمائن والتخريب وبقية تقنيات حرب العصابات . ثم قام بالدعاية لمكتب الخدمات في العالم العربي . وخلال عامين كان أسامه قد نجح في تدريب عشرة آلاف مقاتل عربي على القتال من خلال ( مكتب الإستقبال ) .
وكالة المخابرات الأمريكية بدورها كانت تقدم الدعم لمن أطلقت عليهم تسمية المجاهدين على شكل ملايين الدولارات عن طريق ( مكتب الخدمات ) إضافة الى أن الشركه التي يملكها سالم بن لادن شراكة مع عائلة بوش .. قامت بأعمال جبارة من أجل المقاتلين .. حيث بنت لهم أبنيه حصينه ضد القصف وفتحت لهم الطرق بين الجبال وبنت لهم المستشفيات وحفرت لهم كهوفاً كبرى داخل الجبال وأسست لهم فيها المكاتب والمستشفيات ودور السكن , وحفرت لهم أنفاق العبور من داخل الجبال , مثلما حفرت لهم آلاف الخنادق على طول الحدود الأفغانيه الباكاستانيه , وزودتهم بالخيام والأغطيه والغذاء . بمعنى آخر هو أن تطوع اسامه في القتال لم يكن لوجه الله وإنما لمليارات من الدولارات دخلت الى حسابات عائلته وعائلة بوش عن طريق إدامة متطلبات هذا القتال .
عام 1983 قام عبد الله عزام ومساعده بن لادن بإستئجار دار في حي ( حياة آباد ) في بيشاور ليجعلاه مكتب إستقبال لآلاف المتطوعين العرب المقبلين للقتال في أفغانستان وأطلقا عليه تسمية ( دار الأنصار ) ليتحول بذلك حي حياة آباد بأكمله الى قلب للمقاومة الأفغانيه ضد السوفييت .
الفتره ما بين 1984 – 1986 قضاها بن لادن في الباكستان لكنه عاد عدة مرات الى السعوديه لجلب ( التبرعات ) وهي الفترة التي سيطر فيها الروس سيطرة تامه على مراكز المدن ... بينما المليشيات الإسلاميه لم يكن أمامها غير القرى والمناطق البعيده , وقد أشرف بن لادن على قيادة ( العرب الأفغان ) الذين أنهوا تدريبهم في مكتب الخدمات فقاموا بخمس معارك كبرى ( غزوات ) ومئات الهجمات الصغيره وعمليات تبادل إطلاق النار .
بوصولنا الى عام 1988 كانت القوات السوفييتيه قد أنهكت تماماً فأعلنت قيادتها خطة للإنسحاب , وقامت بالتوقيع على إتفاقية سلام في جنيف فأنهت بذلك حرباً دامت حوالي عشر سنوات .
بنهاية القتال في أفغانستان قرر الأمريكان إستعمال هذه المليشيا الإسلاميه لتحقيق أغراض أمريكيه في أماكن أخرى من العالم ولهذا كان القرار أن يبقى مكتب الخدمات مفتوحاً . تم تحويل اسم ( بيت الأنصار ) الى ( القاعده ) وكان بن لادن هو المسؤول الأول عن القاعده على الرغم من أن القاعدة بقيت تابعه الى مكتب الخدمات الذي يرأسه عبد الله عزام , والهدف من تأسيس القاعده هو إعداد المقاتلين للمهمات المستقبليه .
في هذه المرحله كان عبد الله عزام قد أكمل الدور المناط به , وينبغي التخلص منه حتى لا يكون عالة على المرحلة المقبله , وكان الخلاف وعدم الإرتياح قد نشأ بينه وبين بن لادن . المقاتلون المصريون وهم ينوون العودة الى مصر طلبوا من بن لادن تجهيزهم بالدعم للوقوف بوجه حكومة حسني مبارك , عبد الله عزام لم يوافق على ذلك .. هذا الخلاف جعل بن لادن لا يتقبل فكرة بقاء عزام أميراً لمكتب الخدمات فترة أطول , ولهذا فصل بن لادن تنظيمات مكتب القاعده عن تنظيمات مكتب الخدمات وبسبب رفض عبد الله عزام الغاضب لهذا الفصل , إستهدفت عزام سياره ملغومه يوم 24 نوفمبر 1989 وهو في طريقه الى الجامع لأداء صلاة الظهر فقتلته مع ولديه .
