أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم خوري - تحديات المرحلة الإنتقالية في سوريا -رقم 3- المصالحة و الشفاء














المزيد.....

تحديات المرحلة الإنتقالية في سوريا -رقم 3- المصالحة و الشفاء


هيثم خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3614 - 2012 / 1 / 21 - 11:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تترك فترات الإضطرابات السياسية الحادة كالثورات و الحروب الأهلية آثاراً نفسية و إجتماعية بالغة على الأفراد و المجتمعات. هذا لأن هذه الإضطربات الحادة عادة غالباً ما تكون مسبوقة بسنوات طويلة من الحكم الإستبدادي أو العنصري أو الشرخ الإجتماعي العميق المؤدي إلى الكدر و العسر و الألم و الحنق المتراكم المكبوت الذي ينفجر في لحظة من اللحظات، و فوق هذا يأتي التعامل العنيف للسلطات مع هذا الإنفجار. هكذا ففوق الإحساس بالعسرة و الجور و الحنق يأتي التفتيش التعسفي والإعتقال و الإهانة و التعذيب و التنكيل و الضرب و الإغتصاب و القتل و أصوات الرصاص و المدافع و القنابل. كل هذا يعمق الشروخ الإجتماعية و يترك إعاقات جسدية و نفسية بالغة. أما الجسدية منها فقد تترواح من فقدان جزئي أو كلي لأحد الأعضاء إلى شلل و ظيفي كامل يجعل الشخص عاجزاً و مقعداً كل عمره. و أما النفسية منها فقد تتراوح من ذكريات أليمة تأتي من وقتٍ لوقت إلى كره و حقد و غل و رغبة في الإنتقام أو إلى إمراض نفسية مقعدة كفقدان الذاكرة و تخدر المشاعر و "إضطراب الضغط النفسي ما بعد الصدمة" و الإكتئاب التي تحتاج لعلاجات نفسية و ربما دوائية مديدة.

طبعاً ليس لدينا أي تقويم موضوعي للأضرار النفسية و الجسدية التي تركتها الأزمة الحالية على السوريين، و لكن إنه من الطبيعي أن نعتقد أن السوريين في بعض المناطق التي حصل فيها عنف -كالرستن و تلكلخ و جسر الشغور و درعا و خصوصاً حمص -يعانون من بعض أو كثير من الإضطرابات التي ذكرتها سابقاً، فهل نهملهم كلياً أو نتركهم لحالهم قائلين "و فقكم الله و جازكم خيراً، نعلم أنكم دفعتم ثمناً كبيراً، و لكن ليس لدينا الإمكانية أن نفعل شيئاً لكم . و الحال أن ترك هؤلاء و إهمالهم لا يليق بدولة جديدة تدعي أنها تقوم على أساس الأخلاق الإنسانية، إذ ما من دولة تقوم على هذا الأساس و تهمل الذين دفعوا ثمن نشأتها. كما أنه لا يليق بدولة تدعي أنها تنوي إقامة عقدٍ جديد مع مواطنيها أن تترك الأكثر ضعفاً فيها ليواجهوا مصيرهم البائس لوحدهم. و هو لا يليق بحكومة تدعي الحكمة و الحصافة إهمال هؤلاء، فإهمالهم سيؤدي إلى مشاكل إجتماعية جمّة إبتداء من البطالة إلى إلى الجرائم المتنوعة كالسرقة و القتل و الإقتتال. إذاً ما هو الحل؟

إن الحل لمثل هذه المشكلة سيكون عبر إنشاء ما يسمى "هيئة الحقيقة و التراضي". و هذه الهيئات عادة ما تنشأ بعد فترة إضطراب داخلي أو حرب أهلية أو حكم دكتاتوري أو نظام عنصري، و تتكون من أناس من مختلف الإختصاصات، و هدفها إكتشاف الحقيقة و معالجة الضحايا و إعادة تأهيلهم و تعويضهم -لحد معقول- عن الأذى الذي ألحق بهم، و أيضاً المصالحة بين مختلف فئات المجتمع التي شاركت في النزاع. و نظراً لنجاح هذه التجربة فقد طبقت على الأقل في ٢٢ دولة حول العالم و منها الإرجنتين و البرازيل و ليبيريا و الولايات المتحدة و كندا. و لكن التجربة الأكثر ريادة من بينها جميعاً كانت تجربة جنوب أفريقيا التي على أساسها بنيت التجارب الأخر.

