|
العروبة والمخطط الصهيونى لاحتلال فلسطين
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 3617 - 2012 / 1 / 24 - 08:44
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتقد البعض أن المشروع الصهيونى بدأ عام 1917 بوعد بلفورلتوطين اليهود فى فلسطين ، أوبدعوة هرتسل الذى أصدركتابه (الدولة اليهودية) عام 1896 والذى أعقبه بالمؤتمرالصهيونى الأول. فى حين أن فكرة إحتلال فلسطين تعود الى عام 1327 عندما زارموسى بن ميمون القدس فوجد بها عدد 2 (إثنين) من اليهود فقط ، فقرّرالدعوة للاستيطان اليهودى فى فلسطين. ومنذ ذاك التاريخ بدأت الهجرات اليهودية الى أرض الشعب الفلسطينى (د. رشاد الشامى- القوى الدينية فى إسرائيل : عالم المعرفة الكويتى- يونيو94- أكثرمن صفحة) وذكرد. رشاد أن الهجرة الأولى استمرت من عام 1882- 1903 وأن الكاتب الصهيونى (آحاد ها عام) كتب ((إن كثيرين من أهالى فلسطين الذين أخذ وعيهم فى النمو ينظرون شزرًا الى بيع الأراضى ويعملون جهدهم لوقف هذا الإثم)) ولذلك يرى د. رشاد أن الصهاينة ناشدوا بريطانيا لزيادة عددهم ولشراء المزيد من الأرض ((وأن أول إحتجاج فلسطينى رسمى ضد التدخل الصهيونى كان فى 24/6/1891 عندما بعث بعض وجهاء القدس عريضة الى القسطنطينية يُطالبون فيها بمنع اليهود من دخول فلسطين وشراء الأراضى فيها)) . واذا كان تاريخ الدولة الإسرائيلية بدأ عام 48 فإن اليهود استعدوا لذلك اليوم بزمن طويل ، إذْ بدأ الإهتمام بعلم الآثارعام 20 وتأسيس إتحاد العمال (الهستدروت) فى ديسمبر1920 وصدور صحيفة ها آرتس التى نشرت فى عدد 8/9/1922 خطابًا من (آحاد ها عام) يحتج فيه على مقتل طفل فلسطينى على يد أحد الصهاينة. الصحافة المصرية والتحذيرمن المخطط الصهيونى ومن خلال قراءاتى فى صحف ومجلات الفترة السابقة على يوليو52 وجدتُ عددًا كبيرًا من المقالات التى تُحذرمن المخطط الصهيونى لإحتلال فلسطين ، من أمثلة ذلك المقال الذى كتبه أ. عمرعنايت فى مجلة العصورعدد فبراير29 حيث بدأ برصد ظاهرة سيطرة ((المال اليهودى الآخذ بخناق العالم والمسيّرلأموره. وإنك اذا بحتثَ كل حركة هدامة فى الوقت الحاضرتجد أن محورها الدعاية اليهودية.. إن فلسطين ليست غيرالعش الذى ستولد فيه المدنية اليهودية.. إن الصهاينة يشعرون أنهم فى حاجة الى حماية أقوى دول العصر)) وبعدها ((يكون من أيسرالأمورعليهم إزالة تلك الحماية بفضل مالهم ونفوذهم. وبريطانيا نفسها تشعربنموالصل اليهودى تدريجيًا بين أحضانها وعبثًا تحاول أن تُزيل عنها ويلاته المستقبلة. مع علمها أن امبراطوريتها ستكون أول من يتحمل صفعات اليهود)) . وهذا ما حدث بالفعل : اليهود اعتمدوا على بريطانيا وحصلوا منها على وعد باغتصاب أرض الشعب الفلسطينى المستقرلشعبٍ رفض الاستقرارمن خلال منظومة الولاء الوطنى المتعارف عليها لدى الشعوب المؤمنة بأن الأوطان سابقة على الأديان كما كتب أ. خالد محمد خالد فى روزا ليوسف فى عدد 30/10/ 51 أما اليهود فقد فضّلوا منظومة الرابطة الدينية ذات المرجعية التوراتية. ومنذ وعد بلفوروحتى عام التقسيم 1947 ظلت بريطانيا تُساند اليهود الذين اتخذوا من واشنطن قبلة