|
سلمان الفارسي رمز للموالي في الاسلام , ج1
وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 3619 - 2012 / 1 / 26 - 17:22
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تطلق كلمة المدائن تاريخيا على مدينتي ( طيسفون ) في الشرق و ( سلوقية ) في الغرب . ودعيت باسم واحد في تاريخ الاسلام , هو ( المدائن ) .وهما وريثتا المدينتين الكلدانيتين ( اوبي ) و( اكشك ) . والباحثون لحد اليوم لم يولوا عناية كافية الى اهمية الاستيلاء على المدائن 15 ه – 636 م بالنسبة الى الدولة الاسلامية كما عبر عن ذلك العالم والمستشرق الفرنسي د . لويس ماسينيون يعتبر سلمان الفارسي احد كبار رموز الموالي في الاسلام بل اكبرهم جميعا ويعادل دور الرسول بطرس في الاناجيل وفي المسيحية كتلميذ ورسول للمسيح وكقائد لكنيسة الختان المسيحية اليهودية القائمة على شريعة موسى مقابل كنيسة الامم بقيادة الرسول بولس . وفي انجيل متى الموجه لليهود الكثير من الاعلاء من شان بطرس ( انت الصخرة وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي... وساعطيك مفاتيح ملكوت السماوات ) . ان مجمل حياة سلمان غامضة في الاسلام ومتناثرة في بطون الكتب . ان دور سلمان في الاسلام يبرز في الفكرة التي اقترحها على محمد بحفر الخندق وهي فكرة فارسية . وفي الحديث النبوي (سلمان منا اهل البيت ) وكان مدافعا عن احقية علي بالخلافة . ويدافع العالم ماسينيون عن شخصية سلمان التاريخية مقابل علماء اخرين اعتبروه اي سلمان مجرد اسطورة . وتاتي اشكالية سلمان من اشكالية اسمه اي سلمان وهي كلمة عربية وكلمة الفارسي . يقول ماسينيون ان سلمان اصله من فارس من اسرة نبيلة من اساورة فارس او الدهاقين بالقرب من اصفهان . نشا على دين المزدكية ثم اعتنق المسيحية وامتنع عن اكل اللحوم وعن الخمر . يقول المفكر والباحث العراقي هادي العلوي ان ( روزبه بضم الراء وسكون الزاي هو الاسم المرجح لمن عرف في التاريخ الاسلامي بلاسم سلمان الفارسي ) واصفهان هي منشؤه الاكثر ترجيحا . وعرف سلمان عند المتاخرين من اهل العراق باسم سلمان باك , وهي فارسية – تركية وتعني الطاهر . وفيها اشارة الى انه كان حصورا كالمسيح لاياتي النساء . ومن هنا جاء المربع البغدادي وهو قالب غنائي والمثل المشهور ( المايزوره السلمان عمره خسارة ) والاصل في هذا المربع كان ( المايزور العزير عمره خسارة ) وضريح العزير يقع في بلدة العزير قرب العمارة في جنوب العراق حيث ضريح النبي اليهودي ( العزير ) وربما كان المقصود عزرا الكاتب والكاهن . هذا المربع يعود لرائد الموسيقى والاغنية البغدادية والعراقية الحديثة ( صالح الكويتي ) وهو عراقي يهودي اما لقب ( الكويتي ) فاطلق عليه عند عمله في الكويت وبقيت ملازمة له حتى وفاته والى اليوم .هاجر روزبه من موطنه في ظروف مجهولة واتجه الى الغرب فحل في الموصل شمال العراق او في الشام حسب روايتين . فانضم في الشام الى دير متنصرا على يد راهب . وكان قد سمع بظهور نبي من العرب في الحجاز فتوجه اليه . وتقول الرواية ان بني كلب استعبدوه ويفترض هادي العلوي ان روزبه التحق بهم على شرطهم حتى يوصلوه الى الحجاز , فتقبل العبودية لهم . وفي الحجاز باعوه ليهود من اهل يثرب . اما الكاتب وليد يوسف عطو فيرى ان هذه الروايات لااساس لها مان الصحة لانها تتعارض مع حرية سلمان ونظرته الصوفية المبكرة قبل تشكل التصوف الاسلامي تاريخيا بقرن على الاقل . بعد الوصول الى المدينة توجه روزبه الى محمد واعلن اسلامه . وفي ذلك الوقت غير محمد اسمه الى سلمان . وتقول المصادر الشيعية انه اسلم في السنة الاولى للهجرة . لايوجد ذكر لسلمان في معركتي بدر واحد وانما يبرز اسمه فجاة في معركة الخندق . كان سلمان وثيق الصلة بمحمد وتجمعه خلوات متكررة على انفراد ( حلة الاولياء ) . وعن عائشة زوجة محمد : ( كان لسلمان مجلس من رسول الله ينفرد به في الليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله ) . يكتب العلوي ان ماكان يجري في هذه الجلسات يبقى في عداد الاسرار . علما ان سلمان عند خروجه من بلاده لم يكن يحسن العربية . كما ان الاديرة التي عمل فيها تتكلم السريانية . ويقول مؤرخو سلمان ان عربيته كانت ركيكة وانه اذا تكلم لايكاد يفهم . وكان يلزم للتفاهم في جلسات سرية طويلة اداة توصيل كافية لاستقصاء امور كبرى من تلك التي لابد انها قد اثيرت في الجلسات وعندئذ لابد من الافتراض ( والكلام للعلوي ) ان محمد كان يعرف اما الفارسية او السريانية .