علاء الصفار
الحوار المتمدن-العدد: 3611 - 2012 / 1 / 18 - 14:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كامل النجار* سامي لبيب
* تغريب الدين و تنظير في العبودية*
يطرح, هذا التساؤل كثيرا في أوساط المتحضرين و المثقفين و اليساريين لم التخلف و كيف السبيل للحل و الخلاص من هذا العاهة الاجتماعية. البعض يعزو ذلك للدين إذ هو السبب الرهيب, و الآخر للروح و إلى الأخلاق العربية البدوية الجافة الغير قابلة للتحضر أو البعض يطرح أرث العبودية هو يعمل في اللاوعي للجمود على الماضي و الاعتزاز بالعراقة و الأصالة و المحافظة على التراث و التقاليد البالية. وتطرف البعض إذ عزا التخلف يجري بالدم أي ذا بعد جيني تتحكم بنا شعوب الشرق و العرب, و راح آخر راحة يعزيه إلى العمامة كمانع لدخول المعرفة إلى الرأس وعدم تقبل العصري الحديث.
لكن كل هذه الأمور المطروحة هي سمات المجتمع المتخلف. أذن كيف يحدث التجاوز للعادات البالية و أخلاقياتها, و يرحب بالتطور ويتقبل الجديد و العصري ويصير التحديث. لكن لم وكيف الغربي تقبل التحديث و تجاوز التخلف. هل فعلا الفرق لوجود النقطة على العين كما يمزح البعض!
أن الأمر اخطر من كل هذه الأمور المطروحة و التي هي السمات للمجتمع المتخلف و المتدين وميزاته و اختلافه عن مجتمع الغرب المتطور و العصري الحديث.
أن الجميع يعرف ما تركته النهضة في عصر التنوير التي غيرت وجه التاريخ في الغرب, و أنه لا فقط التغيير بل وضعت الديناميكية لاستقبال أي قادم أفضل ليزيح المعيق للتطور وصار عقل جمعي ديالكتيكي يؤمن ويناصر التطور الدائم والجديد بل صار حتى, حد النزعة للأحدث ففي ظرف سنة و أشهر يقال لشخص ما لأمر ما مزاحا انك غير مواكب للتطور أذا فاته شيء لم يلحظه بسرعة و لم يناقشه مع الناس و لم ينحاز له, بل يتبارى الناس أنهم كانوا من الرواد من دعموا الجديد, تماما كما يتبارى المحافظ بلغة ألطف للكلمة متخلف حين يدعي بأنه كان صارم للحفاظ على الموروث البائد و الاعتزاز بذلك الأصيل القادم من التاريخ العربي أو الإسلامي أو أي موروث رجعي قديم.
لم, يجري الغربي وراء نزعة التحديث و العربي و من مثلهم من الشعوب لنزعة الجمود على الماضي البائد و الخوف من الجديد. لماذا هكذا صورة لمسلكين أو نمطين من التفكير.هل له ذلك بالتغذية الجيدة و الجينات وشرب الشاي أم القهوة أم أن فعلا القبعة تختلف عن العمامة في التأثير على الدماغ . الفرق جدا كبير فالغربي في صعود و تطور دائم و الشرقي و العربي لا في جمود بل انه صارت النزعة إلى الاندحار و رجوع إلى الخلف أكثر و أكثر في المجال الاجتماعي والحضاري, فزادت اللحى طولا عند الرجال وزاد عدد الفتيات في التحجب, وصارت مفردات بل لغة أخرى, هجومية للمتخلف بعد أن كان المتخلف يهرب لا يجابه العصري, مثل محجبة و الحمد لله للتلميح للآخرين بضرورة صيانة التقليد و الالتزام بالدين, أو لا نقرب المنكر و العياذ بالله. و إلى تلك المأساة حين ترى الممثل أو المغنية تطل عليك بشكل آخر, لحية وسبحة وحجاب, بعد أن عملوا على التطوير والتحديث في الستينات في العمل السينمائي و الفن بصورة عامة.
طيب, الأمر صار واضح لم لا نعمل عصرنا التنويري نحن العرب, ونحل المشكلة من الجذر و الأساس. أين الكتاب و المثقفون و المتنورون و السياسيون والعلماء والباحثون, للهجوم على كل السمات ومهاجمتها و نقدها و تفنيدها عبر المحاضرات و التجمعات و الجامعات و المحافل و في الأحزاب و منظمات مجتمع مدني و اتحادات شبيبة و عمالية. لقد راح البعض من الكتاب فعلا بالهجوم على العدو الدين أفيون الشعوب ليهاجم المقدسات والبحث في الأخطاء الإملائية و العلمية في النص الديني باسم العلمانية. والخطوة تجري طبعا تحت الرغبة و النزعة, لبداية عهد تنوير عصري عربي فانزلق المشروع إلى مباراة للأديان وصار عداء بين الأديان و القوميات و الطوائف و الملل و صارت معامع لا معمعة حين اخذ منحا التجريح و مهاجمة الأنبياء و ضياعهم في الصحاري و الجبال وخاصة خاتم الأنبياء محمد. لكن كلنا يعرف أن الأديان مصانة في أوربا في عهد التنوير الغربي و للآن, و الكنائس تقيم قداسها و تطرح خرافاتها للذي يشتريها و البار و *النايت كلوب* و الملهى يصدح بالموسيقى في الشارع المقابل لها.