الولاء الجديدة ، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ورغم المعونات الضخمة التى حصلت عليها إسرائيل من أمريكا تدورالأيام فتتجسس الأولى على الثانية. بل وتتحداها وتبيع تكنولوجيا متقدمة (طائرات بدون طيارنموذجًا) لدول صناعية كبرى مثل فرنسا والصين . والأستاذ عنايت فى تحليله لمتغيرات السياسة الدولية وتوقعات المستقبل يرى أن ((فلسطين هى مركزالشرق الأدنى فى المستقبل)) ومن خلال متابعته لما يُنشرفى الصحف العالمية ، ذكر بعض المشروعات التى يتم التخطيط لها ومدى تأثيرها على المنطقة العربية فى المستقبل. ولهذا يرى أنه إنْ لم يبدأ العرب بمقاومة المخطط الصهيونى ((فإن فلسطين ستكون ملكًا لبنى إسرائيل.. وبعدها يكون لليهود ((الهيمنة السياسية والتوسع)) هذا التحذيروهذه النبوءة فى عام 29 تحققت بعد أن إحتلت إسرائيل سيناء لعدة سنوات ولازالت تحتل كل الأراضى الفلسطينية والجولان السورية . وكما حذرعمر عنايت العرب حذرالمصريين من انتصارالمخطط الصهيونى لأنه اذا حدث فسوف يكون ((الحد الفاصل بين عهدين : عهد مصرالذهبى وعهدها المظلم. فبعد ذلك اليوم ستكون مصركمية مهملة وعضوًا أثريًا فى مملكة داود الجديدة)) وفى العدد التالى (مارس 29) كتب عبدالحكيم الجهنى مقالا بدأه بشكررئيس التحريرإسماعيل مظهرلأنه نشرمقال أ. عنايت وأضاف أن عضوًا بمجلس العموم البريطانى طلب من مصر((أن تتنازل لفلسطين عن سيناء)) ثم أشارالى المعلومات التى تتناقلها الصحف العالمية عن خطط اليهود فى المنطقة مثل مشروع (روتنبرج) الكهربائى ومشروع البحرالميت الكيمائى وميناء حيفا . واقتراح بإنشاء قناة جديدة تُقرّب قناة السويس من البحرالأبيض المتوسط وخليج العقبة. ثم ربط بين الفاشية والصهيونية. كان الليبراليون المصريون على وعى بالمخطط الصهيونى ، وطالبوا بتعميق معنى الولاء الوطنى بغض النظر عن المعتقد الدينى. ولكن أنصارالمرجعية الدينية كان لهم رأى آخر، فكما عقد مصطفى كامل الأمل على فرنسا لتحريرمصر مع استمرارتبعيتها للخلافة العثمانية ، ذهب أيضًا وقابل هرتسل وطلب منه المساعدة ، فكتب هرتسل فى مذكراته ((قابلت هذا الشاب الشرقى. وسوف أضعه فى حساباتى. إنه سليل الفراعنة الذين استعبدونا ، يأتى الىّ أنا اليهودى سعيًا وراء مساعدتى. وأرى أنه من الأفضل للقضية الصهيونية أن يخرج الإنجليزمن مصر)) أما عبدالرحمن عزام أول أمين عام لجامعة الدول العربية ، فقد أدلى بتصريح أعلن فيه أنه يخشى قيام دولة شيوعية فى فلسطين أكثرمن قيام دولة صهيونية. ويُبدى محمد رشيد رضا إعجابًا بالانجازات التى قام بها اليهود فى فلسطين. ورأى أن فائدة وجودهم رفع مستوى عرب فلسطين (نقلا عن د. محمد أبوالغار- يهود مصرمن الازدهارالى الشتات- كتاب الهلال- 2004 أكثرمن صفحة) وذكرد. أبوالغارأن حكومة الأستانة فى عامى 13 ،1914 أصبحت موالية للصهاينة. كما أن حزب اللامركزية العربى كان مؤيدًا للصهيونية (ص177) أما مفتى القدس الحاج أمين الحسينى فبعد أن اشترك مع رشيد الكيلانى عام 41 ضد بريطانيا ذهب الى ألمانيا وقابل هتلروأعلن تأييده للنازية ، ولذلك لم تكن مفاجأة أن يكتب أحمد حسين مقالا دعا فيه هتلر للدخول فى الإسلام. أليس وجود هذا التيارالأصولى الإسلامى- سواء فى مصرأوفى فلسطين- كان من بين أسباب ضعف المقاومة ضد المشروع الصهيونى ؟ وللباحث عن الحقيقة أن يسأل لماذا لم تُحقق ثورة الشعب الفلسطينى العظيمة عام 36 أية نتائج لوقف الاستيطان اليهودى ؟ رفض الفلسطينيون قرارالتقسيم الذى نص على دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية. وكان بديل الرفض هو إبادة الدولة (المزعومة) فى الميديا العروبية. وبالطبع فإن العقل الحرتمنى أن يعود اليهود الى أوطانهم الأصلية ، وأن يعيش الشعب الفلسطينى على كامل تراب وطنه. ولكن الأمانى شىء والواقع شىء مختلف ، إذْ أن الدولة (المزعومة) أصبحت سادس دولة نووية فى العالم عام 70 (د. فوزى حماد- مجلة الهلال يوليو2002) وشاركت فى مشروع (الجينوم البشرى) وفى نقل الرائحة عن طريق الكمبيوتروزوّدت طائرات الحلفاء فى حملة البلقان بأنظمة توجيه كمبيوترية (د. هشام الحديدى- أهرام 4/6/2001) وفى عام 2000 كان الناتج المحلى للفرد فى إسرائيل يفوق نظيره فى البلاد العربية كلها (د. نادرفرجانى- أهرام 19/5/2001) ودمّرالطيران الإسرائيلى يوم 7/6/81 المفاعل النووى العراقى..هذه مجرد أمثلة لإنجازات الدولة (المزعومة) لإعادة النظر فى الشعارات التى تُلهب المشاعرالوطنية ولكنها تؤدى الى غيبوبة العقل. غيبوبة تُرسخ لمقولة أن الشعوب والأنظمة العربية مسئولة عن تحريرفلسطين قبل الفلسطينيين المنقسمين الى 13 فصيل علنى غيرالفصائل السرية. غيبوبة تؤدى الى استمراروجود الهيكل الديكورى الذى أنشأته بريطانيا (جامعة الدول العربية) التى يحصل موظفوها على رواتبهم ومصاريف تنقلاتهم من شعوبٍ بعضها لايجد رغيف الخبز. أليس هذا هوالوقت المناسب لإغلاق هذا الهيكل الديكورى ودفنه مع شهداء غزة ؟ فهل يمتلك العروبيون شجاعة نقد الذات وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل نزول ستارالنهاية التى تتمناها إسرائيل ؟ أم أنهم سيظلون يُعيدون إنتاج الموروث العربى الذى عبّرعنه شاعرعربى قديم حينما قال ((وإنّا أناس لاتوسط بيننا / لنا الصدردون العالمين أوالقبر)) . ******
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما فتح المبدع خزانة الكلام
-
يحيى الطاهرعبدالله وإعادة تشكيل الواقع إبداعيًا
-
جمال البنا والتربص لكل مختلف مع الكهنوت
-
مفهوم الوطن فى رواية بيوت بيضاء
-
شهر زاد على بحيرة جنيف
-
عبدالرحمن أبوعوف وثنائية الإبدع والقمع
-
ثمن الحرية وحصاد عام من الدم
-
جميل عطية إبراهيم والتأريخ بلغة فن الرواية
-
العلاقة بين (المواطنة) و (القومية)
-
النبل والبؤس فى طاحونة الحياة
-
سناء المصرى : ضميرحى وعقل حر
-
التنوير المصرى والجامعة الأهلية
-
بورتريه لابن عمى المليونير م . م
-
تونا الجبل : ميلاد مُتجدد للحضارة المصرية
-
ميس إيجيبت وجدل العلاقة بين الثقافتين المصرية والعربية
-
سليمان فياض : الواحد المتعدد
-
النص الدينى والتفسيرات المتعددة
-
العالمانية والاستقرارالاجتماعى
-
هل يؤمن الأصوليون الإسلاميون بالديموقراطية
-
مأزق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|