|
نبيل العربي و عمرو موسى وجهان للعملة الناصرية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3616 - 2012 / 1 / 23 - 18:48
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
عندما يضيق الوقت ، و تصبح فرص الكتابة محدودة ، تصبح الأولوية للحديث عن المستقبل ، و بخاصة القريب ، و ليس عن الماضي و لو كان قريباً . لهذا لن أكتب الآن ، الثالثة و عشر دقائق تقريباً بتوقيت بوخارست من بعد ظهر يوم الإثنين الثالث و العشرين من يناير 2012 ، عن ثورة الخامس و العشرين من يناير 2011 ، بل عن عدو داخلي للشعب المصري أمسك بمصر عدة عقود ، و يريد الإستمرار ، و لا يتورع عن إستخدام أحط الوسائل ، و أكثرها إجراماً من أجل الإستمرار ، و مسلح بنظرية سياسية خبيثة دمرت مصر ، و العديد من الدول العربية . من السهل الإشارة للنظرية السياسية التي حكمت مصر خلال عهد عبد الناصر . إنها الناصرية ، التي هى تفرع خبيث ، من شجرة خبيثة ، هي البعثية . عبد الناصر كان متأثر بشدة بأتاتورك ، و كان في البداية قومي مصري ، و ليس قومي عروبي - و هي حقيقة يحاول الناصريون إخفائها - لكن عندما وجد أن المسرح العربي أكثر إتساعاً ، غير جلده ، و تبنى البعثية ، بعد أن حورها بعض الشيء ، ليخرج بنظرية تم نسبتها له ، و هي الناصرية ، التي هي خليط من الإشتراكية مع القومية العربية ، مثل أمها البعثية . أيضاً من السهل الحكم على السادات ، و فترة حكمه ، أيديولوجياً . السادات لم يخف ماضيه ، و ميوله ، النازية ، و ظل معتزاً بهما إلى أخر لحظة في حياته ، و حاول أصدقائه في الإعلام تبرير ماضيه النازي على الأقل ، هذا على المستوى الشخصي ، أما على مستوى مصر فقد حاول الترويج للقومية المصرية - بشكل غير مباشر - و لكن الوقت لم يسعفه ليوجد لتلك الفكرة قدم راسخ في الشارع السياسي المصري ، و على العموم يمكن أن نسمى مدرسته السياسية بالمدرسة الساداتية ، و هي المدرسة القائمة على فكرة القومية المصرية مع الميل نحو الغرب ، و تبني الإقتصاد الحر ، و الحاكم المطلق الأبوي . بالنسبة لمبارك ، و فترة حكمه الغبراء ، تتصور الأغلبية أنه لم تحكم مصر نظرية سياسية واضحة سوى نظرية النهب . نعم عصر مبارك كان النهب أهم معالمه ، لدرجة يتفوق فيها مبارك و أسرته و أعوانه على مراد بك و مماليكه ، و لكن كانت هناك نظرية ، حكمت عصره ، و لو سراً . الإقتصاد الحر ، و الإبقاء على الهيكل الديمقراطي للدولة ، ممثلاً في البرلمان و الأحزاب ، و الإدعاء بجود إعلام حر ، كلها كانت أمور إضطر مبارك لتبنيها - أي بالقسر - إستجابة للظروف الدولية التي حكم فيها ، لكنه ، و لازال ، في قرارة نفسه : ناصري . لو أردنا أن نصل للحكم الصحيح في مسألة النظرية السياسية بالنسبة لعصر مبارك ، فيجب أن نترك القشرة الخارجية الشكلية ، التي تبناها مبارك قسراً ، بحكم الظروف المحيطة ، و أن ننظر للطبقات الأعمق إلى أن نصل للنواة ، أي لهؤلاء الذين شكلوا الحلقة الضيقة الملاصقة لمبارك ، و رسموا معه السياسة الداخلية ، و الخارجية ، ثم نصعد من النواة لننظر للطبقات التالية لها و القريبة منها ، و التي كانت مهمتها الإمساك بكل مفاصل الدولة ، و تشكيل الرأي العام المصري . هؤلاء الذين شكلوا النواة ، و التي يقع فيها مبارك الأثيم ، و عمر سليمان المجرم ، و تشمل كبار مساعدي و مستشاري مبارك الأثيم ، ثم الطبقات التالية للنواة ، و التي تشمل كبار السياسيين ، و كبار المسئولين المدنيين ، و كذلك كبار الكتاب و الصحفيين و الإعلاميين ، في الإذاعتين المرئية و المسموعة ، و في الصحف الشهيرة ، سواء مملوكة للدولة أو مدعوة بالمستقلة ، و أعضاء هيئات التدريس في كليات تشكيل أراء الأجيال القادمة ، مثل الإعلام و الإقتصاد و العلوم السياسية ، و أعضاء السلك الدبلوماسي ، أغلبيتهم الساحقة ناصرية . الناصريون هم من سيطروا في عصر مبارك ، و رسموا كل سياسات الدولة ؛ حتى في السياسة الخارجية ، كانت هناك دائماً سياسة خارجية ناصرية موازية ، أما السياسة الداخلية ، بعيداً عن الإقتصاد ، فقد كانت ناصرية بإمتياز ، و كان أبرز معالهم قمع الحريات ، و إنتهاك حقوق الإنسان ، من خلال الدولة البوليسية التي أقامها مبارك الأثيم و أعوانه الناصريون . إنني لا أكتب اليوم للحديث عن الماضي ، برغم قرب ذلك الماضي ، و إنما كتبت عن ذلك الماضي القريب ، لأشير للحاضر ، و لأحمي المستقبل . أحمي مستقبل مصر من رئيس ناصري ثالث . الإخوان قرروا عدم ترشيح رئيس من جانبهم ، و أصبح من المرفوض شعبياً الآن فكرة فوز مرشح عسكري ، فأصبح المجال مفتوح لمرشح ناصري من السلطة ، و أبرز مرشح ناصري كان عمرو موسى ، و رجاء مراجعة مقال : عمرو موسى مرشح عمر سليمان ، و كتبته و نشرته في الأول من مارس 2011 . إنكشف عمرو موسى ، فكان أن قدمت السلطة الوجه الآخر للعملة الناصرية ، و أعني نبيل العربي . نبيل العربي هو ممثل للوجه الثاني للعملة الناصرية السلطوية ، و هو أيضا أحد أفراد مؤسسة الدبلوماسية المصرية التي يسيطر عليها حالياً الناصريين ، تلك المؤسسة المرتبطة بقوة بجهاز المخابرات السليمانية و التي يسيطر الناصريون عليها أيضاً ، فهو - أي نبيل العربي - إذاً مرشح آخر للرئاسة من جانب عمر سليمان ، رجل مصر القوي حتى الآن . الفارق الوحيد بين نبيل العربي و عمرو موسى ، هو في طبقة الصوت ، فالأول هادئ إذ ما قورن بالثاني الجعجاع ، و لكنهما من نفس الطينة الناصرية الخبيثة . لا يوجد ناصري نصير للديمقراطية و حقوق الإنسان و رفاهية المواطن العادي ، لأن الناصرية ضد كل ذلك ، لأنها - أي الناصرية - تريد خاضعين ، و ليس مواطنين . لقد إنكشف نبيل العربي الناصري أثناء إدارته للقضية السورية في جامعة الدول العربية ، و بخاصة في مهزلة المراقبين العرب ، و أصبح من الجلي إنه لا يتخذ أي قرار يكون لصالح الشعب السوري إلا بعد التعرض لضغط . هذا حاله الآن ، نصير للدموية و الإستبداد ، و هو أمين عام جامعة الدول العربية ، فكيف سيكون حاله و هو رئيس لمصر ؟؟؟ مستقبل مصر في عصر نبيل العربي الناصري - و هذا المقال مخصص للمستقبل - لن يختلف عن مستقبل مصر لو حكمها عمرو موسى ، أو عمر سليمان ، أو عن ماضي مصر في عصر مبارك الأثيم أو في عصر عبد الناصر الدموي ، فكلهم أغلفة مختلفة لنفس الكتاب ؛ كتاب الإستبداد و الإفقار و الشعارات الطنانة الفارغة ، كتاب الناصرية . تنبيه يعد جزء من المقال : على أعضاء حزب كل مصر - حكم و مؤيديه الراغبين في المشاركة في إحتفالات الخامس و العشرين من يناير 2012 ، تذكر إن الحزب ملتزم بسياسة الهدوء ، فعليهم الإلتزام بها و عدم الإستجابة لأي إستفزاز أو تهييج ، خاصة أن السلطة تحاول بشتى الطرق إفتعال حالة من الفوضي لتقوض إنجازات الثورة ، و تبرر الإستبداد ، كما حاولت في أكتوبر و نوفمبر و ديسمبر من العام الماضي 2011 ، لهذا يجب توخي أشد الحذر و لا بأس في عدم المشاركة ، و دوركم في الثورة سيقر به التاريخ في المستقبل ، بإذن الله . حزب كل مصر - حكم ، حزب وسطي .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيتمتع الإخوان في مصر بنفس شجاعة أردوغان ؟
-
بذلة جنرال تركي فوقها عمامة أزهرية
-
شباب السادس من إبريل كانوا من أجل التغطية على عمال المحلة ال
...
-
ديمقراطية فيها الإخوان أفضل من إستبداد فيه الإخوان أيضاً
-
الإعتذار غير مقبول ، و القصاص سيكون بالقانون و في العهد الدي
...
-
لا للبرادعي ، و نعم للإنتخابات
-
شباب العمالة و الخيانة و الفشل
-
الهدوء الإيجابي من أجل فك التحالف القائم بين القيادة الإخوان
...
-
لنعمل جميعاً ، مسلمين و مسيحيين ، من أجل الوصول إلى النيل
-
كل ما يتعلق بالجيش يجب أن تقرره سلطة منتخبة بطريق ديمقراطي س
...
-
إيران ستتبنى هوية شيعية - فارسية
-
خمسون في المائة ميدان واسع في البداية
-
أولها كذبة ، و أوسطها مهزلة ، و نهايتها فضيحة
-
خطأ الأقباط هو إنهم صدقوا أن الثورة إكتملت
-
خطأ النشطاء الأقباط هو تصديقهم أن الثورة إكتملت
-
في التاسع من أكتوبر إنتهت مرحلة الخامس و العشرين من يناير
-
ليحمي الله مصر من حكامها الحاليين
-
إخلاصنا لشهدائنا يكون بتحقيق آمالهم لمصرنا
-
السجن أحب إلي من الموافقة على صفقة العار هذه
-
من إيه إلى زد مصريين
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|