أسس نلسون مانديلا "هيئة الحقيقة و التراضي" عام ١٩٩٥، و كانت الغاية من هذه الهيئة مصالحة مختلف فئات الشعب مع بعضها و أيضاً مصالحتها مع الماضي بعد حكم الأبارتيد. إرتكزت هذه الهيئة في عملها على المبادئ التالية:
1. معرفة حقيقة ما جرى من إنتهاكات من كلا طرفي للنزاع.
2. منح الضحايا فرصة التعرف على مقدار الإنتهاكات التي كانوا ضحيتها.
3. تأهيل الضحايا و منحهم تعويضات.
4. منح الجناة العفو إذا ما إعترفوا بما فعلوا.
5. أخيراً إخبار الأمة عن حقيقة ما حدث.

و لتجنب العمل بمبدأ "العدل للمنتصرين فقط" إستمعت اللجنة لكل من تعرض لإعتداءات إن كان من طرف جانب فصائل التحرير أو من الطرف المقابل على حدٍ سواء. لقد كانت هذه التجربة ناجحة جداً و لكن أخذ عليها منحها العفو للجناة.

لهذا فإنني أقترح إجراء تجربة مشابهة في سوريا مع بعض التعديل لتوافق الواقع السوري، و ذلك عبر تشكيل لجان مصالحة مكونة أطباء و ممرضين و معالجين نفسيين و إختصاصيين في علم الإجتماع و محامين و رجال دين و سياسيين، هدفها رأب الصدع الطائفي و العرقي في المجتمع السوري و ذلك عبر:
1) تحقيق المصالحة الإجتماعية بين مختلف فئات الشعب السوري.
2) إكتشاف ما حدث من إنتهاكات و جرائم سياسية خلال فترة حكم الأسدين (الأب و الابن).
3) تقديم التأهيل و التعويض للضحايا أو لذويهم المتضررين.
4) تقديم الجناة لمحاكمات عادلة مع الأخذ بعين الإعتبار الظروف المخففة.
5) كشف كل ما حدث للشعب السوري.

على أن تقوم الحكومة الإنتقالية بالمصالحة للمناطق الأكثر تضرراً و التعويض للأشخاص الأكثر حاجة -أي عملياً الذين تضرروا منذ 15 آذار- بينما تترك الباقي -أي الأربعين سنة ماضية- للحكومة المنتخبة. برأيي أن هذه الطريقة الأمثل لشفاء الجروح التي تراكمت في المجتمع السوري على مدى عقود كثيرة مضت.






#هيثم_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديات المرحلة الإنتقالية في سوريا -رقم 1- المشاركة الشعبية ...
- تحديات المرحلة الإنتقالية في سوريا –رقم 2 - الأمن و السلام
- لا أعرف لماذا كل هذا التشاؤم؟
- أما آن للأمين العام للأمم المتحدة أن يسمي مبعوثه الخاص بالقض ...
- معضلة التدخل الخارجي
- دلالات إدانة اللجنة الثالثة للنظام الأسدي
- عدم النضج النفسي كأصلٍ للشر -دراسة سريرية لحالة بشار الأسد
- الدبلوماسية الروسية نسر ذو رأسين
- هكذا ماتت المبادرة العربية، فماذا بعد؟
- الضرورة الملّحة لمزيدٍ من وحدة المعارضة السورية
- بشار و الضغط المتصاعد
- باكورة الإنجازات الدبلوماسية
- المعارضة السورية أمام امتحان دبلوماسي دقيق
- المعارضة السورية و نهاية العقم السياسي


المزيد.....




- نيللي كريم تعيش هذه التجربة للمرة الأولى في الرياض
- -غير محترم-.. ترامب يهاجم هاريس لغيابها عن عشاء تقليدي للحزب ...
- أول تأكيد من مسؤول كبير في حماس على مقتل يحيى السنوار
- مصر.. النيابة تتدخل لوقف حفل زفاف وتكشف تفاصيل عن -العروس-
- من هي الضابطة آمنة في دبي؟ هذا ما يحمله مستقبل شرطة الإمارات ...
- حزب الله يعلن إطلاق صواريخ على الجليل.. والجيش الإسرائيلي: ا ...
- بعد مقتل السنوار.. وزير الدفاع الأمريكي يلفت لـ-فرصة استثنائ ...
- هرتصوغ ونتنياهو: بعد اغتيال السنوار فتحت نافذة فرص كبيرة
- الحوثي: الاعتداءات الأمريكية لن تثنينا
- -نحتاج لمواجهة الحكومة لإعادة الرهائن-


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم خوري - تحديات المرحلة الإنتقالية في سوريا -رقم 3- المصالحة و الشفاء