نزع البعض الجبة و العمامة لكن لا فائدة ما هو السر و العجب بهذه الأمة وهل صعب انجاز عصر تنوير لنا نحن العرب.
الجواب نعم, لا يمكن عمل عصر نهضة و تنوير, لا بالرغبة و لا حتى بالإرادة الفردية ولا حتى بالنخب المثقفة اليسارية. أن ذلك يتم عبر طريق واحد لا غير, عبر قانون التطور الاجتماعي و الطبقي للمجتمع. قامة الثورة البرجوازية الأوربية باجتثاث الطبقة الإقطاعية بالعنف الثوري و الدموي, و أزاحتها لا كطبقة فقط بل كأفكار و أخلاق و رمتها إلى مزبلة التاريخ, وليس هذا فحسب, بل قامت بالأهم والأساسي بإعطاء وتقديم البديل الفكري و الأخلاقي المدعوم بالقانون فحلت أفكار وأخلاقيات الثورة الفرنسية كمفردات يومية معاشة و لغة للشعوب الأوربية لتعيد ولادتها من جديد. فكان ما كان من نقد للدين و للأعراف و العادات والتقاليد وما هي الهوية الجديدة, و هذه ليست بالأمر الهين, أن تزيح الهوية القديمة هي من أكبر المعضلات التي واجهت القائمين بالتغيير في عصر التنوير, إذ لابد من بث الروح الحديثة بالقديم الأصيل من الأعراف و التقاليد. لا بد من أصالة تفرق الفرنسي عن الانكليزي في مجالات مختلفة ويعتز كل منهما بماضي أصيل قدم و يقدم شيء أو حوا شيء مدعاة للاعتزاز, ونقد ونبذ كل رجعي معرقل معيق للتطور.
أن كان هجوم السلفي و الدين قاسي و بدون رحمة على البشر والذي هو يحمل إسقاطات السيد على شكل و صورة الخالق من أجل استرجاع و أعادة شكل الاستعباد لكن من جانب السيد على العباد, و ليكرس البطش في الحياة الاجتماعية و العباد, إذ لله هو شديد العقاب في الدين الإسلامي صار حصرا. و أن خنوع العبد للخالق صار منفذ أو أسلوب في تثبيت الخنوع في المجتمع و من ثم الجمود في الماضي و التخلف من خلال تلك القسوة لإكراه العباد على الطاعة و الدوران المستمر في حلقة الماضي, الذي هو بالتالي التخلف. هذا ما ذهب إلية السيدان, كامل و سامي. فصار الهجوم على تكلس الماضي و قشرته القاسية على الأذهان و الأفكار في حاضرنا الحالي المعاش , مما قاد ذلك للهجوم على الأديان و المعتقدات و الأنبياء و حتى الإله المسكين لم يفلت من الحساب, و الذي بالأخير هو صنع السيد الطاغية و المثال في نفس الوقت في الإلهام في كيفية أنتاج العبد الراكع المطيع للسيد في المجتمع.
إن الهجوم المتطرف على المعتقد اثبت على عدم جدواه, لقد هجم المسيحيون على اليهود بالحرق قبل 1500عام, لا للتخلي عن الدين و المعتقدات و الإيمان بالله, بل فقط من اجل تغيير الدين لدين آخر وكذلك توحيدي. فشلت المحاولات, و صمدت الديانة اليهودية و اليهود.
ماذا فعل النبي محمد في التغيير و لإحلال الدين الإسلامي. قال النبي لا أعبد ما انتم عابدون لكم دينكم ولي ديني, طرح دينه للأهل و الأصدقاء. نقد الظواهر الاجتماعية في عصره من وأد البنات وصنع التماثيل من التمر للعبادة وعند الجوع للالتهام و الشبع ونزع فتيل حروب الغزو البدوية التي كانت حرب الجوع الغير موجه صحيحا, التي بدل أن تدك بيت سلطة السادة التجار في مكة الوثنية و طغاتها المستغلين, تحولت إلى حرب غزو قبلية, أي أهلية بالمفهوم الحديث.