عاد أسامه بن لادن الى المملكة العربية السعوديه عام 1989 فإستقبل إستقبال الفاتحين وكان وقتها قد بلغ الثانية والثلاثين من العمر , وكتبت الصحف والمجلات السعوديه عن بطولاته في أفغانستان وباكستان , وبقي لا يتمكن من الظهور علناً لعدة أشهر بسبب تجمع الناس حوله .
كل هذا وما زلنا في طور تصنيع المليشيات الإسلاميه لصناعة بعبع تنظيم القاعده . في الثاني من آب 1990 دفع صدام حسين الى غزو الكويت فقام بن لادن على الفور بلقاء الأمير سلطان وزير الدفاع السعودي داخل القصر الملكي وعرض عليه أن تقوم مليشيا المجاهدين التي تم تدريبها في أفغانستان بالقدوم وبأعداد تقدر بالآلاف للتصدي للهجوم العراقي .
الأمير سلطان وعد بعرض الموضوع على الملك , وبقي بن لادن ينتظر 5 أيام حيث سمع وعبر وسائل الإعلام أن الجيش الأمريكي قد وصل الى أرض نجد والحجاز لحماية منابع النفط فيها , أما مهمة تحرير الكويت فقد إنيطت بتحالف جيوش 33 دوله ... ولأن مهمة بن لادن هي تحريض المسلمين على الهياج ضد الولايات المتحدة الأمريكيه من أجل حشد المزيد منهم كمقاتلين في تنظيم القاعده ... عندها ومباشرة رفع بن لادن شعار ( المجندات اللواتي يدنسن أرض الحرم ) وكأن أرض الحرم لا يدنسها كل هذا الموت والقتل والدمار وخراب الذمم وتتدنس فقط لوجود عدة مجندات فوق أرضها !!
نيسان 1990 سافر بن لادن الى كراجي .. ومن هناك كتب الى عائلته أنه لن يعود . ثم تسلل من كراجي الى بيشاور حيث يوجد مقر مكتبه القديم ( القاعده ) فوجد المليشيات الأفغانية تقاتل بعضها بعد الإنسحاب السوفييتي من افغانستان من أجل السيطرة على كابول وبقية المدن . كما وجد أن أفغانستان بعد الحرب أصبحت مجرد أطلال لا تتمكن من تربية جيل واعد من المليشيات يطمح الوصول الى العالميه , ولهذا ينبغي البحث عن مكان جديد لهذه التنظيمات .
ضابط المخابرات الأمريكي كيرمت روزفلت كان قد تعرف على عبد الناصر وشلته من الضباط المصريين أثناء مباحثات الهدنه بين العرب واسرائيل عام 1948 . عن طريق إدامة هذه العلاقه تمكن الأمريكان من إسقاط الحكم الملكي في مصر 1952, وطرد القواعد البريطانيه عن مصر في يوم الجلاء , وطرد الفرنسيين عن قناة السويس , بعد حرب السويس 1956 لتصبح مصر ضيعة امريكية منذ ذلك الحين . . من ضمن ما قرره المالك الجديد لهذه الضيعه : فصل جزئها الجنوبي ( السودان ) عنها سنة 1956 ومنذ ذلك الحين والسودان بلد فقير تابع تتحكم السياسة الأمريكية في أبسط مقدراته . حين تقرر نقل مليشيا القاعده الى خارج أفغانستان التي أنهكتها الحرب ... تم إيجاد ملاذ لهذه المليشيا في السودان منذ ديسمبر 1991 .
خلال عدة أيام بعد وصول السودان إفتتح بن لادن في الخرطوم 9 مقرات لتنظيم القاعده وهو بإنتظار المزيد من أعداد المتطوعين الذين يجذبهم الى هذا التنظيم عاملان : الغضب والطمع .
