أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - قراءة في طبائع الاستبداد ج 14














المزيد.....


قراءة في طبائع الاستبداد ج 14


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 3617 - 2012 / 1 / 24 - 22:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ثم يقول الكواكبي :
ثمَّ إنَّ الرِّجال تقاسموا مشاقَّ الحياة قسمةً ظالمةً أيضاً، فإنَّ أهل السياسة والأديان ومن يلتحق بهم – وعددهم لا يبلغ الخمسة في المائة – يتمتعون بنصف ما يتجمَّد في دم البشر أو زيادة، يُنفقون ذلك في الرَّفه والإسراف، مثال ذلك: أنَّهم يزيِّنون الشوارع بملايين من المصابيح لمرورهم فيها أحياناً متراوحين بين الملاهي والمواخير ولا يفكِّرون في ملايين من الفقراء يعيشون في بيوتهم في ظلام. انتهى النقل.

وكلامه يثبت أنه يتحدث وفق منظور عصره، فها هو يعتبر تنوير الشوارع نوع من التبذير، في حين أنه يعتبر من البنى التحتية في الدولة الحديثة في عصرنا، فهذه الخدمة واجبة على كل دولة تجاه شعبها، وهي ليست من البذخ او التبذير حتما.

ويقول بعدها:
ثمَّ أهل الصنائع النفيسة والكمالية، والتجار الشَّرهون المحتكرون وأمثال هذه الطبقة –ويقدَّرون كذلك بخمسة في المائة- يعيش أحدهم بمثل ما يعيش به العشرات أو المئات أو الألوف من الصُّنّاع والزُّرّاع. وجرثومة هذه القسمة المتفاوتة المتباعدة الظّالمة هي الاستبداد لا غيره. وهناك أصناف من النّاس لا يعملون إلا قليلاً، إنما يعيشون بالحيلة كالسماسرة والمشعوذين باسم الأدب أو الدين، وهؤلاء يُقدَّرون بخمسة عشر في المائة، أو يزيدون على أولئك. انتهى النقل.

طبعا النسب التي يذكرها الكواكبي غير حقيقية حتى لو كانت بزمانه نفسه، لأنها لم تعتمد على تعداد أو استبيان حقيقي يعد كل أصحاب المهن والحرف، ويقسم المجتمع الى ما قسمه في أعلاه.
وعلى فرض أننا قبلنا بنسبه وبتقسيماته، فهذا يدل على ضعف الطبقة الوسطى، وسحق الطبقة الدنيا، والفارق العالي جدا بين الطبقة العليا الحاكمة ومنتفعيها، وبين الطبقة الوسطى او الدنيا، وطبعا هذا دليل واضح جدا للتوزيع الغير عادل للثروة، حيث تستحوذ قلة من الناس على نسبة عالية جدا من الثروة، بينما يرزح باقي الشعب تحت وطأة الجوع والفقر.
وطبعا من أولى أسباب ذلك التفاوت بالثروة هو الاستبداد وعوامله ونتائجه.

ثم يقول:
نعم؛ لا يقتضي أن يتساوى العالم الذي صرف زهوة حياته في تحصيل العلم النافع أو الصنعة المفيدة بذاك الجاهل النائم في ظلِّ الحائط، ولا ذاك التاجر المجتهد المخاطر بالكسول الخامل، ولكن العدالة تقتضي غير ذلك التفاوت، بل تقتضي الإنسانية أن يأخذ الراقي بيد السّافل، فيقرِّبه من منزلته، ويقاربه من منزلته، ويُقاربه في معيشته، ويعينه على الاستقلال في حياته. انتهى النقل.

هنا عرف الكواكبي الداء، ولكنه لم يعرف الدواء، فالداء هو ذاك الفارق الطبقي، والدواء لا يكون بالمثاليات، أو الأخلاق الرفيعة العالية فقط، والتي قد نجدها عند البعض، ولكن حتما لن نجدها عند الكل.
فلا يمكن ترك المجتمع هكذا بانتظار عطف شخص غني، وفير المال والسلطة، حتى يتبنى فقيرا او أكثر، ويدعمه ماديا ومعنويا.
وحتى لو حدث ذلك مثلا، فسيكون بأعداد قليلة، لا يؤدي الى بناء مجتمع متكامل بتلك الطريقة المثالية.
لذا كان الحل وما زال أن تتبنى الدولة حماية المجتمع وأفراده، بمثل مجانية التعليم، واجبارية التعلم، ونظم الرعاية الاجتماعية والاسرية، وغيرها من النظم والتطبيقات التي تحمي الطبقة الفقيرة والضعيفة، بالإضافة الى نظام ضريبي حقيقي يأخذ من الغني والمقتدر، ليعيد توزيع الثروة على برامج دعم الفقراء.


