|
هل تستطيع الفيلة أن تطير ؟
شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3617 - 2012 / 1 / 24 - 21:11
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
هل تستطيع الفيلة أن تطير ,, هذا سؤال تبادر إلى ذهني من عنوان مقال الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان ( مشاهدة الفيلة تطير ) والذي يقول : "إذا رأيت الأفيال تطير، اسكت ودون الملاحظات"، فالثورة المصرية تعادل طيران الأفيال ، وإن كنت لا تعلم كيف جاءت فكيف لك أن تعلم كيف ستنتهي .( انتهى ) . هو سؤال في محله – لا نعلم كيف جاءت فكيف لنّا أن نعلم كيف ستنتهي – هذا هو السبب الذي يجعل الخيار الأذكى أمام أي صحفي الآن هو أن يخرس ويقوم بتدوين الملاحظات . كنتُ قد طرحتُ في مقالات سابقة ( أنّ التصويت لصالح التيارات الإسلامية في بلدان الربيع العربي سببه فشل جميع التيارات العلمانية بكل مُسمياتها وخصوصاً التيارات الليبرالية ) . من الممكن أن يكون رأيي هذا قد فسره البعض في حينه على غير حقيقته وأنّه ذهب بعيداً في تلك التفسيرات وهذا ليس موضوعنا .. لازلتُ على نفس الرأي ولم يساورني أيّ شك فيه , طبعاً هذا سببه متابعتي لمجريات الأحداث بالإضافة إلى قناعتي الشخصية بأن تلك التيارات مجرد تيارات تنظيرية من خلال ما نقرأه لها هنا وهناك ولم يكن لها دور حقيقي يوازي أو يقابل التيارات الإسلامية على أرض الواقع بعكس التيارات الفائزة والتي اكتسحت بلدان الربيع العربي .. من الممكن أن نجد من يقول بأن الشعور والتعاطف الإسلامي وتغلغل الدين لدى المجتمعات الإسلامية هو السبب ولكن تعالوا معناً لكي نقرأ ما قاله الصحفي الأمريكي الشهير توماس فريدمان في مقاله المذكور من خلال جولة قام بها في شوارع القاهرة والمنشور في صحيفة الشرق الأوسط بالعدد 12079 وبتاريخ 11 / 1 / 2012 نقلاً عن خدمة – نيويورك تايمز . ما يعزز القول السابق هو : ( الأحزاب الإسلامية * الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي * قد نجحوا للتو في سحق الليبراليين العلمانيين حيث فازوا بنحو 65 % من المقاعد ,, مع العلم أن من قام بإشعال نار الثورة هي التيارات غير الدينية ) ؟ إذن هذا ما يطالبنا به فريدمان وأنّ نقوم بتدوينه ؟ ماذا قال بعد الجولة الميدانية التي قام بها : الأمر المدهش للغاية في هذه الزيارة أنّ جميع النساء تقريباً من اللاتي قمنا بإجراء مقابلات معهن بعد التصويت واللاتي كن من المحجبات كما كان بعضهن من المنقبات اللاتي لا يظهر من وجوههن سوى أعينهن فقط قلن إنهن قد صوتن لصالح الإخوان المسلمين أو السلفيين ولكن لم تقل أيّ واحدة منهن تقريباً إنها قد صوتت على هذا النحو لأسباب دينية حيث قالت الكثيرات منهن إنهن قد صوتن لصالح الإسلاميين لأنهم كانوا جيرانهن الذين يعرفنهم جيداً في حين أنّ المرشحين العلمانيين الليبراليين لم يقوموا بزيارتهن ولو مرّة واحدة ؟ لا اعتقد بأن الصورة تحتاج لتوضيح ؟ هناك عبارة اعتقد بأن فريدمان قد أصاب بها كبد الحقيقة ألاّ وهي تغيير سلوك التيارات الإسلامية عند وصولهم للسلطة فهم على يقين بأن الانتخابات القادمة سوف لن تكون من نصيبهم في حالة عدم تحقيق شعارات الثورة أو التغيير والسير نحو مجتمعات أفضل .. تقول العبارة : ( وعلى الرغم من أنه من السذاجة البالغة أن لا نخشى من الاتجاهات الثيوقراطية المناهضة للتعددية وحقوق المرأة ، وكراهية الأجانب الموجودة لدى هذه الأحزاب الإسلامية ، فإن افتراض عدم تأثر الإسلاميين ، أو تحولهم للاعتدال ، نتيجة توليهم مسؤوليات السلطة ، ونتيجة ضغط مراكز القوى المتنافسة الجديدة في مصر، والنتيجة الأولية التي يضعها الرأي العام بشأن ضرورة توفير فرص وتكوين حكومة نزيهة ، هو افتراض يفتقد الرؤية الواضحة لدينامية السياسة المصرية في الوقت الحالي ) انتهى .. بعض الآراء نتيجة الجولة التي قام بها : وقد أسرت إلينا بعض النساء المسنات الأميات بأنهن لم يستطعن قراءة ورقة الاقتراع، وأنهن قد صوتن حسبما قال لهن أبناؤهن أن يفعلن، ولكن من الناحية العملية، فقد قلن جميعا إنهن صوتن لصالح مرشحي الإخوان المسلمين أو السلفيين، لأنهن يتوقعن منهم تشكيل حكومة أفضل وأكثر صدقا، وليس لكي يقوموا ببناء عدد أكبر من المساجد أو فرض حظر على الخمور.. انتهى هذه نقطة جديرة بالاهتمام وخصوصاً إذا تولد هكذا وعي بأن التيارات الإسلامية لم تأتي إلى الحكم من أجل بناء المساجد أو من أجل فرض على الخمور ...
هناك توقع يتفق عليه الجميع تقريباً ألاّ وهو أنّ التيارات الإسلامية سوف تحكم بالشريعة .. حسب رأيي الشخصي سوف يكون هناك قانون مدني ودستور عصري وهو الذي سوف يحكم . الأيام القادمة هي التي سوف تقول كلمتها في هذا الموضوع وأتمنى أن لا أكون مخطئاً ؟
من أقوال النساء المصريات : أنا أحب الإخوان المسلمين، فهم وحدهم الشرفاء.. أريد تعليما جيدا وهواء نقيا أتنفسه نحن بحاجة إلى الرعاية الطبية المناسبة.. أريد أن يتعلم أطفالي بشكل صحيح، فهم لا يستطيعون العثور على أي وظيفة.. الإخوان المسلمون ليسوا مجرد حزب إسلامي، فهم سيساعدوننا في حل جميع المشكلات التي تعاني منها البلاد.. ينبغي أن نوفر فرص عمل للشباب وأن نعمل على زيادة الرواتب، فالتعليم في مصر يزداد سوءا.. إن خوفي الكبير هو انعدام الأمن، حيث إننا نجلس خائفين في بيوتنا، ونخشى أن لا يستطيع أبناؤنا الانتقال ذهابا وإيابا من وإلى المدرسة من دون أن يتعرضوا للاختطاف – انتهت الاقتباسات ... .