من أجل التمويه والتعميه على مصادر تمويله الحقيقيه .. قام بن لادن بتأسيس شركة إنشاءات أطلق عليها تسمية ( شركة الهجره للبناء والتنميه – المحدوده ) . وعن طريق علاقة بن لادن مع حسن الترابي تمكن بن لادن من إدامة الإتصال بالعديد من التنظيمات الإسلامية المتطرفه داخل أفريقيا . كما انه أسس علاقات متينه مع أكثر من 20 جماعه إسلاميه متطرفه في كل من مصر , ايران , السودان , اليمن , السعوديه والصومال .
وجد بن لادن أن هذه الجماعات المتطرفه فقيره في الرؤى وضعيفة التنظيم , وأنها تنظر في شؤونها القطريه .. ولا تفكر في ( عالمية الجهاد ) من خلال إنضوائها تحت تنظيم القاعده , ولهذا أرسل مبالغ طائله الى التنظيمات الإسلاميه في الأردن , وأرتيريا , ومبالغ مثلها الى جماعات متشدده في باكو عاصمة أذربيجان لدفعها الى قتال في الشيشان التي تريد الإنفصال عن روسيا , مثلما أرسل تنظيم القاعده المال والرجال للمشاركة في الحرب البوسنية ضد الصرب .
تنظيم القاعده هو الذي درّب الصوماليين الذين هاجموا القوات الأمريكيه في الصومال / مقاديشو عام 1993 . تنظيم القاعده خلال هذه الفتره يشبه مؤسسة كبرى يقودها بن لادن من خلال ترؤسه لقياديين فرعيين ينتظمون فيما يعرف ب ( مجلس الشورى ) الذي يضم في عضويته إختصاصات إشتملت حتى على وظيفة ( مفسر احلام ) التي تولاها ( أبو الحسن المصري ) الذي كان يفسر أحلام الجماعه .
بعد هذه الإعدادات كان تنظيم القاعده قد أصبح أكبر تنظيم مسلح غير حكومي في العالم . ولهذا سندخل الآن الى مرحلة جذب إنتباه أنظار العالم الى هذا التنظيم .
في شباط 1993 سياره مفخخه دخلت الى سرداب مركز التجاره العالمي في نيويورك وإنفجرت فيه فقتلت 6 وجرحت ما يزيد على ألف شخص , أتهم فيه الباكستاني رمزي يوسف الذي كان قد دخل الولايات المتحده الأمريكيه حسبما قيل وقتها : بجواز سفر عراقي .
ومن أجل زيادة إثارة الرأي العام الأمريكي ضد المسلمين . وضد تنظيم القاعده صرح بن لادن : رمزي يوسف مسلم يدافع عن الإسلام ضد العدوان الأمريكي , سترى امريكا الكثير من الشباب الذين يسيرون على خطى رمزي يوسف .
وبالمقابل لكي تعطى لبن لادن المبررات التي تدعوه للعدوان , قامت السعوديه بسحب جواز سفره , ثم قام شخص بإطلاق النار على مقره في الخرطوم , ثم مهاجمة إبنه عبد الله أثناء تجوله في السوق المركزي في الخرطوم . على الفور بدأ بن لادن وكما هو مخطط بمهاجمة آل سعود بالكلام , ثم إستهدف بسيارة مفخخه مقرات أمريكيه في الرياض عام 1995 .
حزيران 1995 هاجم تنظيم القاعده الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك أثناء زيارة رسمية الى أثيوبيا , عندها قامت مصر وبريطانيا والولايات المتحده بالضغط على السودان لطرد تنظيم القاعدة من أراضيها .. وحين ( رفض ) السودانيون هذا الطلب قامت الولايات المتحده بإمداد أوغندا وأرتيريا وأثيوبيا بالمزيد من السلاح لتصعيد كل المواقف في هذه المحرقه .
آذار 1996 أعلمت السودان بن لادن أنها غير قادرة على إيوائه أكثر من هذا , فغادر في مايس عائداً الى أفغانستان .
بالعوده الى كابول كانت حركة طالبان قد سيطرت على الوضع فإستقبل ( أمير المؤمنين ) الملا محمد عمر ابن لادن إستقبالاً حافلاً , حيث إستقر بن لادن في مدينة جلال آباد يخطط لإعادة التنظيم من السودان الى أفغانستان .