أي صار حوار و نقد و أكيد النبي محمد لمس قرف الناس من العادات و التقاليد و ضعف مبدأ دين أهل قريش و قلة الإيمان بهبل و اللات و العزا, وطرح دين التوحيد. نجح, النبي بالحنكة و التدبير لأنه جاء بالبديل, فا كان المجتمع العربي البدوي البدائي يجيد شهر السيف والمبارزة و يقول الشعر و البلاغة و يقدس الشجاعة و الكرم, فلا مناص من أن على الرجل و في ذلك العصر, أن يفهم زمنه و كيف يكون التغيير. حاور النبي محمد بالكلمة, و من لا يخشع * ل, و إذا الموءودة سالت بأي ذنب قتلت.. هز الضمير الجمعي للمجتمع من اجل التغيير الاجتماعي. عالج أمر الحرب الأهلية * وكنتم على شفا حفرة من النار.., ووجه السيف والحرب إلى سلطة الاستغلال بشهر السيف الطبقي للجماهير وحل التغيير الاجتماعي و ثبت التشريع القانوني بالتحول الاجتماعي و الاقتصادي للنظام الجديد. حدث ذلك قبل 1500عام و كان أكبر حدث اجتماعي في تاريخ العرب.
أن الهجوم على المعتقدات و الأنبياء و الدين و الإله الآن, هو كما أن يعالج أوراق شجر مريض, لا يعرف المرء أن العلة تكمن بالجذر, و التربة بحاجة إلى حرث و عناية. و أن مشرط الجراح ينبغي استعماله بحذر شديد و معرفة كل التفاصيل إذ أن المشرط إذا نزل على ورم خبيث يدمر كل الجسد و لا يستجيب الجسد للمشرط و لا للطبيب.
أن عملية التطور الاجتماعي ليست قضية فرد ضد العباد أجمعين إذ ذلك يقود إلى انعزالية و الحديث يكون للنخبة المثقفة المتفقة على الهجوم و الاستفزاز و التعريض للترف الفكري بدل الحوار و الإقناع, و ضرب المثل من أجل التغيير. الكثير من المثقفين و حتى جمع كبير من اليساريين و اللا معممين و الحمد لله, يفاجئك ويصدمك بأمور تحوي في طياتها أمراض المجتمع, فحين يدعوك شخص أو صديق إلى شيء, لنقل وليمة أو دفع فاتورة حساب في مطعم. يؤكد البعض بإصرار و ليقول لا تنظر إلى الربطة و الطقم فانا لازلت عشائري. فهذا الرجل الذي يتحدث بالتقدم و التحديث و يهاجم الدين يمارس ازدواجية في البيت إذ تتحرك النوازع على المحك كما في المطعم, فكيف أن ابنته صارت على علاقة عاطفية, أن لا يدع أخته أو زوجته تمارس ابسط أنواع الحرية , تراه يهاجم التقاليد التي تعيق حريته لكن يحرص على أن أخته محجبة, إذ لا زال تحت الطقم و الربطة يقبع, الملا علوي كما يقال* بالعراقي*. لذا ليس عجب أن الممثل العصري في الخمسينات يفاجئك باللحية و السبحة, و الراقصة الرشيقة بالحجاب. فحتى, النبي محمد كان أكثر صدقا مع نفسه فهو بدأ بالتأثير بأهله ثم الأصدقاء ثم توجه إلى الناس أجمعين
أن التذبذب صفة المجتمعات التي لم تخض الصراع الثوري بالدماء والتضحيات, لذا يقال في المثل الشائع الاستعمال, الديمقراطية لا تقدم على طبق من ذهب. الثورة الدموية البرجوازية الغربية و ليس الماركسية كان من أنجز إزاحة و اجتثاث الطبقة الإقطاعية وعملت, كش مات جذري, لهذه الطبقة و أخلاقياتها وقيمها, وأفكار العائلة أو العشيرة المالكة المتسلطة سواء باسم الدين أو الله أم إسقاطات السيد على الإله من أجل إرجاع و استنهاض مونستر الخنوع على العباد من أجل أن يركع البشر للإقطاع, و لتكريس التخلف و الطاعة لله و السيد الرئيس الدكتاتور على السواء.
أن ثبات الإنسان في المجتمع الغربي جاء بعد, لا فقط إزاحة الإقطاع و نبذ قيمه بل بالتشرب بالقيمة البديلة الجديدة المقدمة للمجتمع,من قبل الطبقة الجديدة المنتصرة التي قادة الثورة و التحول و صار المجتمع في حالة صراع و سباق دائم مع الزمن, من أجل التطور, و صار الإنسان لا يقدر لا يمكنه التردي إلى الماضي الرجعي البليد, و أبدا لا ارتداد. كما يخيفنا ممثلينا المتنورون سابقا, بالذقن الأشعث أو لتخيف الراقصة الرشيقة العصرية سابقا الأطفال بالبرقع و الحجاب.
و لنستفيد من كل ثورات الأنبياء و الثورة الفرنسية و الروسية.
هاتينا البديل لكي لا تكونا فقط من الناسفين بل لتكونا من المغيرين أيضا.
السيدان المحترمان!
* النجار في * إلى الجبال مرة أخرى نعود*
* لبيب في * ثقافة روح العبودية*
#علاء_الصفار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