كريم الثوري
الحوار المتمدن-العدد: 3619 - 2012 / 1 / 26 - 08:55
المحور:
الادب والفن
صديقي الوهم
على يسار الطاولة يلمع كأس الخمر ، فيما يستكين كأس الماء على يمينها
انسحبت يده اليسرى عند كأس الذكريات، أغمضت عيناه طواعية ، استدعت مخيلته وطنا بلا مهاجرين ، شبابا بلا شيخوخة ، صحبة بلا قطيعة ، عائلة بلا شقاق ، سنة مُتحابّة الأشهر والأيام ... اهتزت الطاولة ، مسح آثار دمعتين انسابتا حتى لاذتا بطرف اللسان ، تذوقهما ، فسرى مفعول الخمر حتى اسكرّه...
مدَ يده اليمنى الى كأس الماء ، وقبل أن تغمض عيناه ليجرب كما المرة السابقة ، تعالت الأصوات المشككة في مدى ولاء مفعوله
مُبقية على صهيل لذة مازالت تغترف منها الحواس وتسكر ، حتى ينقطع النفس ...
2
كنسر مكابر ، أراد أن يروي حكايته عند أعلى رابية يستطيع اللحاق بها ، يطل من هناك مُتشفياً بكروية الأرض
هام في أرض الله متخطيا الهضاب والجبال ، الوديان والسهول ، وكلما وطأ أرضا انسل من يهتف به : هناك المزيد من البلدان تفتح ذراعيها لتتويج نصابك ، لم يصغ لنداء أيامه بالكفاية ، ولا لهواجس اندفاعه بالقناعة ، حتى وصل لقمة بركت عندها راحلته ولم يعد يستجيب النداء ، نظر باستخاف لإنحباس حد البصر وهو يرسم 360 درجة حول نقطة إرتكازه ، استند إلى صخرة متوحشة ، ملتمسا سحابة عابرة ، إلى من يعيده ، إلى نقطة الصفر ، قبل كروية الأرض بسنين ضوئية...
3
الطريق إلى الجحيم يمر عبر بوابات مختلفة الأشكال والأحجام
الطريق إلى الجحيم ، يزرع فيك منابت مختلفة ، تصارع منبتك الأصل ، فلا تنتصر عليه
الطريق إلى الجحيم ، يجعلك أكثر قناعة بأن ليس بالإمكان ألذ مما كان...
أكثر هشاشة بنفسك ، تبدو كالحجارة الصماء ، أو الأسفنجة الماصة
يقوض فيك اللهفة والرأفة والاشتياق ، يبدو كل شئ باهتا كطعم نساء المباشرة... دون مقدمات
الطريق إلى الجحيم ، معناك وقد تطشر ، فليس بمقدورك استرجاعه...
يزرع فيك لذة اصطناعية ويبقيك محنطا تمارس أشواقك بعدما شُلّت حواسك بالكامل
طريق من أضاع بعدما أكتشف نبوءته باكرا ً، أن لا طريق يدله عليه ، سوى البحث عن ملهاة ، أي ملهاة ، تسرقه من يومه ، فيبدو جسدا... بلا ذاكرة
الطريق إلى الجحيم ، المنافى مجتمعة... في منفاك الغربة ،
جئت... لترحل ، ذلك هو الطريق... اللاعودة من جديد ، بعدما اكتمل النصاب .
كريم الثوري
#كريم_الثوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