وأيضاً للتعمية على مصادر تمويله قيل إنه كان يمول عن طريق طالبان من زراعة المخدرات . وأقر بن لادن بنفسه أن تنظيماته تقوم بتصدير المخدرات حين قال : الغرب يصدر لنا تقاليده المهلكه .. ونحن نصدر لهم ما يفسد مجتمعاتهم .
خلال هذه الفتره سعى بن لادن الى التحالف مع حزب الله في لبنان والذي تدعمه ايران لتأسيس ( حزب الله العالمي ) .
حزيران 1996 قام ( حزب الله العالمي ) بأول عملياته العسكريه وذلك بتفجير شاحنه ملغومه في أحد المجمعات التي تستعملها القوات الأمريكيه في مدينة الخبر قرب الظهران , قتل 19 من عمال الخدمات وجرح ما يزيد على 400 .
بعد هذه العمليه عاد بن لادن الى جلال آباد وكان أقرب أصدقائه إليه هو أيمن الظاوهري المسؤول عن إدارة الشؤون الدينيه في تنظيم القاعده . ولد الظواهري عام 1951 في عائله مصريه ثريه وتعرف على التطرف اٌسلامي أثناء دراسته في كليه الطب , وبعد تخرجه كطبيب أطفال انتسب الى جماعة جهاديه مصريه كانت مسؤوله عن إغتيال السادات عام 1981 حيث دخل عندها الى المعتقل .
1984 غادر الظواهري مصر الى افغانستان وتعرف على بن لادن عام 1985 وقويت بينهما العلاقه إثناء تواجدهما في السودان حيث عمل الظواهري طبيباً لبن لادن الذي كان يعاني من إنخفاض ضغط الدم وآلام في المعده والظهر أجبرته على التوكأ على عصا , وكانت كليته ضعيفه ويحتاج الى جهاز غسيل كلوي .

في هذه الفتره تزوج بن لادن ثلاث زيجات إضافة الى زواجه الأول من السوريه نجوى غانم , وهذه الزيجات كانت لغرض تقوية تحالفاته السياسيه مع الجماعات المتطرفه في العالم , فقد تزوج فلبينيه هي بنت عم ( أبو سيّاف ) زعيم الجماعة الإسلاميه المتطرفه في الفلبين , وفي العام 1996 تزوج من فاطمه الإبنه الكبرى للملا محمد عمر زعيم حركة طالبان , في العام 2000 تزوج من يمنيه هي قريبه لرئيس حركة الإصلاح في اليمن التي تتبعها مليشيا إسلاميه , ومن زواجاته الأربعه كان قد أنجب 17 طفلاً .
عام 1996 أعلن بن لادن فتوى مكونه من 12 صفحه عنوانها ( إعلان الحرب ) تتضمن تحذير الولايات المتحده الأمريكيه من أن عدم إنسحابها من أرض نجد والحجاز يعرض قواتها الى هجوم من قبل تنظيم القاعده .
عام 1997 كرر نفس الرساله , وكان يسجل رسائله على أشرطه تلفزيونيه تتلقفها قناة الجزيره والبي بي سي , والسي إن إن , والإن بي سي , من أجل خلق شهرة مدويه لهذا البدوي المختفي في جحر من جحور الأرض لصنع الهالة السياسية والإعلامية حوله , ولهذا فعموم الأمريكيين أصبحوا يخافون من ( الإرهاب ) المتدفق من السعوديه .
بغية نقل مقراته الى موقع عسكري متخصص , تمت مهاجمته مرتين في مدينة جلال آباد , الأولى كانت بقنبله صغيره ألقيت على موكبه في طريق إعتاد المرور فيه , فلم يصب بأذى , والمره الثانيه بإستهدافه بقنبلة أكبر قتلت 50 وجرحت 150 لكنها لم تصبه أيضاً . عندها إنتقل الى قندهار في قلب المنطقه التي تسيطر عليها حركة طالبان _ الذين وصلتهم الأوامر بأن يمنحوه قاعدة جوية كان السوفييت يستعملونها أثناء تواجدهم في أفغانستان وهي قريبة جداً من المطار .
من أجل زيادة إرعاب الرأي العام من تنظيم القاعده أذاع بن لادن في شباط 1998 فتوى تقول : القيام بقتل الأمريكان ( مدنيين وعسكريين ) ومن والاهم , واجب على كل مسلم القيام به وفي أي بلد هو من العالم .......... من أجل إجبارهم على مغادرة أرض الإسلام مهزومين وغير قادرين على تهديد أي مسلم .