ثم يقول:
لا! لا! لا يطلب الفقير معاونة الغني، إنما يرجوه أن لا يظلمه، ولا يلتمس منه الرّحمة، إنما يلتمس العدالة، لا يؤمِّل منه الإنصاف، إنما يسأله أن لا يُميته في ميدان مزاحمة الحياة. انتهى النقل.

وهذا خطاب توسل لا أرتضيه لأي انسان، فكيف بالفقير!
أفلا يكفي ذل الفقر والعوز الاقتصادي الذي يعيشه، لنضيف اليه استعطاف وترجي، وما يتبعه من ذل وهوان.
لذا فأنه لو كان نظام الدولة يحقق العدالة الاجتماعية، لما احتجنا لخطاب كهذا من الفقير تجاه الغني يثير به استعطافه.

ثم يقول:
بَسَطَ المولى –جلّت حكمته- سلطان الإنسان على الأكوان، فطغى، وبغى، ونسي ربَّه وعبد المال والجمال، وجعلهما منيته ومبتغاه، كأنَّه خُلق خادماً لبطنه وعضوه فقط، لا شأن له غير الغذاء والتّحاك. وبالنظر إلى أنَّ المال هو الوسيلة الموصلة للجمال كاد ينحصر أكبر همٍّ للإنسان في جمع المال، ولهذا يُكنَّى عنه بمعبود الأمم وبسرِّ الوجود، وروى كريسكوا المؤرِّخ الروسي: إنَّ كاترينا شكت كسل رعيّتها، فأرشدها شيطانُها إلى حمل النِّساء على الخلاعة، ففعلت وأحدثت كسوة المراقص، فهبَّ الشبّان للعمل وكسب المال لصرفه على ربّات الجمال، وفي ظرف خمس سنين؛ تضاعف دخل خزينتها، فاتَّسع لها مجال الإسراف. وهكذا المستبدّون لا تهمهم الأخلاق، إنَّما يهمهم المال. انتهى النقل.

لا أدري إن كان المثال أعلاه الذي ضربه لنا الكواكبي حادثة حقيقية ام من نسج الخيال، ولكن ما أعلمه أن هناك نوعان من الحب للمال، لا غير.
حب كغاية، وحب كوسيلة.
فالذي يحبه كغاية لا يهمه جمال أو غيره، فغايته جمع المال لا غيره، وياما كان أناس بخلاء على أنفسهم وأهلهم وهم يكنزون الكنوز، ويموتون دون استمتاعهم بها، عدى عدهم لها ليل نهار.
وفي الآخر يتركونها لمن يبعثرها من بعدهم من ورثتهم.
وهناك من يحب المال كوسيلة، وهم أكثرية الناس، فالمال يمثل لهم الجاه والسلطة، وبه يتم تحقيق أكثر الرغبات والأماني، ومنها طبعا الجنسية.

محمد الحداد
24 . 01 . 2012



#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالات علمية بسيطة ج 5
- مقالات علمية بسيطة ج 4
- مقالات علمية بسيطة ج 3
- دمقرطة وعصرنة الاسلام ج 2
- النساء ليس جمع امرأة
- قتل القذافي وابنه المعتصم جريمة حرب
- دمقرطة و عصرنة الإسلام
- الحوار المتمدن يسأل... ونحن نجيب
- أوقفوا الزيادة قبل فوات الأوان
- قراءة في طبائع الاستبداد ج 13
- 2083 ج 7
- لورنس العرب الجديد برنار هنري ليفي
- محكمة فاطمة الزهراء
- انكحوا ستة عشر امرأة
- زحل يعتذر
- 2083 ج 6
- 2083 ج 5
- 2083 ج 4
- 2083 ج 3
- 2083 ج 2


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - قراءة في طبائع الاستبداد ج 14