|
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة { 5 قصائد }
نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 3613 - 2012 / 1 / 20 - 20:48
المحور:
الادب والفن
في طهر موتنا
عن ذكرى نوائبنا الجماعية في سكون الماضي . ماذا تخبىء لنا أنقاض الصيف في غياب آلهتنا . تبحر أمراضنا في عذاب يفيض عن حاجتنا الى الانتحار . ظلال ثقيلة لا نحتمل فيها الغضبات . ما تعنيه الاشارة الوحيدة للكينونة ، هو الخبرة برتابة الزمن . القنديل موت اليوم والغد ، والكناية تحطم المشاجب المكتظة لأفعالنا . ظلمة فارغة في حصادنا بين لحظة الميلاد ولحظة الموت . لزمن الانسان في مرضه النقي أبواب كثيرة يحفظها الملح في التغيّرات الدائمة لحياته ، ونحن نرتل في ليل السأم مراثي يتمنا . شرارات نتركها في حجارة الرغبات ، تواجه التاريخ في طهر موتنا الذي لا تليق به الشمس الأسيانة . في كل لحظة طروادة وجلجامش يبذر بذور موته ويسير في العراء . سيزيف لا يكف عن دحرجة صخرته من السفح الى الوادي . موتنا يتصبب عرقاً فوق جباهنا الملطخة بأرق اللأمل .
مرضى اشارات
ثمرة الموت ، نشوة عميقة لإزهار الكينونة في فردوس أولئك الذين يترقبون تجليات الماوراء في توسدهم للصخرة . الشمس في ضواحي العقل ، عويل أسود للخبرة . صداع نصفي يسقط في مواجهته للرحى التي تطيح بمصائرنا . قطرة دم وردية تعطّر البطولة المتصدعة التي ننام في يأسها ، وحرّيتنا تنطفىء في ندمنا الذي نتقدم اليه ويقتلنا بلا ايماءة . تنحني علينا النجوم المريضة للأيام ، ونومنا تثقله حجارة اللاحقيقية المستولية على كلّ فكرة . نحن مرضى اشارات تسهر في الريح والمحنة الهائلة ، يفصلنا عن الشموع صقيع مليء بالأسى . لا أجنحة لفجرنا في صراخ الفريسة ، ولا باب لطيف تتلمس فيه الأغنية نسمة البرهان . يوّسع الاقتران الطويل للظلام بالسنبلة ، جروحنا المتفتحة دائماً .
فجر يعزّينا
فراغ يخلخل الرائحة الناضبة لعسل نومنا في تصدعات النهار ، وتفيض علينا الأمراض المزمنة في السلالم المجزأة للسكينة . صفوف طيور لا تترك شيئاً في الظلمة ، للمذنب الذي يمرّ ويدمرّ القبور التي ضمّدناها للموتى . ما كان ينتظر الظهور في لهفتنا المهتاجة والمضروبة ، اختنق في زمنه المرتاب . نشرعُ في الرحيل من لزوجة محارات هذه الأرض ، لكن مسيرنا تحت الظلال الظامئة للماضي تتقدمه أشجار شاحبة لموتى تعبنا طويلاً في السهر على راحتهم . كلّ عندليب ندفنه في أرض الماضي ، يطفو في الزمن المصروع لكوكب الطفولة . ثمارنا الطاهرة تجفّف دموعها فوق الأشرعة الممزقة للسنوات التي حجبناها ، وكلامنا عن العيش في العصمة الغانمة للطمأنينة ، يجردنا من آخر فجر يعزّينا في الاحتماء الأجوف للشيخوخة .
نار الايروتيكا
يتوارى الزمان في لحظة الشفاء من العناق الحارّ للأبدية . اشارات يتغيّر فيها الطعم العذب للوردة ، والساعة تدور سهرانة في ليل الله الرزين والمبحوح من زقزقة العصافير . القنّاص والقوّاس يطفئان نار الايروتيكا ويغلقان الباب على الفطريات . ظلال نوم عملاقة تتقافز فيها إبر النسيان ، متحرّرة من المرايا المشؤومة للماضي . في الطريق تتمدّد النجوم على الرماد الطاهر للظهيرة . هل يمكن للموت أن يجردنا من القدرة على صعود السلالم ؟ يشاركنا الحبّ التنفس في الكهوف التي تصاهرها الشمس ، وفي فراديسه التي تتجلى للغريب في شواطىء موته ، تحنو ويسيل رضابها ، أشجار السرو . لا أريد أن يحمل جثتي القنّاص والقوّاس ويمشيان طوال الليل بين الأنقاض . سيموتان بعد دفنها وقد خدّرهما برد الأسرار المحفوظة . عليَّ الآن أن أتقبّل حقيقة نومي في الميزان الباقي للعتمة . كلّ تفكيري ينحصر الآن في مشاركة البذرة سهرها ، لكن الترّدي في الحركة الوقورة للهاوية ، يجردني من كلّ قيمة انسانية . اخوتنا الموتى الذين يمشون في الريح وتوثقهم الأغلال ، لا أضواء لأصواتهم في القبور المخرّبة .
الأضواء العطرية للحجارة الكريمة
يقرّبنا الفعل والحركة اللمّاحة ، من الميتة المحتّمة لرغباتنا في الحضور اليقظ لأضدادنا بين خرائب المستقبل . ما نحنو عليه في المصاطب المتهرئة لسنواتنا الشاحبة ، يتفكّك ويسيل بنعومة صوب أسقامنا المترنحة . نمشي في طرق موصدة تؤذينا فيها التلميحات المشفقة للأصائل في الوجود . حيّلنا الشيطانية في التحالفات مع سراب جرائمنا المتأصلة ، يزيح القناع عنها الزنبق والأضواء العطرية للحجارة الكريمة . طوال الرحلة ، أدركنا أن غربتنا تفرض علينا أن لا نضع القدم في الضفة المفهومة للماضي . موتنا يغادر أرضه في برق البركان ، والحبّ يتخلّى عن الصبر والفضائل المحتقنة . جغرافيات أشخاص موتى ، تستمد الهامها من الهمس الصامت للازمان . نقطة الانطلاق ، يغرد فيها طائر الوقواق ، والذاكرة الحسناء ، مغناطيس يشعل النار للعدم في الظلمة المغفلة .
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقديم القرابين . 8 قصائد
-
ميراثنا المعشوق بين الدموع
-
المقدس والمدنس
-
القيثارات العتيقة لموتنا
-
بين الأشجار الضامرة للعزيز المتوفَّى
-
غبار عظيم في ثيابنا القربانية
-
كل نبع يوثقُ الغرقى الى ثقل سهاده
-
العتمة . الفناء
-
صلاتنا الى الرغبة
-
الايماءة البطيئة لموتي
-
17 قصيدة
-
الطاقة العظيمة للمادة
-
مجموعة جديدة { في سطوع نذورنا تحت ضوء الأصداف }
-
أبواب الزمن
-
في خرائب الفايكينغ
-
الأشجار الحامضة لصيف مخاوفنا الأمومي
-
أشجار الدفن العالية
-
حوار مع نصيف الناصري { وكالة كردستان للانباء( آكانيوز ) }
-
تحطمات هائلة
-
تعهدات ملزمة
المزيد.....
-
موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر
...
-
بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan
...
-
الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
-
فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
-
-رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
-
فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
-
فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال
...
-
اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة
...
-
كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك
...
-
الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|