أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - ماجد القوني - السودان الشمالي.. هل يبقى دون جنوب جغرافي؟














المزيد.....


السودان الشمالي.. هل يبقى دون جنوب جغرافي؟


ماجد القوني

الحوار المتمدن-العدد: 3612 - 2012 / 1 / 19 - 14:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الإرادة هي الحجة المنطقية لتبرير تصرفاتنا تجاه الآخرين وإقناعهم بمدى صحة ما نعتقد فيه، وهي المحرك الأساسي لدفع الايمان لإنجاز التحولات داخل الذات البشرية. ولا يمكن أن يُنجز تحول ما دون إرادة وإيمان، إرادة غالبية الجنوبيون، لم تكن قبل (نيفاشا) تتجه نحو خيار الانفصال، وتأسيس جغرافية جديدة مستقلة، ربما لوجود التماسات بين الشماليين والجنوبيين على المستوى الاجتماعي، الثقافي، الاقتصادي والديني. إيمانهم بوحدة السودان دفعهم للقتال عشرات السنين ورفض كل الخيارات دون وحدة البلد، وذهب د.جون قرنق شهيداً من أجل هذه الوحدة رافضاً كل دعاوى الانفصاليين في داخل الحركة الشعبية.
خيار الانفصال نتج عن إرادة وإيمان من الجنوبيين، والمصادفة لم تلعب دوراً في هذا التحول، لكن إرادة أخرى ساهمت في ذلك. وبالرغم من ابتهاجات الانفصاليون شمالاً والمتحررون جنوباً، إلا أن الذهنية السودانية لم تتحرر بعد من السودان قبل التاسع من يناير 2011، ومازال الجنوب قائماً في الوعي والذات السودانية، إن لم يكن في الجغرافيا. ولم يرد في إعلام النظام الحاكم مفردة الجنوب، والجنوب الحبيب، خوفاً من إحتمالات خرق سيادة دولة مجاورة، مذيعو التلفزيون يلقون التحايا على ربوع الوطن شمالاً، شرقاً وغرباً ولا جنوباً يلوح في أفق التحايا، ولم يتحدث مسؤولاً عن الجنوب الجديد الذي كان يتوسط السودان ليجد نفسه فجأة مجاوراً لدولة أجنبية، ولا يعترف به أحد ولا يُنادى بصفته الجغرافية.
ربما لأن عبارة (جنوب السودان) لا تعني لدى جل الشعب السوداني، تلك البقعة الجغرافية من حدود الدولة في الاتجاه الجغرافي الجنوبي، بل ذلك الجزء العزيز من السودان الذي تربطه علاقة وجدانية وحياتية لمئآت السنين، وقبل تأسيس الدولة الحديثة في السودان، وهو الجزء الذي ظلّ مصدراً للإحتراب لعشرات السنين، لم تهدأ الحرب إلا بعد توقيع اتفاقية نيفاشا في العام 2005، والتي جاءت عبر جثث الآلاف من أبناء الوطن (شمالاً وجنوباً). أسباب إندلاع الحرب في الخمسينات من القرن الماضي، تعيد وجودها بقوة أكبر في الشريط الجنوبي للسودان (النيل الأزرق، النيل الأبيض، جنوب كردفان، جنوب دارفور) حيث يوجد كل ما يدعو لتقرير مصير مشابه لدولة جنوب السودان.الأوضاع في هذه المناطق يعيد للأذهان قصة التمرد الأولى تجاه المركز في الخرطوم، وإن كان تصاعد الأحداث في تلك الفترة تصاعد تدريجياً، إلا أنه الآن بدأ وتصاعد كثيفاً وسريعاً، ويبدو الوضع أكثر خطورة خاصة بعد التحالف لقوى الهامش سياسياً في (كاودا).
تتوافر الآن الظروف الموضوعية والذاتية ليتحتل الجنوب الجديد موقعه، ويرث تركة الجنوب القديم المثقلة بالجراحات والمعاناة والحروب والتهميش والبعد عن التنمية، وكل هذا يضع سيناريوهات جديدة لتكرار الأزمة بصورة أكبر، وتهديد بإنقسامات أكثر قوة. إذا لم تتجه الدولة بثقلها لحل أزمة الجنوب الجديد، سيعيد التاريخ نفسه، وهي ذاتها الحتمية التي ساقها الشاعر (حميد) على لسان ست الدار: (لو ما كنته الزين ود حامد.. كان حيكونك واحد تاني).. ولأنه فرّ الجنوب الآخر بجلده، كان لابد من جنوب آخر.
وللحقيقة أنه لم يعد من المهم الحديث عن شمال وشرق وغرب وجنوب، يجب الحديث عن هامش يبدأ دائرياً حول الخرطوم (العاصمة) ويمتد حتى أطراف الولايات، هذا الهامش كله في الهم جنوب، حيث يتردى الوضع الانساني، الاقتصادي، ويطال التهميش كل أوجه الحياة، ويعاني من التمييز العرقي، الديني، الثقافي أيضاً، وهي مبررات أدت لإنفصال الجنوب والبحث عن استقلاله. سيبقى الجنوبيون في الشمال وكذا الحال بالنسبة للشماليين
القراءات النفسية لما يحدث تشير إلى أن ذكرى الجنوب ستظل عالقة في الوجدان السوداني، شاءت الارادة السياسية أم أبت، وستظل وعيياً دولة جنوب السودان هي الجنوب وانسانها هو (الجنوبي)، وسيرفض سكان الجنوب الجديد أن يُطلق عليهم صفة الجنوبيين، ليس لتمييز بل لأن الجنوبيون موجودون الآن. وستبقى ذات الأحاسيس والمشاعر بين الشعبين حيث تفشل السياسات دائماً في هدم ترابطهم الاجتماعي، وإن حدث خلل ما سرعان ما تعود هذه العلاقات، وهذا ما يسوقه متفائلون في مستقبل علاقة الدولتين، ربما على المستوى الشعبي.



#ماجد_القوني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخالة (بخيتة)..
- القيادات الشابة وسط الاحزاب السياسية..
- الدستور السوداني..
- إنفصالات الروح (2)
- مسلسل إنفصالات الروح (1)
- جعفر إبراهيم عبدالله..النقابي السوداني..
- حوار مع المغني السوداني سيف عثمان
- الانقاذ.. ومأزق السياسة السودانية
- سيناريوهات الوحدة والانفصال
- حقل زنجبيل إلى -سامية-


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - ماجد القوني - السودان الشمالي.. هل يبقى دون جنوب جغرافي؟