|
الوطنية .... وثياب الرمزية ومحنة التطاول فوق سماء القانون
وسام محمد شاكر
الحوار المتمدن-العدد: 3616 - 2012 / 1 / 23 - 11:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بات من الواضح عند كل أجراء حكومي تنفيذي كان أو قضائي تجاه أي شخص أو مؤسسة أو شريحة ما تتكون مشكلة تأخذ بالأتساع بعد ان يتم نفخها ببعض التصريحات النارية التي تكشف ما بدواخل أصحابها من نرجسية وفوضوية وميل جارف نحو السطوة على القانون مع تأطيرها بالوطنية ، حيث ان هذا الشخص الوطني ما ان يمس أنامل امتيازاته القانون يقوم بتحذير الجميع ويتوعد بان سوف تتطاير الحمم البركانية في الوطن وتعصف رياح الفوضى في العملية السياسية كأن مصلحة وأمن وأستقراروكينونة العراق يقف على مزاجية ونرجسية هذه الشخصية وهي بصورة وأخرى تدل بشكل واضح على الرغبة الجارفة لهؤلاء الأقزام بالعيش فوق سماء القانون خصوصاً عندما يقومون ظلماً وبهتاناً بشرنقة شخصياتهم بلباس الرمزية الوطنية فيكون احدهم ( رمزاً وطنياً ) !!! حاله حال دجلة والفرات اوأسد بابل او الجنائن المعلقة وعلى الجهات التنفيذية والقضائية ان ترضخ لهذا الأمر الرمزي. ! هذه هي بالضبط جوهر المشكلة التي نواجهها بين فترة وأخرى في حين ان العراق اكبر بمليارات المرات من هذه الأقزام المتطافرة من صالونات السياسة المشبوهة وجذورها التي لو دققنا في أصلها لوجدناها غير عراقية بالمرة ، أن الرمز الوطني هو شخص اكتوى بنار الوطن وناضل من اجل قضية وطنية عامة وجمهوره هو شعبه بجميع أطيافه وألوانه فهو خارج من رحم معاناة الفقراء والمعدمين والمظلومين ، ولكي لايبقى الباب مشرعا أمام كل من هب ودب ويغتصب حرمة هذا المفهوم المقدس لابد وضع موانع وحواجز وثوابت اتجاه كل من يدعي لنفسه هذا الشرف العظيم بدون وجه حق فمعنى ان تكون رمزا وطنيا عراقيا لابد ان تكون دمائك قد عجنت بهذه الأرض الطاهرة وان تكون امتدادا حقيقياً لحضارة عمرها ألاف السنين وان تقترن جميع مواقفك السياسية والشخصية لخدمة هذا البلد الكبير وان تحصل على صكوك الإجماع الشعبي التي من الصعوبة ان تجير بهذه البساطة التي يتوقعها البعض . إن جائزة الوطنية هي أنبل واشرف الأماني التي يفني الإنسان سني حياته للحصول عليها بعد رحلة ناصعة البياض ومأطرة بالتضحيات الجسيمة نجده يطمح على ان يراه قومه رمزا وطنيا لهم ، تتناقل سيره الأحاديث والروايات ، لا أن يقوم هو بلصق نفسه وترتيل معزوفة دعائية لشخصه المريض ، وعلى هذا المنوال نجد اليوم ان الكثير من الذين يوهمون نفسهم بأنهم أمسوا رموزا وطنية فيبررون لنفسهم كل فعل وقول ويحلقون في فضاءات عقولهم المريضة غارقين بهذا الوهم فارضين على الآخرين التعامل معهم بهذا الشكل المقرف ، ان للكثير من الشعوب رموزها التي تفتخر وتعتز بها كـغاندي الهند وموحدها ونلسن مانديلا محطم تماثيل العنصرية وجيفارا محرر رمز الشعوب المقهورة وماوتسي تونك مناضل الأدغال الخ ... هذه الشخصيات التي اخترقت بكفاحها الإطار الوطني وخرجت نحو الفضاء ألأممي الأوسع وبدت نجوم لامعة في سماء الأرض يجمع الكثير من الناس بمختلف لغاتهم وثقافاتهم على رمزيتهم التي نقشت في ذاكرة الشعوب وعلى أوراق التاريخ ، اختزلت سيرهم سِفر شعوبهم . إن لبلد كالعراق لابد ان يحذر من يتوهم بأنه أمسى عنوانا يختزل في شخصه العراق وحضارته وكفاح شعبه العريق وعلى جميع الساسة ان ينتبهوا لهذا الأمر كون بوصلة الترميز اتجهت وبشكل عفوي في العراق منذ أفول شمس الرابع عشر من تموز نحو رجال الدين