المرشد الذي رافق فريدمان في جولته شاب يبلغ من العمر 22 سنة واسمه ( عمرو حسن ) طالب في كلية التجارة : أحد الشباب العلمانيين الذين حاربوا لإسقاط نظام حسني مبارك في ميدان التحرير في العام الماضي ... والذي كتب على ورقة الاقتراع – فليسقط المجلس العسكري –
وهو المجلس الذي يدير البلد الآن ، معلنا اشمئزازه من حقيقة أنه على الرغم من أن الشباب العلماني مثله هم من أطاحوا بمبارك ، فإن الأحزاب الإسلامية هي من يحقق الفوز في الانتخابات ، وأن جنرالات الجيش - الذين تخلوا عن مبارك لإنقاذ أنفسهم - لا يزالون في السلطة إذن ما هي صورة الوضع السياسي في مصر حالياً ونحن على أبواب الذكرى الأولى ؟ يقول غاندي ( كثيرون حول السلطة وقليلون حول الوطن ) .. هو صراع رباعي على السلطة بين الجيش ، والأحزاب الإسلامية الصاعدة ، والأحزاب الليبرالية الأصغر حجما ، وشباب ميدان التحرير العلماني ، حيث لدى كل منهم رأي بشأن كيفية جريان الأحداث في هذه القصة. وقد أضاف حسن قائلا: إننا نريد أن نرى حكومة مصرية جديدة بأفكار جديدة ، وأنا مستعد للذهاب مرة أخرى إلى ميدان التحرير إذا اقتضى الأمر .. قصة حقيقية :
بينما كان الموظفون يقومون بتحميل أحد الصناديق المليئة بأوراق التصويت على متن إحدى الحافلات لنقلها لمحطة الفرز المركزي ، ركضت امرأة مصرية نحوهم، من اللاتي كن قد صوتن للتو، وصاحت بهم : من فضلكم لا تدعوا أعينكم تغيب عن هذا الصندوق، فهو مستقبلنا ، ولذلك اذهبوا وتأكدوا من أنهم سيضعونه في المكان المناسب ... هل سوف يكون مستقبل أم الدنيا كما نتمناه جميعاً ؟ هل تحتاج مصر بعد الانتخابات لقائد أو زعيم ومن هو ؟ يقول فريدمان : وعلى الرغم من أنه من المؤكد أن مثل هذا الصندوق المحشو بآمال الكثير من المواطنين المصريين العاديين يعد ضروريا لتحقيق بداية جديدة هنا، فإنه ليس كافيا بمفرده ، إذ تحتاج البلاد إلى زعيم - حيث لا يزال هناك فراغ كبير في قمة الدولة - يستطيع أخذ كل تلك الأصوات ، وكل تلك الآمال، وصهرها معا في استراتيجية تعمل على خلق فرص العمل والتعليم والعدل والأمن التي يتوق لها كل المصريين بشكل واضح. وإذا ما حدث ذلك ، فإن صناديق الاقتراع هذه ستكون قد نجحت حقا في تقديم مستقبل مختلف لمصر، ولكن حتى ذلك الحين، فسأكتفي فقط بتدوين الملاحظات ... انتهى ... بمناسبة مرور عام على 25 يناير هدية متواضعة للأحبة في مصر أم الدنيا .. / ألقاكم على خير / ..
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من رسائل الأصدقاء - الأخيرة - !!
-
من رسائل الأصدقاء !!
-
الثورة السورية والحرب الأهليّة !!
-
سؤال قديم , جديد , لماذا تخلّفنا ؟
-
منهجان مختلفان ,, العلم والدين ؟
-
داليا وصفي ..
-
من الاستقلال إلى الربيع العربي !!
-
ما بعد الربيع العربي ,, هل هي الطائفية ؟
-
كيف يكون النقد وهل هناك سبب واحد للتخلف ؟
-
هل إله القرآن فقط ( تاه في الجبال ) ؟
-
زنار مريم العذراء والتنمية ؟
-
مانيفستو الحضارة الديمقراطية !! قراءة في كتاب عبد الله أوجال
...
-
الغرب , الربيع العربي والموارد الطبيعية ؟
-
دور اليسار في الربيع العربي بين النظرية والتطبيق
-
الشيوعيون .. والقضية الفلسطينية ؟
-
الجدل العقيم حول الحجاب !!
-
بدايات الإسلام بين الروايات التقليدية والمعطيات الأثرية !!
-
نقد التراث إلى أين ؟
-
راشد الغنوشي ,, من الحظر إلى الحُكم !!
-
هل ستأكل الثورات أولادها ؟
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|