أعلن عن ( الجبهه العالميه للجهاد ضد اليهود والصليبيين ) ويوم 7 آب 1998 وهو يوم الذكرى الثامنه لوصول القوات الأمريكيه أرض نجد والحجاز في حرب الخليج , قامت شاحنه ملغومه بتدمير السفارة الأمريكيه في نيروبي / كينيا وقتلت 213 , وفي نفس الوقت إنفجرت شاحنة أخرى في السفارة الأمريكية في تنزانيا وقتلت 11 .
عندها أعلن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أن القاعده الجويه التي تشغلها عناصر القاعده تعرضت الى هجوم صاروخي عنيف رداً على ذلكم التفجيرين , وكذلك تم تدمير معمل للأدويه في السودان يشك الأمريكان بأنه يستعمل لإنتاج أسلحة كيمياويه . وكان هذا الإعلان من قبل الرئيس الأمريكي بمثابة التتويج الرسمي لأسامه بن لادن أنه أصبح العدو رقم واحد للولايات المتحده الأمريكيه وأن عملية تصنيعه هو وقاعدته قد إكتملت .
نوفمبر 1998 وجهت المحكمة الأمريكيه تهمة الإرهاب الى بن لادن وحملته مسؤولية تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا . وفي حزيران 1999 وضعه مكتب التحقيقات الفيدرالي على قائمة المطلوبين لأمريكا ومكافأه 5 مليون دولار لمن يدل عليه .
12 أكتوبر 2000 قام إنتحاريون بتفجير المدمره الأمريكيه كول في ميناء عدن فقتلوا 17 جندي أمريكي . ورغم أن بن لادن الآن هو الإرهابي والعدو رقم واحد لأكبر دوله في العالم لكنه ولغايات أمريكية صرفه يتمكن من التصريح في صحيفة ( جانغ ) الباكستانيه قائلاً : أنا لست خائفاً من تهديد الأمريكان , وطالما سأبقى حياً فليست هناك راحه لأعداء الإسلام .
أما في مجلة تايم فقد تمكن أن يتحدث عن السلاح البايولوجي قائلاً : طلب السلاح البايولوجي لحماية المسلمين واجب ديني , عند حصولي على هذا السلاح سأقوم بواجبي , وستكون خطيئة على المسلم اذا لم يحاول إستعمال السلاح لمنع المشركين من إيذاء المسلمين .

في هذه الفتره بثت وكالات الأنباء فديو من حفل زفاف محمد بن أسامه بن لادن على إبنة واحد من قياديي القاعده ( محمد عاطف ) المعروف بكنية ( أبو حفص ) . ومرة اخرى بثت تسجيل لحمزه بن أسامه بن لادن ( 10 سنوات ) وهو يقرأ قصيده قال فيها ما معناه : أحذر امريكا بأن شعبها سيواجه المتاعب اذا بقيت حكومتهم تتعقب أبي , ونحن أطفال الإيمان من سيقاتل الأمريكان . بطبيعة الحال كان عرض مثل هذه الفديوات من أجل لفت الأنظار الى أنه ورغم التهديد الأمريكي إلا أن بن لادن رجل قوي ويعيش حياته بشكل طبيعي ... وهذا يعكس مقدار قوته التي يريد الأمريكان التأكيد عليها قبل إعلان التحدي الأكبر .
لكي يبدأ الأمريكان حربهم على الإرهاب , كانوا بحاجه الى مشهد مسرحي صادم يبرر لهم تلك الحرب . تم إخراج هذا المشهد بشكل دراماتيكي يوم 11 سبتمبر 2001 , حيث قامت طائرتان بالإصطدام ببرجي مركز التجارة العالمي .

قادت الولايات المتحده الأمريكيه الحرب ضد صنيعتيها طالبان والقاعده , وقامت بقصف جوي من قبلها , اما الهجوم البري فقد سلمته الى قوات التحالف الشمالي وهم مليشيات قبليه أفغانيه من قبائل ( البشتون والطاجيك والأوزبك والهزارا ) وإنتهت الحرب بتسليم حكم افغانستان الى حكومة محاصصه عميله يقودها حامد قرزاي .