والأدباء والمفكرين وهذا الاتجاه المتزايد يقابله تراجع حاد للسياسيين كنتيجة حتمية وردة فعل طبيعية لما عاناه الشعب من الشخصيات الطفيلية التي استلمت دكة الحكم بطرق المؤامرات والغرف السرية المظلمة ذات الصفقات المشبوهة ، قبل أكثر من خمسة عقود وصنعت لنفسها بروجاً عاجية وأجبرت الكثير على التصفيق والإطراء والمديح لها رهبة وتزلف ، في حين نجد بريق الأدباء يتجه نحو العلياء فمن من السياسيين اليوم يجروء ويزايد على نضال وكفاح ووطنية ألجواهري ومظفر النواب أو د.أحمد الوائلي الذي اهتزت ارض بغداد من اقدام مشيعيه ليكون اكبر تشييع في تاريخ العراق وابهره ، مثل هؤلاء اليوم لو أقحموا نفسهم في المعترك السياسي لكانوا من أوائل الذين يدخلون أبواب البرلمان وسط أكاليل الورد والاجماع الشعبي ، ان الشعب العراقي يعرف جيدا من هم رموزه فلاحاجة لأحد أن يدعي انه رمزاً ، ويكفي مصادرة لحريات الاختيار ومنهجية القوالب الجاهزة المفروضة جبرا وثقافة القطعان ، فمنذ عقود فرض على العراق زوراً وبهتاناً شخصيات لاتمت بصفة لأرض وشعب هذا البلد فتارة ساطعية حصرية ومرة ميشيلية عفلقية استوردتها بعض النفوس المريضة لسد فراغ وضاعتها على حساب اكبر وأعلى قامة في قامات التاريخ الحضاري ، وليعلم الجميع ان ارض العراق مازالت ولودة بالشجعان والأدباء والمفكرين والنزيهين اللذين ترتبط مصالحهم بمصالح وطنهم العراق لايجروء احدهم بتجاوز القانون لكون القانون لديهم هو الشعب والوطن فهم فوق الشبهات دوماً ولم تتلطخ اياديهم بدماء شعبهم نتيجة بعض العقد العنصرية والطائفية التي تغلف نفوسهم وتجدهم في قلب الوطن أيام المحن والشدائد ولايهرولون خارج الحدود ساعة الشدة أنهم رموز حقيقيين وليسوا فزاعات تم صنعهم في المعامل الاجنبية ليكونوا بؤراً لإنتاج الأزمات في مسيرة هذا الوطن الغالي .
#وسام_محمد_شاكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يوقف نزيف المليارات العراقية
-
الانفصام الشخصي للخطاب السياسي في العراق
-
سلاماً لمجدكِ يا شمس تموز
-
تراتيل وطنية في محراب مواطن ضائع
-
الناخب الأمريكي وشفيرة الإنتخابات
-
الحرة عراق والساعة السابعة والعراقيين
-
حقوق الإنسان و المواطن والجحيم
-
هكذا كانت شمس 14 تموز الخالدة
-
مشكلة النشيد الوطني والعلم العراقي
-
الأحزاب العلمانية في العراق وطبق الذهب
-
رؤيا للسبعين
-
ظاهرة الصحوات بين الضرورة الوقتية والديمومة العسكرية
-
رجل المرور ... دليل في استمرار الحياة
-
عندما يكذب السياسي ....هل سيتكلم صندوق الإقتراع
-
ثقافة الدعاية في صياغة العقل الجمعي
-
إنتهت اللعبة ... عشية الذكرى الخامسة لسقوط الصنم
-
عندما تطأ التماسيح شارع الرشيد
-
الإعمار وإعادة الإعمار
-
ظاهرة قطع الرؤوس .. نتاج الحكم البعثي في العراق
-
أقوى من الموت وأعلى من اعواد المشانق
المزيد.....
-
-ساعد نساء سعوديات على الفرار وارتد عن الإسلام-.. صورة ودواف
...
-
ماذا تكشف الساعات الأخيرة للسعودي المشتبه به قبل تنفيذ هجوم
...
-
الحوثيون يعلنون حجم خسائر الغارات الإسرائيلة على الحديدة
-
مخاطر الارتجاع الحمضي
-
Electrek: عطل يصيب سيارات تسلا الجديدة بسبب ماس كهربائي
-
تصعيد إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ومستوطنون يغلقون مدخل ق
...
-
الاحتلال يقصف مدرسة تؤوي نازحين بغزة ويستهدف مستشفى كمال عدو
...
-
اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق
...
-
مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|