من هذه العلاقة الاستثنائية يمكن تلمس الدور المبكر الذي نهض به العنصر الفارسي في الاسلام . قال علي بن ابي طالب عن سلمان ( ادرك علم الاولين والاخرين . من لكم بلقمان الحكيم ) . يقول العالم ماسينيون : (قالت الاسماعيلية ان سلمان هو في الواقع الذي حمل القران كله الى محمد , وان الملك جبريل لم يكن الا الاسم الذي اطلق على سلمان بوصفه حامل هدى الرسالة الالهية . ويذهب الامامية المعتدلة ان سلمان احد الحواريين الثلاث ( هو والمقداد وابو ذر )للنبي . وقد كان موضع سره ومستشاره المفضل .من الفرق المتطرفة ( الغلاة ) هم : السلمانية وهم الذين قالوابنبوة سلمان الفارسي وقوم قالوا بالوهيته . يكتب العلوي : ( وكنت قد رجحت في دراستي لمسالة تحريم الاكتناز انها وقعت بتاثير من سلمان ويتعزز هذا الترجيح في حقيقة كون التحريم جاء في وقت متاخر نسبيا لم يعد فيه القران يعكس الصراع بين الفقراء والاغنياء بنفس الحدة التي كانت في الطور المكي . سلمان الفارسي عند الشيعة الامامية هو احد الاركان الاربعة الى جانب ابو ذر الغفاري وعمار بن ياسر واختلفوا في الرابع , اما المقداد بن عمرو او حذيفة بن اليمان ,وهم اتباع علي وهم المؤسسين الاوائل للتشيع العلوي في معناه الواسع اي في العدالة الاجتماعية وفي الثورة ضد الظلم وليس المقصود تشيع المذهب ( راجع علي شريعتي – التشيع العلوي والتشيع الصفوي ) وكتابه الاخر ( دين ضد الدين ) . تزوج سلمان بزوجة واحدة ولم يكن له جواري للتسري وانما كان له خادمة هي جزء من العائلة كانت تساعدهم في شؤون المنزل . وكان سلمان يشاطرها العمل . فاذا ارسلها في حاجة الى السوق وهو في المنزل تولى هو اعداد العجين بدلا منها حتى لايجتمع عليها عملان . خطب سلمان بعد بيعة السقيفة , معترضا على خلافة ابي بكر ,فقال : ( اما والله لو وليتموها عليا لاكلتم من فوقكم ومن تحت اجلكم ) . ولكن بعد ازمة السقيفة انضم سلمان الى جيش الفتح العراقي . ونقل عن سلمان قوله بالفارسية ( كرويد ونكريد ) تعني ( عملتم وما عملتم ) وهو رايه في انتخاب ابي بكر حيث وجده حكما متسرعا . وقد تعاطف سلمان مع عمر بن الخطاب متبعا خط امامه علي بن ابي طالب مع احتفاظه في علاقته بعمر بدور الناقد . فكان يحاسبه اذا راى منه انفاقا زائدا . يقول الماوردي في ( نصيحة الملوك ):ان ابابكر نهى سلمان عن الكلام لئلا يختلف الصحابة . كما يقال ان سلمان وصهيب وبلال الحبشي اظهروا انزعاجهم من العفو عن ابي سفيان في فتح مكة , فرد عليهم ابو بكر مدافعا عن ابي سفيان بوصفه ( رجل قريش وسيدها ) ويعزز ذلك رواية الماوردي في منع سلمان من الكلام . ولامناص من الاستنتاج والكلام للعلوي انه اضطر الى الانصياع لامر ابي بكر , لانه غريب وليس له عشيرة تنصره . انتهى الجزء الاول المصادر 1 – شخصيات غير قلقة في الاسلام – هادي العلوي – ط4 , دار المدى للثقافة والنشر – سورية – دمشق – 2007 م 2 – شخصيات قلقة في الاسلام – دراسات ترجمها عبد الرحمن بدوي – ط2مزيدة – دار النهضة العربية – القاهرة – مصر – بحث بعنوان ( سلمان الفارسي والبواكير الروحية للاسلام في ايران ) , للمستشرق والعالم الفرنسي د . لويس ماسينيون
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جمورية النبي
-
ضاع العراقيون بين برشلونة وريال مدريد
-
الجنس في مجتمع يثرب
-
جنة الملحدين
-
اليوم أعلنت عليكم الحب
-
البحث عن يهوه واشياء اخرى
-
اكذوبة الدين الواحد
-
لصوص الله .. الجزء الرابع والاخير
-
لصوص الله .. ج3
-
لصوص الله..ج2
-
تاثير الاعلام البصري
-
لصوص الله ......... ج1
-
من هم اليهود ؟
-
لازلت على قيد الحب والعراق
-
لماذا العداء بين الشيوعيين وبولس؟
-
الالوهية والملوكية من الميثولوجيا الى المسيحية
-
الكشف عن المتفجرات واشياء اخرى
-
الحجاج ... الوباء الاعظم
-
الالوهة التي فارقت الانسان
-
هل الله قادر على الانجاب ؟
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|