رغم الأعداد المهولة للقتلى فإن أسامه بن لادن والملا محمد عمر لم يتمكن أحد من العثور عليهما رغم أن الأمريكان هم الذين حفروا الكهوف والأنفاق الجبليه ويعرفون تفاصيلها وخرائطها بدقة متناهيه , ورغم أنهم رصدوا مبلغ 25 مليون دولار لمن يدل على بن لادن .
بقيت الحرب بين الأمريكان وفلول القاعده حرب قنوات فضائيه حتى عام 2003 حين غطت أخبار الهجوم على العراق وإحتلاله بحجه إمتلاكه أسلحة دمار شامل على الكثير من مجريات الحرب على القاعده أو طالبان .

2 مايس 2011 ووسط معمعة إندلاع ربيع الدم العربي المستباح .. أعلن الرئيس الأمريكي اوباما مقتل أسامه بن لادن , ثم شاهدنا فلم إطعام جثته الى حوت جائع ... ولم نتمكن من سؤال الرئيس الأمريكي فيما اذا كانت قصته هذه حقيقيه! .. وهل سيتمكن الجيش الأمريكي من العثور على أمير المؤمنين الملا محمد عمر ... أم أنه سيبقى مثل الرفيق المناضل عزت الدوري حراً طليقاً .. لإدامة حلقات الصراع !!!

على كل حال سواء كان ما شاهدناه هو جثة بن لادن الحقيقيه أم هي لعبه بلاستك , فإعلان موته يغلق قضيته الى الأبد لكن الذي سيبقى مفتوحاً في هذه القضيه هو موضوع الصراع ( الإسلامي _ الإسلامي ) لأن كل الدلائل تشير الى أن العالم سيتفرج خلال المرحلة المقبله على مسلسل القتال الذي سيقع بين طوائف المسلمين الذي إكتمل مونتاج حلقاته ولم يبق على الولايات المتحدة الأمريكيه سوى تسويقه الى محطات العرض .. لتتفرغ لإنتاج المسلسل الذي يليه .



#ميسون_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواعظ كلب أمريكي
- الشيعه الكيسانيه وتأسيس الدولة العباسيه
- الكويت - وطريق الحرير الأمريكي
- الماركسيه والحرب الكوريه
- دماء على ستار الكعبه
- حركة عدم الانحياز ودورها في العالم
- البلقان والإنشقاق الماركسي
- الأمريكان في الصين
- الحرب العالمية الأولى والبلشفيه
- الأمريكان والماركسيه
- وما أدراك ما عام 1848 ميلادي !!؟
- أنا , وقناة الجزيره , والقذافي
- كاسك ياوطن
- نزول حواء العراقية الى العالم السِفلي
- شفط حقل خورمالا
- الفتنة التي قتلت عثمان بن عفان
- أمهات الفتاوي
- الصلاة ببدلة الرقص
- عزرا ﭙاوند
- بوريس پاسترناك


المزيد.....




- السعودية.. الملك سلمان يفتتح مشروع قطار الرياض.. -عمود المدي ...
- تبادل 3 سجناء بين أمريكا والصين.. ماذا نعلم عن الصفقة؟
- الجيش السوري يصدر بيانا يتعلق بـ-جبهة النصرة- في حلب وإدلب
- مراسلنا: إصابة 3 لبنانيين بغارة نفذتها مسيرة إسرائيلية على س ...
- مفاجأة.. دراسة حول التطرف في الجيش.. مولها البنتاغون.. ثم تب ...
- ترامب يعين الجنرال السابق كيث كيلوغ مبعوثًا خاصًا لأوكرانيا ...
- تضاؤل النفوذ الأمريكي يحزن الغرب
- موقع: الاتحاد الأوروبي سيفرض عقوبات على شركات صينية لأول مرة ...
- مقتل 9 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في النصيرات وس ...
- برلين ترفض تصاريح الإقامة لـ 3 موظفين في وسائل إعلام روسية


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ميسون البياتي - التصنيع الأمريكي لأسامه بن لادن وتنظيم القاعده